تقرير – سوزان الجمال
تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي، أنباء عن كسوف كلي للشمس، وجاء في المنشورات المتداولة على نطاق واسع في الأيام الماضية، “كسوف نادر شمسي يستغرق ثلاثة أيام، تغرق فيه الأرض في ظلام دامس”، بالإضافة إلى أن الكسوف “سيحول النهار إلى ليل”، وأن العالم كله سيشاهد الكسوف في “هذا اليوم التاريخي”.
وحصدت هذه المنشورات آلاف المشاركات والتفاعلات على مواقع التواصل بلغات عدة حول العالم، وينتظر الهواة والعلماء هذا الحدث باعتبار أن الكسوف الكلي للشمس لايتكرر دائما، مما يتيح لهم الفرصة لمزيد من التعمق في دراسة الغلاف الشمسي والغلاف الجوي لكوكب الأرض، إضافة إلى دراسة تأثير هذه الظاهرة الكونية على سلوك بعض الحيوانات والطيور والحشرات.
فالكسوف سيشاهد في أميركيا الشمالية، مروراً بالمكسيك والولايات المتحدة وكندا فقط، وفقاً لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، ويتناقض ذلك مع ما توحي به المنشورات من أن الظلام سيعم كل كوكب الأرض بسبب الكسوف، ومن جهة أخري، لن يتحول النهار إلى ليل مثلما أدعت المنشورات، بحسب العلماء.
ويقول روبرت سيمكو، مدير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والفيزياء الفلكية وأبحاث الفضاء، “السماء لن تتحول إلى اللون الأسود”، مضيفاً في تصريح لخدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس “سيحجب القمر قرص الشمس أثناء الكسوف، لكن الضوء لن يختفي تماماً، سيكون الحال أشبه بلحظة غروب في وسط النهار”.
وفيما قالت المنشورات إن الكسوف سيستغرق ثلاثة أيام أو خمسة، قالت وكالة “ناسا” إن المدة الأقصي للكسوف ستكون أربعة دقائق و28 ثانية، وسيكون ذلك تحديداً في توريون في المكسيك.
ونفى الخبراء صحة التحذيرات المتداولة، عن ضرورة البقاء في البيوت أو عدم السفر، وفي المقابل يحذر العلماء من خطورة النظر إلى الشمس مباشرة، من دون إستخدام عدسات أو مناظير خاصة.
فقد عمد الإنسان منذ هبوطه من الجنة، إلى استعمار الأرض بالأسباب التي ورثها بفطرتة أو التي اكتسبها بخبرتة، وحاول جاهداً إيجاد تفسير معقول ومقبول لكثير من الظواهر الكونية، فاختلفت منه الآراء تبعاً لإختلاف عقائد الناس وأهوائهم، ولم يكن العرب في هذا المجال أقل حظاً من غيرهم.
ولكن فسروا هذه الظواهر وجعلوا منها علامة لولادة عظيم، أو موته وامتدت هذه التفسيرات الموروثة إلى ما بعد البعثة النبوية حتى قطع النبي صلى الله عليه وسلم الربط بينها، بل ربط كل ظاهرة بسببها الكوني، وحث الناس على فعل ما يجب فعله، وقول ما يجب قوله، عند مشاهدة أي ظاهرة من هذه الظواهر.
ويكون هواة الفلك على موعد خلال شهر إبريل مع حدث فلكي نادر لن يتكرر إلا بعد 20 عاماً، حيث تشهد الكرة الأرضية كسوف كلي للشمس يوم الإثنين الموافق 8 من إبريل 2024 م، ويتفق توقيت وسطه مع اقتران شهر شوال لعام 1445 هـ، وهو أول كسوف شمس في 2024.
ويمكن رؤيته ككسوف كلي في المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ويمكن رؤيته ككسوف جزئي في غرب أوربا وأمريكا الشمالية وشمال أمريكا الجنوبية والمحيط الأطلنطي والقارة القطبية الشمالية، ولا يمكن رؤيته في مصر، وسوف يستغرق الكسوف منذ بدايتة وحتى نهايتة مدة قدرها 5 ساعات 10 دقائق تقريباً.
وعند ذروة الكسوف الكلي يغطي قرص القمر حوالي 105.7% من كامل قرص الشمس، و يغطي الكسوف الكلي مساحة عرضها 197.5 كم وسوف يستغرق مدة قدرها 4 دقائق و28 ثانية، ويحدث الكسوف الشمسي في وضع الاقتران أو الإجتماع أي أن حدوث الكسوف الشمسي يشير بقرب ولادة الهلال الجديد، ويعتبر مركز الكسوف هو موعد ميلاد القمر الجديد.
وفي الثامنة من إبريل 2024، سيكون كسوف الشمس كلياً مرئياً وسيحول النهار إلى ليل، ستنخفض درجة الحرارة، وسيحول الظلام أشعة الشمس إلى ليل، لن نري كسوف كامل للشمس مثل هذا لمدة 375 عامًا.
