تقرير – وفاء العسكري
بداخل وطننا العربي يوجد ثلاثة جبالٍ تُسمّى بـ “جبل الدخّان”، وكل واحد منهم في بلد مختلف، إذ وجدت أحد هذه الجبال يقع في مصر والآخر في السعودية، وأما الجبل الثالث فهو في مملكة البحرين، وجميعهم بذات الاسم.
إذ يعتبر جبل الدخان هو أحد السلاسل الجبلية المنتشرة حول العالم، والتي يتجه إليها السياح للاستمتاع بالمناظر الطبيعية من فوق هذا الجبل، فهى واحدة من أشهر الجبال المنتشرة في العديد من الدول العربية ومنتشرة بشكل كبير.
حيث اعتبرها العلماء من أنجح المعالم الأثرية المنتشرة حول العالم، وتكرر اسم جبل الدخان في عدد من الدول العربية والأجنبية، منها بلاد الشام والسعوية وغيرهم، مما يجعل الكثيرون يتسائلون عن تواجد جبل الدخان.
ولكن لابد من وجود سبب لذلك الاسم، فتتارجح الكثير من الروايات على سبب التسميه، أنه يعود إلى خروج دخان من فوهة الجبل في موعد معين في كل عام خاصة بالصيف، اي عند ارتفاع درجات الحرارة أو ببسب طبيعة الرملية للجبل، والصخور النارية التي تتكون منها تربة هذا الجبل.
وتُعد هى السبب الرئيسي في التسميه، وقد قيل إن سبب خروج الدخان، يرجع ذلك إلى إرتفاع وصعود الهواء، إلى الطبقات التي تنتمي إلى الغلاف الجوي العلوي، داخل الغلاف الجوي للأرض، وهذا ما يجعل الدخان يتصاعد بشكل ملحوظ، في نفس الوقت من كل عام.
وتعتبر منطقة جبل الدخان بمدينة الغردقة في محافظة البحر الأحمر بمصر، واحدة من المناطق الأثرية، والتي يعود تاريخها للقرن الثالث الميلادي في عصر الامبراطور الروماني “دقلديانوس”، وهى تقع في شمال غرب مدينة الغردقة بمسافة 65 كيلو متر.
إذ تضم المحافظة مجموعة من المناطق الاثرية المختلفة، والتي ترجع للعصور الفرعونية والإسلامية والرومانية وغيرها، من بين تلك المناطق الاثرية المعروفة بالبحر الأحمر منطقة جبل الدخان الرومانية، وتحتوي على بقايا معبد صغير ومدينة للعمال ومقابر، كما أنها غنية بأنواع متعددة من النباتات الطبية، والحيوانات والطيور النادرة.
حيث كان يستخدم الرومانيين المنطقة كمحجر لاستخراج حجر السماق الإمبراطوري البنفسجي اللون، وأقام الرومان مدينة للعمال لقطع الحجر، وتصديره عن طريق ميناء صغير يسمى “حصن أبو شعر”، ويضم مدنًا وقلاعًا رومانية، ومناجم ذهب وعيون مياه عذبة وأشجارًا للتين، والنخيل وكهوفًا قبطية.
بالإضافة إلى 11 نقطة تفتيش قديمة كانت تشرف على تأمين الطريق القديم الواصل بين البحر الأحمر والصعيد، إذ نظمت إدارة السياحة بالمحافظة بمشاركة نقابة المرشدين السياحيين، رحلة استكشافية لمنطقة جبل الدخان وبئر بديع، لإعادة اكتشافها، وشارك بالرحلة الاستكشافية مدير مكتب آثار البحر الأحمر الفرعونية التابعة لوزراة الآثار.
إلى جانب مندوب الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، ونقيب المرشدين السياحيين، وعدد من المرشدين السياحيين لكبرى الشركات السياحية، والذين أجمعوا على أن المنطقة تعتبر مقصدًا سياحيًا مميزًا، ويمكن عمل برامج للسفاري لها يساهم في جذب السائحين وزيادة الدخل القومي.
وأكد المشاركين في الرحلة أن المنطقة يتطلب إحيائها بعملية ترميم للمعبد الروماني، عن طريق بعثة من وزارة الآثار وعمل الدراسات اللازمة، لتجهيزها لاستقبال السائحين، وإدراجها ضمن رحلات الشركات السياحية كمقصد سياحي تاريخي بالبحر الأحمر.
ننتقل للدولة العربية التالية وهى المملكة العربية السعودية، حيث يقع جبل الدخان في المحافظة التابعة لمنطقة جازان، والواقعة في القسم الجنوبي الغربيّ من المملكة، والتي تُعرف بمحافظة الحرث وتحديدًا إلى الجهة الجنوبية من بلدة الخوبة، ويبعد ما يقارب المئة كيلو مترٍ عن جازان المدينة.
