تقرير – وفاء العسكري
من قلب أحد بلاد النفط والثروات المعدنية والسمكية أيضًا، البلد صاحبة الشريط الساحلي الممتد عبر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، لنتعرف على الحروب والصراعات التي قامت بينها وبين دولة العدو.
ونتحدث اليوم عن دولة اليمن هى صاحبة “أزمة البحر الأحمر”، التي أطلق عليها المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، اسم معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، فهى هجمات شنتها القوات المسلحة اليمنية الموالية لحركة أنصار الله اليمنية على إسرائيل.
وشُنت تلك الهجمات خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، بهدف الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة، الذي قُتِل فيه أكثر من 30 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، واشتملت الهجمات على عمليات قصف لجنوب إسرائيل، باستخدام الصواريخ الباليستية والجوالة والطائرات المسيرة.
وأعلنت اليمن منع مرور السفن الإسرائيلية والتابعة لاسرائيلين من العبور من مضيق باب المندب، والبحر الأحمر والبحر العربي، وشنَّت هجمات على السفن الإسرائيلية باستخدام المسيرات البحرية والصواريخ البحرية.
واحتجزت سفينة واحدة على الأقل في كل مرة، وفي التاسع من ديسمبر، أعلنت منع مرور جميع السفن من جميع الجنسيات المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية، وذلك في حال عدم دخول احتياجات قطاع غزة من الدواء والغذاء.
وشنَّت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة سلسلة هجمات على مناطق سيطرة حركة أنصار الله في اليمن، وذلك ردًا على استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وعلى إثر الهجمات الأمريكية والبريطانية، أعلن قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي توسيع دائرة الاستهداف لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية.
وتعتبر حركة أنصار الله الحوثيين هى حركة إسلامية سياسية يمنيَّة، تعتمد عقيدتها على المذهب الزيدي، وهو أحد مذاهب الشيعة والأقرب فقهيًا إلى مذاهب السنة، تسيطر الحركة منذ 2014 على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات شمال اليمن.
وشكلت الحركة مجلس سياسي وحكومة غير معترف بها لإدارة مناطقها، وتعد طرفًا رئيسيًا في الحرب الأهليّة اليمنيّة التي تخوضها منذ عام 2014، ضد الحكومة المعترف بها دوليًا المدعومة من السعودية، وضد التحالف العربي بقيادة السعودية.
وتتهم السعودية والحكومة المعترف بها دوليًا إيران بتمويل ودعم حركة أنصار الله الحوثيين، وترفع الحركة شعارها المعروف باسم “الصرخة”، وهو “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.
وعقب عملية طوفان الأقصى أعلنت حركة أنصار الله الحوثيين وحكومتها في صنعاء، دعمهم الكامل للفلسطينيين وللفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، في العاشر من أكتوبر 2023، حذّر قائد الحركة عبد الملك الحوثي الولايات المتحدة من المشاركة المباشرة في الحرب إلى جانب إسرائيل.
وهدد القائد بقصف إسرائيل بالطائرات المسيّرة والصواريخ واتخاذِ إجراءاتٍ عسكرية أخرى، حيث تمتلك القوات الموالية لحركة أنصار الله الحوثيين العديد من الأسلحة، منها أسلحة الجيش اليمني حيث سيطرت الحركة على أغلب القوات بما فيها القوات الجوية ومجموعة ألوية الصواريخ.
وتقول الحركة إنها تقوم بصناعة الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة محليًّا، بينما يقول خصومها وعلى رأسهم السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أن إيران تقوم بتزويد الحركة بالتقنيات والصواريخ والطائرات المسيرة.
وتمتلك الحركة عدة صواريخ وطائرات بدون طيار قادرة على الوصول إلى إسرائيل من اليمن: طوفان “صاروخ أرض أرض”، يصل مداه إلى 1800 كيلومترًا، وصواريخ “كروز” من عائلة سومار الإيرانية، ويبلغ مداها حوالي 2000 كيلومترًا.
إلى جانب صاروخ قدس 2 من المفترض أن يصل مداه إلى 1350 كم، صنع لضرب إسرائيل، وصروخ صماد 3 وصماد 4، وطائرات بدون طيار هجومية يصل مداها إلى أكثر من 1800 كيلومترًا، وصروخ “وعيد” طائرات بدون طيار تشبه الطائرة الإيرانية شاهد 136، بمدى يصل إلى 2500 كيلومترًا.
وأثرت الهجمات على السفن التي شنتها القوات الموالية لحركة أنصار الله الحوثيين في البحر الأحمر، ومنعها مرور السفن المتوجهة إلى إسرائيل أو المرتبطة بها، بتعطيل وصول السفن إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، ما تسبب بوقفٍ شبه كلي للميناء.
وفي ذلك الحين قامت كبرى شركات الشحن البحري، بوقف رحلات سفنها في البحر الأحمر مثل شركات “ايه بي مولر ميرسك” الدنماركية، “إم إس سي” الإيطالية، “سي إم ايه، سي جي أم” الفرنسية، في حين أعلنت بعض الشركات عن رسوم إضافية على البضائع التي تنقلها من وإلى الشرق الأوسط كشركة هاباغ لويد الألمانية.
بينما اتخذت بعض الشركات مثل “أورينت اوفرسيز كونتينر لاين”، قرار بوقف التعامل مع البضائع الإسرائيلية تجنبًا للهجمات، في حين اتخذت شركة “إيفرغرين التايوانية” قرارًا بوقف التعامل مع البضائع الإسرائيلية، وتعليق الملاحة في البحر الأحمر.