والظاهرة آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده، فهذا ما قاله وأمر به صلى الله عليه وسلم رداً على قول بعض الناس، لما كسفت الشمس يوم مات إبراهيم إبن النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: “إنها كسفت لموته، فبين أن حكمة ذلك تخويف العباد، كما يخوفهم تعالى بسائر الآيات كالريح الشديدة والزلازل والبراكين ونحو ذلك والله أعلم”، وقال تعالي: “وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا”.
كما بدأت منطقة نياغارا الكندية، بإعلان حالة الطوارئ قبل كسوف كلي نادر للشمس يتوقع أن يحدث في الثامنة من إبريل، وأن يستقطب جموعاً كبيرة عند منطقة الشلالات الشهيرة وحولها، وذكرت المنطقة في بيان أن الحاكم جيم برادلي، أعلن حالة الطوارئ “بدافع الإمعان في توخي الحذر”.
وجاء في بيان صحفي لمنطقة نياغارا: “إعلان حالة الطوارئ، يعزز الأدوات التي تملكها المنطقة للحفاظ على صحة السكان والزوار وسلامتهم وحماية بنيتنا التحتية الحيوية، من أي احتمالات قد تحدث”.
ويمر الكسوف من فوق الشلالات الخلابة الواقعة على الحدود الكندية الأميركية، ويتوافد كثيرون على الفنادق والنُزُل المتوفرة، للإيجار قبل حدوث الظاهرة ليشهدوها عند إحدى عجائب الطبيعة في أمريكا الشمالية، وتوقع جيم ديوداتي، حاكم مدينة نياغارا فولز، في مقاطعة أونتاريو الكندية أن يكون هذا “أكبر جمهور نشهده، وبفارق كبير” في الجانب الكندي لمشاهدة الكسوف.
وقدر ديوداتي، أن ما يصل إلى نحو مليون شخص سيحضرون، مقارنة مع 14 مليون شخص يزرون المنطقة عادة على مدار عام كامل، وستعدّل المنطقة أيضاً بعض برامجها وخدماتها، وستغلق بعض المرافق لتبعد حركة السير عن الطرق في الثامن من إبريل.
أعلن الدكتور جاد القاضي، أمين الرابطة العربية للفلك وعلوم الفضاء، الرئيس السابق للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، حدوث كسوف كلي للشمس فى 8 أبريل 2024 ولن يرب في مصر ولا في أي دولة عربية.
وقال القاضي، بحسب بيان، إن هذا الكسوف يرى جزئيًا في غرب أوروبا، المحيط الأطلنطي، أمريكا الشمالية، شمال أمريكا الجنوبية، المحيط الهادي، بينما يكون كسوفا كليًا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
أكد الدكتور ياسر عبدالهادي، الأستاذ بمعمل أبحاث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أنه لا داعي للضجة المثارة على صفحات التواصل الإجتماعي عن كسوف الشمس الكلي، الذي سيحدث يوم 8 أبريل المقبل.
وكشف عبد الهادي، عن تفاصيل كسوف الشمس الأول لعام 2024، والذي لن تتم رؤيته في مصر والمنطقة العربية، ويتفق توقيت وسطه مع اقتران شهر شوال للعام الهجري الحالي 1441.
أوضح الأستاذ بمعمل أبحاث الشمس، أن الكسوفات الشمسية ظواهر طبيعية تحدث سنوياً، وفيها يتحول النهار إلى ليل لمدة دقائق، بسبب حجب القمر لقرص الشمس.
وقال عبد الهادي، إنه في عام 2006 حدث في مصر كسوف شمسي كلي في مدينة السلوم، تابعة جميع المتخصصين وهواة الفلك من جميع أنحاء العالم، ومن المقرر أن يحدث كسوف كلي للشمس يوم 2 أغسطس عام 2027 في مدينة الأقصر.
أشار الدكتور ياسر عبدالهادي، إلى أن هذا الكسوف الكلي سيستغرق منذ بدايته وحتى نهايته مدة قدرها خمس ساعات و 10 دقائق تقريباً، وعند ذروة الكسوف الكلي سيغطي قرص القمر حوالي 710.5 % من كامل قرص الشمس، ويغطي الكسوف مساحة عرضها 5. 197 كم وسوف يستغرق مدة قدرها 4 دقائق و28 ثانية.
وكشف عبد الهادي، عن المناطق التي ستتمكن من رؤيته، حيث سيتم مشاهدته ككسوف كلي في المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، فيما سيمكن رؤيته ككسوف جزئي في غرب أوروبا، أمريكا الشمالية، شمال أمريكا الجنوبية، المحيط الباسفيكي، المحيط الأطلنطي والقارة القطبية الشمالية.
أوضح الدكتور أشرف تادرس أستاذ الفلك بالمعهد، أن كسوف الشمس هو وقوع ظل القمر على الأرض ويحدث نهاراً، وكسوف الشمس سواء “كلي أو جزئي أو حلقي” لا يحدث أبدا إلا إذا كان القمر محاقاً، أي عندما يكون القمر بين الشمس والأرض ليسقط ظل القمر على الأرض.
أكد تادرس، أنه يمكن الإستفادة من ظاهرتي الكسوف الشمسي والخسوف القمري، للتأكد من بدايات ونهايات الأشهر القمرية أو الهجرية، حيث أن الظواهر تعكس بوضوح حركة القمر حول الأرض وحركة الأرض حول الشمس.