بقلم دكتور ياسر عبدالرحيم السويدي
كانت دقات قلبها تتسارع اضعاف خطواتها اللاهثة، وهي تهبط درج السلم من الدور العاشر بتلك البناية الشاهقة، بعدما تلقت اتصالا هاتفيا اثناء حضورها اجتماع هام مع بعض رجال الاعمال المتعاملين مع الشركة،قفزت من علي كرسيها فجأة وانطلقت، لم تفكر حتي في استخدام المصعد ،كل همها كان ان ترى بعينيها ما سمعته وتتاكد منه ، الافكار تتضارب برأسها وكأن عجلة الوقت تتسارع للخلف اضعاف سرعة خطواتها للامام ،جال بخاطرها ذكرياتهما ،كيف التقيا اول مرة ، تذكرت عندما تعثرت وهي خارجة من المحاضرة ففوجئت بذراعيه تتلقفها قبل السقوط علي الارض ،تذكرت تلك النظره الحانية من عينيه ،وكيف من وقتها سلب فؤادها سلبا ،رغم فارق السن الكبير بينهما، صار هو من وقتها كل شيء لها في هذه الحياة ،وصارت هي له كل شيء ،وظنت الن تفرق بينهما الايام ابدا ،او كما كانت تعتقد ، تذكرت ميلاد ابنهما الاول ، وكيف كان حالها عند سماعها نبأ تعرضه لحادث وهو يأتي مهرولا الي المستشفي،هي وحدها في غرفة العمليات وهو وحده يصارع الموت، وخرج فاقد علي اثرها ساعده الأيسر ،لم تتخلي عنه وقتها فكيف يفعل هو ذلك.
الان!! كيف ؟تذكرت عشر سنوات حملت كل احلامهما سويا ، كان لها الزوج والصديق والاخ ، تذكرت الفرح والضيق، وتحمل صعاب الحياة ، ومواجهتما لها كتفا بكتف ، كانا لبعضهما سندا وملاذا.
الذكريات تجول بخاطرها يصارعها سؤال يدق علي رأسها ،كيف يفعل ذلك ،كيف يتحول كل هذا الحب الي نكران، وخيانة، وخذلان .كيف يتخلي عنها وهما في منتصف الطريق، وهي في أوج تألقها وتفوقها ،كيف وهو الذى سعي بكل طاقته ليضمها للعمل معه في هذه الشركة ،وساندها، ودعمها ،حتي صارت مديرة للقسم التي بدأت اولي مسيرتها العملية به ، كيف يفعل ذلك ؟؟ وكيف ستكمل مسيرتها بعد ما حدث ؟
وصلت الي الدور الثاني حيث مكتبه فتحت الباب دون استئذان من أحد لتري ما لم تتوقعه عمرها . مالم يأت علي فكرها اساسا ان يحدث ،بل كانت تظنه شيئا مستحيلا ، ولم تعمل له يوم حسابا، وجدته كما اخبرتها المتصلة ، ملقي علي الأرض وقد فارق الحياة ، لقد تخلي عنها ،وتركها لتبدأ صراعا وحدها مع الحياة.
