تحقيق – رحمه السعداوي
يبكون في أكثر الأفراح قربًا لهم، لهم المشاعر المختلقة التي تجعل شخصياتهم أكثر حساسية، قال أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا”.
أفادت الدكتورة غايل سالتز، الأستاذة المساعدة بقسم الطب النفسي بكلية طب ويل كورنيل التابعة لمستشفى نيويورك برسبيتريان، بأن: “البكاء هو طريقة ممتازة لتحرير المشاعر والتعامل مع المواقف الصعبة، لكن حين يبدأ الناس في الشعور بأنهم لا سيطرة لهم على مشاعرهم”.
وتابعت غايل: “فقد تكون تلك إشارةٌ على وجود شيءٍ أكثر خطورةً، الشخصية المفرطة الحساسية تكون أكثر حساسيةً بمحيطها، وبمشاعر الآخرين، وبالخير والشر فيها، إنها أكثر تأثرًا بسلوكيات الآخرين وتعليقاتهم، أي شيءٍ قد يُسبب تغييرًا في الهرمونات، مثل أوقات ما قبل الحيض أو ما بعد الولادة، أو سن اليأس، قد تجعل النساء يبكين أسهل”.
وتحدثنا مع بعض النساء حول بكاءهم في أقصى درجات فرحهم وقالت “أميرة” تبلغ 26 عامًا: “عندما شاركت في حفل زفاف صديقة قريبة لي وشاهدت سعادتها وبهجتها، بكيت من الفرح والتأثر بالمشهد الرومانسي والمليء بالحب”، وقالت داليا تبلغ 19 عامًا: “عندما تلقيت رسالة مفاجئة من شخص أحببته وأهتم به، بكيت من الفرح والسعادة لأنها أظهرت لي مدى قيمتي بالنسبة له.
وقالت “آية” تبلغ 30 عامًا: “عندما تخرجت من الجامعة، حصلت على الشهادة التي كنت أحلم بها منذ سنوات، بكيت من الفرح والفخر، لقد كانت سنوات طويلة من الدراسة والتحصيل العلمي، ورؤية الجهد يتجسد في النهاية كانت مذهلة، وشاركتنا “وفاء” تبلغ 25 عامًا: “عندما قام حبيبي بطلب يدي للزواج، وتقدَّم بطريقة مميزة ورومانسية، بكيت من الفرح والتأثر”.
وأكملت “وفاء” حديثها: “كانت لحظة ساحرة ومليئة بالمشاعر الجميلة والأمل في المستقبل، وبعد الزواج عندما علمت أنني حامل وسمعت نبض قلب الجنين لأول مرة، خلال الفحص الطبي بكيت من الفرح والسعادة، كانت هذه اللحظة الأولى للتواصل مع طفلي وأحسست بالامتنان والفرح العميق”.
وشاركت “سوزان” تبلغ 24 عامًا، تجربتها: “عندما حققت هدفًا شخصيًا كبيرًا، مثل إكمال ماراثون أو تحقيق إنجاز مهني، بكيت من الفرح والراحة، كانت الجهود المبذولة والتغلب على التحديات تستحق الفرحة والدموع”، وقالت “نورهان” تبلغ 30 عامًا: “عندما حصلت على مفاجأة غير متوقعة، مثل رحلة سفر أو لقاء مع شخص عزيز”.
وأردفت “نورهان”: “بكيت من الفرح والانبهار، كانت اللحظة مليئة بالمفاجآت السارة والتي أضفت لحياتي لمسة من السعادة الخالصة، وأيضًا عندما شاهدت أحد أفراد عائلتي يتحسن من مرض خطير، بكيت من الفرح والامتنان، كانت هذه اللحظة مليئة بالأمل والشفاء، ورؤية من أحب في حالة جيدة كانت سببًا للبكاء من السعادة.
وتحدثت “رويدا” تبلغ 14 عامًا: “عندما أنهيت مشروعًا إبداعيًا أو فنيًا كبيرًا شعرت بالفخر بالإنجاز، بكيت من الفرح والإرتياح، كانت اللحظة تعكس الجهد الذي بذلته والإبداع الذي تميزت به، أيضًا عندما شاهدت شروق الشمس في مكان جميل أو عند البحر، بكيت من الفرح والإعجاب بجمال الطبيعة، كانت اللحظة ملهمة وساحرة وجعلتني أشعر بالراحة والسلام الداخلي.
