تحقيق – رحمه السعداوي
يفقد الكثير مستقبلهم وأهدافهم بسبب الخوف المستمر من مواجهة المجتمع، وذلك بسبب تعرضهم للانتقادات المستمرة وعدم التقدير المرغوب، وكل هؤلاء يقعون في سجن مظلم يطلق عليه في علم النفس “الرهاب الاجتماعي”.
أفاد علم النفس بتعريف الرهاب الاجتماعي بأنه: “الرهاب الاجتماعي هو حالة نفسية تتميز بخوف شديد ومستمر من التعامل مع المواقف الاجتماعية، حيث يخشى الفرد من التقاط أنظار الآخرين أو التعرض للحكم السلبي”.
وتابع أن من سماته: “خوف مفرط من الانتقاد، والشخص يشعر بالقلق الشديد من فِعل أي خطأ أو عيب في تصرفاته، مما يجعله يتجنب المواقف الاجتماعية، بحيث يتجنب الفرد التحدث في العلن، أو المشاركة في فعاليات اجتماعية”.
وأضاف: “وتشويش على الأداء؛ أي يمكن أن يكون هناك قلق مستمر حول أداء الشخص في المواقف الاجتماعية، حتى إذا كانوا على دراية بأن هذا التوتر مفرط، ويتسم بالتأثير السلبي على الحياة اليومية، الرهاب الاجتماعي يمكن أن يؤثر سلبًا على العمل، والدراسة، والعلاقات الشخصية مما يقلل من جودة حياة الفرد”.
وأكمل: “الخجل المفرط فإنه يشعر بالخجل الشديد وعدم الرغبة في أن يكون الشخص أمام الآخرين، فهم هذه السمات يساعد في التعرف على تحديات الأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي ويسهم في تقديم الدعم والمساعدة المناسبين، والتفكير السلبي الذاتي أي الانغماس في أفكار سلبية حول الذات والقدرات الاجتماعية”.
وأجاب الطب النفسي أن من أعراض الرهاب الاجتماعي: “الأفراد الذين يعانون من الرهاب قد يظهرون عدة أعراض تشير إلى التوتر والقلق في المواقف الاجتماعية، ومن بين الأعراض الشائعة: القلق الشديد، تجربة مستويات مفرطة من القلق والتوتر قبل أو أثناء المواقف الاجتماعية”.
وأوضح علم النفس: “وضمن الأعراض تسارع ضربات القلب أي زيادة في معدل ضربات القلب قبل أو أثناء المواقف الاجتماعية المحتملة، والرغبة في التجنب بمعنى أنه لديه رغبة قوية في تجنب هذه المواقف المحتملة أو الانسحاب منها، والشعور بالخجل المفرط والتردد في التحدث أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية”.
وأضاف الطب النفسي: ” ومن الأعراض هى الاضطرابات الجسدية ظهور أعراض جسدية مثل العرق الزائد، وارتفاع ضغط الدم، والرجفة، والقلق من التقييم ويشعر بالقلق الشديد من رأي الآخرين والتقييم السلبي المحتمل، والانفصال الاجتماعي أي تجنب الانخراط الاجتماعي والانفصال عن الآخرين”.
وتبيَّن من الطب النفسي أن: “استمرار الرهاب قد يكون ناتجًا عن مجموعة من العوامل الاجتماعية، والنفسية وضمن هذه العوامل: التجارب السلبية السابقة فقد تؤثر التجارب السلبية في المواقف الاجتماعية، خاصة إذا كانت تشمل انتقادات أو تقييمات سلبية، قد تسهم في تطوير الرهاب”.
وأضاف: “أن الوراثة والعوامل البيولوجية تعد سبب في تطوره، ووجود تاريخ عائلي للاضطرابات القلقية أو الاكتئاب يمكن أن يزيد من احتمال زيادة الرهاب الاجتماعي، العوامل البيولوجية مثل التوازن الكيميائي في الدماغ قد تلعب أيضًا دورًا”.
وتابع: “يمكن نقص المهارات الاجتماعية وعدم وجود مهارات فعّالة في التعامل مع الآخرين أو الشعور بالعجز في المواقف الاجتماعية أن يزيد من احتمال تطوير الرهاب، والتعرض المتكرر للحرج فالتعرض المتكرر لمواقف حرجة أو لحظات محرجة في الماضي يمكن أن يؤدي إلى تكوين أنماط سلوكية تدفع الفرد إلي الخوف”.
وأكمل: “والضغوط الاجتماعية وتوقعات المجتمع بالتصرف بطرق محددة قد تزيد من القلق والتوتر في المواقف الاجتماعية، والتفكير السلبي عند الفرد اعتقادات سلبية حول الذات والآخرين قد تلعب دورًا في تشجيع الرهاب الاجتماعي”.
وضمن التجارب الشخصية لدى البعض عن الرهاب الاجتماعي تقول “ر.م”: “لقد كان الرهاب تحديًا كبيرًا في حياتي، حيث كانت المواقف الاجتماعية تسبب لي قلقًا شديدًا، وبدأت التدريب التدريجي على مواجهة المواقف الاجتماعية استخدمت تقنيات التنفس للتحكم في التوتر، ومع مرور الوقت تحسنت قدرتي على التعامل مع التحديات المجتمعية”.
