تحقيق – لبني عسكورة
يعد ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ من احتياجات المجتمع، حقوقهم واحتياجاتهم التي يجب أن تُلبى وحياة كريمة حتى تشارك الفعّالة في مختلف جوانب الحياة، إن الاهتمام بهذه الفئة ليس مجرد مسؤولية اجتماعية، بل هو دليل على تجربة المجتمع وإنسانيته.
والإعاقة ليست سببا لمنع الشخص من مواصلة حياته وتحقيق أحلامه، وأن يصبح قدوة وملهما للمقربين منه أو بشكل عام، فالإعاقة قد تكون محفزا ودافعا قويا للشخص المعاق لتحقيق هدفه من الحياة والتغلب على ظروفه والتأكيد على أنه حين توجد الإرادة لا يستطع شيء كسرك أو إيقافك.
في هذا التحقيق، سنتناول قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، والتحديات التي تواجههم، والجهود المبذولة لإشراكهم في المجتمع.

أبطال ذوي الاحتياجات الخاصة
شخصيات ملهمة من مختلف أنحاء العالم العربي
كل منهم يحمل قصة نجاح فريدة ومختلفة وتتنوع المشاريع والمبادرات، لكنها تشترك جميعا في هدف واحد، تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين حياتهم، مما يساعدهم بالاندماج في المجتمع.
الشابة ألفة الدبابي
وهي فنانة تونسية في المجال الرقمي رفضت السماح لإعاقتها بأن تحرمها من حق المساهمة في مجتمعها، خاصة في وقت يتفشى فيه التنمر عبر الإنترنت في العالم، ويتم الحكم على الأشخاص على أساس مظهرهم، الدبابي أكدت لأخبار الأمم المتحدة أهمية التكنولوجيا والابتكار في بناء مجتمعات شاملة.
وقالت أثناء وجودها في جناح يعرض أعمالها الفنية الرقمية: “شغفي بالتكنولوجيا والابتكار يجعلني أخدم الآخرين، وعلى الرغم من أنني أعاني من إعاقة في الجهاز العصبي، إلا أنها لم تعطلني، بل ألهمتني لمواجهتها لأصبح المرأة التي أنا عليها الآن، الابتكار والتكنولوجيا ليسا شغفي فحسب، بل هما من عوامل تمكين العمل الذي أقوم به الآن”.
أسست الشابة شركة تدعى أولفس (OLFUS) والتي تستخدم الفن الرقمي لنقل رسائل مختلفة، بما في ذلك تشجيع الأشخاص الذين يواجهون تحديات.
وقالت “أرغب في التحدث عن التنمر لأنه ليس بالأمر الجيد، أتحدث أيضا عن أهمية قبول هويتنا ورفض العار الجسدي وكذلك الصحة العقلية، لقد تعرضت للتنمر عندما كنت طفلة بسبب الإعاقة، لكن عائلتي كانت بجانبي”.
تستخدم الدبابي الآن تكنولوجيا الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي لإنتاج فنها والطباعة على الأوراق والقمصان والأكواب لمشاركة الرسائل التي تساعد أولئك الذين يواجهون تحديات مثلها، قائلة إنه مع مرور الأيام، نحتاج إلى المزيد من الذكاء الاصطناعي.
المهندس والمخترع والمدرب الدولي أيوب أسد
عرّف المهندس أيوب أسد نفسه بأنه مخترع ومدرب دولي وصانع محتوى من البحرين، واخترع أيوب نظاما لتخفيف المعاناة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة فيما يتعلق بمواقف السيارات، يقول: “إنه يصعب على الأشخاص من ذوي الإعاقة أن ينزلوا من سياراتهم لإزالة الحواجز عند الدخول إلى مواقف السيارات”
وأضاف “ابتكرتُ اختراعا في شكل تطبيق على الهاتف المحمول يمكّن الشخص المعاق من معرفة المواقف المتاحة في المستشفيات والأماكن العامة وبالتالي يمكنه أن يحجز الموقف قبل أن يخرج من منزله، وعندما يصل الشخص المعاق إلى الموقف يتم التعرف عليه بالذكاء الصناعي ومن ثم يفتح الموقف بطريقة ذكية وعندما يخرج من الموقف ينغلق حيث يمكن أن يستخدمه شخص آخر”.
