تحقيق – سوزان الجمال
نجد في المجتمعات أشكال كثيرة للعنف، وتُعتبر فئة النّساء من أكثر الفئات عُرضةً للعنف الجسدي واللفظي وغيرها، إلا أن الرجال قد يتعرضون للعنف أحيانًا، ويمكن أن يتخذ العنف ضد الرجل شكل العنف الجسدي أو الاعتداء عاطفي أو اللفظي أو الجنسي، وأظهرت الدراسات أن ما نسبته 25% من الرجال في الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا قد تعرضوا للعنف الجنسي في حياتهم.
وتتعدد أشكال العنف ضد الرجال بحسب العديد من المتغيرات، ومن أشكال العنف ضد الرجال، العنف الجسدي يكون هذا العنف موجهاً نحو الأذى الجسدي، والتي تتنوع أشكاله مثل، الضّرب، الصّفع، الخنق، الحرق، وغيرها من أنواع الأذى الذي يتعرض له الجسم، ممّا يُسبّب تشوهات في الجسم وشعوراً بالخوف والرهبة.
العنف اللفظي يهتمّ هذا النوع من أنواع العنف باستخدام اللسان واللغة، من خلال الألفاظ، والإهانات السّيئة، والشّتائم، وغيرها، كما يعتبر الاستهزاء، والسّخريّة، والانتقاد اللاذع من أشكال العنف اللفظي.
العنف النّفسي يتمثل هذا النوع التّهديد والتّخويف، وقطع العلاقات التي تؤثر على نفسيّة الرجل، فالمرأة المتزوجة في كثيرٍ من الأحيان تهدد زوجها بعلاقته مع عائلته وأصدقائه وقد تحرمه منهم، كذلك من أصدقائه المقربين، وهواياته التي يحبّها، وإجباره على العديد من الأمور التي يكرهها، كلّ ذلك يؤثر على الجانب النفسيّ للرجل، مما قد يعرضه للعديد من الأمراض النفسيّة والعقليّة.
ومن دلائل تعرض الرجل للعنف المنزلي يمكن تمييز الرجل لتعرضه للعنف المنزلي من قبل شريكه، من خلال المناداة بأسماء مهينة أو محبطة، المنع من رؤية الأصدقاء أو أفراد العائلة، التحكم في كيفية إنفاق المال والعديد من الخيارات الشخصية، المنع من الذهاب إلى العمل، الغيرة وعدم الثقة المفرطة والتملك، التهديد بالعنف واستخدام السلاح، إلقاء اللوم عليك بسبب سلوكه العنيف.
العنف الجسدي سواءً بالركل، أو الصفع، أو الخنق، أو الإيذاء بأنواعه، ومن الحقائق حول العنف ضد الرجل تظهر الدراسات أن 16 رجلاً في إنجلترا قد توفي نتيجة للعنف الصادر من شريكهم أو شريكهم السابق، مقارنة بـ 80 امرأة وذلك في عام 2018م وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الوطني “ONS”.
كما أفادت منظمة “ManKind” المعنية لحماية ضحايا العنف المنزلي الذكور، أن 95% من الرجال الذي تعرضوا للعنف المنزلي يعانون من الإساءة العاطفية، و68% قد عانوا من العنف الجسدي، و41% قد تعرضوا للعنف النفسي، إضافةً إلى أن 23% قد تعرضوا للتحكم المالي.
بينما تتمحور أسباب بقاء الرجال في علاقات مسيئة ما بين القلق على الأطفال أولًا، وثم افتراض أن الزواج علاقة أبدية، فيما قد يبقى البعض في العلاقة المسيئة بسبب وجود مشاعر حب للطرف الآخر، وخوفهم من عدم التمكن من رؤية أطفالهم مرة أخرى، كما أن ما نسبته 50% تقريباً من الرجال قد يبقون في علاقة مسيئة بسبب قلة المال، والإحراج، وعدم وجود مكان آخر للعيش فيه.
وشكلت أزمة الفنان جوني ديب مع زوجته السابقة آمبر هيرد، وتفاصيل الأدلة التي كشفها دفاع النجمين عن تعرضه للعنف، وعيًا بأزمة الرجال مع العنف المنزلي وصمتهم حيال ذلك.
ويعتقد الكثيرون أن معاناة العنف المنزلي قاصرة على النساء فحسب، في حين أن العنف ضد الرجال شائع أيضًا، لكنه خفي في معظم الأحيان لأن الرجال يفضلون الصمت لأسباب عديدة.
