كتبت – رحمه السعداوي
يتردد اسم بنك مصر كثيرًا في الشوارع، وخلال شهر رمضان في كل عام نرى إعلانًا كاملًا لبنك مصر، وفي نهاية الإعلان نرى اسم شخصية مميزة وهو طلعت حرب، ولذلك ما هو بنك مصر ومن طلعت حرب.
ولد “محمد طلعت بن حسن محمد حرب” الذي في 25 نوفمبر 1867، وهو إقتصادي ومفكر مصري، وكان عضوًا بمجلس الشيوخ المصري، وهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات التابعة له، إذ يُعد أحد أهم أعلام الإقتصاد في تاريخ مصر.
ولقب طلعت بـ “أبو الإقتصاد المصري” فقد عمل على تحرير الإقتصاد المصري من التبعية الأجنبية، وساهم في تأسيس بنك مصر، والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل اسم مصر، مثل: شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران.
إلى جانب مصر للتأمين ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لصناعة وتكرير البترول ومصر للسياحة، وستديو مصر وغيرها من الشركات ذات التأثير الواضح، إذ تخرج “طلعت” من مدرسة الحقوق عام 1889، والتحق للعمل كمترجم بالقسم القضائي “بالدائرة السنية”.
ثم أصبح “حرب” رئيسًا لإدارة المحاسبات ثم مديرًا لمكتب المنازعات، حتى أصبح مديرًا لقلم القضايا، وفي عام 1905 انتقل ليعمل مديرًا لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة، ثم مديرًا للشركة العقارية المصرية.
وتعتبر الشركة هى التي عمل على تمصيرها، حتى أصبحت غالبية أسهمها للمصريين، وفي عام 1910 حاولت الشركة المالكة لقناة السويس، وتقديم مقترح لمد امتياز الشركة 50 عاماً أخرى، إلا أن “طلعت حرب” ساهم في حشد الرأي العام، وذلك لرفض ومعارضة هذا المقترح.
وأصدر “طلعت” كتابه “مصر وقناة السويس”، حيث أثمرت هذه الجهود لاحقًا قيام مجلس النواب برفض هذا المقترح، فكانت فكرة إنشاء بنك مصري وطني حلمًا راود الكثيرين، منذ أيام محمد علي باشا، فبالرغم من أن “محمد علي” قبل وفاته أمر بإنشاء بنك برأسمال قدره 700 ألف ريال.
ولكن مشروع البنك انهار كسائر مشروعات وإلى مصر لما أصابه المرض، بعد أن ضاعت ثمرة حروبه عليه نتيجة التواطؤ الدولي على حصار قوته، ثم عادت فكرة بنك مصر إلى الحياة بعد أن دعا إليها “أمين شميل” في مقال له في 26 أبريل 1879 في جريدة “التجارة”.
واجتمع على أثر ذلك عدد من أعيان مصر، وغير أن الخلاف الذي نشب بين الجمعية الوطنية المصرية، التي أنشأها الخديوي إسماعيل وبين الخديوي، والتي وقعت في أعقابه الثورة العرابية، أعاق إتمام الفكرة.
ولكن بعد ذلك عادت فكرة بنك مصر إلى الظهور عندما بدأ “عمر لطفي بك” عضو الحزب الوطني ووكيل كلية الحقوق، في إلقاء محاضرات في نادي المدارس العليا، ابتداءً من اليوم الأول في نوفمبر 1908، عن نظام التعاون والتسليف في ألمانيا وإيطاليا
وعانت الفكرة من الخلاف بين التيارات التقدمية والرجعية، ولم تنجح الفكرة مجددًا إلا مع مجهودات “طلعت حرب”، الذي بدأ بطرح الفكرة في بعض خطبه، وعقب انعقاد المؤتمر المصري الأول في 29 أبريل عام 1911.
انتهز “طلعت” اجتماع أعيان البلاد وكبرائها، وعرضت لجنة المؤتمر فكرة إنشاء بنك مصري، وقرر المؤتمر بالإجماع وجوب إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية، كما قرر اختيار “محمد طلعت حرب باشا” للسفر إلى أوروبا.
وذلك لدراسة فكرة إنشاء البنك بعد عمل دراسة كافية عن المصارف الوطنية، وأسلوب عملها في الدول الأوربية، فلما صدر كتاب “محمد طلعت حرب باشا” بعد ذلك، آمن كل مصري بالفكرة التي يدعو إليها وإلى تنفيذها.
