تقرير – وفاء العسكري
بقرار سرقة الأرض لم تكن أرضًا لهم في يومًا من الأيام، ولم يمتلكها أجدادهم كما ينشرون في العالم، وفي بداية سرقة فلسطين اشتعلت الحروب لرجوع الأرض المقدسة لأصحابها الأصليين، وبوجود الدماء لم يستطع أي عربي الصمت عما يحدث.
بدأت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وتسمى أيضًا بحرب “النكبة” واختصارًا “حرب 1948″، وهى أولى الحروب العربية الإسرائيلية، وحدثت عقب إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام إسرائيل.
حيث نشبت الحرب على أرض فلسطين بين كلً من المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة المصرية، ومملكة العراق وسوريا ولبنان، والمملكة العربية السعودية ضد المليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين، والتي تشكّلت من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين.
وأودت هذه الحرب بحياة آلاف الجنود من الطرفين، وانتهت بهزيمة العرب، فأطلقوا عليها حرب النكبة، وأعلنت المملكة المتحدة إنهاء انتدابها على فلسطين، وغادرت تبعًا القوات البريطانية من منطقة الانتداب، وأصدرت الأمم المتحدة قرارًا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية، الأمر الذي عارضته الدول العربية.
وجعلتها تشن هجومًا عسكريًا لطرد المليشيات اليهودية من فلسطين في مايو 1948 استمر حتى مارس 1949، وخلال الحرب خططت بريطانيا سرًا لغزو أردني كامل للضفة الغربية، على أمل القضاء على إمكانية إنشاء دولة فلسطينية بقيادة أمين الحسيني، والتي كانت ناجحة.
إذ أمنت النفوذ البريطانية داخل شرق الأردن، على الرغم من أن دورهم قد خلق نتيجة غير مرغوب فيها في مستقبل الشرق الأوسط، في اليوم التالي بعد اعتماد خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947، وهى خطة تهدف إلى تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية، ونظام دولي خاص يغطي القدس وبيت لحم.
فقُتل سبعة يهود في هجمات حافلات فجة من قبل مسلحين عرب في حادثة تعتبر الأولى في الحرب الأهلية، وهذا الهجوم انتقامًا لاغتيال خمسة أفراد من عائلة عربية على يد جماعة شتيرن، يشتبه في أنهم مخبرين بريطانيين، وكان هناك توتر وصراع بين العرب واليهود والبريطانيين منذ وعد بلفور عام 1917، وإنشاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920.
ولم تكن السياسات البريطانية مرضية للعرب واليهود على حد سواء، حيث تطورت المعارضة العربية إلى الثورة العربية 1936-1939 في فلسطين، بينما تطورت المعارضة اليهودية إلى التمرد اليهودي 1944-1947 في فلسطين، وفي 15 مايو 1948، تحولت الحرب الأهلية إلى صراع بين إسرائيل والدول العربية بعد إعلان استقلال إسرائيل في اليوم السابق.
ودخلت مصر وشرق الأردن وسوريا وقوات التدخل السريع من العراق إلى فلسطين، وسيطرت القوات العربية على المناطق العربية وهاجمت على الفور القوات الإسرائيلية، والعديد من المستوطنات اليهودية، ودار القتال الذي دام عشرة أشهر في الغالب في أراضي الانتداب البريطاني وفي شبه جزيرة سيناء وجنوب لبنان، وتخللته عدة فترات هدنة.
حيث شاركت سوريا بقوة تضم 1,876 فردًا بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم، وتألّفت تشكيلات القوات السورية لواء مُشاة مؤلف من كتيبتين، بالإضافة إلى كتيبة مشاه ميكانيكية تضم سرية مؤلف من 17 عربة مصفحة طراز مارمون، وسرية من 17 عربة مصفحة 6 مصفحات مارمون، و11 مصفحة دودج محلية التصفيح، وسرية دبابات رينو آر-35 من 13 دبابة، وسرية مشاة محمولة من 140 جندي، إضافة كتيبة مدفعية من عيار 75 مم.
