إنفراد – روفيدا يوسف
تحولت مدينة الفاشر في قلب إقليم دارفور غرب السودان، إلى رمز جديد من المأساة الإنسانية، بعدما استولت قوات الدعم السريع على المدينة، وتركت بقع من الدماء الضخمة، وأكوام من الجثث المنتشرة في كل زاوية، تظهر أن ما يجري هناك ليس مجرد صراع عسكري؛ بل جريمة إبادة جماعية تنكشف أمام أعين العالم في صمت مريب.
أصبحت الفاشر “مقبرة مفتوحة”، بعد أن توالت عمليات القتل الجماعي الغير مسبوقة بحق المدنيين، في ظل حصار كامل تفرضه قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو والملقب “حميدتي”، على أهالي مدينة الفاشر، والتي باتت تعيش أوضاعًا مأساوية، بعد أن تحولت من مكان مزدحم بالحياة، إلى منطقة أشباح يسودها الخوف والصمت.
لم تقتصر المشاهد المروعة على الشوارع فقط؛ بل امتدت إلى المستشفيات حيث تم تصفية مئات المرضى والجرحى، داخل المستشفى السعودي بالفاشر، وبالرغم من ما يحدث فإن المجتمع الدولي ما يزال مترددًا في وصف الكارثة بحقيقتها، «إبادة عرقية متعمدة تهدف لتغيير التركبية السكانية في المنطقة، وتمهد لتقسيم السوادن».
عثمان ميرغني: سقوط الفاشر ناقوس خطر لانقسام السودان
أكد الأستاذ عثمان ميرغني الكاتب والصحفي السوداني، أن سقوط الفاشر يعتير بداية فعلية لانقسام السودان إلى شرق وغرب، إذا لم تتدراكه إجراءات سريعة إما عسكرية لاستعادة إقليم دارفور، أو سياسية لإبرام اتفاق سلام ينهي الحرب «وهو الأفضل»، لكي لا تدخل السوادن لامحالة نحو التقسيم.
كما يشير الكاتب والصحفي السوداني، إلى أن فقد مدينة الفاشر ليس ضعفًا عسكريا؛ لأن الجيش والقوة المشتركة نجحوا في صد أكثر من 270 هجومًا، واتسنزفوا قدرًا كبيرًا من القوة البشرية والمادية لقوات الدعم السريع.

حكومة «تحالف تأسيس» وفشل الإدارة في دارفور
وأوضح “ميرغني” أنه منذ إعلان تأسيس حكومة “تحالف تأسيس”، أصبح إقليم دارفور عمليًا خارج سلطة الحكومة المركزية، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة الموازية نجحت في إدارة البلاد، بل بالعكس ثلت ضعفها وهشاشة فكرتها.
ويضيف عثمان ميرغني أنه حتى الآن الحكومة الموازية تطلق على نفسها حكومة الوحدة والسلام، وترفض رفع شعارات انفصاليه وهذا أمر جيد، بالنسبة للمؤشرات على التقسيم الفعلي للسلطة، والثروات بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع.
مفاوضات السلام وأمل تفادي سيناريو الجنوب
ويشيد أيضًا بأن المفاوضات السياسية لوقف هذه الحرب، بدأت تحت رعاية “الرباعية” بصورة غير مباشرة، مضيفًا أن الرباعية تعمل بجد للوصول إلى سلام، وصرح مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي “ترامب”، بأنه متفائل في تحقيق السلام في السودان، آملين أن تكلل هذه المفاوضات بالنجاح في أقرب فرصة.
ويختتم الأستاذ عثمان ميرغني حديثه، بالتأكيد على قابلية تكرار تجربة جنوب السودان، بشكل جديد في إقليم دارفور، إذا استمرا الحرب ولكن إذا نجحت الرباعية في الوصول إلى اتفاق سلام وتوافق سياسي، لتشكيل هياكل الحكم بعد الحرب؛ فقد يكون ذلك باب النجاة، من مصير تجربة انفصال جنوب السودان.
وبين الدماء التي تنزف في الفاشر وصمت العالم، تقف السوادن على حافة مصير غير معلوم، إما تنتصر لغة السلام أو يكتب التاريخ فصلًا جديدًا من المعاناة والانقسام، وتتحول دارفور إلى جنوب آخر، ويعاد المشهد ذاته في وطن أنهكته المتاعب والحروب.
 
                                                                                               

 
							


