تحية محمد تكتب
مات الزوج، التف الجميع معزيا ومواسيا للزوجة الارملة، انتهت أيام العزاء حتى وجدت نفسها وحيدة أمام مأساتها
ومسئولياتها الجديدة، وبالإضافة إلى هذه المعاناة تبدأ معاناة من نوع آخر، معاناتها من نظرة المجتمع لها لكونها بلا زوج، فيحسبون عليها حركاتها وسكناتها.
يعرف الأرملة بأنها سيدة قدر لها أن تفقد زوجها وسندها وعائلها، تناول رعاية المجتمع المسلم الذى ينبغى أن يكفلها كفالة سوية هى وأبناءها، ويقرر أن المجتمع العربى مازال ينظر للأرملة نظرة تعاطف وتراحم باعتبارها ذات ظروف خاصة، وتحتاج لمن يساندها، ويدعم كفاحها.
النظرة الإيجابية للأرملة قد تتغير نوعا ما إذا أقبلت الأرملة على الزواج مرة أخرى فيعتبرها الآخرون جاحدة، وغير وفية أو غير حريصة على أبنائها. برغم أن هذا الزواج حق أساسى أجازه لها الشرع بعد انتهاء العدة، خاصة إذا كانت فى مقتبل العمر، ولديها أطفال بحاجة إلى رعاية الأب، فلها أن تتزوج لكى تعف نفسها، وتكمل حياتها فى ظل أسرة طبيعية، وعلى الزوج أن يكون رءوفا رحيما بهم، وأن تكون لديه القدرة على التعامل معهم، بحيث يحل محل الأب فى حياتهم إن الرؤية تعتمد على طبيعة وثقافة وأخلاقيات المجتمع، ومدى التزامه بدينه، والخبرات التى مر بها فى الأسرة من تعرض أمه، أو أخته للترمل، فيكون حكمهم على المرأة صحيحا وثاقبا.
وتسهم الأرملة نفسها فى بلورة هذه النظرة سلبا أو إيجابا، فإذا كانت هذه الأرملة وفية لزوجها، مكافحة مع أولادها، فإنها غالبا ما تلقى المساندة والتأييد، والتعاطف من قبل الآخرين لدعم رسالتها، واستكمال رحلتها فى تربية أبنائها، ورعايتهم والعكس صحيح. فإن الوعى والثقافة الدينية للمحيطين بالأرملة يلعبان دورا كبيرا فى تشكيل الصورة الاجتماعية بحيث لا يأخذون الناس بالشبهات، ولا يتسرعون فى قذف المحصنات، والحكم عليهن بلا بينة. أن الصورة الإيجابية للأرملة تساعدها على الانخراط والتفاعل مع الآخرين فى العمل، وبين الجيران، والأقارب، وبدلاً من أن تجلس وحيدة تجتر الماضى وذكرياته، تحاول أن تخلق لنفسها جماعات مرجعية بشرية سوية، تكون بمثابة إسعافات سريعة لتضميد جراحها، وضمان عودتها للبداية الصحيحة بعد ترتيب أوراقها. ولكن إذا كان زواج الأرملة حقا شرعيا لها، فإن الأفضل لها أن تعكف على تربية أبنائها وتحيطهم برعايتها.