وذكر “م.ع”: “كان لدي رهاب اجتماعي يؤثر على حياتي اليومية، فبدأت بالبحث عن دعم اجتماعي، وتحقيق التواصل مع أفراد يشاركونني تجاربهم، وحاولت في التحديات الصغيرة كفرص للتعلم وتطوير مهاراتي الاجتماعية وكانت رحلة صعبة، ولكن مع الصبر والتفاني، شعرت بتحسن كبير في قدرتي على التعامل مع المواقف”.
وقالت “ن.ع”: “كانت الأنشطة الاجتماعية تسبب لي خوفًا شديدًا وكانت تجربة مرهقة، بدأت بتحديد أهداف يومية بسيطة وأكثرت من التحدي تدريجيًا، وكان لدي دعم كبير من عائلتي وأصدقائي، ولكن الآن أشعر بالثقة أكثر وأشارك بالتفاعل الاجتماعي بشكل أكبر”.
وأوضح علم النفس أن: “يؤثر الرهاب بشكل كبير على حياة الأفراد في العمل والعلاقات الاجتماعية بعدة طرق، ومن الممكن أن يؤدي القلق والتوتر في المواقف الاجتماعية إلى تأثير سلبي على أداء الفرد في العمل، خاصة فيما يتعلق بالتفاعل مع الزملاء والتحدث في الاجتماعات، وقد يكون الرهاب الاجتماعي عائقًا للتقدم المهني”.
وأضاف: “يمكن أن يعيق الرهاب الاجتماعي التواصل الفعَّال مع الزملاء والرؤساء، مما يؤثر على بناء علاقات إيجابية في بيئة العمل، وقد يتجنب الأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي المشاركة في الفعاليات في مكان العمل؛ مما يؤدي إلى الإنعزال، فقدان الفرص لبناء صداقات وعلاقات مهنية”.
وواصل بالإفادة إلى: “قد يزيد الرهاب الاجتماعي من مستويات التوتر والقلق، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية العامة والرفاهية العامة للفرد، ومن الممكن أن ينعكس الرهاب الاجتماعي أيضًا على العلاقات الشخصية خارج محيط العمل، حيث يمكن أن يكون التواصل الاجتماعي المحدود عائقًا في بناء والحفاظ على العلاقات الشخصية”.
وتمكن الأطباء النفسيين من تشخيص الرهاب الاجتماعي حيث يتطلب تقييم دقيق للأعراض والتحديات التي يواجهها الفرد في المواقف الاجتماعية فإن بعض أساليب التشخيص والتقييم تشمل: “المقابلات السريرية حيث يقوم محترفو الصحة النفسية بإجراء مقابلات فردية مع الشخص المشتبه بإصابته بالرهاب الاجتماعي لفهم تجاربه وتحدياته”.
وأضاف أنه من طرق التشخيص هى: “استخدام مقاييس الرهاب الاجتماعي، حيث هناك مقاييس معتمدة لتقييم مدى وجود الرهاب الاجتماعي، مثل مقياس القلق في المواقف الاجتماعية؛ حيث يُطلب من الفرد تقييم مدى قلقه في مجموعة من المواقف، ويمكن مراقبة سلوك الفرد لفهم كيف يتفاعل وكيف يتعامل مع التحديات الاجتماعية”.
وأكمل: “ويتم استبعاد الحالات الأخرى يتعين على المحترفين استبعاد حالات أخرى تشبه الرهاب الاجتماعي، مثل الإكتئاب أو القلق الاجتماعي العام، والتقييم الذاتي حيث يتم استخدام استبيانات ذاتية التقييم التي يملأها الفرد لفهم تجاربه وتصوراته حول التحديات الاجتماعية، ويعتمد اختيار الأسلوب على خبرة المحترف النفسي وحاجة الحالة الفردية”.
وتم اكتشاف العلاج وهو: “هناك عدة علاجات متاحة لمعالجة الرهاب الاجتماعي، ويمكن تكوين خطة علاجية فعالة تعتمد على حالة كل فرد، بعض العلاجات؛ حيث تشمل العلاج النفسي التحليل السلوكي يركز على تحديد وتغيير السلوكيات السلبية والأفكار الضارة المرتبطة بالرهاب الاجتماعي”.
وتواجد في الطب النفس: “العلاج بالتعرض التدريجي أي يتضمن تعريض الفرد تدريجيًا للمواقف الاجتماعية المخيفة بشكل يتزايد مع الوقت، مما يساعد في تقليل التوتر، وأيضًا العلاج بالأدوية يمكن استخدام بعض الأدوية المهدئة أو المضادة للاكتئاب للتخفيف من أعراض الرهاب الاجتماعي”.
وأيضًا ضمن العلاج: “التدريب على المهارات الاجتماعية حيث يتم تعلم مهارات التواصل الفعَّال وتحسين القدرة على التعامل مع المواقف الاجتماعية، وأيضًا الدعم النفسي والاجتماعي يشمل الحديث مع محترفي الصحة النفسية أو الإشتراك في مجموعات دعم اجتماعي”.
