تقرير تحية محمد
الطلاق الصامت هو نهاية غير رسمية للعلاقة الزوجية، فلا يوجد تواصل بين الزوجين ولا كلام ولا وعلاقة زوجية، فيصبح الزوجان في هذه الحالة ك الجيران في البيت الواحد، وتصبح أسرة لا حياة فيها ولا روح.
كل شيء في وضع استقرار إلا روحها، تشعر بعدم استقرار روحها، تشعر بتخبطها وعدم ارتياحها الذي يصل إلى حد الاختناق.
عيشي.. ما تعرفيش تعيشي؟؟؟؟؟، بهذا الأمر وذلك السؤال الاستنكاري المتعجب يرد به الأهل، حينما يعلمون بشأن المشكلات التي بينها وبين زوجها، تحاول أن تجيب أهلها بأنها تشعر بالاختناق بشكل يومي، لا تشعر أنها تحيا في بيتها وأن هذا الرجل هو زوجها الذي ستقضي معه ما بقي من عمرها، لا تشعر أن هذا البيت هو المملكة التي ظلت تحلم بها أياما ،وليالي طويلة تقدر بسنوات، حينما كانت في بيت والدها، وها هي تجد حياتها الزوجية المأموله قد تحولت إلى واحدة من حالات الطلاق الصامت التي لا يعرف عنها أحد شيئا.
فالطلاق الصامت هو إن هناك اختلافا جذريا بين الطلاق الشرعي، الذي يتم وفق إجراءات الانفصال النهائي بين الزوجين، والطلاق العاطفي “الصامت”، وهو استمرار العلاقة الزوجية بين الطرفين ،مع انعدام مقومات الحياة الزوجية، فالطلاق العاطفي يتم عن طريق انعدام لغة التواصل بين الزوجين، وانعدام الحوار، وفتور المشاعر والعواطف الذي يؤدي إلى إنهاء العلاقة الزوجية في أسرع وقت، وفي حين أن الظاهر أمام المحيطين بهما أنهما يعيشان “تحت سقف واحد”، فإنهما منفصلان عاطفيا و يستمران فقط من أجل تربية الأبناء،وعن بعد كلام الناس.
الطلاق الصامت انعدام الاحترام والمسؤولية والمشاركة الثنائية، وغياب الحب المبطن بانعدام الرحمة، والقسوة وجفاء المشاعر، مستنكرة اقتصار مفهوم المسؤولية، عند البعض على الإنفاق فحسب، رغم أنها تشمل فتح جسور الحوار والحب والتواصل مع الزوجة.
تقول إحدى الزوجات،الآن مر ما يزيد على السنوات العشرة بعد زواجها ، و أسفر الزواج عن ثلاثة صغار متعاقبين، لا يتجاوز عمر أكبرهم تسعة أعوام، بعد مرور أول شهر من الزواج بدأت تشعر أن الأمر غير قابل للإصلاح أو التقارب، لا اتصال نفسي أو فكري يربطها بزوجها.
لا يتحدثون طوال سنوات زواجهما في شيء سوى إعداد الغداء، ومدارس الصغار، والمناسبات التي تخص عائلته أو عائلتها، ولا يتشاركون في شيء سوى وجبة الغداء والنوم متجاورين على السرير في نهاية كل يوم، حتى التلفاز لا يفضلون مشاهدة الأشياء نفسها، مما يجعل كلا منهما يشاهده في وقت مستقل عن الآخر، لا يستغرقهما موضوع يتحدثون فيه، ولا يشعران بعاطفة تجاه بعضهما بعضا تهون عليهم وطأة الحياة، ولا يدفع أحد منهما الآخر إلى إنجاز أي شيء في حياته أو التطور في تفكيره.
لا يحاول الزوج أن يشركها في أخبار عمله، ولا يحاول أن يكون بينهما أي حديث مشترك يخصها، وعندما تحاول هي أن تفعل ذلك لا تجد أي استجابة تذكر منه، ولا تجد لديه استعدادا من الأساس، ولم يكن هذا أبدا ما تأمله من زواجها، كل هذه الأمور كانت تدور في ذهنها بشكل يومي، لا تستطيع تجاهلها، رغم محاولتها التأقلم.
كان رد فعل اهلها كافيا لجعلها لا تحاول التحدث مرة أخرى، لتصبح واحدة من آلاف الحالات التي تحيا طلاقا صامتا، هي منفصلة عاطفيا بشكل كامل ،وربما كارهة للزوج الذي يجاورها على السرير، وربما يتشاركان العلاقة الحميمية، لأنها لا تستطيع أن تعلن رفضها للأمر.
هل يمكن التأقلم مع هذه الحياة كما أخبرها اهلها مستنكرين؟ لا، لم يكن هذا ممكنا بالنسبة لقوتها النفسية، وقدرتها على الاحتمال التي لا يعي عنه اهلها شيئا.
وتقول زوجة اخرى بعد محاولة الانتحار، وجدت أنه لا يهم أهلي سوى إخفاء الأمر عن الجيران، الأقارب، أخبرهم أني أمر بوعكة صحية، وكانت أمي تنظر لي كأنني فقدت عقلي وسأجلب لهم العار، عرفت أن حياتي لا تهمهم، وأن ما يهمهم أكثر هو الناس وكلام الناس.
يعتبر الطلاق الصامت حالة نشأت في مجتمعاتنا مؤخراً، وهي أخطر وأشد فتكا على الأسرة من الطلاق، ففي هذه الحالة لا يكون هناك طلاق، بل يبقى عقد الزواج سارياً بين الزوجين، ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر في كل مناحي حياته ،وتأتي هذه الحالة عند غياب المودة والرحمة والمحبة، التي تبنى عليها البيوت، تنزع هذه الخصال الحميدة من قلوب الزوجين؛ ولا يبقى لها إلا واجب التواجد سوياً، وذلك خوفاً من لقب مطلق أو مطلقة، وخصوصاً لقب مطلقة للزوجة؛ وذلك لنظرة مجتمعنا القاصرة للمطلقات. وهذه الحالة قد لا يعلم بها أحد خارج الزوجين، أمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهم أكثر الأزواج تفاهما على الإطلاق، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة،ثم يعودان إلى الفراق والصمت.
ومن أسباب الطلاق الصامت:
فقدان المودة والرحمة بين الزوجين، وصولا بهما إلى الطلاق الصامت أو ما يسمى بالطلاق العاطفي ، سوء اختيار شريك الحياة، وعدم التنبه للصفات الأساسية فيه، التي قد تكون غير مناسبة ،تباين الميولات والاهتمامات بين الزوجين، مما يخلق نوعا من الملل، وعند استمراره تزيد الفجوة بينهما،انتشار الأفكار السلبية بين الزوجين وصولا إلى فقدان الثقة والأمان في علاقتهما، الروتين المتكرر بين الزوجين، توتر العلاقة الزوجية وفقدان الشغف والرغبة في الحب، الاهتمام بالمصالح الخاصة لكل فرد على حساب الطرف الآخر، وطغيان الأنانية على حساب الشراكة، فقدان التواصل الزوجي وانتشار السلبية والتوتر في العلاقة.