تحقيق – شهد الشرقاوي
تتعلق بشخص تعلق شديد حتى إن كان قاسي عليك، أو يظلمك أو ينتهكك، ورغم ذلك لا تريد فقدانه، وتشعر أن حياتك من دونه فارغه، أو يسكنك قلق عليه بحجم قلق من فقدان شخص بموته مثلًا، وهذا ما يسمونه علماء النفس “فوبيا الفقد” وتجعل الشخص دائم الخوف والتوتر لتفكيره الزائد في الأمر.
فقد يكون رهاب فقدان الأشخاص الذين نحبهم أمرًا مضيفا على الرغم من المعرفة والإدراك بأننا سوف نفقد الأشخاص في حياتها، وأنهم لن يبقوا بها للأبد، إذًا فما هو فوبيا الفقد هذا ما نعرفه خلال تحقيقنا هذا.
فوبيا الفقد هي الخوف المرضي الشديد نتيجة التعلق الزائد بشخص معين يشكل جزءًا هامًا في حياتنا واعتباره مصدر الأمان والاستقرار، أو من الممكن أن يكون مصدر تهديد ولكن لا تستطيع الاستغناء عنه، مثل الأحياء أو الأصدقك، وأفراد العائلة، وعائلا ما يكون الخوف بسبب عدم اليقين أو الثقة بأن هذا الشخص سوف يبقى على المدى البعيد.
قالت “كنزي أحمد”: “أنا متعلقة جدًا بوالدي وعند صغري كنت أخاف الذهاب للمدرسة خوفًا أن يحدث لهما شيئًا، وأفقدهما وأنا لست موجوده، كنت أفضل أن أفضل معهم حتى إن حدث لهم شئ يحدث ليا معهم ولا يتركوني وحدي، وإلى الآن ما زلت أخاف أن أفقدهم، فأنا لا أتخيل حياتي بدونهم إطلاقًا”.
وأضاف “أحمد محمد”: “أنا بحب أصحابي جدًا، ولكن هناك واحد من بينهم أحبه كثيرًا، فنحن أصحاب من 12 عام، ومازلنا أصحاب فنحن نفعل كل شئ معانًا، فأنا أكون شديد الحزن عندما يسافر إلى أحد أقاربه، وأكون قلق جدًا عليه وأظل اتحدث معاه كي أطمن أنه بخير، وعند عودة أطمن وأرجع سعيدًا ثانيا، أتمنى أن لا أفقده يومًا”.
وتحدث “إيناس” عن تجربتها المريرة مع زوجها الذي كانت تخاف من فقدانه لذا كانت تتحمل كل وسائل التعذيب والإهانة، وتبقى صاغرة لا تشتكي ولا تقاوم لمجرد أنها تخاف أن يتركها لأنها تحبه وتعتبره إنسانا طيبا.
وتابعت: “قبل الزواج كنت معجبة بشخصية زوجي ووسامته فهو كان صاحب أخي وكنت أشاهده دائمًا، ومجرد أن تقدم لخطبتي طرت من الفرح وفي الخطوبة كان انسانا حنونًا طيبًا لا يرفض لي طلباء وهذا الأمر زاد من تعلقي به”.
وأكملت “إيناس”: “بعد الزواج تحول إلى وحش، ضرب وإهانة وشتائم تطالني وتطال أهلي أيضًا، وبسبب تعلقي به وخوفي من فقدانه تحملت ولم أشتك يوما لوالدي لكنه استقل استكانتي وضعفي ليمعن في ايذائي إلا أني بعد عشر سنوات لم أستطع التحمل وطلبت الطلاق”.
وأشارت “بسمة محسن”: “كنت أُحب أحدًا ما وتعلقت بيه جدًا، وكنت أخاف فقدانه فكنت أتحمل منه إهانته ليا وعدم تقدريه ليا وعدم إحترامي أو احترام مشاعري، وكنت أفكر في البعد عنه ولكن مجرد التفكير في فقدانه كنت أتعب كثيرًا وأحزن أضعاف حزني من معاملة معي، ودائمًا عندي ظن أن يتغير، فأنه يتغير أحيانًا، وأحيانًا أخرى يرجع مثل ما كان، ورغم ذلك أخاف أن أفقده يومًا”.
أما “رانيا” فأضافت غياب الأمان والاستقرار الأسري في عائلتها، جعلها تبحث عن صديقة خارج عائلتها لتكون مصدر الأمان والحب بالنسبة لها، فتعرفت على “علا” والتي جذبتها خفة دمها وتفقدها والسؤال الدائم عنها.