وأعلنت الحرب العالمية الأولى في 4 أغسطس سنة 1914، والتي أدت إلى تأجيل فكرة البنك، لأكثر من 8 سنوات، وعادت من جديد الدعوة لإنشاء البنك بعد قيام ثورة 1919 التي شارك بها “طلعت حرب باشا”.
ويعتبر إنشاء بنك مصر تم تنفيذه عام 1920، بفضل فكر المبدع الإقتصادي “محمد طلعت حرب باشا”، والذي تميز بفكر الإدخار الوطني، وتوجيه تلك المدخرات الوطنية نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لذلك فإن بنك مصر هو أول بنك مصري تم إنشاءه، وينتسب للمصريون بنسبة 100% بالكامل، وتمكن بنك مصر منذ تأسيسه من إنشاء العديد من الشركات، في مختلف المجالات.
ويتضمن هذه المجالات: المنسوجات، التأمين، النقل، الطيران، وسائل الترفيه وصناعة السينما، وغيرها من المجالات المختلفة والمتنوعة، كما واصل دعمه للأنشطة المصرفية والإستثمارية الأخرى بمعدل ثابت.
حيث يمتلك البنك حاليًا نسبة كبيرة من الأسهم في157 شركة، وتميزت هذه الأسهم بالعديد من المجالات المختلفة، منها: التمويل، السياحة، الإسكان، الزراعة والغذاء، بالإضافة إلى شركات أخرى في مجال الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات
كما قام بنك مصر بإنشاء العديد من الصناديق الإستثمارية الكبرى، كجزء من سياسة المحفظة الإستثمارية المتنوعة، بالإضافة إلى أنه حصل على جوائز عدة في مجال إدارة النقد، والسيولة من مجلة جلوبال فاينانس “Global Finance” العالمية.
وحصل بنك مصر في العامين 2009 و2010 على جائزة “أفضل بنك لإدارة صناديق أسواق النقد في أفريقيا والشرق الأوسط”، ولم يتوقف الحصول على الجوائز هنا بل كانت هناك جائزة “أفضل بنك لإدارة صناديق أسواق النقد في الشرق الأوسط”.
وذلك على مدار كل من 2008، 2012، 2013، 2014 و2015، مع حصول بنك مصر على جائزة “أفضل بنك لإدارة صناديق أسواق النقد والإستثمارات قصيرة الأجل في منطقة الشرق الأوسط”، وتمكن من حصوله على هذه الجوائز في 2015، 2016، 2017، 2018، 2020، 2021، 2022 و2023.
حيث حصل البنك على جائزة أفضل بنك لإدارة صناديق أسواق النقد والاستثمارات قصيرة الأجل في إفريقيا، والشرق الأوسط وذلك في عام 2019، وهذا مع مُنِح بنك مصر شهادة المعايير العالمية لتأمين بيانات بطاقات الدفع الالكترونية “PCI DSS” بأحدث اصدارتها 3.2.1.
ويعود ذلك نظرًا لكونه أحد البنوك الرائدة في المنطقة، وباعتباره من أوائل البنوك التي تلتزم بتطبيق معايير تأمين بيانات بطاقات الدفع الالكترونية في مصر وشمال أفريقيا، والجدير بالذكر أن بنك مصر يسعى دائمًا إلى تلبية احتياجات عملائه من خلال توسيع قاعدة الخدمات المصرفية.
وتعتبر هى القاعدة التي يحصل عليها العملاء، عن طريق استخدام أجدد الأساليب التكنولوجية، ويمتلك بنك مصر واحدة من أكبر شبكات الصراف الآلي في مصر، والتي تغطي جميع أنحاء الجمهورية، فإن دور بنك مصر في مختلف المجالات الإقتصادية هو دور ملحوظ.
وهذا يرجع إلى تواجد البنك جغرافيًا، فهناك أكثر من 20000 موظف في بنك مصر، يخدمون قاعدة عملاء واسعة تحتوي على أكثر من 13 مليون عميل في مصر، بإجمالي رأسمال مدفوع يصل إلى 15 مليار جنيه.
كما يمتلك بنك مصر أكثر من 800 فرعًا متصلة الكترونيًا، ومنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية، لتوفير أسهل وأفضل الخدمات إلى العملاء، كما يعتز البنك بتواجده العالمي والإقليمي، من خلال وجود خمسة فروع في دولة الإمارات وفرعًا في فرنسا.
بالإضافة إلى فروع البنوك التابعة في كلًا من لبنان وألمانيا، وأيضًا مكاتب تمثيل في كلًا من الصين وروسيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا، وهذا بالإضافة إلى شبكة من المراسلين التابعين للبنك في جميع أنحاء العالم.