إيمان خالد
مدينة بلبيس هي إحدى مدن محافظة الشرقية بمصر، تعد واحدة من أقدم مدن مصر وأحد أهم المدن التاريخية بها، وتمتعت عبر العصور بأهمية استراتيجية كبرى حيث كانت تعتبر في العصور الأولي البوابة الشرقية لمصر ومعبر للوافدين عليها، وكانت بلبيس هي إحدى مقرات الهكسوس وكانت مقرا لحكم الكثير من حكام مصر القديمة لمدة 145 عام ومنهم رمسيس الأول والثانى، وكان يطلق عليها العاصمة السابعة، وكانت بلبيس هي عاصمة ولاية الشرقية قبل أن يقوم محمد علي باشا عام 1833 بنقل عاصمة الشرقية من بلبيس إلى الزقازيق.
تتمتع بلبيس بأهمية تاريخية ودينية، حيث ولدت بها السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم وأم النبي إسماعيل حينما مر بها النبي إبراهيم مع زوجته سارة إلى مصر، وكذلك ذكرت في التوراة، حيث ذكرت بلبيس في التوراة بآسم (جاشان) في سفر التكوين حينما نزل النبي يعقوب إلي مصر لمقابله إبنه يوسف ووردت كذلك في سورة يوسف، وكذلك قيل إن النبي موسى ولد في بلبيس في بعض الروايات، وكانت ايضاً إحدى محطات رحلة العائلة المقدسة، وكذلك ذكر اسمها في ألف ليلة وليلة في حكاية الوزير نور الدين مع شمس الدين أخيه.
بلبيس أيضا ذات أهميه دينية بحسب كتاب مسالك الممالك لابن حوقل ومعجم البلدان لياقوت الحموى فأن السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم وأم النبي إسماعيل ولدت وعاشت في بلبيس، وبالتحديد من منطقة تسمى (غيثه)، وقام ملك الهكسوس بمنح هاجر هدية للسيدة سارة لتخدمها وكانت أميرة فرعونية، ثم تزوجها النبي إبراهيم لينجب منها إسماعيل.
ذكرت ايضاً بلبيس في التوراة حيث أن منطقة (تل اليهودية) التابعة لبلبيس هي أرض (جاشان) والتي أقام بها يعقوب عند لقاءه بأبنه يوسف بعد فراقٍ دامَ سنوات، ورد في سفر التكوين “يقول ابنك يوسف قد جعلني الله سيدًا لكل مصر أنزل إلي لا تقف فتسكن في أرض جاشان جوشن وتكون قريبًا مني أنت وبنوك”، وبعض الوثائق وأشهرها كتاب خطط المقريزي يحكي عن إقامة يوسف الصديق والأسباط في التلة ببلبيس، كذلك دفن فيها عدد من أنبياء بنى إسرائيل في منطقة سعدون التابعة لبلبيس.
كذلك ورد ذكرها في القرآن في الآية 82 من سورة يوسف { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} وبحسب تفسير الطبري والبغوي أن القرية في مصر، ورجح المؤرخون أن القرية المذكورة كانت بلبيس نظراً لقربها من مقر حكم النبي يوسف وقتها ولأن الرحال كانت تشد منها إلى بلاد كنعان موطن النبي يعقوب وقتها.
ويروى الرحالة والمؤرخ الألمانى الأب فانسليب أن بلبيس استظلت فيها العائلة المقدسة بشجرة تسمى شجرة مريم، وكانت بجوارها بئر وأنبع الله عين ماء شرب منها المسيح وغسلت فيها العذراء ملابسه.
مسجد المقرقع بالقيسارية. مسجد سادات قريش : يقع بمدينة بلبيس وهو من أهم المعالم الإسلامية البارزة وهو من أقدم المساجد في أفريقيا وبني المسجد عام 19 هجرية وهو موجود بشارع بور سعيد بمدينة بلبيس.
وتتمتع محافظة الشرقية بوجود عدد كبير من الآثار، حيث يوجد بها ثلث آثار مصر بخلاف المواقع الأثرية التى لم تكتشف ومازالت هناك عمليات تنقيب وسرقات تتم قبل وبعد الثورة.
