هاجر شوقي
شيعت اليوم جنازة رجل الأعمال محمود العربي رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات العربي التجارية، بعد صراع دام 4 أشهر مع المرض، عن عمر ناهز 89 عاما.
ولد العربي عام 1932 بقرية أبو رقبة مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وكان والده مزارعًا مستأجرا يزرع أرضًا ليست ملكه، وقام بإرساله إلى “الكُتَّاب” وهو في سن ثلاث سنوات فتعلم القرآن، ولم يلتحق بالتعليم بسبب ظروف والده الاقتصادية.
وقد بدأ العربي كبائع في متجر حيث ظهر لديه ميل للتجارة منذ صغره فكان وهو طفل صغير على حد قوله خلال استضافته في برنامج العاشرة مساءً مع مني الشاذلي يبيع الألعاب النارية والبالونات حيث قال “كنت أضعها على مصطبة أمام البيت لأبيعها”، وكنت بكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعدها أعطي اللي كسبته لأخويا ليشتري لي بضاعة مشابهة لأبيعها في عيد الأضحى.
وعندما بلغ العربي سن العاشرة، وتحديداً عام 1942، نصحه شقيقه بالانتقال إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور، ولكن لم يستمر في العمل بهذا العمل إلا لمدة شهر واحد حيث قال “لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني”.
كانت البداية الحقيقية للعربي عمله في محل بحي الحسين، وأول راتب تقاضاه، بحسب ما ذٌُكر في كتاب «سر حياتي» الذي يحكي رحلة كفاحه، 120 قرشاً في الشهر، وبعد 7 سنوات أصبح 320 قرشا، وبعدها أنتقل للعمل في محل جملة بدلاً من القطاعي، لكي يزيد خبرته في التجارة، وأول راتب تقاضاه من هذا المحل 4 جنيهات، وبعد 15 عاما صار 27 جنيها، وهو مبلغ ليس صغيرًا وقتها بالنسبه له.
أنهى خدمته في أغسطس 1957، وعاد محمود شاباً يستكمل عمله في محل تجارة الجملة، تزوج وأنجب 6 أبناء.
وفي عام 1963 قرر محمود العربي أن يبدأ مشروعه الخاص في التجارة، ولأنه لم يملك مالا يبدأ به، توصل هو وزميل له إلى فكرة مشاركة شخص غني، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما والرجل الغني بماله، ونجح بالفعل وبدأ أول مشروع له برأس مال 5 آلاف جنيه، وهو محل صغير في «الموسكي» بالقاهرة، لا يزال موجوداً حتى الآن.
بمرور الوقت استطاع العربي، أن ينجح ويثبت وجوده، إلى أن أتى بإخوته جميعا ليعملوا معه، وذلك بعد أن توسعت تجارته، ونجح في تأسيس شركة أصبحت «شركة مساهمة».
ومع بداية السبعينيات، استطاع العربي، بالتزامن مع سياسة «الانفتاح الاقتصادي»، أن يمتلك توكيل لإحدى الشركات العالمية، وبمساعدة شاب ياباني كان يدرس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعلى علاقة جيدة بالعربي لأنه كان يشتري منه أدواته الدراسية، حصل على توكيل توشيبا في مصر، فهذا الشاب الياباني من عمال الشركة اليابانية، فكتب تقريراً لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.
زار العربي اليابان في عام 1975، ورأى مصانع شركة توشيبا التي حصل على توكيلها، فطلب منهم إنشاء مصنع في مصر، وكان لديه أرض في طريق مصر-إسكندرية الزراعي، زارها خبراء من اليابان وأقروا بصلاحيتها، وتم إنشاء أول مصنع للشركة في مصر، وفي 1982 تم بناء مجمع صناعي في بنها، وعلى مدار العقود التالية زادت شراكاته مع شركات يابانية مصنعة للأجهزة الإلكترونية وغيرها ليصبح وكيلاً لعلاماتها التجارية مثل “سوني، سيكو، إن إي سي، وهيتاشي”.
وصلت مبيعات “مجموعة العربي” في الوقت الحالي أكثر من 400 منتج في 22 دولة، وتتكون شبكة التوزيع والخدمات للمجموعة من أكثر من 2800 مركز بيع وأكثر من 180 مركز لخدمات ما بعد البيع.
قال العربي في احد حواراته “عمري ما قولت حد شغال عندي, بقول شغال معايا دايما لأن ربنا اللي باعتهولي ..
حتى في مرة قابلت الرئيس مبارك و قالي نفسك في ايه؟ قلت له نفسي كل سنة اشغل ألف شاب جديد، وفعلاً كل سنة بقيت اشغل ألف شاب، وبقيت مستغرب إن كل ما العدد يزيد كل ما الشغل يزيد و الرزق يكتر” .
حصل العربي على أرفع وسام ياباني (وسام الشمس المشرقة) من الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009. لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية وقد قام بتسليمه الوسام هيروفومي ناكاسوني.