ولتحسين نوعية الحياة للأفراد المتأثرين: “يمكن تبني بعض الخطوات اليومية مثل ممارسة التدريب الذاتي تحسين الثقة بالنفس وتطوير مهارات التواصل، والحفاظ على نمط حياة صحي ونقوم بممارسة الرياضة والتغذية المتوازنة تسهم في الصحة النفسية، والتحلي بالإيجابية؛ حيث يتم التركيز على الجوانب الإيجابية وتحديد الأهداف الواقعية”.
ولنقل التعامل مع الرهاب الاجتماعي للأفضل: “يمكن للأفراد اتخاذ عدة استراتيجيات يومية ومنها ممارسة التعبير الإيجابي أي تحفيز النفس بالتحدث إيجابيًا عن الذات وتعزيز الصورة الإيجابية للنفس، وتحديد التحديات تدريجيًا فمحاولة تحديد المواقف الاجتماعية التي تشكل تحديًا والعمل على التغلب عليها بشكل تدريجي”.
وأيضًا: “تعلم التنفس العميق باستخدام تقنيات التنفس العميق لتهدئة الأعصاب وتخفيف التوتر في المواقف الاجتماعية، والتحضير للمواقف بالاستعداد المسبق لها من خلال التخطيط والتفكير في سيناريوهات مختلفة، والتركيز على الإنجازات بواسطة تسليط الضوء على الإنجازات الصغيرة وتعزيز الثقة بالنفس”.
وذلك بالإضافة إلى: “التواصل مع الآخرين بشكل تدريجي بالبدء بالتواصل مع الأشخاص بشكل تدريجي وتوسيع دائرة العلاقات الشخصية، والبحث عن دعم من خلال التحدث مع الأصدقاء أو الأفراد الموثوق بهم حول تحديات الرهاب، وتطوير مهارات التواصل بالاهتمام بتطوير مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين”.
وضمن التعامل مع الرهاب: “تحديد الأفكار السلبية بالعمل على تحديد وتغيير الأفكار السلبية المرتبطة بالمواقف، الاستمتاع باللحظة الحالية بالتركيز على اللحظة الحالية دون التفكير الزائد في التحديات المستقبلية، تجربة هذه الإستراتيجيات بانتظام يمكن أن تساعد في تحسين التعامل وتقوية القدرات الاجتماعية”.
ويمكن للرهاب الاجتماعي أن يؤدي إلى مشاكل نفسية أخرى ومن أمثلتها: “الاكتئاب حيث أن الأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي قد يجدون صعوبة في التكيف مع المواقف المجتمعية، مما يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب نتيجة للعزلة والضغوط النفسية، والقلق العام حيث يمكن أن يتطور القلق الاجتماعي إلى قلق عام”.
وأضاف: “أن انخراط في السلوكيات التجنبية يمكن للأفراد الذين يعانون من رهبة المجتمع تجنب المواقف الاجتماعية، مما يؤدي إلى انعزالهم وتقليل فرص التفاعل الاجتماعي، والتأثير على العلاقات الشخصية قد يكون أيضًا له تأثير على العلاقات الشخصية، حيث يصبح التواصل الاجتماعي أكثر تعقيدًا”.
وأكمل: “وتأثير على الأداء الوظيفي في بعض الحالات، قد يؤثر الرهاب الاجتماعي على الأداء الوظيفي والتقدم المهني، تترابط هذه المشاكل معًا، وقد يكون العلاج الفعَّال للرهاب يشمل التعامل مع هذه الآثار النفسية الإضافية لتحسين الصحة النفسية العامة للفرد”.
ويمكن للأصدقاء والعائلة أن يقدموا الدعم الذي يحتاجه الأفراد الذين يعانون من الرهاب بطرق عديدة منها: “التفهم والصدق فإن فهم تحديات الشخص وتقدير الجهد الذي يبذله بذلك يتغلب على الخوف من المجتمع، والتشجيع على التحدث دعم الفرد للتحدث عن مشاعره، ومخوفاته دون الحكم أو التقليل من أهميتها”.
ويستطيع دعم الأصدقاء والعائلة: “توفير الفرص للتدريب، بتوفير فرص للتدريب التدريجي في المواقف الاجتماعية يمكن أن يساعد في تحسين الثقة بالنفس، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية معهم من خلال دعوة الفرد للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية وتقديم الدعم خلالها، وفهم أهمية الاستراحة بعد تجارب اجتماعية صعبة وتقديم الدعم في هذه اللحظات”.
ويقدم ضمن الدعم: “تشجيع على البحث عن مساعدة احترافية، بتقديم الدعم في البحث عن مساعدة من محترفي الصحة النفسية إذا كان ذلك ضروريًا، والتحفيز للتقديم للمساعدة الطبية في حالة الحاجة، تشجيع الفرد على متابعة العلاج الطبي لتحسين التعامل مع الرهاب الاجتماعي، وتشجيع الحديث بشكل إيجابي حول القدرات والإنجازات الشخصية بدلًا من التركيز على الصعوبات”.