تحقيق ـ بسمة البوهي
يشكل القتل ظاهرة خطيرة تؤثر على المجتمعات في جميع أنحاء العالم وتدمر نسيج المجتمع وتهدد حياه الافراد والأسر، ونكتشف أبشع وجوه الإنسان في طبيعتنا البشرية، ويجب ان نكتشف ما الدوافع التي تجعل الانسان يفعل مثل هذه الجرائم ونحاول أن نظهر ما وراء الكواليس للجرائم، وكيف يمكن لمجتمعنا ان يتعامل مع هذه الظاهره المخيفة.
آراء المواطنين في الشارع عن ظاهرة القتل
وبالحديث مع آراء المواطنين في الشارع المصري حول تلك الظاهرة اختلفت الآراء فقال أحد المواطنين (أ.ص) “أنا طالب جامعي وجرائم القتل المنتشره تجعلني أشعر بعدم الأمان، وهذه الجرائم خلقت بداخلي فجوه وخوف من زملائي حتى صديقي المفضل و اذا طلب مني أحد مساعده في شيء أحاول ان اتجنبه تماماً”.
واوضحت (و.س) “انا أشعر بالخوف عندما أسمع جرائم القتل وأنها في الفترة الأخيرة أصبحت بشعة لدرجة لا توصف وكاننا نعيش في المحيط، والناس تسير تحت مبدأ القوي يقتل الضعيف مثل سمكة القرش تأكل الأسماك الضعيفة بكل سهولة”.
وأشار (ح.ح) قائلا: “انا رجل أبلغ من العمر 55 عاماً في شبابي لم أسمع عن مثل هذه الجرائم، وكان هناك سلام نفسي وتنتشر المحبه بين الناس إما في عصرنا هذا كثر القتل والعنف وأعتقد أن هذه الظاهره انتشرت بسبب بُعد الناس عن الدين وانتشار الأغاني والتي تندرج تحت مسمى «المهرجانات» انا اشعر بالحزن على الحال الذي وصلنا له”.
وأكدت (ه.ص) “أنا ربة منزل ومع إنتشار القتل والعنف بين الناس والذي بدأ ينتشر بين الأطفال أشعر بالخوف على أولادي حتى من اللعب أمام المنزل؛ فما أن تتخيل أنه يذهب للمدرسة او للدروس بمفرده، لذلك في هذه الأوقات أذهب معه واعيده للمنزل حتى أضمن ان يكون في أمان.
البطالة وعلاقتها بزيادة معدل الجريمة
واجتمعت بعض الاراء على أن للبطالة سبباً مهماً في إنتشار العنف بين الناس، لأن الشباب لا يجدون عملاً ينشغلون ويهتمون به وهذا يدفعهم الى إرتكاب مشاكل وجرائم مختلفه مثل القتل والمشاجره مع الناس، على الرغم من توافر فرص العمل التي تعمل الدولة على توفيرها بأي طريقة.
المخدرات وعلاقتها بزيادة معدل الجريمة
وليس ذلك فقط بل من المؤكد ان تعاطي المخدرات مثل الشابو وغيرها من المنتجات التي تغيب العقل، ومن ناحيه اخرى اذا كان الشباب لديهم عمل يلتزمون به سوف يفرض عليهم الاجتهاد والوصول الى مكانه مرموقه لأجل الزياده في الراتب أو التفوق على زميله في العمل لأنها فطره في النفس البشريه أنه يريد ان يكون متفوق ومتميز عن البقيه، وكل هذه الدوافع والطموحات سوف تجعله لا يملك وقت للتفكير في خلق المشاكل والتفكير في شيء خاطئ والذي يشغل تفكيره هو النجاح في العمل والعوده للمنزل ليرتاح بعد يوم طويل من التعب والمجهود.
الجانب القانوني في جرائم القتل
وبالانفراد في الحديث مع المستشار “عمرو شيحه” أوضح أن قضايا القتل ليست سهله وتتطلب مجهود كبير من العمل وجمع المعلومات عنها، وقبل البدء في مثل هذه القضايا يجب ان نعرف ما الدافع الذي دفع المتهم لأرتكاب هذه الجريمة وهل كان في سابق عداوه بين الجاني والمجني عليه وما الأمور التي حدثت لتصل الى القتل.
ومن المفترض أن يتعاون المتهم مع المحامي ويحكي ما حدث للشرطة بدلاً من الإنكار لأن الحقيقة ستظهر بطرق كثيرة مثل كاميرات المراقبة أو الشهود الذين حضروا الجريمة واعترافه من الممكن أن تخفف عنه العقوبة.
عقوبة القتل العمد
واضاف “المستشار القانوني” أن أنواع القتل كثيرة وبالتالي تختلف العقوبات أولا القتل العمد، وهو أن القاتل يكون لديه نيه للقتل في وقت إرتكاب الجريمة ولا يشترط أن يكون هناك تخطيط مسبق والعقوبة تكون مختلفة ولكن من الممكن أن تصل إلى الاعدام.