يقول أيوب إنه شارك في عدة مسابقات دولية وعالمية وحقق عدة إنجازات من البحرين والبرتغال، وشارك أيضا في معرض الاختراعات الدولي في الكويت.
وجه أيوب رسالة للأشخاص من ذوي الإعاقة فقال:”رسالتي للأشخاص من ذوي الإعاقة هي ألا تمنعنا الإعاقة، بل يجب أن تكون دافعا أساسيا لنا كي نحقق إنجازات ليس فقط في مجالنا، بل نستطيع أن نحقق إنجازات لمجتمعنا وللعالم ونساعد العالم كي يكون مكانا أفضل للجميع”.
قدوة وأيقونة للشباب
ياسين الزغبي شاب مصري في مقتبل العمر، واجه العديد من المصاعب، ورغم إعاقته صار أيقونة لكثير من الشباب.
تعرض ياسين لحادث فقد فيه ساقه اليسرى منذ صغره، أثناء ممارسته للسباحة، ولكنه تحدى الإعاقة بالعزيمة والقوة، ورفض النظر إلى سلبيات الحياة، وقام بتركيب ساق صناعية بعد رحلة علاج بالخارج، وتمكن من التدريب على موازنة الخطوات، حتى دخل في تحدي ركوب الدراجات الأول.
لم تتوقف حياته وعزم على السير نحو المستقبل وتحقيق أحلامه، لا تفارق وجه الابتسامة، تحدى الإعاقة وشارك فريق مدرسته للسفر بالدراجات من القاهرة إلى الغردقة في 3 أيام.
طاف بدراجته محافظات الجمهورية، ليثبت للعالم أن الإعاقة قوة دافعة للعيش بإيجابية والعمل على تحقيق الأحلام، وقال إنه “لف بدراجته مصر حينما بلغ من العمر 17 عاما”، وأضاف أنه “دخل القرى والنجوع وعرف ليه بيقولوا على المصري أصيل وجدع لأن حب الخير قبل كل أي حاجة من البعيد قبل القريب”.
دعم وزارة التضامن لذوي الاحتياجات الخاصة
تواصل وزارة التضامن الاجتماعي فعاليات مبادرة “أحسن صاحب” لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع والقضاء على عزلتهم الاجتماعية، والتي تنفذها الوزارة بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة صناع الحياة مصر، حيث شارك 1500 متطوع في فعاليات الدمج الفني لذوي الإعاقات المختلفة في 24 محافظة ضمن فعاليات المبادرة.
وتضمنت الفعاليات إتاحة مساحات آمنة تم فيها تنفيذ أنشطة فنية متعددة تشمل “لرسم – النحت – الخزف – الهاند ميد – مسرح وتمثيل”، حيث شارك المتطوعون مع أشخاص من أصحاب الإعاقات المختلفة في المحافظات المستهدفة في تنفيذ الفعاليات.

قصص نجاح ذوي الاحتياجات الخاصة
لا يمكن إنكار الدور الهام الذي يلعبه ذوو الاحتياجات الخاصة في المجتمع، فهم قادرون على الإبداع والإنجاز عندما يتوفر لديهم البيئة والفرص الأمثل، إن تحقيق العدالة والمساواة لهم ليس مجرد وعد فإن.
لذلك من الضروري تعزيز الوعي بقضاياهم، والتكثيف المستمر لدمجهم في مختلف مجالات الحياة، سواء في التعليم أو العمل أو الحياة الاجتماعية، فمجتمعنا يصبح أكثر قوة وإنسانية عندما يكون شاملاً للجميع، دون تمييز أو إقصاء، لنكن جميعا جزء من الغد، ونسهم في بناء مجتمعنا.
