كتبت – بسمة البوهي
أختار نور الشريف طريق الخلود الفني لا طريق الشهرة السريعة، حين آمن أن البقاء في الذاكرة لا يُصنع بالصدفة، بل بالحُب والتأنّي والإتقان، لم يكن ممثلًا عابرًا، بل صانعًا دقيقًا لكل شخصية، يمنحها ماضيًا خفيًا ومنطقًا داخليًا، فتخرج من تحت جلده حيّة نابضة.
وأصرّ على المذاكرة الدقيقة، وأحتفظ بكراسات خاصة لكل دور، يدوّن فيها نظرات الشخصية، ومشيتها، وتفاصيل حركتها، وجسّد ذلك في أدق اللمحات، مثل حركة رقبته الشهيرة في فيلم “العار”، والتي استلهمها من مراقبة رجل ريفي ثري لم يفقد حنينه للجلابية رغم ارتداء البدلة.
ونافَس بشرف ولم يغلق قلبه عن تقدير الآخرين، وأشاد بزملائه أحمد زكي، وعادل إمام، بينما ظل يؤمن بخصوصية موهبته قائلاً: بس أنا برضه نور الشريف، لم يصنع من المنافسة خصومة، بل وسيلة لخلق” فن أفضل”.
وغامر فنيًا واقتحم مناطق صعبة في السينما المصرية، كما فعل في فيلم “أصدقاء الشيطان” الذي واجه فية فكرة الموت، أو عندما أختار روايات نجيب محفوظ الصعبة، لا تلك التي تضمن النجاح الجماهيري.
وأنتج فيلم “آخر الرجال المحترمين” عام 1984، مؤمنًا برسالته الإنسانية، رغم إدراكه لمخاطره التجارية، ورغم ضعف الإقبال المحلي، حقق الفيلم انتشارًا واسعًا في أوروبا، خاصة ألمانيا والصين، حيث تم تقديره كقيمة إنسانية خالصة.
وواجه الخسارة بصبر، وأعترف بأن ضعف الدعاية ساهم في فشل الفيلم تجاريًا، لكنه ظل فخورًا برسالته، ومؤمنًا أن الفن الحقيقي ينتصر ولو بعد حين.