وكشفت دراسة استقصائية للجرائم في إنجلترا وويلز، أن 1.3 مليون امرأة و695 ألف رجل تعرضوا للعنف المنزلي خلال عام 2018، ووفق المركز الوطني للعنف الأسري في بريطانيا، فإن ربع المبلغين أي أكثر من 174 ألفاً كانوا من الرجال بزيادة 73 ألفاً نحو 19% عن عام 2012.
العنف ضد الرجال في الولايات المتحدة
في المتوسط يتعرض 20 شخصًا في الدقيقة للإيذاء الجسدي من قبل الشريك الحميم في الولايات المتحدة، أي أكثر من 10 ملايين امرأة ورجل في العام، وتتعرض 1 من كل 3 نساء و1 من كل 4 رجال لنوع من أنواع العنف الجسدي من قبل الشريك، سواء عبر الصفع أو الدفع، ووقع 1 من كل 4 نساء و1 من كل 7 رجال ضحايا للعنف الجسدي الشديد من قبل الشريك.
وبينما تتعرض امرأة من كل 10 نساء للاغتصاب من قبل الشريك، لم تتوفر البيانات عن الضحايا الذكور في نفس الفئة، بحسب دراسة أجرتها منظمة “التحالف الوطني ضد العنف الأسري” بين عامي 2016 و2018.
العنف ضد الرجال في الوطن العربي
عربيًا تعد المغرب وتونس الدولتان التي يعاني رجالها أكثر من العنف من قبل النساء مقارنةً بباقي الدول، وفي عام 2017، أعلن رئيس الجمعية التونسية للنهوض بالأسرة، حاتم المنياوي أن رجلًا من بين 10 رجال في تونس تعرض لنوع من العنف “لفظي أو معنوي”، موضحاً أن ظاهرة العنف ضد الرجال تزايدت في تونس من واقع الشهادات التي تلقتها الجمعية.
وأوضح المنياوي في حوار صحفي ، أن التونسيات الأكثر تعنيفًا للرجال في الدول العربية، داعيًا لمراجعة قانون الأحوال الشخصية وتوفير الحماية للرجال الضحايا مثل النساء، وبحسب المندوبية السامية للتخطيط في المغرب يتعرض 70% من الرجال المغاربة لفعل عنف واحد على الأقل خلال حياتهم، منها 31% داخل مؤسسة الزواج.
العنف ضد الرجال في الخليج
وفقًا لصحيفة الخليج الإماراتية، استقبلت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال خلال عام 2020، عددًا من حالات العنف ضد الرجال عن طريق خط المساعدة، طلبوا استشارات أسرية واستفسارات حول كيفية التعامل مع زوجاتهم عند وقوع عنف من قبلهن عليهم.
وتعاملت مؤسسة حماية المرأة والطفل في عجمان “حماية”، مع حالات لأزواج تعرضوا للتعنيف والضرب من قبل زوجاتهم، وفي الكويت أظهرت دراسة أجريت عام 2018 أن 49% من الرجال أفادوا بتعرضهم للعنف، بحسب صحيفة القبس.
ويعرف العنف بأنه سلوك مقصود أو غير مقصود يسبب ألم وأذى نفسي وجسدي لشخص آخر، وأحيانا للشخص نفسه، بحسب أخصائية الصحة النفسية، الدكتورة دهب فوزي، موضحة أن العنف ضد الرجل هو سلوك عدواني يتمثل في استخدام القوة ويستهدف إلحاق الأذى النفسي والبدني والعاطفي للرجل سواء المباشر أو غير المباشر.
وتوجد أنواع عدة للعنف المنزلي، منها “الاعتداء الجسدي، أو التسلط والإساءة العاطفية والنفسية بالإهانة والصراخ أو التجاهل واتخاذ القرارات نيابة عن الرجل، أو وضع الرجل في عزلة اجتماعية بعيدًا عن الأهل والأصدقاء”، وفقاً لموقع مايو كلينيك.
وأشارت أخصائية الصحة النفسية إلى أن وجود عدة أسباب للعنف ضد الرجال، منها “ضعف شخصية الرجل، قوة شخصية الزوجة، نقص الأمن النفسي، الشعور بالخيانة، تعاطي المخدرات، أو أن تكون الزوجة مصابة باضطرابات نفسية”.
