تقرير – وفاء العسكري
التنمر بكل مفهوم له هو أمر سئ، ومع ظهور التطورات التكنولوجية الحديثة، ظهرت أنواع جديدة من التنمر، وهى أنواع معاصرة تهدد سلامة المجتمع، وتعمل على تدمير المجتمع وعاداته وتقاليده، والتنمر في مفهومه هو أحد أشكال العنف اللفظي أو البدني، الذي يظهر غالبًا بين الأطفال، ويعمل على تدمير حياة الطفل الذي تعرض للتنمر.
ويعتبر التنمر أيضًا هو سلوك عدواني متكرر، يقوم به طفل أو مجموعة من الأطفال، بترهيب وإساءة معاملة طفل آخر، بقصد إيذائه جسديًا وعاطفيًا، ويقوم التنمر على ثلاثة عناصر أساسية، وهى أن يكون هذا السلوك متعمدًا، ومتكررًا، ووجود تفاوت في القوة بين المتنمر والطفل الذي يتم التنمر عليه، وبقدر ما يحمل هذا السلوك من تأثيرات سلبية، ومشاكل خطيرة ودائمة على الطفل، الذي يتم التنمر عليه، فإنه يؤثر أيضًا على الطفل المتنمر بذات الدرجة.
تحدثت ناهد مسعد مديرة مدرسة النحال الإعدادية بنات عن أسباب التنمر، فقالت: “أن التنمر هو أمر خطير على الأطفال، وغالبًا ما يظهر بين الفتيات بالمدرسة، ولأسباب عديدة، منها تعرض المتنمر إلى تنمر سابق، ولذلك يقوم بفعل نفس الشئ ليشعر بقوته، والغيرة وهى من أهم أسباب التنمر، فالطفل عندما يشعر بالغيرة يحاول أن يلقى اهتمام كل من حوله، لذلك يتنمر على زميله لينجذب له باقي زملائه”.
وتابعت المديرة: “وانعدام الأمان العاطفي والنفسي، فالطفل المتنمر دايمًا ما يشعر بالوحدة والأنعزال، فيقوم بسلوك التنمر على الأخرين لجذب انتباههم، وعدم الوعي بقيمة الكلمة، فالمتنمر اللفظي لا يعرف ولا يقدر قيمة الكلمة، التي يلقيها إلى زميله ولا يعرف كيف ستؤثر عليه، وعلى شخصيته ونفسيته، أو كيف ستدمر حياته مستقبلًا”.
أضاف محمد عصام أحد طلاب كلية التربية بقسم علم النفس: “أنواع التنمر كثير ولكن أبرز الأنواع التي يشهدها المجتمع في الفترة الحالية، هو التنمر الجسدي، الذي يقوم فيه المتنمر بضرب زميله الأضعف منه، والتنمر اللفظي وهو المتنمر الذي لا يعرف كيف يتحدث وأثار حديثه، والتنمر الإلكتروني وهو أحدث أنواع التنمر بسبب ظهور وسائل التواصل الإجتماعي”.
وأكمل عصام: “فمنها أشكال كثيرة مثل السخرية من شخص ما على صفحته، والقيام بكتابة بعض الكلمات السخيفة على شكله أو ملامحه، وكل ذلك من ورا شاشة الهاتف، وذلك ما يساعد المتنمر على الزيادة من تلك الأفعال، لأن لا أحد يراه أو يعرف شكله، فهو يستطيع عمل حساب وهمي، للتنمر على الأشخاص فقط، بالإضافة إلى ترهيب شخص من خلال رسالة نصية، أو اختراق حساب أحد الأشخاص، وبعث بعض الرسائل السخيفة، التي ينتج عنها الشعور بعدم الراحة للشخص الذي تعرض للتنمر، ويتم ذلك عبر الهواتف المحمولة أو البريد الإلكتروني”.
وقالت روان السيد أحد طالبات الماجستير في علم النفس: “أن أضرار التنمر كثيرة، ومتعددة ومنها أنه يجعل من تعرض للتنمر غير واثق في ذاته، ويشعر بالعجز في الرد على المتنمر، ويتعرض لقلة التركيز في دراسته، ولا يستطيع التعامل مع الآخرين، في اعتقاد منه أنه سيتم التنمر عليه مرة أخرى، وبذلك ينعزل عن المجتمع، ولا يستطيع التفاعل مع الآخرين”.
