تحية محمد
لا تعاتب إلا من يستحق ،ولا تعاتب إلا على شيءٍ يستحق.
لا تجعل من العتاب منهجا لك في الحياة، يسلبك إرادتك وتنصاع لأوامره.
إدمان العتاب خيبة، وكثرته تورث قلبك ألما فوق ألمه، كل شيءٍ سيمر، لن يؤلمك بعد ذلك خذلانهم، لن تشعر بتلك الوَخزة التي كادت أن تقتلك في الماضي. تغاض لتلتفت إلى حياتك، لطموحاتك ونجاحاتك، وتوفر كل لحظة ندم وألم، وتستثمرها كي تقويك ولا تسلبك طاقتك، تغاض ولا تجهد روحك في البحث عن الأخطاء، من أحسن فأحسن إليه، ومن أساء لا تعاتبه، إلا لو كان هذا سيرجِع لك ما مضى ويستحق، فكثرة العتب تورث الكره والزهد، تضيع حقك وتسويك بالأرض تهدمك.
إن زاد الأمر فوق طاقتك ارحل عنهم بكرامتك، اهجر سبلهم وتخير لنفسك سبلا غيرها، سبل تقويك لا تضعفك، تبنيك لا تهدمك، تعليك لا تطرحك أرضا، ولا تعوّل عليهم، ولا ترم شباكك بعد اليوم عليهم، احتم بذاتك وبمن يستحق لا من يهوى الخذلان.
اترك ما يحزنك ولا تعلق روحك بأشياء تستنزف ما بقي فيها من طاقة، فمتابعتهم خلف الشاشات وما يكتبون ويتحدثون به عنك تسلبك ولا تعطيك، تنغص عليك لحظاتك، تشتت فؤادك، وتعصف بما بقي فيك من أنفاس، فخذ بيدك وابعدها عما تظن أنه الراحة لها، ومهما انكسرت حاول أن تعيد ترميمها سريعا حتى لا تدمن الانطفاء ومن ثم تظلم إلى الأبد، ولا تستسلم لأحزانك، فقط سلمها لذكرك وقرآنك.
واعلم أن من يريد الخروج لا يعجزه شيء ولا يرده عن عزمه ذكرى ولا فضل ما دام عقد العزم، فـاتركه ولا تكثر ، وأن من يحبك ليس بالضرورة من يتودد إليك دوما وعلى مقربة منك.
أصدق الحب هو ما توارى عنك ولازمك في الدعوات والأعمال، وأن الظاهر لا يغني عن الباطن؛ فالأصل في الأمور والعلاقات بواطنها، فالكل يحسن التصنع فقد يظهر لك عكس ما يبطن.
تعامل مع الغير بمبدأ المعاملة بالمثل، أحب من يحبك وقدر من يقدرك وازهد فيمن يزهد فيك، وأبعد بروحك ونفسك عن كل من يسلبك طاقتك ،واعلم أن من خذلك واستغنى فأنت عنه أغنى، ففوض أمورك إليه بتسليم تام، وتأكد أن الخيرة فيما يختاره الله، ولا تسمح لأحد أن يعكر صفو حياتك ويساهم في كسرك وتحطيمك، واجمع أنقاضك وابن بها جسرا لعالم مليء بالرضا عن أفعال الله، استجمع قواك وانهض، فدور الضحية لا يليق بك، فلا تعاتب.