تقرير – نرمين أحمد
يقع بيت الكريتلية في شارع من شوارع القاهرة القديمة، وهو الشارع العريق وميدان أحمد بن طولون، في حي السيدة زينب، يرجع تاريخ إنشائهما للعصر العثماني، كما ينقسم البيت إلى بيتين إنشاء البيت الأول المعلم عبدالقادر الحداد سنة 947هـ/ 1631م، أما المنزل التاني فقد أنشأه الحاج محمد بن سالم بن جلمام الجزار عام 1540.
يعد المنزلين مثالاً للمنازل المصرية خلال العصور الإسلامية، ويجمع المنزلين عناصر العمارة في العنصرين المملوكي والعثماني، واشتهر كلاهما باسم “بيت الكريتلية” وذلك نسبة إلى آخر أسرة أقامت بهما والتي كانت أحد الأسرات الوافدة من جزيرة كريت.
تقدم الظابط الإنجليزي جايراندرسون عندما سمع بنية الحكومة المصرية بهدم البيت، بطلب إلى لجنة حفظ الآثار العربية في عام 1935بطلب لاستاجر المنزلين، وأن يقوم بترميمهما و بتاثيثهما على الطراز الإسلامي وأن يعرض فيهما مجموعته الأثرية من مقتنيات أثرية فرعونية وإسلامية، فضلا عن مقتنياته التى ترجع إلى عصور وحضارات من بلدان مختلفة منها الهند، والصين وتركيا، وإيران، واتجلترا، ودمشق.
وأيضاً على أن يصبح هذا الأثاث ومجموعته ملكاً للشعب المصري بعد وفاته، ولكن في عام 1942، أصيب أندرسون بوعكة صحية سافر على إثرها إلى إنكلترا ثم وافته المنية عام 1945 لتتسلم الحكومة المصرية البيتين بكل ما فيهما من محتويات أثرية وتحف لتحولهما متحفاً وأطلق عليه اسم متحف “جاير أندرسون”.
وتبلغ المساحة الكلية لمتحف جاير أندرسون 4000م2، ومساحة مبنى المتحف 2000م2. يتكون المتحف من 29 قاعة تتميز بأسقفها الخشبية المزينة بالزخارف النباتية والهندسية، كما يحتوي المتحف على سبيل به بئر، ومن أشهر قاعات المتحف مجموعة القاعات المتخصصة منها الهندية، والصينية، و الدمشقية والفارسية والبيزنطية والتركية وكل منها تحتوي على أثاث من نفس طراز اسم القاعة، بالإضافة إلى قاعتي الولادة والعرائس.
كما يضم المتحف مجموعة قاعات تتبع عمارة المنزل منها الحرملك، وقاعتي الرجال الشتوية والصيفية وقاعة الاحتفالات، وأيضاً مجموعة من50 القاعات المستحدثة مثل قاعتي أبواب الكريتلية، وروائع الكريتلية، بالاضافة إلى انه داخل خزانة كبيرة، يوحد المفتاح الأصلي لـ “بيت الكريتلية” بطول يقترب من نصف متر.
وتعد من غرابة القصر المرعبة، هناك عدة أساطير تدور حول البيت، ومن بينها أن البئر الموجود به “بئر الوطاويط” لو نظر إليه العاشق وتمنى رؤية محبوبه انعكست صورة الحبيب على مياه البئر، واسطورة اخرى حول البناء البيت، إذا اعتقد البعض أن ملك الجان أمر ببنائه، كما أنه يقطنه ثعبان طيب.
ويعتبر غموض البيت وعبقرية تصميمه، والأساطير التي تحوم من حوله، أضفت عليه جمالا فوق جمال، إذا جذب غموض البيت صناع السينما، وتحول المنزل الأثري لمهم للفن السابع إذا تم تصوير مشاهد من سلسلة الأفلام العالمية الشهيرة ” جيمس بوند” به وخاصة في إحدى قاعته الشرقية عام 1977.
وقد شهد المتحف تصوير العديد من الأفلام، حيث أقام به السيد أحمد عبدالجواد، بطل ثلاثية نجيب محفوظ، وكذلك سعد اليتيم، وانطلق بين جدرانه صوت السندريلا سعاد حسني من خلال أغنية “بانوا.. بانوا على أصلكوا بانوا”، كما احتضن صوت ألمظ وعبده الحامولي في الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه، حتى أصبحت شهرته كبيرة تجذب العديد من الزوار من مختلف أنحاء العالم.
جدير بالذكر انه لم يكن جاير مقيماً بمفرده في المنزل، بل كان معه خادم عجوز وهو الذي كان يخدم السيدة الكريتلية، يدعى سليمان الكريتلي، كان يعمل خادماً لضريح “سيدي هارون الحسيني”، وكان يروي قصصاً كثيرة ومثيرة لجاير، لكن أكثرها كان غير حقيقي، الأمر الذي أثار خيال جاير بشدة.
مما دفعه ذلك لتأليف كتاب أطلق عليه “أساطير بيت الكريتلية”، ونشر في لندن ووجد الكتاب صدى كبيراً ونجاحاً ليس له مثيل بفضل الحكايات التي كان يحتويها، ومعظمها من الخيال، وبعض منها تم اقتباسه من قصص القرآن، لكن المكان الذي شهد الأحداث هو بيت الكريتلية.