تقرير – شهد الشرقاوي
أضحك الصورة تطلع حلوة مقولة يرددها الجميع، الالتقاط صورة جيدة تعبر عن الفرحة، لكن الضحك يجعل الحياة كلها مليئة بالبهجة والتفاؤل ويحمل العديد من الفوائد الصحية، لجسم الإنسان سواء النفسية أو الجسدية.
حيث أن في بلدان عربية تعيش وجع الصراعات والنزاعات الملتهبة، أصبح الضحك حاجة نفسية مُلحة حسب أطباء لتناسي ماسي القتل، وصدمات الفقد، والتهجير، والقهر وأهوال خسارة الأحبة، وأعباء النزوح، بوصفه باسما للشعوب المتضررة جراء الحروب وضمادة للأروح، المحطمة نتيجة فواجع القصف والتصفية والإبادة والأوبئة.
وكشفت الدراسة الحديثة لمستشفى الطب النفسي في العاصمة التشيكية براغ، عن فوائد الضحك الذي قالت: “إنه لا يؤدي إلى التخفيف من التوتر والضيق النفسي فحسب؛ بل يعزز الجهاز المناعي بالجسم بشكل كبير الأمر، الذي يدعم مقدرة الجسم على إبعاد الأمراض المعدية ونشوء الأمراض السرطانية”.
وحسب معد الدراسة الطبيب كاريل نيشبور رئيس قسم معالجة الإدمان بالمستشفى، وصاحب كتاب الضحك علاج نفسي فعال، فإن للضحك أنواعا عدة، فمنه مثلا الصاخب والمستمر لفترة طويلة وهذا يمرن الجهاز التنفسي والقلب ويخفف التوتر بالعضلات، وتكفي مشاهدة ثلاثة إلى خمسة أفلام كوميدية أسبوعيا.
ولتكون النتيجة تخفيفا للآلام بنسبة 70% والتئاما للجروح بشكل أسرع من المعتاد، وحدوث نشاط بأجزاء من قشرة الدماغ المرتبطة بالجهاز الحركي، حيث تم تسجيل ذلك عبر جهاز أظهر إفراز الجسم بعد عملية الضحك مادة “أندروفيين” المسؤولة عن إحداث البهجة التي لا تقل عن تلك التي تحدث نتيجة حصول الإنسان على المكافأة أو النجاح أو تناول طعام مميز.
وجاء بالدراسة أيضا أن الضحك العالي والقصير، يعالج الشعور بالخوف والقلق والضيق، أما الضحك العميق فله تأثير على إزالة الغضب، وللضحك الإيقاعي واللطيف والجذاب فوائد منها إبعاد الملل والتوتر فمثلا عندما تبتسم المرأة للرجل فإن ذالك يعطيه نوعا من الأمل والشعور بالأمان، والضحك بين الزوجين يؤدي لوظائف اجتماعية مفيدة إذا كان هذا الضحك صادقا غير مصطنع.
وأشارت الدراسة إلى أنه تم قياس نسبة تدفق الدم داخل الجسم على بعض المتطوعين أثناء حضورهم فيلما كوميديا صاحبا، فكانت النتيجة وصول الدم بشكل طبيعي إلى كافة الأعضاء التي قامت بوظائفها بشكل كامل، وتم تسجيل زيادة معدلات الأوكسجين بالدم مع تسجيل حالة نشاط غير معهودة، في حين سجل عمل هذه الأعضاء معدلات نشاط أقل بعد مشاهدة فيلم ممل بسبب عدم وصول الدم بشكل كامل الأمر الذي أصابهم بالنعاس والضجر.
علاقة الضحك بالجهاز المناعي
قالت الدراسة إن حالات الضغط والتوتر والقلق تحد من نشاط الخلية أما الضحك، والمرح، والسعادة، فتزيد إفرازات الجسم المضادة، الأمر الذي يعزز من وجود وكثرة الخلايا المناعية، وفيما يخص تعزيز الجهاز المناعي، قالت الدراسة إن حالات الضغط والتوتر والقلق تحد من نشاط الخلية، أما الضحك والمرح والسعادة فتزيد إفرازات الجسم المضادة الأمر الذي يعزز من وجود وكثرة الخلايا المناعية.
فالضحك يجعل الخلايا الطبيعية تقوم بدورها في تدمير الأورام والفيروسات عبر زيادة إفراز الجسم للبروتينات التي تقضي على الأمراض المعدية ونشوء الخلايا السرطانية، بدوره قال الطبيب يرجي تيل رئيس العيادة النفسية لدائرة براغ السابعة إنه يستخدم هذا النوع من العلاج لمرضاه وهو النصح بالضحك.