وتابعت روان: “ودائمًا ما يشعر الشخص الذي تعرض للتنمر بالاكتئاب، والقلق ويكون أكثر عرضه لمحاولات الانتحار فسبب تلك الكلمات التي يلقيها المتنمر يعتقد أنه لا منفعة له في الحياة، وأنه ضعيف ولا يستطيع فعل أي شئ، وأن لم يفكر بالانتحار سيفكر بالإتجاه إلى تعاطي المخدرات أو التدخين، وبسبب التنمر سيتم تدمير حياته، ولا يستطيع القيام مرة أخرى، إلا بمساعدة شخص يثق به”.
أوضحت شادية محمد أخصائية اجتماعية: “يجب فهم أن التنمر ظاهرة خطيرة، ولا يجب تجاوزها على أنها شئ طبيعي بين الأطفال، فيجب على الآباء الاهتمام والتركيز على نفسية أطفالهم، ومحاولة فهم ما إذا كان تعرض للتنمر أم لا عن طريق الحديث معاه والتقرب منه، ويجب أن يشعر منهم أنه قوي، وأنه لديه الثقة الكافية بنفسه، ولا يسمح لأحد بالتجاوز معاه بأي شكل من الأشكال، ويجب أن يعمل الوالدين على دعم طفلهم، وأن يذكروا أمامه دائمًا وفي كل وقت بمناسبة أو بغيرها، أنه طفل مميز وذكي”.
أضافت شادية: “ويحاولوا الإقتراب منه، وذلك تحسبًا إذا وقع طفلهم في موقف تنمر، وذلك ليذهب ليخبرهم ولا يخاف من أسلوبهم معه، وتشجيع الطفل على تجنب أي متنمر، وعدم الإستماع له وعدم مقاومته، وأن يخبر أحد معلميه عن الذي حدث، حتى يستطيع المعلم التصرف، ويعتبر الاهتمام والتشجيع هم من أهم العناصر التي ستساعد طفلك الذي تعرض للتنمر”.
وقالت الطبيبة هبه عصام أحد أطباء علم النفس: “أن الطفل المتنمر لا يولد متنمرًا، بل هنالك بعض العوامل التي تجعله متنمرًا، وأحد الأسباب الشائعة هو قلة اهتمام الآباء بأطفالهم، فيقوم الطفل المتنمر بتعويض ذلك النقص، من خلال جذب انتباه الآخرين إليه، وعادةً ما يكون ذلك في حالات الطلاق، أو إدمان أحد الأبوين على الكحول والمخدرات، وهنالك أيضًا تعرض الطفل للتنمر من والديه، فالغضب الذي يمارسه الآباء تجاه أبنائهم، وعدم مقدرتهم على التصرف بحكمة في مواجهة المشكلات، هو أحد أسباب التنمر”.
وتابعت الطبيبة: “وقد يتعرض الطفل للتنمر من قبل أخيه الأكبر منه سنًا، حيث يسعى لفرض سلطته عليه، لتعزيز قوته وشعوره بالأمان، بسبب تعرضه للتنمر من قبل أقرانه، وأيضًا قد يلجأ الأخ الأصغر الذي تعرض للتنمر إلى التنمر على أصدقائه، للتنفيس عن غضبه، وفرض سيطرته على الأضعف منه، ويجب على الآباء، والمعلمين، وكلًا من هم في موضع مسؤولية، تجاه أي طفل أن يكونوا قدوة حسنة لذلك الطفل، فالتنمر سلوك مكتسب يتعلمه الطفل ممن حوله”.
وأكملت هبه: “وقد يكون الطفل عدوانيًا بطبيعته، ويحب السيطرة على الآخرين، ويشعر الطفل المتنمر بالراحة عند فرض سيطرته على الآخرين، ويعاني الطفل المتنمر من قلة الثقة بالنفس، وقلة احترامه لذاته، مما يدفعه للتلاعب بالآخرين، من خلال نشر الشائعات عنهم أو مضايقتهم، وعدم القدرة على التواصل الإجتماعي، والتصرف بشكل غير لائق مع الآخرين، فالطفل المتنمر لم ينشأ على الاحترام، والعطف والطيبة والاهتمام”.