وهنا سيطرت إسرائيل كنتيجة للحرب على المنطقة، التي اقترحتها الأمم المتحدة للدولة اليهودية، بالإضافة إلى ما يقرب من 60% من المساحة المقترحة للدولة العربية، والتي شملت مناطق مثل يافا واللد والرملة والجليل الأعلى وأجزاء من النقب وشريط كبير على طول طريق تل أبيب – القدس، والقدس الغربية أيضًا، التي كان من المفترض أن تكون جزءً من المنطقة الدولية للقدس وضواحيها.
وبمرور 18 عامًا تشن إسرائيل حربًا على 3 من دول جوارها العربي، دامت 6 أيام وهزمت فيها الأطراف العربية هزيمة ساحقة، وهى حرب 1967، والتي كان أطرافها مصر وسوريا والأردن، وكان من نتائج هذه الحرب خسائر بشرية ومادية كبيرة، واحتلال أجزاء واسعة من الأراضي العربية، وتدمير أغلبية العتاد العسكري العربي.
وهناك أسباب أدت إلى نشوب الحرب التي قادت إلى ما سمى بـ “النكسة”، وبعض هذه الأسباب مباشر وبعضها غير مباشر، حيث تتمثل الأسباب غير المباشرة، في اعتبار إسرائيل أن الأحداث التي تلت حملة سيناء عام 1956 “العدوان الثلاثي” تشكل تهديدًا لأمنها.
ومن أبرز هذه الأحداث جهود التسلح التي تبذلها مصر بقيادة جمال عبد الناصر، ونشاط سوريا ضد المستعمرات الإسرائيلية على الجبهة السورية وأمام الجبهة الأردنية، ومن هذه الأحداث أيضًا قرار القمة العربية 1964 في القاهرة، بتحويل مياه نهر الأردن في كلًا: من سوريا ولبنان، وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1965.
وتأتي الأسباب المباشرة مثل تقف في طليعتها قرارات وأحداث مهمة وقعت منذ منتصف مايو 1967، من بينها مطالبة مصر بسحب قوات الأمم المتحدة من سيناء، وبدؤها حشد جيشها في سيناء، وإغلاقها يوم 22 من شهر مايو بـ “مضايق تيران” بالبحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته إسرائيل بمثابة إعلان رسمي للحرب عليها.
وأثار ذلك بدأ تخطيط إسرائيل لشن الحرب على دول الجوار العربي مع مطلع يونيو عام 1967 في ظل تواطؤ خفي ظاهره عدوان ضد سوريا، حيث أبلغ وفد سوفياتي مصر أن إسرائيل حشدت 11 لواء على الحدود السورية، وإعلان مصر تدخلها لمساندة سوريا وما تلاه من أحداث، وتتفق المصادر في العديد من المعطيات الإحصائية المتعلقة بميزان القوى العسكري قبل الحرب، وإن اختلفت في بعض الجزئيات.
وتجمع بلا استثناء على أن عدد وعدة الجيوش العربية في الجبهات الثلاث كانت أكثر من عدد وعدة الجيش الإسرائيلي، وتذهب تلك المصادر إلى أن الاختلاف الأساسي بين الجيوش في حرب 1967، يكمن في كفاءة الجيش الإسرائيلي الذي يعتمد على السلاح الغربي “أميركا وبريطانيا وفرنسا”، وفي استخدام الأسلحة والمعدات والمقدرة التنظيمية والقيادية وتوظيفها.
وذلك كان على عكس الجيوش العربية الثلاثة ماعدا الجيش الأردني حيث اعتمد على السلاح السوفياتي، حيث اعتمدت إستراتيجية الجيش الإسرائيلي، بشكل أساسي على تفوق سلاح الجو، ولذلك أخذت الطائرات تقصف وتمشط المطارات العسكرية المصرية، واستعملت نوعًا جديدًا من القنابل منتج من قبل إسرائيل، وبالتعاون مع فرنسا.