وأكملت سالتز حديثها: “إذا لم تكن شخصًا بكَّاءً، لكنك أصبحت تمر بنوبات بكاءٍ، أو ضحكٍ خارجٍ عن السيطرة، أو غضبٍ لا يتماشى مع حالتك المزاجية، فقد تكون مصابًا بالتقلقل العاطفي، قد يكون ذلك بسبب أي عددٍ من حالات الإصابة الدماغية، مثل السكتات الدماغية، أو الإصابات العضوية، أو الخرف، أو أسبابٍ أُخرى عديدةٍ”.
ورجعنا لآراء أطباء علم النفس للظواهر الشائعة وراء البكاء المستمر، وقالوا أن قد يكون: “اكتئاب وهو اضطرابٌ مزاجي يُميزه الشعور الدائم بالحزن أو البلادة يُمكن أن يقود لبكاء غير اعتياديٍ”، وقالت طبيبة الصحة النفسية الدكتورة كيت كومينز، أن: “النساء اللاتي عشن طفولةً مأساويةً أو مررن بتجارب صادمةٍ سيبكين عادةً بأكثر مما يُعتبر استجابةً طبيعيةً”.
وأضافت قائلة: “ذلك لأن جهازهم العصبي السمبثاوي يختبر التجارب المأساوية أو القلق بنفس الطريقة البدنية، بغض النظر عن مقياس مأساوية الحدث الحقيقية”، وكما قالت الدكتورة شارون سالين: “الجهد الذي قد يكون لازمًا لتجنب الحزن، والقلق، والأخبار السيئة، أو أي أمرٍ يزعجك قد يكون مهددًا إذا ما كنت تشعر بالتوتر”.
وتتاع الدكتورة سالين حديثها: “حين يتعامل الجسد مع تلك المشاعر القوية، فإن دماغ المشاعر يُهيمن على دماغ التفكير، ويتحكم في اليوم جاعلًا سيل الدموع أكثر جاهزيةً”، يرتفع التوتر بنسبة ارتفاع مستويات الكورتيزول، الذي قالت عنه الدكتورة سالتز إنه يزيد من فرط الحساسية والاستجابة للمواقف الصعبة أو الضاغطة”.
ويختلف كل شخصية عن الأخرى ومع هذا الاختلاف تختلف مجموعة سلوكياته، صفاته ومداركه، يمكن للفروق البيولوجية بين البناءات الدماغية والحالات النفسية أن تؤثر على شخصيتك وحساسيتك العاطفية، التي قد تسبب مزيدًا من الدموع، طبقًا لحديث دكتور “فورست تالي”، فإن علماء الأعصاب ليسوا متأكدين من التشريح العصبي وراء البكاء.
ورغم هذا يعلمون أن الأمر يتضمن الجهاز الحوفي، قائلًا: “كما أن الأشخاص الأكثر قلقًا لديهم اختلافاتٌ في حساسية اللوزة، كذلك فإن الاختلافات الكثيرة في البكاء مرتبطةٌ باختلافاتٍ جينيةٍ في حساسية الجهاز الحوفي”، ويوجد بعض الناس لديهم شخصياتٌ أكثر حساسيةً من غيرهم.
ونظرًا لما أفادته الدكتورة “إلين آرون” فإن ما بين 15 إلى 20% من الناس لديهم تلك الصفة في شخصياتهم، ولما يشير أن الهرمونات هى الإشارات الكيميائية التي تتحكم في الوظائف البدنية مثل: التنشئة الاجتماعية، فلذلك نستخلص من علم الدكتورة “كومنز”، فإن النساء عامةً يُعبرن عن مشاعرهن بكثافةٍ أكثر من الرجال.
حيث قال “كومنز”: “تُنشّأ النساء على استكشاف مشاعرهن، والحديث عنها، وإظهارها في وقتٍ أبكر من الرجال. هذا يعني أن البكاء، والذي هو تعبيرٌ نموذجي عن الحزن، أو الأسى، أو الضعف، يُعتبر مألوفاً أكثر لديهن”، إذ تجعل أعراف المجتمع التعبير عن المشاعر أصعب على الرجال،وتوضح أن المرض نادرٌ جدًا، لكن من المهم الانتباه للعلامات، التي تتضمن نوبات البكاء، وبنفس النمط تُضيف الدكتورة كومينز خبرتها.
وقالت: “أرى العديد من الفتيان في المدارس الإعدادية والثانوية يقاومون الدموع، فيما تبكي الفتيات من نفس السن علانيةً دون خجلٍ”، ويمكن أن السبب وراء البكاء التقلقل العاطفي، وتوضيحًا لما هو التقلقل العاطفي فهو حالة عصبية تنتاب مشاعرك بعد التعرض لإصابةٍ في الدماغ أو اضطرابٌ في جزء الدماغ المسؤول عن التحكم في المشاعر.
