بقلم – محمد صفوت
تتشاطر الحياة على سطور «الأمل» وعُمرنا هو الثمن، تلك هى أيامى التى قضيتُها باحثُأ عن إجابات علها تُفسر ما أمضيته وما فعلته، تاركًا نفسى بين اليأس والأمل، «نفسى» التى هى بين «فراغات» بعيده عن إصرار الحياة الآن، تلهث وراء أحلام علها تتحقق، ليبقى سؤالا واحدًا يَجُبٌ ما قبله.. من أين سأبدأ؟
عُمرًا قضيته أخلصت فيه لمهنتى، تطلب منى جُهدًا استثنائيًا، عملت فيه بكل إخلاص ومهنية وبشرف، وثَقّتُ الكثير من الأحداث، نقلت من خلاله معلومات، طرحت الكثير من الرؤى والأفكار، لدىّ ما أفخر به من رصيد هو «ميراثًا» أعددته لأبنائى ليذكرهم يومًا بعد يوم بأن القيّم باقيه وما عداها فليذهب إلى الجحيم.
عُمرًا تعلمت فيه أن الصحافة لخدمة الحقيقة، تعتمد على صحافيين وكٌتاب لديهم حقائق مُوثقة تتمتع بـ«الدقة» التى هى أساس ما يبني عليه القرار والتقييم والمُساءلة والتحليل والنقاش والنقد حتى يتم الاستيضاح للحقيقة.
عُمرًا تعلمت فيه أن الصحافة تؤثر وتتأثر بالمشهد السياسي، وأنه يجب أن يكون للصحفي روح الإبداع وتنمية الحس والرؤية المستقبلية من خلال قراءاته ومتابعتة للأحداث.
عُمرًا تعلمت فيه كيف اتوقع أحداثًا بالاعتماد على التحليل والدراسة والتقييم، مُراعيًا فيه رصانة المادة واسلوبها الخبري ونوعية النص والجهد التحريري المتمثل بتنقيح المادة والتصحيح اللغوي الحارس لرصانة المادة وسط صحافيون وادباء ونقاد ومثقفون واكاديميون مخضرمون.
عُمرًا كان لى بمثابة «الأشغال الشاقة المؤبدة»، عانيت فيه التوتر والاكتئاب والاجهاد.. نعم عانيت فى تلك المهنة مثلى مثل الكثيرون من مخلصيها، بعيداً عن التشنجات والمصالح والمكتسبات الخاصة وبعيداً عن منصات التلاعب والأقلام المٌجاملة.
عُمرًا كنت فيه تلميذًا لأساتذة لم ولن أنكر فضلهم علىّ يومًا ما، تعلمت منهم الكثير الكثير، ولا أملك من رد هذا الجميل سوى الدعاء لهم بكل خير.
عُمرًا تعاملت فيه مع كل زميل أُعلمه، على أنه أحد أبنائى وليس أخًا أو صديقًا، لم أبخل بمعلومة على أحد، رسالتى لهم جميعًا: «أنتم أساتذة المستقبل، أصنعوا لأنفسكم إسمًا تفخرون به، وأقلامًا تنير الدرب، كونوا عونًا للبسطاء من الناس، اجعلوا من كتاباتكم أملاً للشعوب، إعملوا بكل مهنية وإخلاص، لا تغرنكم متع الحياة الزائلة، لا تيأسوا يومًا ما، ومن رامَ العلا من غير كدٍ.. أضاع العمر في طلب المُحالِ».
عُمرًا أودعه اليوم باحثًا فيه عن عمر جديد، ساعيًا فيه نحو شخص جديد يسعدنى ويسعد «أهلى» وكل من يعرفنى، من افتقدونى أعوامًا كانت ملكًا لمهنتى.. «مهنتى» التى أغادرها اليوم ليس رغبة منى بقدر ما هو حق غيرى أرده إليه لعل الله أن يتقبل، ورجائى ممن ظُلم أن يعفوا ويصفح.