إنفراد – إيمان أشرف
أثار خبر ظهور تماسيح داخل أحد المصارف الزراعية بقرية الزوامل، التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية، حالة من القلق بين الأهالي، بعد تداول مقاطع وصور تشير إلى وجود كائن ضخم يسبح في المجرى المائي المحيط بعزبة السدرة، وفي الوقت الذي سارع السكان إلى الإبلاغ خشية على أطفالهم ومواشيهم، بدأت الجهات المختصة تحقيقات موسعة لكشف حقيقة الواقعة.
رغم غرابة المشهد على سكان القرية، فإن ظهور تماسيح صغيرة في مجارٍ مائية داخل المحافظات المصرية لم يعد أمرًا استثنائيًا في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل من حادث الزوامل حلقة جديدة في سلسلة وقائع مشابهة ظهرت في مناطق مختلفة.
عباس شراقي يوضح: التماسيح موجودة طبيعيًا في بحيرة ناصر فقط
أكد الدكتور “عباس شراقي” خبير الجيولوجيا والموارد المائية، أن البيئة الطبيعية للتماسيح في مصر اليوم محدودة تمامًا ببحيرة ناصر، حيث تتوافر الظروف المثالية لحياة هذه الكائنات من مساحة واسعة ووفرة في الغذاء ودرجة حرارة مناسبة، وأضاف أن السد العالي كان السبب الرئيسي في اختفاء التماسيح من مجرى نهر النيل شمال أسوان والمناطق المحيطة، لأن المياه تمر عبر التوربينات والسدود ولا يسمح لها بالتدفق الحر، وبالتالي يستحيل انتقال التماسيح إلى الترع أو المصارف في المحافظات.
أوضح “شراقي” أن التمساح البالغ يحتاج يوميًا ما بين 10 و20 كيلوجرامًا من الأسماك، وهو ما يجعل بقاؤه في مصرف ضيق أو ترعة أمرًا شبه مستحيل، لعدم توافر الغذاء أو البيئة المناسبة، وهذا يفسر أن التماسيح التي تظهر بين الحين والآخر في المحافظات غالبًا ما تكون صغيرة الحجم وغير مستقرة في بيئتها الجديدة، ما يجعلها خطرة على السكان إذا لم يتم التعامل معها سريعًا.
أشار إلى أن هذا الوضع يفسر أيضًا ظهور تماسيح مؤخرًا في مناطق مثل الساحل الشمالي للبحر المتوسط، رغم أن هذه الكائنات لا تعيش في المياه المالحة، مما يدل على أن السبب ليس طبيعيًا، بل ناتج عن تدخل بشري أو تربية غير قانونية.

الدكتور “عباس شراقي” دكتور الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة
التربية المنزلية السبب.. عباس شراقي يفسر وصول التماسيح إلى المصارف
أكد “عباس شراقي” أن هذه الحوادث لا تحدث بشكل معزول، وأن ظهور تماسيح صغيرة في مصارف وترع بعض المحافظات بات ظاهرة متكررة في الفترات الأخيرة، لكنها لا تعني أن التماسيح انتشرت طبيعيًا في تلك المناطق؛ إذ يرجع السبب في الغالب إلى تدخل بشري مباشر، سواء عبر التخلص منها أو تهريبها من أماكن تواجدها.
أوضح الدكتور أن الكثير من الأهالي يشترون تماسيح صغيرة بغرض التسلية أو كهدايا للأطفال، لكنها مع مرور الوقت تكبر وتزداد شراسة، كما ترتفع متطلباتها الغذائية بشكل كبير، فيصبح الاحتفاظ بها شديد الخطورة، وهنا يلجأ البعض إلى التخلص منها بطريقة غير قانونية عبر رميها في أقرب مصرف أو ترعة، وهو ما حدث في قرية الزوامل.
أكد أن هذه الممارسات تشكل خطرًا على الأطفال والمواشي والسكان بشكل عام، خاصة أن التماسيح حيوانات مفترسة وقادرة على إحداث إصابات خطيرة، إذا اقترب منها أي شخص دون خبرة أو حذر.
أشار إلى أن بعض هذه التماسيح يتم شراؤه عبر مواقع البيع الإلكترونية، مما زاد انتشار الحيوانات المفترسة في المنازل، ورفع احتمالات ظهورها في المجاري المائية المأهولة بالسكان، ولفت إلى أن الظاهرة لا تخص الشرقية فقط، بل قد تظهر في محافظات أخرى ما لم يتم تشديد الرقابة، ورفع الوعي بخطورة تربية مثل هذه الحيوانات.
عباس شراقي يحذر: تكرار الحوادث نتيجة غياب الرقابة والوعي
أكد خبير الموارد المائية أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى عاملين رئيسيين، هما غياب الرقابة على بيع الحيوانات المفترسة، ونقص الوعي بخطر تربية التماسيح في المنازل، وعلّق قائلًا: «كلما أصبح الحصول على حيوانات مفترسة صغيرة أكثر سهولة دون إدراك مخاطرها، زادت احتمالات ظهورها في المجاري المائية لاحقًا».
أضاف أن الأمر لا يمثل تهديدًا بسبب تمساح واحد فقط، بل يكشف عن فجوة كبيرة في الرقابة على بيع وتداول هذه الكائنات، وغياب التوعية بخطرها على المجتمع، مشيرًا إلى أن التماسيح الصغيرة التي يتم التخلص منها في المصارف تشكل خطرًا مباشرًا على الأطفال، والمواشي، والصيادين المحليين.
أزمة الزوامل.. حادثة عرضية أم جرس إنذار؟
اختتم خبير الجيولوجيا حديثه مؤكدًا أن حادثة الزوامل ليست مجرد ظهور تمساح واحد، بل جرس إنذار للمجتمع بأكمله، وحذّر من أن الظاهرة قد تتكرر في أي قرية أو منطقة تحتوي على مصارف مائية ما لم يتم التعامل معها بجدية، خاصة في ظل سهولة التخلص من هذه الحيوانات بشكل غير قانوني.
شدد عباس شراقي على ضرورة تضافر جهود المجتمع المدني والمحليات والجهات البيئية المختصة، لمنع تكرار مثل هذه الوقائع، وحماية السكان من أي مخاطر محتملة.