وأعلنت منصة فريتوس في الرابع من يناير 2024، ارتفاع أسعار الشحن البحري بنسبة 173%، منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، وفي الثاني عشر من يناير 2024، أعلنت شركة تسلا المنتجة للسيارات الكهرباء، تعليق معظم عمليات الإنتاج في مصنع جيجا فاكتوري جنوب برلين في ألمانيا.
وأوضحت شركة تسلا أن ذلك بسبب تأثير الهجمات على السفن في البحر الأحمر، على أوقات النقل للمكونات وتسببها بفجوة في سلاسل الإمداد، وفي الثالث عشر من يناير 2024 بعد شن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، هجمات على أهداف في مناطق سيطرة حركة أنصار الله في اليمن.
نصحت مؤسسة بيمكو، وهى مؤسسة تضم 62% من شركات الشحن البحري، بعدم مرور السفن التجارية من البحر الأحمر لفترة ثلاثة أيام، بينما أوصى الاتحاد الدولي لملّاك النّاقلات المستقلين بتجنب المرور من البحر الأحمر مؤقتًا.
وفي يناير 2024 كتبت سفن في خليج عدن قبل مرورها في البحر الأحمر، عبارة “ليس لنا علاقة بإسرائيل” في ملف تعريفها لتتجنب الهجمات عليها، خلال مرورها في البحر الأحمر، وأعلنت شركة ميرسك في فبراير في العام 2024، تراجع أرباح الشركة في الربع الأخير من عام 2023، بنسبة 87% مقارنة بالربع الأخير من عام 2022.
وفي الخامس من ديسمبر 2023 أعلنت صحيفة معاريف الإسرائيلية توقيع اتفاق، يمكّن من إنشاء جسر بري لنقل البضائع بين ميناء دبي وميناء حيفا، لتجاوز الحصار البحري، الذي تفرضه اليمن على السفن المرتبطة بإسرائيل أوالمتوجهة من وإلى موانئها.
وأعلنت إسرائيل في اليوم التالي نجاح التشغيل التجريبي للجسر البري، الذي يربط إسرائيل بموانئ دبي مرورًا بالسعودية والأردن، وإشارات إلى أن عشر شاحنات وصلت إلى إسرائيل، بينما نفت الأردن وجود جسر بري بين موانئ دبي وإسرائيل يمر من السعودية والأردن.
وتبلغ المسافة بين دبي وإسرائيل 2550 كيلومتر والتي تحتاج الشاحنات إلى 4 أيام لقطعها، وفي 12 يناير 2024 بدات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة شن هجمات على مناطق سيطرة الحركة في اليمن.
حيث شملت العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وصعدة والبيضاء وذمار وحجة، وما تسبب بإعلان الحركة توسيع دائرة السفن المستهدفة لتشمل السفن الحربية والتجارية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، وخليج عدن واستهدفت سفن أمريكية وبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن ردًا على الهجمات.
وفي 10 أكتوبر أعلن عبد الملك الحوثي قائد حركة أنصار الله الحوثييّن، استعداد الحركة لدخول الحرب باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، واتخاذ خيارات عسكرية أخرى في حال تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ مباشرٍ، إلى جانب إسرائيل في الحرب في قطاع غزة.
وأعلنت وزارة دفاع الولايات المتحدة اعتراض المدمرة “يو إس إس كارني” 3 صواريخ كروز و8 طائرات مسيرة في شمال البحر الأحمر، وأطلقت من مناطق سيطرة الحركة في اليمن باتجاه إسرائيل، وفي 31 أكتوبر أعلنت القوات المسلّحة اليمنيّة الموالية للحركة دخول الحرب إلى جانب الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة رسميًا.
كما أعلنت عن إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والجوالة، والطائرات المسيرة باتّجاه إسرائيل، وفي 8 نوفمبر أعلنت القوات المسلحة اليمنية الموالية للحركة إسقاط الدفاعات الجوية طائرة أمريكية دون طيار، من طراز إم كيو 9 ريبر في أجواء مياه اليمن الإقليمية، واتهمتها بالقيام بالأعمال العدائيّة والرصد، وبثت مشاهد لعملية إسقاط الطائرة،
وشنت الحركة عددًا من الهجمات باستخدام الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة على إسرائيل، وفي يوم 14 نوفمبر هدد قائد الحركة باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وقال “سنظفر بسفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وسننكل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا لن نتردد في استهدافه.”
وفي التاسع عشرمن نوفمبر أعلنت القوات اليمنية الموالية للحركة احتجاز سفينة غالاكسي ليدر، وعلى متنها 25 فردًا ونفذت عليها عملية إنزال جوي على ظهر السفينة، باستخدام مروحية ميل مي- 17.
وطالبت الولايات المتحدة الحركة بالإفراج عن السفينة غالاكسي ليدر، وطاقمها المحتجزين دون قيد أو شرط وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، أن عملية احتجاز السفينة هى انتهاك سافر للقانون الدولي، وأكد أن الولايات المتحدة بدأت بمراجعة تصنيف المنظمات الإرهابية.
وخلال شهر نوفمبر أعلنت القوات الأمريكية عن اعتراض عدد من الصواريخ، والمسيرات المتوجهة نحو السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، وتعرض عدد من السفن المرتبطة بإسرائيل لهجمات بصواريخ والطائرات المسيرة، وأعلنت شركة الشحن البحري الإسرائيلي “زيم”، اتخاذ إجراء احترازي بتغيير مسار سفنها من قناة السويس في مصر.