وتوجد أسباب أخرى لصمت الرجال، بحسب الدكتورة دهب فوزي، فبعض الرجال يعانون من اضطرابات نفسية مثل كونه شخصية اعتمادية، أو يحب من طرف واحد، بالإضافة إلى القلق على مستقبل الأولاد، وعدم وجود مورد مالي خاصة في حال عمل الزوجة وارتفاع راتبها عنه، وعدم وجود مكان أخر يعيش فيه بعد الطلاق، أو الاعتقاد بأنها ستتغير، أو خوفاً من تهديدها بقتل نفسها أو قتله.
وأشارت أخصائية الصحة النفسية، إلى أن تأثير العنف ضد الرجال يشبه نفس التأثير على المرأة إن لم يكن أقوى، لأنه لا يستطيع الإعتراف به، مكملةً: “في الوقت الذي تتعرض فيه شخصيته للانسحاق أمام الزوجة، قد يواجه الرجل عدم التصديق من المحيطين، لأن أكثر العنف الموجه ضده نفسي وأثاره غير ظاهرة، عكس النساء اللاتي يتعرضن أكثر لعنف جسدي يظهر عليهن”.
وتنصح “فوزي”، بمشاركة الرجل وضعه مع متخصصين، سواء طبيب نفسي أو مستشار زوجي، أو الشرطة، مشيرةً إلى أنه من حق الرجل إذا تعرض لإساءة أن يكون آمنًا مثل أي شخص آخر، ولتجاوز الإساءة، وبحسب موقع هيلث دايركت، ينبغي إبلاغ الشرطة أو شخص موثوق، والاحتفاظ بيوميات مكتوبة لما يحدث، ووجود خطة أمان للحفاظ على السلامة ومكان آمن للذهاب اليه في حالة وجود خطر.
وعن كيفية مواجهة الرجال لهذا النوع من العنف، قالت أخصائية الصحة النفسية إن هذه الحالة تحتاج لعلاج نفسي مع مستشار زواج وعلاقات أسرية أو طبيب نفسي مع تقييم نفسي لشخصية الزوجين وعلاج الخلل لديهما، وفي حالة الالتزام بإرشادات الطبيب تأتي الجلسات بنتيجة مع الأدوية إذا كانت الزوجة مضطربة نفسياً، ما يدفعها لسلوك عنيف ضد الزوج.
وقضية الفنان الأمريكي جوني ديب، مع زوجته السابقة أمبر هيرد، شكلت وعياً بأزمة الرجال مع العنف المنزلي وصمتهم حيال ذلك، وقالت رئيسة منظمة Mission الإيطالية غير الحكومية المهتمة بالعنف ضد المرأة فاليريا ألتوبيلي، إن النساء حول العالم يقفن ضد العنف المنزلي بغض النظر عن الجنس أو العمر أن العرق، وفقاً لموقع كومبلكس.
وأعربت رئيسة المنظمة عن تعاطفها مع جوني ديب ليس كنجم وموهبة، بل مع رجل وأب وإنسان، وأنه يجب الاهتمام بالصحة العقلية لنتمكن من العيش في بيئة إيجابية يجد الرجال والنساء فيها احترامًا متبادلًا دون إساءة أو عنف.
وأوضح الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي وأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس، أشكال العنف قائلاً: ” هناك أشكال كثيرة للعنف مثلاً الإهمال العاطفي، أو إهمال متطلبات الرجل وهذا نوع من أنواع العنف السلبي، أو العنف اللفظي وهذا النوع شائع جداً في بعض المناطق، وهناك عنف بضرب أو التهديد ويوجد في بعض المناطق الشعبية”.
وتحدث الدكتور “فرويز”، عن أسباب تعرض الرجال للعنف قائلاً: “عندما يتعرض الرجل للعنف تكون لها عدد أسباب، منها فسيولوجية جسم المرأة، والفرق الإجتماعي بينهم، وشخصية الرجل عندما تكون اعتمادية وقله الثقة في النفس، فهذا الاسباب تجعل شخصية المرأة أقوى من الرجال وتسبب في الضرب للرجال، وهناك نوع من الرجال الذي لا يعمل وزوجته هيه التي تصرف على البيت، فبالتالي لا تري امامها اساساً، ويكون ضعيف الشخصية جداً، ويكون من السهل أن تسيطر المراه عليه”.