كتبت – هبه الله تامر
تتناقل الجمل والحكم على ألسنة المصريين دون معرفة معناها أو قتها الحقيقية، تصبح ضمن موروثاتنا التي تتخذها الأجيال من بعدنا ليرددونه، كـ أمثال شعبية، وهناك بعضها يرتبط احيانا بالارقام، مثال على ذلك: يخلق من الشبه أربعين، من عاشر القوم أربعين يوم صار منهم، عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة، النبي وصى على سابع جار، ابن الأربعين من الكاملين، بنت الأربعين ذات بنات وبنين، بعد الأربعين يا رب تعين، احذر النساء قبل العشرين واتركهم بعد الأربعين، عيار الشبعان أربعين لقمة، المرأة بتحب يوم وبتكره أربعين يوم، غيرها من الأمثال الشعبية.
ويعتبر “سبع صنايع والبخت ضايع” هو مثل يستدل به الشخص الذي يتقن أكثر من مهارة ولكنه لا يملك وظيفة أو عملاً محدداً يستقر عليه، وقد يعود سبب إطلاق هذا المثل، على تجربة شخص فشل في مزج هذا المهارات أو توظيفها كمصدر ثابت له، لقد ظل هذا المثل يتردد في ذهني كثيرا حول أصحاب العقول المبدعة والتي ليس لها حظ في الدنيا، باختصار هو شخص متعدد المواهب والقدرات، وما تلك الصنايع إلا خبرات تراكمية أكتسبها، وتنقله من صنعة إلى أخرى ليست دليل فشل أو سقوط، ولكنها بمثابة دليل حيوية كبيرة يمتلكها، وهي التي زادت من شخصيته وحضوره المجتمعي، ففي الوقت الذي يعجز البعض عن إدارة مشروع واحد أو صنعة معينه، فهذا الفرد يبرهن على قدرته على إدارة
وتعتبر مقولة “يخلق من الشبه أربعين” من الأمثال الشعبية التي يستعملها الناس في للتعبير عن التعجب عند رؤيتهم لشخصين أو أكثر بينهم تشابه كبير وملحوظ دون أن يكون بينهم صلة قرابة، أصل كلمة (أربعين) فارسي، وهي تعني الكثير، يقال مثل “عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة” عند الطمع وعدم الاقتناع، وقد يستخدم للنقيض أيضاً أي العمل وفق مبدأ الحرص والحذر والخوف من المخاطرة، للمثل حكايات وروايات عديدة لكن أكثرها تداولاً هي أنه كان هناك شخص يحمل عصفوراً بيده وأثناء سيره وجد مجموعة عصافير على الشجرة، فطمع بها، ترك العصفور الذي بيده وصعد إلى الشجرة، والنتيجة هي أنه فور اقترابه منها طارت جميعها، ومن هنا جاء المثل.
كما يعني مثال “من عاشر القوم أربعين يوم صار منهم”، أن من تجالسهم وتتعامل كثيرا معهم يمكنك اكتساب بعض صفاتهم وطبائعهم، ذلك المثل يُستخدم أكثر مع من يكتسب بعض الصفات والطباع السيئة، هذه المقولة منسوبة في الأساس إلى القاضي عزيز بن عبد الملك منصور أبو المعالي الجيلي الذي كان في عهده شافعيا في الفروع، ولكنه في ذات الوقت كان أشعريا في الأصول، كان ذلك القاضي آنذاك هو أيضا حاكما لمدينة تسمى باب الازج، وكان بينه وبين أهل هذه البلدة وخاصة الذين يتبعون المذهب الحنبلي جدال و شنآن كبير وخلاف دائم، ومن هذه النقطة حاول القاضي تطبيع أهل المدينة بطباعة ولكنه فشل واخرج إلينا هذا المثل مبررا موقفه، من عاشر قوما أربعين يوما فهو منهم.
ويذكر ان المثل الشعبي المعروف، “النبي وصى على سابع جار”، أحد مفردات الحارة المصرية و يقال هذا بقصد الود والمحبة بين الجيران، فالمصرى مشهور بالرجولة ومشهود له بالجدعنة وقد الشدائد، يقولون عنه أنه “ابن بلد” وهى عبارة تعنى الرجولة، فإذا تعرض شخص لمحنة تجد جيرانه من حوله يقومون بمساعدته والوقوف بجواره، قد يقال المثل الشعبي فى وقت الرخاء أيضا على سبيل المثال، حين يقوم شباب الحارة بتنظيف الشارع وترتيب الكراسى وتركيب لمبات الزينة ليلة خطوبة بنت أحد أبناء الحارة، كنوع من “الجدعنة” فيقول لهم والد العروس “بارك الله فيكم يا رجالة هو ده العشم”، ليردوا “دى أختنا وبنت حتتنا والنبى وصى على سابع جار”.