وعرف هذا النوع باسم “القنبلة الخارقة للاسمنت” بحيث تنتزع بنية مدرجات الإقلاع، بهدف منع الطائرات في الملاجئ من القدرة على الإقلاع في وقت لاحق، وحده مطار العريش لم يُستهدف، إذ إن الخطة الإسرائيلية كانت تقضي بتحويله إلى مطار عسكري للجيش الإسرائيلي، بعد السيطرة على المدينة، لتسهيل الاتصالات الجوية بين داخل البلاد وسيناء.
حيث كانت العملية ناجحة أكثر مما توقع الإسرائيليون حتى، وبينما تم تدمير سلاح الجو المصري بأكمله على أرض الواقع، فإن الخسائر الإسرائيلية لبثت قليلة حيث تم تدمير ما مجموعة 388 طائرة مصرية وقتل 100 طيار، أما الجيش الإسرائيلي فقد خسر 19 طائرة، من بينها 13 أسقطت بواسطة المدفعية المضادة للطائرات والباقي في مواجهات جوية.
وبعد ظهر ذلك اليوم، تم تنفيذ غارات جوية ضد إسرائيل من قبل الأردن وسوريا والعراق، ردت عليها إسرائيل بالمثل، وفي ختام اليوم الأول، في سوريا فإن حصيلة الغارات الإسرائيلية كانت خسارة 32 طائرة ميج 21 و23 طائرة ميج 15، و15 طائرة ميج 17 وهو ما قدر بكونه ثلثي القدرة الدفاعية السورية.
تندلع حرب لبنان عام 1982 والتي تسمى بـ “غزو لبنان” أو ما أطلقت عليه إسرائيل اسم عملية “السلام للجليل” و”عملية الصنوبر”، فهى حرب عصفت بلبنان فتحولت أراضيه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.
وترجع أسباب هذه الحرب إلى عدد من الأحداث التي جرت في الشرق الأوسط خلال السنين التي سبقتها، من اتفاق القاهرة الذي نظم وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان، إلى الحرب الأهلية اللبنانية، حيث بدأت المعارك في 6 حزيران 1982، عندما قررت الحكومة الإسرائيلية شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية.
وذلك بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال، فقامت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان، بعد أن هاجمت منظمة التحرير الفلسطينية، والقوات السوريّة، والمليشيات المسلحة الإسلامية اللبنانية، وحاصرت منظمة التحرير وبعض وحدات الجيش السوري في بيروت الغربيّة، وانسحبت منظمة التحرير من بيروت بعد أن تعرّض ذلك القسم منها إلى قصف عنيف.
وكان ذلك بمعاونة المبعوث الخاص، فيليب حبيب، وتحت حماية قوات حفظ السلام الدولية، وانتهت هذه الحرب بشكلها المعترف به في عام 1985، إلا أن آثارها ومخلفاتها لم تنته حتى مايو من عام 2000، عندما انسحب الجيش الإسرائيلي وأعوانه فعليًا من جنوب لبنان، والجدير ذكره أن إسرائيل قد زجت في هذه الحرب ضعف عدد القوات، التي واجهت بها مصر وسوريا في حرب تشرين الأول “أكتوبر” 1973.
حيث قدم رونالد ريغان ضمانًا شخصيًا للمقاتيلن الفلسطينين، بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس، واضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية، مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و800 جندي فرنسي و400 جندي إيطالي، حيث غادر 14,614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت الحماية الدولية.
وعلى الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1,216 جندي إسرائيلي، وعلى الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها وبضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسًا للبنان، إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره، وتغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي.
وبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليًا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي، إلا أنها انتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة إسرائيل، وقامت أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزية، التي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب، وعمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل.
واستنادًا إلى أرقام وزارة الخارجية الأمريكية، توزع مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية على الشكل التالي: 970 مقاتل إلى تونس،261 مقاتل إلى الأردن، 136 مقاتل إلى العراق، 1,093 مقاتل إلى اليمن الجنوبية،841 مقاتل إلى اليمن الشمالي، 448 مقاتل إلى السودان، 588 مقاتل إلى الجزائر، 3,900 مقاتل إلى سوريا.