عقوبة القتل مع سبق الإصرار
وبخصوص ثاني أنواع القتل فهو القتل مع سبق الإصرار أنه من الممكن أن يتشاجر مع الشخص ويحاول أن يقتله ولكن ينجو ويحاول الفرار منه ويصر على قتله ويفعلها ولكن لا تكون هناك تخطيط للقتل والعقوبة الإعدام.
عقوبة القتل مع سبق الإصرار والترصد
أما ثالث أنواع القتل وهو القتل مع سبق الإصرار والترصد وهو القتل الذي يكون القاتل عاقد النيه ويعرف التفاصيل عن الضحيه ويخطط للقتل وهذه تكون العقوبه إعدام فوراً، وهناك أنواع كثيرة من القتل منها الضرب الذي أفضى إلى الموت والعقوبه تصل إلى 7 سنوات والقتل الخطأ مثل الذي يحدث في الحوادث وتصل العقوبه من يوم الى 3 سنوات.
الدوافع النفسية للقتل العنيف الهستيري
يقول الدكتور “جمال فرويز” الطبيب النفسي، أن للقتل عده أسباب وهي ترجع للأهل والتفكك الأسري الذي حدث كثيراً في الفتره الأخيرة والتي تنشأ داخل الشخص غيره من أصدقائه الذين يعيشون في سلام؛ فيبدا أن يفرض سيطرته عليهم وهذه الطريقه تشعره أنه فرض سيطرته على الآخرين وعند وقتها يشعر أنه قوي والناس تهاب منه ويفعل ذلك مع الأهالي في المنطقة حتى يقال عليه «كبير المنطقة» وهناك أسباب أخرى مثل الإضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والاضطرابات الشخصية قد تكون مؤديه للقتل.

جمال فرويز
التنشئة الإجتماعية وعلاقتها بالجريمة
تلعب التنشئة الإجتماعية دوراً مهما في تكوين شخصية الأفراد وسلوكهم، حيث يبدأ العنف عند الإنسان من الصغر حيث يشاهد الطفل الوالدان يتشاجران او المعلم يعنفه بالضرب الشديد، او يرى الناس تتشاجر في الشوارع او أحد يقول له عبارات جارحه وهذا يسبب أذى نفسي للطفل.
كذلك عندما يشاهد الطفل هذه الأفعال تترجم في تفكيره المحدود أن هذه هي لغة الحوار المعتاده ويصبح إنساناً عنيفاً وغير سوي مثلما حدث في البحيرة “أن فتاة لم تبلغ من العمر 15 عام قتلت اخوها عن طريق خنقه لكشفها تشاهد افلام محرمه وخوفاً من معرفه والديها هذا الخبر قتله وفي تفكيرها إن بهذه الطريقة لن يكشف سرها لهذا نستنتج أن للأهل دور كبير جداً في سلام النفسي والفكر لدى الاطفال”.
وأكد مجموعة من الخبراء وهم الدكتورة “فاطمة الحسيني” والدكتور “خالد عبد الرحمن” والأستاذة “مها الشافعي”، أن محاربه العنف ليست مسؤولية جهه معينه بل هي مسؤوليه جماعيه، فكل خطوة نحو السلام تساهم في بناء عالم أكثر هدوءا وأقل عنفاً لنكن جميعاً جزءاً من هذا التغيير لنبني معاً مجتمعات تملؤها الإنسانية والاحترام وتبتعد عن العنف حتى لو كان مضطربين نفسياً.
الدين هو الحد الرادع لجرائم القتل
يعتبر القتل من أكبر الكبائر والمحرمات في الدين ويحرم الإعتداء على النفس بغير حق ويعتبر جريمه عظيمه تؤثر على المجتمع وتعتبر حرمه النفس البشريه من اهم القيم التي يحث الاسلام على احترامها والحفاظ عليها«وقال الله تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق» وعقوبات القتل في الإسلام كثيرة منها أولا “القصاص” الذي يعد عقوبة القاتل وتعني ان يتم معاقبه الجاني بنفس الفعل الذي ارتكبه ما لم يعفوا اهل القتيل ثانياً “الديه” وهي يمكن لاهل القتيل ان يقبلوا تعويض مالي بدلا من القصاص ثالثاً “الكفاره” وهي اذا كان الكثير غير متعمد فاجب على القاتل ان يؤدي كفاره وهي صيام شهرين متتابعين وتحرير الرقبه وهي عتق العبيد.
