تحقيق – ريهام محمد
تُعد ظاهرة انتحار الأطفال من أكثر القضايا المجتمعية حساسية وتعقيدًا، حيث تعكس تداخل العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الأجيال الناشئة، وأصبح من الضروري تسليط الضوء على أسبابها ومسبباتها، وكيفية مواجهتها من خلال أساليب وقائية وعلاجية.
تنتشر مشكلة انتحار الأطفال بشكل كبير في المجتمع، قال”محمد طلعت”، نعم موجود حالات انتحار كثيرة في المدارس وأماكن أخرى وهذا بسبب عدم الوعي الكافي للٱسرة والمجتمع، مشيرًا إلى ضرورة وجود طبيب نفسي للطفل إذا شعر بأي عجز أو اكتئاب.
وأكد”محمد” على ضرورة وجود حملات توعوية للحد من الانتحار، ونحاول نتكلم مع أولادنا لزيادة الوعي لديهم عن مخاطر محاولة إنهاء حياتهم.
وأضافت”منى أحمد”: كنت بسمع عن إن في أطفال عندهم اكتئاب بسبب المشاكل الأسرية والتنمر داخل المدارس، وأحيانًا بيؤدي الخلافات الأسرية إلى الانتحار بسبب عمالة بعض هذه الأطفال، بسبب جحود أحد الوالدين.
وأوضحت “مريم أشرف”: وسائل التواصل الإجتماعي بتؤثر على الأطفال وبتؤدي إلى انتحارهم، بسبب تأثير الإنترنت والألعاب وغيرهم على نفسية الطفل، وتجعلهم منعزلين عن المجتمع كليًا.
وأفاد”حسام محمد”: دور الأسرة كبير في هذه المرحلة، يجب توعية الأطفال من مخاطر السوشيال ميديا والإبتزاز الإلكتروني وأصدقاء الإنترنت.
تأثير الانتحار على الأهل والأطفال
كشفت الدكتورة “سامية خضر” أستاذ علم الإجتماع جامعة عين شمس، أن انتحار الأطفال والمراهقين من أصعب المواقف التي يمر بها الأهل، حيث يترك أثرًا نفسيًا مؤلمًا يواجه الأهل مشاعر معقدة مثل الحزن العميق، الصدمة، الذنب، والغضب.

الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الإجتماع
وأضافت”خضر” كما قد يعانون من اضطرابات النوم، فقدان الشهية، وصعوبة في التركيز، بالإضافة إلى تأثيرات طويلة الأمد مثل الاكتئاب والقلق، من المهم أن يتلقى الأهل الدعم النفسي لمساعدتهم على التعامل مع هذه المرحلة.
تأثير انتحار الأطفال على الأهل من الجانب الإجتماعي
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع قد يختار الأهل الانعزال عن الآخرين لتجنب مواجهة الأسئلة أو التعليقات غير المرغوب فيها، ويتهجون إلى العزلة الاجتماعية بسبب الاحساس بالاحراج والخجل.
أسباب انتحار الأطفال
ظاهرة انتحار الأطفال هي قضية مؤلمة ومعقدة، وغالبًا ما يرتبط بعدة عوامل نفسية واجتماعية، منها التعرض للتنمر المستمر في المدرسة أو عبر الإنترنت “التنمر الإلكتروني” يمكن أن يدفع الطفل للشعور بالعزلة واليأس، بالإضافة إلى الخلافات الأسرية المستمرة، الإهمال العاطفي، أو العنف المنزلي يمكن أن تؤثر بشدة على الحالة النفسية للطفل.
الأطفال قد يعانون من الاكتئاب أو القلق دون أن يتم التعرف على أعراضهم أو معالجتها بشكل صحيح، بالإضافة إلى غياب الأصدقاء أو الدعم الاجتماعي يمكن أن يجعل الطفل يشعر بالوحدة، هذا إلى جانب التوقعات العالية من الأهل أو المجتمع لتحقيق النجاح الأكاديمي قد تسبب شعورًا بالضغط والخوف من الفشل.
الأطفال الذين يتعرضون لهذه التجارب قد يشعرون بالخجل أو بالذنب، مما يؤدي إلى التفكير بالانتحار، قد يفتقر الأطفال إلى فهم كافٍ للمشاعر التي يمرون بها أو كيفية طلب المساعدة عند الحاجة، بعض المحتويات الإعلامية أو القصص عن الانتحار قد تؤثر على الأطفال وتخلق لديهم أفكاراً خاطئة حول الانتحار كحل للمشاكل.
الحلول لحماية الأطفال من الانتحار
لحماية الأطفال من الانتحار وتعزيز صحتهم النفسية، يجب التركيز على عدة حلول وقائية وعلاجية تشمل الأسرة، المدرسة والمجتمع.
