تحقيق – سوزان الجمال
يواصل شبح الطلاق تدمير كيان أسر مصرية ربما لأسباب لا تصلح لهدم الأسرة والتضحية بالصغار، وشهدت السنوات الأخيرة، ارتفاعًا ملحوظًا في نسب “الطلاق”، خاصة بين حديثي الزواج، الذي أصبح أسرع الحلول المرّة في الخلاص من مشكلات أسرية قد تبدوعادية في بعض الأحيان.
حيث تحتل مصر المرتبة العشرين ضمن أعلي الدول التي بها معدلات طلاق حول العالم وفقًا للتقرير العالمي للسكان 2022، فبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2021 ارتفعت معدلات الطلاق بنسبة 14.7% مقارنة بعام 2020، وتصدرت حينها عناوين الأخبار أن هناك حالة طلاق تقع كل دقيقتين.
في البداية تقول “علياء.ر.ح” ربة منزل وأم للطفلين صاحبة الـ29 عامًا: “إنها انفصلت منذ ثلاث شهور ولكن هذا الإنفصال لم يكن قرارًا سهلاً فقد أخذت وقت كبير لكي تقنع أهلها بفكرة الطلاق، موضحة أن جيلها ليس مثل أجيال اليوم التي تقوم بالطلاق بعد شهر واثنين ويرجع”.
أوضحت “علياء” أن أسباب طلاقة: “هو عدم تحمل زوجها المسؤلية، فو هو كان يجبرها على العمل لكي تصرف عليه لإنها يتعاطي المخدرات، ويقوم بضربها طوال الوقت أمام أطفالها، ولا يكتفي بذلك فقط بل ذهبا وتزوج من صديقتها المقربة، وقام بطردها من المنزل”
وأكدات “علياء” :على إنها كانت تصرف عليه وعلى ولدته، وكانت تتعرض إلى معاملة سيئة من ولدته وكان الأمر يتطور بينهم إلى الطرب، ولكنها لما تتحمل وقمت برفع قضية “خولع” وهيه الأن حرة، تعمل ليلاً ونهاراً لكي توفر إلى أطفالها حياة كريمة”.
وأوضح محمد محمود صاحب الـ38 عامًا، إن الأسباب التي أدت إلى طلاقه والانفصال عن زوجته كان أساسها الماديات وبيت العائلة، ويحكي أنه في بداية الزواج: “كان هناك تقبل ووفاق بين زوجتي وأمي خصوصًا أنني الإبن الأكبر ومع مرور الوقت بدأت تظهر بعض المشاكل وأبرزها مشادات كلامية بين أمي وزوجتي، واستمرت في التطور وكنت في محاولات دائمة للصلح بينهما ولكن باء جميعها بالفشل، وأصبح شيئًا لا يحتمل ودائما هناك نكد وغم في المنزل حتى أصبحت الحياة مملة”.
أشار محمد: “إلى أن كل ذلك بجانب مسئوليات الأولاد والمصاريف وطلباتها الشخصية التي لاتنتهي، ومع العلم أن ظروفي المادية ليست بجيدة، كما أصبحت مهملة بالمنزل ونفسها، وقمت كثيرًا بالتحدث معها ولكن دون فائدة وكانت مُصرة على أن تأخذ منزلًا بعيدًا عن منزل العائلة، ولكن ذلك كان خارج استطاعتي المادية لذلك طلبت الطلاق”.
وقال يسري السبيلي المحامي في قضايا الأحوال الشخصية: “إن أسباب الطلاق في السابق كانت أسبابًا جسيمة، ولكن الآن تختلف تمامًا مع التقدم والتغيير المذهل في المجتمع ومن خلال عملي أرى أكثر نسب الطلاق بسبب الماديات، وذلك يرجع للظروف الإقتصادية التي تساعد على إنتشار الفقر في المجتمع وعدم قدرة الزوج على الإنفاق التي تولد المشاكل إلى أن تصل إلى الطلاق”.
أشار “السبيلي” إلى أن السبب الثاني المشاكل الجنسية، فالشباب يعيشون مخيلات قبل الزواج وبعده تبدأ الكثير من المشاكل ويشتكي كثير من الرجال من نسائهم، ولكن النسبة الأكبر هي النساء، أيضًا ضعف شخصية الرجل وتحكم أهله به أو ضعف شخصية المرأة وسيطرة أهلها عليها أو الزواج في بيت عائلة، ومن أبرز الأسباب وسائل التواصل الإجتماعي، فيكتشف الزوج أن زوجته على علاقة بشخص آخر كانت تحبه وتقوم بمراسلته والعكس، ولكن أغلب الحالات يكون الرجل أكتشف الخيانة؛ وذلك لأن في حالة إكتشاف المرأة للرجل تتم معالجة الأمور نوعًا ما.
وأضاف المحامي في قضايا الأحوال الشخصية، أن نسب قضايا الطلاق في الماضي التي تأتي للمكتب 10% تقريبًا ولكن الآن زادت إلى أكثر من 40%، والنساء أكثر طلبًا للطلاق 99% من القضايا تأتي من النساء، وذلك سببه أن العصمة مع الرجل فهو يملك القرار ويستطيع أن يطلقها غيابيًا ويتحمل جميع حقوقها الشرعية، أكثر قضايا الطلاق التي تأتي من الرجال يكون سببها الخيانة.
قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي وأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس، من الأسباب هو الإنهيار الثقافي “الزوجية الدنية” أو المظهر الديني كاهيئة، مثلاً ارتداء الحجاب أو النقاب أو الخمار الإحياء وليس الأفعال الدنية أو المحتوي الديني.
أوضح استشاري الطب النفسي، شخصية الشباب قائلاً: “أنه في بداية العلاقة بين الشباب والفتيات تكون مجرد إعجاب وليس حب، ثم يفاجئ كل من الأخر بشخصية الطرف الثاني وحقيقة شخصيتة، لذلك يجب على الزوجين دراسة شخصية الأخر، لأنهم يبلغون في اظهار الجانب الجيد في شخصيتهم ولا يظهرون الجانب السيئ، وعندما يظهرون على حقيقتهم يؤدي الأمر إلى الطلاق”.
أشار “فرويز”: ” من أهم أسباب الطلاق هو تعاطي الشباب للمواد المخدرة وعصبية الفتيات، فلأبد من العلاج قبل الزواج، لأنهم في هذا الحالة تتعرض الفتيات إلى العنف الجسدي والشخص العصبي يكون شخصية اندفعية لا يستطيع التغلب على نفسة، لذلك يجب أن يذهبون إلى طبيب نفسي لمعرفة كل من شخصية الأخر وطريقة التعامل معها، للحد من ظاهرة الطلاق.
وتابع الدكتور جمال قائلاً: “لمعالجة حالة الطلاق لأبد من إيجاد الأسباب، وهي أولاً لا للتعجل بزواج، بمعني معرفة شخصية الشخصية جيداً والذهب إلى الطبيب النفسي ليقوم بتحليل الشخصيات ليكونوا قادرين على التعامل معاً، ثانياً عدم تدخل طرف ثلاث في العلاقة، لأنهم يفسدون ولا يصلحون”.
واستكمال الطبيب المختص حديثة: ” ثالثاً موقع التواصل الإجتماعي، لأنهم يدخلون الجميع في مشاكلهم الخاصة، ويجب الذهب إلى استشاري نفسي لكي يستطيع أن يوضح لهم شخصيتهم، موضحاً أن 90% من مشكل الزوجية تنحل عندما يعرف الزوجين شخصية الأخر، لأنهم دائماً يكملون بعضهم ويكونوا سند وأمان لبعض”.
وأشار الدكتور طه أبو الحسن أستاذ علم الإجتماع، أن إرتفاع نسب الطلاق في الآونة الأخيرة أساسها هو الارتكاز على أهداف غير الأهداف التي تبنى من أجلها الأسرة، ولأن المجتمع المصري أغفل أهمية التربية فيقوم الشخص بالتقدم للزواج بسبب إعجابه السطحي أي الشكلي بالطرف الآخر دون النظر إلى التربية أو الأخلاق أو الدين، وأصبحت الحياة الزوجية ترتكز على أمور مادية وليست في صلب الحياة الإجتماعية فسرعان ما تنهار تلك العلاقة.
وقالت سامية خضر أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس، تأخذنا إلى نقطة مهمة أخرى وتري أنها من أهم أسباب الطلاق في مجتمعنا اليوم، وهي عدم وجود مثل أعلى وقدوة يحتذى بها الشباب، بل نعظم السارق والكاذب والبلطجي وهذه من أكبر الكوارث في مصر.
ويري المأذون الشرعي محمود علي، أن الحالة الإقتصادية هي أول أسباب الطلاق فأغلب الحالات يتزوجون بالقسط ودخل الزوج يتعثر بين الديون وفتح المنزل، وبعد سنة أو اثنتين ينهدم المنزل بسبب عدم قدرة الزوج على الإنفاق.
وفي المقابل يقول الدكتور محمود، إن هناك وصايا دينية وقواعد إذا اتبعها الزوج والزوجة ستستقيم الحياة والتخلي عنها سيخلق الكره والنفور الذي ينتهي بالطلاق، ومنها حسن المعاملة والمعاشرة بين الزوجين، والتفاهم.
وأصدرت دار الإفتاء المصرية، بيانا تحذيرياً من الإسراف في إستخدام الطلاق كوسيلة لإنهاء الخلافات الزوجية، قائلة: “إن التفكير في الطلاق يمكن أن يتسبب في زوال الكثير من دوافعكما لتحسين العلاقة مع بعضكما، فاستثناء الطلاق من خياراتك سيدفعك للتركيز على حل خلافاتك مع زوجتك أو زوجك، ولا ينبغي أن يخطر ببال أحد الزوجين معنى الطلاق أو ذكره عند الخلاف، فلا هو يهددها بالطلاق، ولا هي تطلب منه الطلاق”.
وأضافت دار الإفتاء المصرية، في فتواها التي جاءت ضمن مبادرة “لتسكنوا إليها”، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: “أَبْغَضُ الْحَلَال إِلَى اللَّه الطَّلاقُ”، وقَالَ عليه الصلاة والسلام: “أَيُّمَا امَرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ”، فاشغَلا أنفسكما بحل المشكلة وبمعرفة الأسباب ومعالجتها حتى تحفظا أسرتكما من التفرق والضياع.