تحقيق – آلاء هشام
“الكتابة المقدسة” هكذا لقب المصريين القدماء لغتهم الهيروغليفية لإعتزازهم بها، فهل حافظ عليها الأحفاد، حتى الأن دون الإنتباه.
من خلال الحديث مع الدكتور “بسام رضوان الشماع” مؤرخ وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية والجغرافية وعضو إتحاد الكتاب وعضو نقابة المرشدين السياحيين والمحاضر الدولي في علم المصريات والمكرم من الامم المتحدة أوضح أنه يحلو لنا في مصر أن نضع الرابط بيننا وبين تاريخنا العظيم، مشيرًا إلى إعتقاده أن المصري منذ القدم يتسم بهذه الصفة، وذلك بدليل أن الشعراء المصريين مثل “شوقي” و”حافظ” دائمًا ما كانوا يرجعون إلى آثارنا وحضارتنا، لافتًا إلى إعتقاده بأن ذلك نوعًا من طمأنة النفس.
وقال المؤرخ أنه لا نستطيع الإثبات تاريخيًا أو علميًا أن ذات الكلمات نستخدمها بذات المعنى، وأحيانًا بالنطق ذاته أو قريبة جدًا من النطق القديم، لأن الكلمة المقصودة كان يستخدمها المصري القديم منذ 5500 عام، ومن المستحيل علميًا أن يكون عالمًا قد رصد الكلمة كل هذه المدة، حتى وصلت إلى عامنا هذا.
معنى اسم محافظة “أسوان” الفرعوني
وأوضح أن ما يحدث هي عملية إقتراح، مثال على هذا أسماء المدن، مدينة “أسوان” كان يطلق عليها في المصرية القديمة “سونو” وهي تعني مركز التبادل التجاري (السوق)، وذلك لأن أسوان كانت مساحة هامة جدًا بين شمال النيل وجنوب النيل، وتتمتع بمركز إستيراتيچي، وكانت جزيرة “الفنتين” بأسوان هامة جدًا في التجارة في مصر القديمة.
كما كان حكام هذا الإقليم مبجلين يحترمهم الملك لأهميتهم بالنسبة لمصر، ولم تكن أهميتها تقتصر على التجارة فقط، فكانت ذات أهمية عسكرية وحدودية وأمنية وسياسية وجغرافية، وفي القبطية أطلق عليها “سوان”، وفي العربية أصبحت “أسوان”.
حكاية محافظة “أسيوط” والحيوان المقدس
في نفس السياق بالاشارة إلى مدينة “أسيوط” كان يطلق عليها في المصرية القديمة “ساوت”، وهي ربما تعني المحمية أو المحروسة أو الحامية، وعندما حكم اليونان مصر أطلقوا عليها “مدينة الذئب”، لأنه كان الحيوان المقدس الذي يرمز إلى معبود من المعبودات، وفي القبطية أطلق عليها “أسيوط”.
محافظة “المنيا” وسر الـ 8 معبودات المقدسة
وأشار المؤرخ إلى مدينة “الأشمونين” بمركز ملوي في محافظة المنيا، فكان يطلق عليها في المصرية القديمة “خمنو”، وهى كلمة هيروغليفية تعني 8، وذلك لأنه كان يوجد بها 8 معبودات مقدسة يطلق عليهم “ثامون الأشمونين”، وذلك له علاقة بنظرية الخلق في الديانة المصرية القديمة، وفي القبطية أطلق عليها “شمون”، وفي العربية أصبحت “الأشمونين”.
اسم محافظة “بنها” والشجرة المقدسة
على نفس الصعيد بالاشارة إلى مناطق أسمائها شديدة القرب من أسمائها الحالية، مثل “بنها” عاصمة محافظة القليوبية حاليًا، “با-إن-نهت”، وهى تعني المنتمية إلى شجرة الجيميز، لأن شجرة الجيميز كانت واحدة من الأشجار المقدسة في مصر القديمة.
وكذلك الكلمات مثل كلمة “نوم” و”نم” وكلمة “يم” وهى تعني جفاف مائي، باللغة العربية وأيضًا بالهيروغليفية
وكلمة “الواحة” تنطق بالهيروغليفية “وحعد”، وكلمة “هلل” وهى كلمة هيروغليفية قديمة وتعني الإحتفال بالفرح.
كلمات فرعونية لازالت متداولة
بالإضافة إلى كلمة “منحة” بالهيروغليفي “منحت”، و”چمت” وهى تعني”عطشان” و”عجر” وهى تعني “عجلة” و”بول” تعني “فول” باللغة الهيروغليفية، و”قطف”وهى قدف باللغة الهيروغليفية، و”مشط” وهى “مشد” و”مركبة” وهى “مركبت” في اللغة الهيروغليفية.
وكلمة “شمعة” وهى تنطق “سمعة” بالهيروغليفية، وتحويل حرف الشين إلى السين عادة قديمة من المصريين القدماء، وكلمة “سرق” بالهيروغليفية تعني “الثلج”، أما الرعد والبرق يطلق عليهما نفس الإسم باللغة الهيروغليفية.
وأشار المؤرخ إلى أن المصري القديم كان يمتلك كلمات مميزة، مثل”اههي” معناها فرحة وتهلل، وهى كما يطلق عليها المصريين الأن “هييه”، ولا توجد بالعربية الفصحى لها معنى.
اللغة الهيروغليفية وعلاقتها بكبار القوم
وأوضح أن اللغة الهيروغليفية هى الرموز المقدسة وهى لغة كبار القوم، مثل “الملك، الملكة، الوزراء، النبلاء الكبار، قادة الجيش، القضاة، مشرفين العمال، الكتبة الملكيين، المحنطين، المهندسين والبنائين” ولكن ليس لعامة الشعب، لأنها كانت تحتاج إلى فنان ملكي لكتابة اللغة الهيروغليفية لصعوبتها.
أما كتابة عامة الشعب هى”الهيراطيقية والديموطيقية”
وهما اسهل من اللغة الهيروغليفية، بسبب صعوبة الرسم بها، وكلمة هيروغليفي هى كلمة تتكون من كلمتين يونانيتين “هيروس” و”جلوفوس”، وهى تعني”الكتابة المقدسة”.
سر اللغة الهيراطيقية
تعد “الهيراطيقية” هى كلمة يونانية “هيراتقوس” وتعني “كهانوتي” وهى إشارة إلى الكهنة، لأنهم كانوا الأكثر إستخدامًا للغة الهيراطيقية، والخط “الديموطيقي” كلمة يونانية “ديموس”، وهى تعني شعبي، وهو الخط المستخدم بين الطبقات الشعبية في مصر.
وفي رأي آخر يقال أنها تعني خط المعاملات اليومية مثل خط الرقعة في اللغة العربية، وقد ظهر من “القرن الثامن قبل الميلاد”، حتى”القرن الخامس الميلادي”، ويليهم “اللغة القبطية”، وبعدها “اللغة العربية” وفيما بين ذلك اليونانية وغيرها، وتعددت اللهجات في اللغة القبطية، حتى دخول الإسلام إلى مصر في حدود 640 ميلاديًا، ولا تزال القبطية حتى الآن تستخدم ف الكنائس الأرثوذكسية.