تحقيق – نسمة هاني
في زمن أصبحت فيه معايير الجمال مرتبطة بالصور المثالية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّل المكياج من وسيلة بسيطة لإبراز الملامح إلى ركن أساسي في حياة ملايين الفتيات، لم يعد مقتصرًا على المناسبات، بل صار جزءًا من اليوم، تبدأ به الفتاة صباحها وتنهيه بعد منتصف الليل، ومع انتشار مقاطع “الميكب توتوريال” والمؤثرات اللاتي يظهرن ببشرة مثالية، باتت كثير من الفتيات يشعرن أن “الطبيعية”وحدها لم تعد كافية.
لكن خلف هذا البريق والألوان، يختبئ سؤال حقيقي، هل هذا الجمال الذي نُرسمه كل صباح يأتي بثمن تدفعه بشرتنا، هل يمكن أن يكون المكياج، الذي يمنحنا ثقة مؤقتة، هو السبب في مشكلات البشرة التي نحاول إخفاءها به، ما بين الرغبة في الظهور بأفضل شكل، وضغط المجتمع على الفتيات لتبدو “كاملة دائمًا”، يتوارى الجانب الصحي خلف مساحيق التجميل، فبين من ترى المكياج أداة تعبير عن الذات، وأخرى تراه قيدًا لا تستطيع التحرر منه، يبقى الجلد، مرآة الجمال الحقيقية، هو الضحية الأولى.
المكياج ليس عدوًا… بشرط
تقول الدكتورة “نورا شعبان” الأمراض الجلدية والتجميل: المكياج في حد ذاته مش خطر، لكن المشكلة في سوء استخدامه، لو استخدمنا منتجات جيدة ومناسبة لنوع البشرة، ونظفنا الوجه كويس في آخر اليوم، مش هيبقى فيه ضرر حقيقي”.
وتضيف الدكتورة، “أغلب الحالات اللي بشوفها في العيادة بسبب إن البنات بيناموا بالمكياج أو بيستخدموا أدوات مكياج مشتركة مع غيرهم، دا بيعمل انسداد في المسام والتهابات بكتيرية ممكن توصل لدمامل أو حبوب تحت الجلد”.
وتحذر من المكياج مجهول المصدر قائلًا: بعض المنتجات بتحتوي على معادن ثقيلة زي الرصاص والزئبق، ودي ممكن تسبب حساسية مزمنة أو تصبغات يصعب علاجها، ضروري التأكد من مصدر المنتج، واستبدال أدوات المكياج كل فترة لأن البكتيريا بتتراكم عليها”.
توضح الدكتورة “نورا شعبان”، الاستخدام اليومي والمستمر للمكياج ممكن يتحول من وسيلة تجميلية لمشكلة للبشرة، خاصة لو المسام ما بتنظف كويس، مع مرور الوقت، بنلاحظ فقدان مرونة الجلد وظهور التجاعيد المبكرة، وكمان انسداد المسام اللي بيؤدي لحبوب ورؤوس سوداء، أحيانًا البشرة بتبدأ تفرز دهون زيادة لمحاولة تعويض انسداد المسام، أو بالعكس تصير جافة جدًا بسبب الإفراط في إزالة المكياج”.
المكونات الضارة في المكياج
تضيف الدكتورة، فيه بعض مكونات في المكياج لازم البنات تاخد بالها منها، زي البارابين والفثالات، وبعض المنتجات الرخيصة ممكن تحتوي على الرصاص أو الزئبق، المواد دي ممكن تسبب حساسية مزمنة أو تصبغات صعبة العلاج، لذلك التأكد من مصدر المنتج وقراءة المكونات خطوة مهمة جدًا قبل الشراء.
روتين العناية بالبشرة مقابل المكياج
وتكمل الدكتورة، الاهتمام بنظافة البشرة أهم من أي مكياج، لازم دايمًا نغسل الوجه قبل وبعد وضع المكياج، ونستخدم كريمات مرطبة ومهدئة للالتهابات لو البشرة حساسة، كمان من الأفضل ندي البشرة يومين في الأسبوع راحة من أي منتجات تجميلية، ده بيساعد الجلد يتنفس ويحافظ على صحته على المدى الطويل”.
وتختم الحديث، “نصيحتي لأي بنت إنها تدي بشرتها راحة على الأقل يومين في الأسبوع من المكياج، وتستخدم غسول مناسب بعد كل مرة تشيله فيها، الجمال الحقيقي في البشرة الصحية مش في الكونسيلر والفونديشن”.
في النهاية، يظل المكياج وسيلة رائعة لإبراز الجمال وتعزيز الثقة بالنفس، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن العناية الحقيقية بالبشرة، فالألوان والفرشيات قد تخفي العيوب مؤقتًا، لكنها لا تعالج مشاكل الجلد أو تمنع ظهورها مع مرور الوقت، الاهتمام بروتين يومي صحي للبشرة، تنظيفها جيدًا قبل وبعد وضع المكياج، استخدام منتجات آمنة وموثوقة، ومنح الجلد فرصة للراحة يومين على الأقل أسبوعيًا، كلها خطوات أساسية للحفاظ على صحة الجلد وجماله الطبيعي، فالجمال الحقيقي ليس في الكونسيلر والفونديشن أو البريق الزائف، بل في بشرة صحية وناعمة تعكس عناية مستمرة واحترام الذات، في النهاية، الاستثمار في صحة البشرة اليوم هو ضمان لجمال دائم وغني بالثقة لا يزول مع إزالة المكياج.