ويكون على مسار المنطقة الحدوديّة بين المملكة السعوديّة وجمهوريّة اليمن، ونجده يقع إلى الجنوب الشرقي منها، وتُحيط بهذا الجبل عدّة قرى وبلدات من مختلف إتجاهاته، ويحده “وادي حمران” من الجهة الشمالية، و”وادي ليه” من الجهة الجنوبيّة، أمّا البحر الأحمر فيقع في الجهة الغربيّة منه.
ونجد من الجهة الشرقيّة جبل الدود، حيث تُقدر مساحة جبل الدخان بأربعة عشر كيلو مترًا مربعًا، أما ارتفاعه فإنّه يصل إلى خمسمئة مترًا عن مستوى سطح البحر، ليرتفع قرابة 250 مترًا عن كل ما يحيط به، ليشكّل معه “جبل الرميح”، الذي يقع إلى الجنوب منه، وهو منطقة جبليّة واقعة في أراضي المملكة العربيّة السعوديّة.
ويعتبر الجبل الواقع في منطقة جازان جنوب السعودية، من الجبال الاستراتيجية التي تتمركز بها القوات السعودية المشتركة، كونه يطل على المحافظات الشمالية اليمنية، زالتي تتجمع بها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وفي حرب الحوثيين الأولى في 2009، ادعى الحوثيون استيلاءهم على الجبل رغم تصدي القوات السعودية لهم.
وتكبد الحوثيون خسائر كبيرة من آليات وقتلى لميليشياتِ الحوثي، عندما حاولوا الاستيلاءَ على جبل دخان السّعودي في منطقةِ جازان، والمطل على المحافظات الحدودية السعودية اليمنية، حيث خرق الحوثيون الحرم الحدودي، واقتربوا من الحد الجنوبي السّعودي باتـّجاه الجبل، إلا أنهم واجهوا حماية حدودية لم يتوقعوها.
فكان حرس الحدود في مواجهتهم، ما دفع بعضهم إلى الانسحاب فيما بادر البعض الآخر بإطلاق النار، ومنذ ذلك الوقت أمنت السعودية لمواطنيها الذين يعيشون في القرى الحدودية، مساكن بعيدة عن الحدود، وانتقلت بعدها إلى تنفيذ الخطة الثانية بشن غارات جوية.
إلى جانب تعزيز بري من جيشها على سلسلةِ جبل دُخان، إضافة إلى تنفيذ العمليات العسكريةِ منه باتجاه ميليشيات الحوثي في المحافظاتِ الشّمالية لليمن حيث يقطنون، والآن تقف القوات السعودية المشتركة حاجزًا على الحد الجنوبي، بإمكانيات عالية، تمكن جنودها من التعاملِ مع أي محاولة اعتداء.
أما جبل الدخان في البحرين وهو عبارة عن تلٍّ يقع في المحافظة الجنوبيّة من المملكة، أمّا ارتفاعه عن مستوى سطح البحر فإنّه يبلغ مئة وأربعة وثلاثين مترًا ويُعتبر هذا الجبل هو النقطة الأعلى في مملكة البحرين، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الضباب الكثيف الذي يحيط به خلال الأيّام ذات الرطوبة.
كما يلاحظ انتشار الكهوف الكثيرة بالقرب من هذا الجبل، فجبل الدخان وبرغم أنه تلًا إلا أنه أعلى نقطة لطبيعة سطح البحرين السهلي فأعطوه اسم جبل، ويقع الجبل وسط جزيرة المنامة جنوبي منطقة الصخير، ويبلغ ارتفاعه 134 مترًا على سطح مستوى البحر.
وفي الثلث الأعلى منه غار على شكل حجرتين، واحدة في داخل الأخرى، وهو متسع وعرضه ثمانية أذرع، وطوله نحو 25 ذراعًا، وارتفاع سقفه نحو ثمانية أذرع، وفي أعلى الجبل من جهة الغرب، وبرج قديم تهدم ولم يبقَ منه سوى أساسه المحكم البناء، وفي هذه المنطقة آثار موغلة في القدم.
حيث ترجع هذه الآثار إلى العصر الحجريؤ وفيها أيضًا تفجر أول بئر للنفط في البحرين العام 1932، ويعود سبب تسمية الجبل بـ”جبل الدخان”، نظرًا لأن فوقه آبار نفط وغازًا طبيعيًا، بالإضافة إلى الهالة الضبابية التي تحيط عادًة برأس الجبل في الأيام ذات الرطوبة العالية.
ويعتبر الجبل في البحرين من أبرز المعالم السياحية الطبيعية في الصخير البحرين، والذي يرتاده الكثير من المواطنين والمقيمين ويرتاده مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي، والاجانب من خارج المملكة، ويتميز هذا الجبل ببرودته المنعشة في فصل الصيف وهو مقصد سياحي.
ويقصده الكثير من السياح، ويقع حوله عدد من الكهوف الغنية بالبنزين والغاز الطبيعي، كما يحتل الموقع أهمية تاريخية بسبب القطع الأثرية المكتشفة، والتي يعود تاريخها إلى 5 آلاف عامًا قبل الميلاد.