فقالت “رانيا”: “جمعنا تخصص واحد في الجامعة أنا وعلا لذا كان فرصة البقاء معها خلال التواجد في الجامعة، ووصل بي الأمر اذا تعارضت محاضراتي مع وقت فراغها أترك محاضراتي من أجل الجلوس معها، كما أنني كنت أحزن حينما يأتي موعد مغادرتها الجامعة وكنت أتمنى الا ينتهي اليوم معها”.
وأكملت: “حبي لها لم يكن متبادلاً بل كانت تعتبرني مجرد زميلة فكانت تتعمد الاستهزاء مني وتوجيه كلام جارح لي، ومع ذلك كنت أحزن بيني وبين نفسي ولا ابين لها حتى لا أفقدها وكنت أفعل المستحيل من أجل ارضائها”.
وتابعت “رانيا”: “بعد التخرج من الجامعة وحصولي على وظيفة شغلت وقتي وصقلت شخصيتي قررت حينها التوقف عن الاستمرار معها، ورويدا رويدا ابتعدت رغم الآلام النفسية التي شعرت بها كأن روحا انتزعت مني. ولكن في النهاية نفذت قراري وتملكتني بعدها راحة نفسية كبيرة”.
قالت أحد الأخصائية النفسية إن فوبيا الفقد تأتي نتيجة التعرض لخيرات صادمة في الحياة على اختلاف الشخص المفقود قريب أو حتى صديق، فيتعرض الإنسان على إثرها لهزة نفسية شديدة، وتخوفات من فقد عنصر الأمان.
وأوضحت أن الظروف المحيطة للمصاب بالفوبيا، وخوفه من فقدان الشخص الذي يتكفل بتوفير متطلبات المعيشة له قد تكون أحد أسباب الخوف من الفقدان.
وذكرت الأخصائية النفسية أن من أعراض الفوبيا وآثارها على الشخص المصاب، سلوك مرضي يفوق حد التعلق الطبيعي يصاب على إثرها المصاب بحالة رهبة وخوف شديدين وتنتج عنها آثار عديدة مثل الانفعال المبالغ في الحرص على هذا الشخص، ومحاولة التعلق الشديد واختلاق الفرص المواتية للبقاء بالقرب منهم، وانتهاك خصوصية الشخص من شدة حرصه المبالغ فيه.
ولفتت إلى أن الإصابة بالخوف الشديد من الفقد تسبب مشكلة اجتماعية وهي التزام المصاب بالشخص المتعلق به، وتعمل على تهميش العلاقات الاجتماعية الأخرى وهذا خطأ فادح، لذا فإن الحل يكمن في التوازن مع جميع الأطراف ووضع الحدود المناسبة.
وأضافت أيضًا إلى أن فوبيا الفقد هي أحد “ميكانيزمات آليات الدفاع النفسي” للتعويض عن خبرة شعورية صادمة لذا يتعلق المريض بشخص بعينه ويجعله جل اهتمامه، ويصير لديه “التوحد مع الشخص الآخر” سواء يمثل في حياته شخصية ايجابية أو سلبية.
وأشارت الأخصائية النفسية إلى أن المريض يصاب بهزة نفسية عنيفة بسبب خوفه من فقدان الأمان، حتى وإن كان الشخص معنفا ولكن لا يستطيع الاستغناء عنه كالزوج أو الأم أو الأب مثلاً.
وأجمتع بعض المتخصصين أيضًا أن من أسباب رهاب فقدان الأشخاص يعتقد أن الأمور التالية هي أسباب الخوف من فقدان: الطلاق أي انفصال الوالدين في سن مبكرة الذي أدى للنشوء في منزل موضوي فقدان الأحياء، وفاة أحد الأقارب أو وفاتهم مثل الأم أو الأب أو الجدة، الخوف من الخسارة، قد يكون الخوف من الخسارة سلوكا مكتسبا من أحد الوالدين إذا كان يعاني منه.
بالإضافة إلى الحرب تجربة العرش في الحرب، والشعور بخطر فقدان أحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء أو الممتلكات، أو المرض حيث أن إصابة أحد المقربين في مرض خطير يهدد حياته يمكن أن يزيد من مخاطر الإصفية في قونيا الفقد، أو أيضًا الخيانة التعرض للخيانة من الشريك مع شخص آخر، أو من أحد الأصدقاء القدامي عند الحاجة لهم.
وممكن أن تكون من ضمن أسباب هذه الفوبيا هي سوء المعاملة تلقي معاملة سيئة في الطفولة من مقدمي الرعاية أو أحد الوالدين، أو العدام الشعور بالأمان، بسبب عدم الشعور بالأمان الكافي من الوالدين كما يجب في مراحل الطفولة.
