تحقيق – لبنى عسكورة
تشارك وسائل الإعلام كجزء محوريًا في تشكيل الرأي العام، ومع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل الإعلام، أصبحت وسائل الإعلام الرقمية مؤثرة أكثر.
ويهدف هذا التحقيق إلى دراسة مدى تأثير وسائل الإعلام في علاجها على الرأي العام، وكيفية توظيفها في بناء الثقافات أو تغيير السلوكيات، بالإضافة إلى استكشاف مدى مصداقيتها للتعامل مع الأفراد والمجتمعات، فوسائل الإعلام هي مجرد ناقل بالحقائق، أم أنها أداة فعالة.
أكد الدكتور «محمد بيومي»، بقسم الإعلام بكلية التربية النوعية جامعة الزقازيق، أن دور وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام اليوم أصبح أكثر تعقيداً وتنوعًا مقارنة بالماضي، في الماضي، كانت وسائل الإعلام التقليدية (الصحف، الإذاعة، والتلفزيون) تحتكر تدفق المعلومات، مما جعلها المصدر الرئيسي لتشكيل آراء الجماهير.
أما اليوم، فقد أصبحت وسائل الإعلام أكثر تنوعًا وتشعبًا وتعددت، فمثلا هناك وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لها دورًا محوريا في إيصال المعلومات والتأثير على الاشخاص بشكل أسرع وأكثر تفاعلًا، مما يجعل تشكيل الرأي العام عملية ديناميكية وتفاعلية بدلاً من أن تكون خطية وتوجيهية فقط.
ويري الدكتور أنه لا يوجد موضوعية في توجيه الرأي العام، لأنني أرى أن الموضوعية في وسائل الإعلام تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك السياسة التحريرية، والتمويل، والمصالح المؤسسية، وفي بعض الأحيان، تسعى بعض من وسائل الإعلام إلى تقديم تغطية موضوعية تستند إلى الحقائق.
ويقول محمد بيومي “تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً وأحدثت ثورة في تشكيل الرأي العام، حيث وفرت منصة لأي شخص لنشر المعلومات والتفاعل مع الأحداث الفورية، على عكس الإعلام التقليدي الذي يتبع قواعد تحريرية واضحة”
وتابع قائلا: ” تتميز وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة نشر المعلومات وانتشارها الواسع، مما يجعلها أكثر تأثيراً، ولكنها أيضًا أكثر عرضة للأخبار الزائفة والتلاعب، كما أن خوارزميات المنصات الاجتماعية تعزز الفقاعات المعلوماتية، مما يؤدي إلى تعزيز الآراء الموجودة بدلاً من تقديم وجهات نظر متنوعة ومتوازنة”.
ويشير أن هناك تحديات تواجه وسائل الإعلام في التأثير علي الرأي العام وخصوصا في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه، ويري أن من هذه التحديات انتشار الأخبار الكاذبة وصعوبة التحقق من صحة المعلومات.
وكذلك فقدان السيطرة على تدفق المعلومات نتيجة للمنصات الرقمية غير الخاضعة للرقابة، وايضا نجد أن تأثير الذكاء الاصطناعي والخوارزميات التي تحدد ما يراه المستخدمون بناءً على اهتماماتهم، مما يعزز الانحياز التأكيدي.
ويضيف بيومي ان المؤسسات الأكاديمية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الوعي الإعلامي من خلال تعليم مهارات التفكير النقدي والتحليل الإعلامي، كما أنها تساهم في الأبحاث والدراسات حول التضليل الإعلامي وكيفية مكافحته.
أما المؤسسات الإعلامية، فيجب أن تلتزم بأعلى معايير المهنية، وتعزز ممارسات التحقق من المعلومات، وتُنشئ منصات مستقلة للتحقق من الأخبار، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية في عرض مصادر المعلومات.
ويوضح تأثير وسائل الإعلام في أنها تلعب دوراً محورياً في تشكيل الأجندة السياسية من خلال تسليط الضوء على قضايا معينة ودفعها إلى مقدمة النقاش العام، وتؤثر أيضاً على المسؤولين وصناع القرار من خلال الضغط الإعلامي، ونقل توجهات الرأي العام، وتحليل القوانين والسياسات.
كما أن الإعلام يمكن أن يكون أداة للضغط الشعبي من خلال فضح الفساد، ومراقبة أداء الحكومات، وتقديم بدائل وحلول للقضايا السياسية والاقتصادية.