أحدث تشيب لها الرأس في الفترة الأخيرة
أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي في الفترة الأخيرة حدوث جريمة قتل وقعت في مدينه الاقصر، والتي أظهرت شاباً ثلاثينياً يذبح رجلاً في نهايه الخمسينيات من عمره تحديداً في منطقه ابو الجود وسط مدينه الاقصر في صعيد مصر، والذي كان يتجاوز براسه مردداً عبارات عدائيه امام الماره وكتب بدمه على الحائط ويقال انه اكل من لحمه أيضاً وسط حاله الصدمه والذهول من المواطنين في الشارع الذين لم يستطيعوا التدخل لانقاذ الرجل واكتفوا بتصوير الجريمه.
ويضاف أن الجاني كان دائما يفتعل المشاكل مع أهالي المنطقه وأنه يعاني من اضطرابات نفسيه وغير طبيعي وغير ذلك انه يتعاطى المواد المخدره مثل الشاب، ولكن أكدت التحريات أن المتهم في ذلك الوقت التي حدثت فيه الجريمه كان بكامل وعيه وعلى درايه بما يفعله وان الجريمه حدثت بنزول شاب من منزله بسلاح ابيض يتشاجر مع الاهالي كالعاده، وكان المجني عليه عائد من عمله وتم الاعتداء عليه وقتله بدون سبب مؤدي الى ذلك.

جريمة قتل الإسماعيلية
جاءت الشرطه وتم القبض على المتهم وعرضه على النيابه التي أمرت بحبسه أربع أيام على ذمة التحقيق، وثم عرضه مبدئياً على الطب الشرعي لعمل تقرير شامل حول حالته الصحية والنفسية والعصبية، لعرضها على النيابه العامه في الجلسه، وتم نقله الى مركز الطب النفسي في محافظة قنا والذي أوصت النيابه في قرارها بعرضه عليها لإعداد تقرير شامل بالحاله للتأكد من صحتة النفسية والعصبية وتم اجراء تحليل مخدرات شامل له في المستشفى لإصدار الحكم الأخير.
جريمة الإسماعيلية البشعة
وانتشرت مقاطع فيديو أيضاً لجريمه مشابهه لها منذ ثلاث سنوات في الاسماعيليه والتي حدثت ان شاب يدعى عبد الرحمن الشهير ب “دبور” دخل في شجار مع الضحيه والذي كان يدعي انه على خلاف معه.
واحتدم النقاش بينهم ثم أخرج السلاح الأبيض الذي كان يخفيه وسط ملابسه وانقض عليه طاعنا في اماكن متفرقه في جسده حتى تاكد من موته تم فصل راسه، وتجول بها وسط الماره وكان يطلب من الأهالي عدم التدخل لأنه أمر خاص بينهم وبالفعل تدخل رجلان والذي أصيب بجروح في جسدهم كادت تؤدي الى الوفاة.
وصلت الشرطة وتم القبض على الشاب الشهير بسفاح الإسماعيلية والذي كان متعاطي مخدرات صباح يوم الجريمة واعترف بفعلته وأكدوا على اتزان صحته النفسية والعقلية التي تجعله مسؤولاً مسؤوليه كامله عن كافه الاتهامات المنسوبه اليه.
وفي إحدى جلسات مُحاكمه المتهم قالت أمه ان ابنها مظلوم وكان ضحيه المخدرات و يتعاطى مخدر “الشابو”، ثم بعدها صدر الحكم عليه بالاعدام.
تتمثل المشكلة الكبرى أن الناس تقف أمام هذه المواقف وتشاهد أو تصور وكأن الضحية ليس إنسان يتم الإعتداء عليه، وكأن القتل أصبح أمر طبيعي في حياتنا وكأننا اعتدنا الامر ويشاهدون هذه المواقف مثل ما يشاهدون فيلماً ممتعا، وسوف نتوقف قليلا ونسال أنفسنا هل هذه الأمور طبيعية حقاً ونحن اعتدنا الأمر.
هل سيبقى الحل الوحيد لحل المشاكل هو المشاجرة والتي تصل الى القتل، أم التخلص من الشخص الذي يزعجنا بأي شكل من الأشكال وكأننا في غابة، ولماذا لا تعرف الناس أن العنف ليس حلاً، بل يهدد سلامنا النفس والاجتماعي وأن العنف من هذا النوع قد يبدا بتصرفات فرديه ولكن سرعان ما يمتد ليصبح ظاهرة جماعية تفرز واقعاً مراً ويضعف العلاقات الإنسانية ويغذي دائره من الصراع لا تنتهي.
وستظل الأسئلة التي تشغلنا هي لماذا لا نعتمد لغه الحوار بدلاً من لغه العنف والسلاح، ونبحث عن سبل للتفاهم والتسامح وتبدأ الوقايه من العنف من داخل الأسرة حيث يعد الحوار الصادق والتربيه على القيم والعداله أساساً لبناء مجتمع خال من التوترات، كما يجب ان نتسلح بالوعي فالعنف لا ينشا الا في بيئه تفتقر الى الفهم المتبادل وتغيب فيه ثقافة التسامح.