وأضاف بعض علماء النفس أن بكاء النساء عندما يشعرن بالسعادة يمكن أن يكون بسبب عدة عوامل، منها: الإرتياح العاطفي عندما يكون الفرد في حالة سعادة بالغة يمكن أن يبكي كنوع من الإرتياح العاطفي، حيث تنفرج عقد الضغط النفسي ويصبح الشخص أكثر قدرة على التعبير عن مشاعره، ويمكن أن يكون التأثيرات الهرمونية.
وأكمل الأطباء بأنه يتم إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفينات والسيروتونين عند شعور الشخص بالسعادة، وقد يؤدي هذا الإفراز إلى تقوية الرد العاطفي بما في ذلك البكاء، الانفعال الشديد عندما تكون السعادة أو الفرحة مرتبطة بموقف مهم أو لحظة فريدة في حياة الشخص، قد ينتابها الإنفعال الشديد الذي يظهر عبر البكاء، التجارب الشخصية منها تجارب الحياة الشخصية المؤثرة مثل إنجازات كبيرة.
واستكمل علم النفس بأنه قد يكون تحقيق أحلام مستحيلة، لحظات مميزة مع أحبائها، أو حتى رؤية أشخاص محبوبين بعد فترة طويلة قد تثير مشاعر السعادة الشديدة وتؤدي للبكاء، البكاء عند السعادة يعكس تفاعلًا طبيعيًا مع المشاعر الإيجابية، ويساعد الفرد في تحرير الضغط النفسي والإفراج عن المشاعر الداخلية.
وتحدثنا مع “سارة” التي تبلغ 28 عامًا عن تجربتها: “عندما تم ترقيتي في العمل، شعرت بفرحة كبيرة لتحقيق هذا الإنجاز، بكيت من السعادة عندما أخبرني مديري بالخبر، فلقد كانت هذه اللحظة هدية مفاجئة لمجهودي وعملي الشاق، وقالت “ليلى” تبلغ 35 عامًا: “عندما شاهدت اسمي على شاشة العرض خلال حفل التكريم”.
وأكملت حديثها: “لم أستطع إيقاف دموع الفرح، كانت هذه المكافأة تقديرًا كبيرًا لجهودي وإسهاماتي في مجالي، وشعرت بفخر كبير لتحقيق هذا الإنجاز”، أضافت “مريم” التي تبلغ 42 عامًا: “عندما شاهدت ابني يتسلم شهادة التميز في المدرسة، شعرت بسعادة كبيرة ولم أستطع إخفاء دموع الفرح، كانت هذه الشهادة نتيجة جهوده الشخصية ودعمي المستمر، وكانت لحظة فخر لي كأم”.
وعند استكمالنا لحديثنا الشيق مع تجاربهم قالت “نور” تبلغ 30 عامًا: “عندما علمت بأنني حامل بطفلي الأول، لم أستطع إيقاف دموع السعادة، كانت هذه اللحظة التي انتظرتها طويلاً، وكانت بداية رحلة جديدة مع الأمومة، فشعرت بفرحة هائلة ولم أستطع إبقاء دموعي، وأقبلت لينا التي تبلغ 25 عامًا عن تجربتها قائلة: “عندما تم قبولي للحصول على وظيفة الحلم، بكيت من الفرح والسعادة”.
وعندما استطلعنا من علماء النفس عن أن النساء يبكين عندما يكونون سعداء بشكل أكبر من الرجال وقالول أن هناك تفاوتات في تعبير الرجال والنساء عن المشاعر، ومن المعروف أن النساء يبدين المشاعر بشكل أكثر علنية وصراحة من الرجال، وقد يتضمن ذلك البكاء عندما يكونون سعداء، إذًا يُعتقد عمومًا أن النساء يبكين عندما يكونون سعداء بشكل أكبر من الرجال، وذلك لعدة أسباب منها:
ولفتو إلى أن هذه الأسباب قد تكون تفاعل العقل العاطفي حيث تميل النساء إلى تجربة العواطف بشكل أكثر قوة ووضوح من الرجال، ولذلك يكون تفاعلهن مع المشاعر الإيجابية مثل الفرحة والسعادة أكبر، ثقافة النوع الاجتماعي في العديد من المجتمعات، يُعلم الرجال منذ الصغر بضرورة كبت المشاعر وعدم التعبير عنها بشكل علني.