تل اليهودية
تل اليهودية الملاصق لقرية الأعصر مركز بلبيس، محافظة الشرقية، على بعد 25 كم من القاهرة وإلى الشرق من مدينة شبين القناطر بحوالى 3 كم، تقع على الطريق البري المار من عين شمس (اون) إلى وادى الطميلات في محافظة القليوبية، ويرجع سبب تسمية المكان بهذا الإسم إلى مجموعة من اليهود فروا من اضطهاد ملك سورية “أمنحوتب الرابع” وطلبوا الأمان من ملك مصر “بطليموس الخامس” فسمح لهم بدخول الأراضي المصرية، واستقرت قافلتهم بقيادة زعيمهم الديني “أونياس” في تلك المنطقة التي كانت تسمى في العصور الفرعونية بـ رع. حر. محيت. أون، أي مدينة رع في الجهة الشمالية من أون عين شمس الحالية.
وتمكنت تلك المجموعة من بناء معبد صغير على جزء من المعبد الفرعوني، وشاعت التسمية بعد ذلك على المنطقة بأكملها بتل اليهودية، وهناك رواية أخرى أن سيدات اليهود كان عندهن اعتقاد أكيد في مسألة بركة المكان وقدرته على حل مشكلة عدم الإنجاب.
هذه المنطقة تقع ضمن المناطق الأثرية القديمة، والدليل على ذلك أن هناك نقوشا فرعونية موجودة على الحجر، وهي السبب في هذا الاعتقاد لأن ترجمتها توحي بذلك وتؤكده، وتحتضن منطقة تل اليهودية تاريخ الفراعنة ويرجع تاريخها إلى عصر الدولة الوسطى وشيد بها حصن يرجع تاريخه إلى عصر الهكسوس من عصر الاضمحلال الثاني حيث عثر على معسكر هكسوسي تم اكتشفه عام 1906.
وتعتبر منطقة تل اليهودية أحد المحطات الرئيسية على الطريق البري بين عين شمس (أوان) ووادي الطميلات والشرق بصفة عامة، وأحد اقرب المواقع إلى (منف) العاصمة الأولى لصمر الموحدة، وأحد المواقع القليلة التي استوطن بها اليهود في العصر البطلمي.
وشاع بين بعض الناس أن ممارسة طقوس معينة من تخطي الأحجار الفرعونية بهذه المنطقة وممارسة الجنس عليها والغسل من إبريق فخار وكسره بعد ذلك على الحجر يؤدي ذلك إلى حدوث الحمل للسيدات العاقرات أو اللاتي تغيب الحمل عنهن.
تحول واحد من أعظم المناطق الأثرية إلى “وكر” للمخدرات، ومكانًا للعصابات والبلطجية ومأوى من لا مأوى له مع الكلاب والقطط الضالة.
تسمع عند الالتقاء ببعض أهالي المنطقة العديد من الحكايات الخرافية والخزعبلات عن منطقة تل اليهودية، فيقول “عبد العزيز جمعة” إن تل اليهودية أصله مقابر وعندما تأتي إليه الحيوانات يتضاعف اللبن في ضرعها بمجرد أن ترى عذاب القبر عند زيارتها للمنطقة فيحدث رعب من هول ما تراه، فيؤدي ذلك إلى انقباض الرحم ويعود اللبن مرة أخرى أو تحدث عملية حمل، موضحًا أن الإنسان لا يمكن أن يحدث معه ذلك لأنه لا يستطيع أن يرى عذاب القبر، ولكن هناك العديد من النساء العاقرات تأتين إلى تل اليهودية لتحقق حلم الحمل.
حيث استعرض الإعلامي محمود سعد، خلال حلقة من برنامجه “باب الخلق”، المذاع على قناة النهار، المكان الذي التقى فيه نبي الله يوسف، مع والده نبي الله يعقوب بعد تغيبه عنها لسنوات.
وقال محمود سعد، إن سيدنا يعقوب التقى بسيدنا يوسف بعد تغيبه عنه في منطقة “تل اليهودية”، موضحَا أن القدوم الأول لبني إسرائيل لمصر، كان مع مجيء سيدنا يعقوب وأبنائه للقاء سيدنا يوسف في مصر، والخروج الأول لهم كان مع سيدنا موسى.
واستكمل أن سيدنا يعقوب استقر في بلبيس مع سيدنا يوسف لسنوات، مشيرا إلى أن سيدنا يعقوب هو نفسه إسرائيل، ومن نسله خرج بنو إسرائيل.