ذلك لأنه يساعد في بعض الحالات إلى إحداث نوع من التوازن بين الحالة المسببة للمشاكل الأليمة، وتخفيف الأمراض النفسية المعقدة مثل تلك التي تحدث للمدمنين، مثلا على الكحول وإنه يتم بالجلسات الأخيرة من العلاج النفسي، زيادة برنامج المرح والضحك الأمر الذي يبعث على الأمل وشفاء المريض.
وكلما كان المريض النفسي متجاوبا ومرحا وضاحكا أسرع ذلك بتقصير فترة العلاج ونجاحها، على أن يتابع الخطى نفسها بعد فترة العلاج ومنها الابتعاد عن التفكير الجدي في المشاكل الدائمة، والاستعاضة عن ذلك بالبحث عن المرح وحضور الأفلام الكوميدية بشكل دوري.
وأوضح أنه يفضل أن تكون السعادة والضحك مع مرور الوقت تشغلان حيزا أكبر في حياة المريض بنسبة تصل إلى 70%، أما بالنسبة للإنسان العادي الذي لا يعاني من أي مشاكل صحية أو نفسية فيجب أن لا تقل نسبة المرح والضحك والسعادة عن 50% من حياته اليومية.
وذلك لأن الإنسان منذ ولادته يتعلم الضحك قبل أن يتعلم الكلام، وهذا النوع من الضحك هو شكل من أشكال التواصل بين الأم وطفلها فعندما تضحك الأم يشعر الطفل بالأمان والسعادة.
الفوائد الصحية للضحك
يساعد على محاربة الاكتئاب والحزن، وزيادة الهرمون الخاص بالشعور بالسعادة، ويساعد على تقوية الجهاز المناعي للجسم، وحمايته من العديد من الأمراض، يساعد على زيادة نسبة الأكسجين في الدم، ما يؤدى إلى التخلص من الربو، يساعد على التخلص من الأزمات القلبية، لأن الضحك يتسبب في تدفق الدم بالأوعية الدموية.
بالإضافة إلى أنه يساعد على تحسين مستوى الذاكرة، كما يساعد على الاحتفاظ بالمعلومات لأطول فترة ممكنة، ويساعد على تأخر ظهور علامات الشيخوخة المبكرة. لأنه يساعد على تدفق زيادة تدفق الدم في الوجه، ويساعد على التخلص من التوتر، ويساعد على الاسترخاء، يساعد على تحسين عضلات الحنجرة.فوائد الضحك الجسدية.
وقال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن الضحك يساعد على تعزيز صحة وسلامة الجسد بشكل عام، ومن خلال ما يلي: “تحسين صحة القلب والرئة، وتنشيط الدورة الدموية، العمل على تسكين الآلام وتقليل الشعور بالتعب، تعزيز القدرة على النوم العميق، يزيد من معدلات مناعة الجسم”.
تسكين الوجع بلا أعراض جانبية
هناك متابعين الذين يجدوا الضحك عقاراً ناجعاً للتهدئة من حالات اليأس والإحباط وفقدان الشغف، حيث أن هناك غرفة للضحك مخصصة للاستشفاء النفسي، بعد تجربة المستشفيات الأميركية في استحداث غرفة الضحك المخصصة للاستشفاء النفسي، والتخلص من الضغوط.
وانتشرت في دبي والوطن العربي غرف مجهزة صحياً لتقديم خدمات علاجية ونفسة، خاصة في زمن الوباء الذي فاقم الضغوط، والأمراض النفسية المستعصية الناتجة عن أزمات اقتصادية ومخاوف عالقة واضطرابات النوم وجودة الحياة.
هل الضحك مفيد جسديا وعقلية.. وهل فرضية الضحك حقيقية أم وهمية
ديفية تحفيز الشخص على الضحك، هناك ما يسمى “ضحك اليوغا”، يرتكز على التنفس بطريقة معينة لتحقيق نتائج صحية مذهلة، واليوغا لا تتطلب أي قدرات خاصة أو مهارات رياضية فقد طورت الدكتورة مادان كاتاريا يوغا الضحك في عام 1995 على أن أجسامنا، لا تدرك ما إذا كانت فرضية الضحك حقيقية أو وهمية وهل الضحك مفيد جسديا وعمليا معا.
وتهدف يوغا الضحك لإعادة الناس إلى جذورهم وتحفيزهم للضحك كأطفال لخلق كوكتيل فرح” ممزوج بهرمونات كيميائية تحافظ على صحة الجسم، وتضاعف سعادة النفس، وينصح خبراء إنه عند ممارسة الضحك ينبغي مراعاة أن يكون في بيئة مريحة وامنة تحفر الفرد على فضفضة كامل مخزونه العاطفي والنفسي وسط نوبات.