البسيطة والإعاقة السمعية في مدارس التعليم العام والتعليم الفني بعد اجتياز مرحلة التعليم الأساسي، وإلحاق ذوي الإعاقة الذهنية بمدارس وفصول التربية الفكرية.
قامت وزارة التعليم بتدريب 5400 من معلمي الأشخاص ذوي الإعاقة على استخدامات وتقنيات الحاسب الآلي لتسهيل التواصل مع الطلبة، وأيضا تزويد جميع مدارس المكفوفين بأجهزة إبصار ناطقة وتزويد معظم مدارس التربية السمعية بأجهزة السمع الجماعي.
إدخال منظومة الفصل التفاعلي بالصفين الأول والثاني الثانوي بمدارس الأمل للصم بجميع المحافظات، وصدور قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 651 لسنة 2016 بقبول ذوي الإعاقة السمعية بالجامعات المصرية، ودعم 24 مركزا لذوي الإعاقة بالجامعات الحكومية.
تمنح الدولة ذوي الإعاقة إعفاء ضريبيًا وجمركيًا على السيارات وتخفيضًا نسبته 50% بوسائل النقل والمواصلات، تخصيص 5% من وحدات الإسكان الاجتماعي، لذوي الهمم.

أبطال مصر من ذوي الإعاقة
تقدم الدولة دعمًا نقديًا وخدميًا مباشرًا لذوي الإعاقة يشمل مساعدات نقدية شهرية للأسر التي يكون بينها طفل معاق ذهنيًا، علمًا بأن 28% من إجمالي بطاقات صرف المساعدات الاجتماعية ببرنامج تكافل وكرامة توجه للأشخاص ذوى الإعاقة.
إطلاق منصة الشبكة القومية لخدمات الأشخاص ذوي الإعاقة، للتطوير والوصول إلى فرص وظيفية أفضل، تبعًا للمؤهل ونوع الإعاقة ومكان السكن.
إطلاق تطبيق انطلق، لمساعدة ذوي الهمم في معرفة وتحديد الأماكن، على هواتف الأندرويد والهواتف بنظام IOS .
وتأتي هذه المبادرات بتوصية مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبسبب تلك المبادرات، تم اختيار مصر بعد سنوات قليلة في أن تكون ضمن أهم 10 دول على مستوى العالم في مجال سياسات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.
الدعم الاقتصادي لذوي الهمم
تم تأسيس صندوق عطاء، وهو صندوق استثماري خيري برأس مال مليار جنيه بهدف تقديم الدعم المادي لذوي الاحتياجات الخاصة لشراء الأجهزة التعويضية والمستلزمات الخاصة به، وتم توجيه أول دعم للصندوق بمبلغ 80 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر، هذا بجانب توفير 216 مكتب تأهيل في جميع المحافظات لمساعدتهم في إجراءات حكومية يطلبونها.
وبجانب إنشاء صندوق قادرون باختلاف، والذي يتولى التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير أوجه الدعم لذوي الهمم، وقد تم إنشاؤه بالقانون رقم 200 لسنة 2020، ويوفر لأصحاب الهمم مقدرات مالية بعيدًا عن ميزانية الدولة، ويوفر منحًا دراسية بالمعاهد والجامعات بالداخل والخارج.
ويسهم في تغطية تكلفة الأجهزة التعويضية وتكلفة العمليات الجراحية المتصلة بالإعاقة، وكذلك المساهمة في تمويل وبناء وتشغيل مراكز الرعاية الصحية لهم، وتدريبهم وتشغيلهم لتوفير الحياة الكريمة التي يستحقونها، ودعم مشروعاتهم المتوسطة والصغيرة، وتوسيه قاعدة ممارستهم للأنشطة الرياضية والثقافية.
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي احتفالية “قادرون باختلاف” في نسختها الخامسة بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالقاهرة الجديدة.