ويضيف قائلا: “الإعلام هو سلاح ذو حدين في هذا المجال؛ فهو من ناحية، يساهم في نشر الوعي حول قضايا مثل حقوق الإنسان، المساواة، وحماية البيئة، مما يؤدي إلى تعبئة المجتمعات ودفع الحكومات لاتخاذ إجراءات، ومن ناحية أخرى، قد يتم استخدامه لتشويه الحقائق أو التلاعب بالمشاعر العامة لصرف الانتباه عن انتهاكات حقيقية أو تأجيج الانقسامات المجتمعية”.
ويري أن الإعلام يمكن أن يكون قوة إيجابية إذا التزم بالمهنية والموضوعية، حيث يسهم في نشر الوعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز ثقافة الحوار والانفتاح، ولكنه قد يكون أداة سلبية إذا استُخدم لأغراض الدعاية، ونشر الأخبار الكاذبة، وتأجيج الصراعات، أو تعزيز الاستقطاب السياسي والاجتماعي، في النهاية، يعتمد تأثير الإعلام على مدى وعي الجمهور، ومهارات التفكير النقدي التي يمتلكها الأفراد عند استهلاكهم للمحتوى الإعلامي.
أهمية وسائل الإعلام المختلفة في تشكيل الرأي العام
توجيه الرأي العام بما يخدم أفكار سياسية، وثقافية، واقتصادية معينة، وذلك بتزويد الجماهير بكافة الحقائق، والأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة عن القضايا، والموضوعات، والمشكلات بطريقة موضوعية، وبدون تحريف مما يحقق اكبر درجة ممكنة من المعرفة، والوعي والإدراك، والإحاطة الشاملة لدى فئات من الجمهور.
تساهم وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام، حيث تتمكن من إدراك الأشخاص وتوجههم نحو القضايا المختلفة، ومع التكنولوجيا الحديثة والاعتماد على وسائل الإعلام ونجاح التواصل الاجتماعي، أصبحت أداة قوية للتأثير والتغيير، كما أنها توفر أيضًا مسؤولية كبيرة في تقديم المعلومات، لذلك، تسعى إلى تحقيق التنوع بين حرية الإعلام والمسؤولية الاجتماعية.
تأثير وسائل الإعلام علي الرأي العام
تُؤثّر وسائل الإعلام على الرأي العام من خلال تغيير فِكر الأفراد حول رأي مُعيّن وثابت؛ حيث إنّها تدعم الأفراد بحثّهم على ممارسة حُريّة التعبير عن الرأي وصنع القرار، كما أنّها تُزودّ المجتمعات والأفراد بالمعلومات والآراء المجتمعيّة حول مواقف سياسيّة، أو اقتصاديّة، أو اجتماعيّة، في العديد من البقع الجغرافية المختلفة، ممّا يجعلها من أهم الوسائل المؤثّرة على الرأي العام.
حيث تُساهم وسائل الإعلام بالتأثير على الرأي العام، من خلال الاهتمام بقضايا متنوعة، تتعدّد أهداف وسائل الإعلام، فهي لا تهتم فقط بالقضايا السياسية وإنما تهتم بالأمور التنمويّة داخل البلاد أيضاً، والاطلاع ومتابعة القضايا، تتميّز وسائل الإعلام بأنّها على اطلاع دائم بالقضايا والمشكلات المجتمعية، وأنّها تُغطّي تلك القضايا بشكل كامل وتُتابعها بحيث تنشر أحدث التطورات فيها باستمرار.
وسائل الإعلام جزءا أساسيا من حياتنا
وتوفر وسائل المقارنة للفرد، تُعدّ وسائل الإعلام المختلفة طرقاً تُمكّن الفرد من مقارنة وتباين القضايا المختلفة، وهذا يُعدّ من أفضل الطرق الواقعيّة التي تُساهم في بناء وتصحيح الرأي العام، وتؤثر وسائل الإعلام على الرأي العام من خلال تأثيرها على الفرد، حيث تُعتبر أداة اتصال بين أفراد العائلة أو الأصدقاء في جميع أنحاء العالم.
كما تُتيح للفرد معرفة ما يدور حول العالم بشكل عاجلٍ أو يوميّ من أيّ مكان بواسطة العديد من الوسائل الإعلاميّة، حيث أصبحت وسائل الإعلام جزءاً أساسياً من الحياة، وتُعتبر أيضاً وسيلةً تعليميّةً تُصوّب مسارات الأجيال القادمة، وتمتاز الصحف الإخبارية بأنّها وسيلة الربط بين الحكومات والشعب من خلال حصولها على معلومات مهمّة يصعب على المواطن الحصول عليها بذاته ونشرها.