بينما تشجع الثقافة على أن يكون النساء أكثر صراحة وتعبيرًا عن مشاعرهن، التواصل الاجتماعي حيث يميل النساء إلى التواصل والتفاعل الاجتماعي بشكل أكبر من الرجال، ويعتبر البكاء جزءًا من التواصل العاطفي والتعبير عن المشاعر، التأثير الهرموني بحيث تلعب الهرمونات دورًا في تنظيم المشاعر والتفاعل معها.
وهناك دراسات تشير إلى أن النساء قد تكون أكثر حساسية لبعض الهرمونات المرتبطة بالعواطف، ومع ذلك، فإن الرجال يبدين أيضًا السعادة والفرح بطرقهم الخاصة، وقد يظهرونها من خلال الابتسامة، التهليل، أو الاحتفال بشكل مختلف عما يفعله النساء، يمكن أن يكون بكاء النساء عند الفرح مرتبطًا بعوامل ثقافية مختلفة.
ومن بين هذه العوامل: التربية والتعليم فقد يكون للتربية والتعليم دور كبير في تشكيل ردود الأفعال العاطفية للأفراد، في بعض الثقافات يتعلم الأطفال أنه من الطبيعي التعبير عن المشاعر الإيجابية بشكل مفتوح، بما في ذلك الفرح والسعادة عبر البكاء، قد تكون المعتقدات الدينية تؤثر في طريقة تفاعل النساء مع المشاعر الإيجابية.
حيث تُعلم بعض الثقافات بأن البكاء من الفرح هو تعبير عن الامتنان لله، أو رحمة الله، أو شكرًا على النعم التي أعطاها، القيم والعادات الاجتماعية حيث يمكن أن تلعب القيم والعادات الاجتماعية دورًا كبيرًا في تحديد كيفية التعبير عن المشاعر، في بعض الثقافات، يُشجع البكاء من الفرح كوسيلة للتعبير عن الانتماء والتضامن مع الآخرين.
وتتضمن العوامل الثقافية أيضًا: التفاعل مع الأفراد الآخرين، قد يكون تفاعل النساء مع الأفراد الآخرين هو سبب لبكاء الفرح، على سبيل المثال في مناسبات الزفاف أو الاجتماعات العائلية، قد يشعر النساء بالسعادة والفرح لأنهم يشعرون بالمحبة والدعم من قبل أفراد عائلتهم وأصدقائهم، مما يدفعهم إلى البكاء.
ولفت أطباء علم النفس إلى أن بكاء النساء عند الفرح قد يؤثر على صحتهن النفسية بعدة طرق: تحرير المشاعر الإيجابية، عندما يبكي النساء عند الفرح، يساعدهن ذلك على تحرير المشاعر الإيجابية التي تملأ قلوبهن، مما يزيد من شعورهن بالراحة والسعادة، تقوية العلاقات الاجتماعية، يمكن أن يعزز بكاء الفرح التواصل العاطفي مع الآخرين، ويعزز الروابط الاجتماعية.
وهذا يساهم في شعور النساء بالتواصل والانتماء، تقليل الضغط العاطفي، عندما يبكي النساء عند الفرح، يمكن لذلك تخفيف الضغط العاطفي الذي قد يكونون يشعرون به، ويساعدهن على التعبير عن المشاعر بشكل صحي، تعزيز الشعور بالراحة النفسية، يمكن أن يكون البكاء عند الفرح مفرحًا ومهدئًا، مما يساعد على تخفيف التوتر وزيادة الشعور بالراحة النفسية.
وضمن التأثيرات النفسية في البكاء هى تعزيز الصحة العقلية، بعد فترة من البكاء عند الفرح، قد يلاحظ النساء تحسنًا في المزاج والطاقة والتفاؤل، مما يعزز الصحة العقلية بشكل عام، تعزيز الشعور بالإيجابية والتفاؤل، يساعد بكاء الفرح على تعزيز الشعور بالإيجابية والتفاؤل تجاه الحياة والمستقبل، مما يسهم في إيجاد مواجهة للتحديات والصعوبات بشكل أفضل.
وبرغم أحاديث العلماء والأطباء إلا أن من الضروري أن تحتفظي بجوهرِك، الذي يجعل قلبك مثل ما خُلق، اجعلي دائمًا عقلك يتأكد من أن بكاءك هذا ليس ضعفًا، لكنكِ خُلقتي من ضلع أعوج على عكس الرجال الذي صفتهم الصلابة، فتأكدي من أن الله خلق لكي قلبًا رؤوف رحيم، لا تبذلي جهدك في تغييره فأنتِ كما أنتِ تظلي جميلة.