مضيفًا الفلق المفرط وهو قلق الوالدين المفرط حول رفاهية الشخص في طفولته، التنمر التعرض الشعر في مرحلة الطفولة الذي أدى الشعور في عدم الاستمرار، الأمراض النفسية الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتتاب.
حيث أن التعامل مع رهاب فقدان الأشخاص هناك بعض النصائح التي تساعد في التعامل مع فوبيا الفقد ومنها: الاطمئنان الخوف من فقدان الأشخاص أمر طبيعي تماما وهو شيء يشعر به جميع الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم وحتى لو فقد الشخص أشخاص آخرين من حياته يمكنه تجاوز ذلك ولا داعي للقلق الكثير.
قضاء بعض الوقت الخاص احب على كل شخص أن يحظى بوقت لنفسه يفعل به الأشياء التي يستمتع بها ويسترجي، وهذا الوقت سوف يعزز الطاقة الإيجابية عند الشخص بشكل كبير، ويزيد من ثقته في التعامل مع رهاب فقدان الأشخاص.
التركيز على الأمور التي يمكن التحكم بها من طرق التعامل مع رهاب فقدان الأشخاص هي التركيز على الأمور التي يمكن التحكم بها أو تغييرها ويمكن التمسك بالأشخاص وحمايتهم من الإصابة بالأمراض أو المخاطر بشكل عام، والتوقف عن التفكير فقط في عدم خسارة الأشخاص.
بالإضافة إلى الصبر لن يكون التعامل مع رهاب فقدان الأشخاص سهلاً وسوف يحتاج الشخص الكثير من الوقت حتى يتمكن من التخلص من الأفكار التي تتعلق في فقدان الأشخاص، ولكن ذلك ليس مستحيلاً، ومع القليل من الجهد والمحاولات سوف يصبح ذلك سهلاً.
وكتابة اليوميات تساعد كتابة اليوميات على تحديد الأمور التي يمكن التحكم بها أو الأمور الخارجة عن سيطرة الشخص وذلك من خلال كتابة الأمور التي يخاف منها الشخص بعد حدوثها، وتحديد إذا ما كان هناك شيء كان بإمكانه فعله لمنعها أو لا.
وعلاج الفوبيا شددت الأخصائية النفسية على أن علاج “فوبيا الفقد” يبدأ من تملك المريض الإرادة للتخلص من المشكلة، ويستخدم في العلاج أساليب العلاج “المعرفي السلوكي” والخضوع لتعديل الأفكار والمشاعر السلبية والسلوكيات كالاتصال الدائم، التفقد الدائم، والالتزام بالجلوس معه، وإحلال الأفكار والمشاعر والسلوكيات الايجابية.
ونبهت إلى أن التوازن في علاقتنا الاجتماعية وإعطاء كل ذي حق حقه من خطوات العلاج أيضاً، وكذلك توفير البيئة الآمنة للإنسان التي تحفظ كينونته الشخصية الإنزال الناس منازلهم، والتبصر بالذات فقد يرتكب سلوكيات خاطئة تؤدي إلى تهديد حياة الشخص الآخر بدافع الحب والتعلق بسبب المبالغة في المشاعر.
وأكدت الأخصائية النفسية على ضرورة الاستعانة بأصحاب الاختصاص والخبرة للعمل على حل هذه المشكلة، مع انتقاء الأشخاص الموثوقين والتحدث إليهم لإيجاد حلول وسطية لما يمر به من مخاوف.
ما الفرق بين رهاب فقدان الأشخاص ورهاب الموت فونيا الفقد تدور حول الخوف من فقدان الأشخاص، بينما رهاب الموت يعني الخوف الشديد من الموت أو موت شخص آخر من المقرس، ويكون الخوف قويًا الدرجة أنه قد يسبب نوبة هلع ومن أعراض رهاب الموت الخوف من مواجهة الموت أو أي موقف يتعلق بالموت مثل الجنازات.
تجنب مواضيع الموت في الكتب، والأفلام، ومواقف الحياة الواقعية مواجهة أعراض نوبة الهلع مثل ألم في الصدر، وضيق في النفس، وزيادة ضربات القلب.
يحتاج رهاب فقدان الأشخاص من المشكلات النفسية التي تحتاج إلى علاج لكن في بعض الأحيان لا يرغب الشخص بالخروج للمشاركة في الجلسات العلاجية، لذلك يرى الأخصائيون النفسيون في عرب ثيرابي أن الحل لهذه الحالة هو اللجوء إلى العلاج.