كذلك بناء علاقة مفتوحة وصحية مع الأطفال وتعزيز التواصل معهم، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف من الانتقاد أو العقاب، تخصيص وقت يومي للحديث مع الطفل وسؤاله عن يومه وعن أي مشاكل قد تواجهه.
بالإضافة إلى، تعزيز الصحة النفسية وتعليم الأطفال كيفية التعامل مع مشاعرهم السلبية مثل الحزن والغضب بطرق صحية، وتقديم الدعم النفسي للأطفال الذين يعانون من مشاكل عاطفية أو اجتماعية.
وذلك بمحاربة التنمر واتخاذ موقف حازم ضد التنمر في المدرسة أو عبر الإنترنت، والتوعية بأهمية احترام الآخرين وتعزيز ثقافة التسامح والتعاون وتشجيع الطفل على الإبلاغ عن أي حادثة تنمر يتعرض لها.
توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال بعيدًا عن الخلافات الأسرية أو العنف والتعبير عن الحب والاهتمام بالأطفال بشكل دائم لزيادة شعورهم بالقيمة الذاتية، الوعي بالمخاطر النفسية وتوعية الأهل والمعلمين بعلامات الاكتئاب أو القلق لدى الأطفال مثل الانسحاب، فقدان الاهتمام، أو تغيرات في النوم والأكل.
بالإضافة إلى، متابعة استخدام الأطفال للإنترنت ومنعهم من التعرض لمحتويات ضارة قد تؤثر على حالتهم النفسية وتقليل الضغوط الأكاديمية.
طرق الحماية لمنع الأطفال من الإنتحار
تخصيص وقتًا يوميًا للحديث مع الطفل والاستماع له دون إصدار أحكام، وتشجعه على التعبير عن مشاعره وأفكاره، هذا إلى جانب التعرف على مشاعره والتعامل معها بطرق صحية، مثل التحدث عنها أو كتابة ما يشعر به.
عزز شعور الطفل بالأمان والحب غير المشروط، وأظهر اهتمامك بحياته ومشاعره، وتقليل التوتر العائلي وتجنب الخلافات أمام الطفل وقدم له بيئة عائلية دافئة ومستقرة.
دور الدولة في مواجهة ظاهرة انتحار الأطفال
وضع خطط وطنية شاملة تستهدف الوقاية من الانتحار وتعزيز الصحة النفسية للأطفال، بالإضافة إلى ضمان تمويل كافٍ لبرامج الصحة النفسية والخدمات المتعلقة بها.
توفير مراكز علاج نفسي متخصصة للأطفال في جميع المناطق، بحيث تكون سهلة الوصول ومجانية أو بأسعار رمزية، وتدريب الأطباء والمختصين على التعرف على العلامات المبكرة للاكتئاب والانتحار لدى الأطفال وكيفية التعامل معها.
تنظيم إطلاق حملات إعلامية لتثقيف المجتمع حول أهمية الصحة النفسية، وأسباب انتحار الأطفال، وطرق الوقاية، إدراج برامج توعوية في المناهج الدراسية حول التعامل مع المشاعر والمشكلات النفسية.
فرض عقوبات صارمة على التنمر في المدارس أو عبر الإنترنت “التنمر الإلكتروني”، وضع سياسات واضحة تمنع العنف داخل المدارس وتعزز بيئة تعليمية آمنة ومشجعة.
تنظيم دورات للأسر حول كيفية دعم أطفالهم نفسيًا، وكيفية اكتشاف علامات الاكتئاب أو المشكلات النفسية، وتقديم الدعم المالي والاجتماعي للأسر ذات الدخل المحدود التي قد تعاني من مشكلات تؤثر على استقرار الأطفال النفسي.
يجب أن يكون دور الدولة استباقيًا، شاملًا، ومبنيًا على التعاون بين الحكومة والمجتمع والمؤسسات المختلفة، عندما يتم الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال على المستوى الوطني، يمكن تحقيق تغيير إيجابي والحد من حالات الانتحار بين الأطفال.
قد علمنا مخاطر هذه الظاهرة وهي مأساة إنسانية تتطلب استجابة شاملة ومتضافرة من المجتمع بأسره، الأسرة والمدرسة، والدولة جميعها تلعب دورًا حيويًا في حماية الأطفال من هذه الظاهرة.
من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتعزيز بيئة صحية وآمنة لنموهم، ومع تفعيل برامج التوعية وتعزيز القيم الإيجابية، ومكافحة الأسباب المؤدية للانتحار، يمكننا بناء مجتمع أكثر وعيًا قادرًا على احتواء أطفاله وحمايتهم من الوقوع في دوامة اليأس، إن الوقاية تبدأ بالحب، الاهتمام، والعمل المشترك لضمان مستقبل مشرق لأجيالنا القادمة.