يفرز هرمون الأندروفين ويحرك أكثر من 300 عضلة في جسم الإنسان
حيث يقول الدكتور عاطف زيدان، اختصاصي الطب النفسي، في إفاداته لـ “العربية نت” إن الضحك سلوك نفسي مريح وفعل اجتماعي يساهم في استعادة التوازن في المزاج والعاطفة، مشيرا إلى أن الضحك ليس مجرد فهقهة بل إنه من وتقنية وتدريب روحي شاق يمنح الروح متنفساً شعورياً للفضفضة، كما إنه أسلوب صحي العلاج كثير من أمراض العصر.
فإن الضحك المفتعل، يوفر الفوائد الصحية للضحك العلوي، وفقاً للطبيب الهندي مادان كاناريا مؤسس علم التداوي بالضحك في العام 1995، دعا إلى الاحتفال باليوم العالمي للضحك عن طريق التفاف الناس في الشوارع للضحك مدة ثلاث دقائق متواصلة، وتعد ألمانيا أول البلدان إحياء لهذا اليوم لينتشر بعدها نحو 6 آلاف نار الضحك حول العالم.
وحسب الدكتورة فتحية المصري، اختصاصية علم الاجتماع، فإن الضحك يحرك أكثر من 300 عضلة في جسم الإنسان، ويساهم في تحسين المزاج من خلال إفراز هرمون الأندورفين المرتبط بالسعادة، كما يقلل من إنتاج هرمون الكورتيزون المسبب التوتر ويساعد على تحسين الدورة الدموية، وتوسعة الرئتين للتنفس براحة أكثر.
“وصفة سحرية” معتمدة طبيا لتعزيز مشاعرنا الصحية
توجد مراكز مختلفة التخصصات في الإمارات متخصصة في العلاج بالضحك، وقالت إلين فراج خبيرة تمارين بالضحكة: نظراً لتقط حياتنا المتسم بالقلق فإن عملية إفراغ شحنات الضحك بطابة “وصفة سحرية” معتمدة طبياً التعزيز مشاعرنا الصحية وتعجيل الشفاء، كما تعتمد أرقى المراكز الطبية في هولندا والسويد تطبيق الاستشفاء بالضحك على مرضاها.
وبالأخص الحالات المستعصية التي تتطلب قدراً كبيرا من الراحة والاسترخاء والرعاية الفائقة، على أن الضحك يستطيع وفق آلية معينة التخفيف من حدة الضغوط والتشنجات وتوتر الأعصاب، وإذا ما أدى المرء تمارين الضحك باتقان، فإنه سيشعر يقينا بتحسن ملموس.
قوة ثلاثية تحارب القلق والتوتر والاكتئاب
الضحك وفق دراسات طبية قديمة منذ الثمانينيات، أثبت فاعليته العلاجية كثير من أمراض العصر، يوصف بأنه قوة ثلاثية، زتحارب القلق والتوتر والاكتتاب له مفعول السحر على الصحة النفسية والعصبية، وإن تفريغ شحنات التوتر ومشاعر الكبت عبر تفجير فيفهات بطيئة وفق تكتيك عملي مدروس تساهم في تعديل طقوس المزاج الذهني.
الضحك وسيلة رائعة لحل مشاكل الزوجين
من جهة أخرى تقول أنجلينا كارما: إنها تتعلم تقنيات الضحك من أجل تلطيف مزاج زوجها الذي يعمل في وظيفة مليئة بالضغوط الحادة، لهذا ترغب بشدة إضفاء جوا مرحاً يغزو بيتها بدفء التألف سعيا منها إلى إراحة ذهن زوجها من إرهاصات العمل.
وتضيف: “أشعر عقب دورة الضحك هذه بتحسن كبير في مزاجي، فلم يكد يمر وقت طويل حتى لاحظ زوجي أننا تنعم باستقرار أسرى ونعيش متعة أكبر، لقد صرت أكثر تحمساً تجاه تحديات الحياة كما يت أكثر استعداداً للبحث عن حلول للمشاكل الصغيرة”، بدلاً من مجرد لفت نظره لها، وقد كان لتعلمي مهارة الضحك أثرا في علاقتنا وحيوية تغشى منزلنا.
وتختم أنجلينا: “بما أن الضحك وسيلة رائعة لإنعاش الروح فإنه كذلك ضرورة حميمة للتخلص من اضطرابات العاطفة داخل الجسم والعقل فمن خلاله تعلمت كيف أكون شخصية خفيفة ظل ممتعة ومتجددة بشكل أكبر”.