تحقيق – روفيدا يوسف
فرصة عمل مضمونة براتب مغرٍ، لا تحتاجين إلى خبرة، إعلان متكرر يغزو مواقع التواصل الإجتماعي، ويستهدف الفتيات الباحثات عن عمل، ما يبدو كفرصة ذهبية، يتحول سريعًا إلى كابوس، حيث تقع الضحايا في فخ الإحتيال، وتبدأ رحلتهن مع الإبتزاز والخداع.
منشورات خادعة ووظائف سرابية.. كيف تبدأ القصة
تبدأ القصة بإعلان مغرٍ عن وظائف مثل السكرتارية، خدمة العملاء، أو العمل في مجال المبيعات، تتواصل الفتاة مع الشركة، فيطلبون منها دفع رسوم تسجيل تتراوح بين 200 و500 جنيه، أو إرسال صور وبيانات شخصية بعد الدفع، إما أن تختفي الشركة، أو تضع شروطًا تعجيزية للحصول على الوظيفة المزعومة، لينتهي الأمر بالخداع.
ضحايا بالمئات.. فتيات يروين مأساتهن مع المحتالين
تقول”س.م” 23 عامًا “رأيت إعلانًا على فيسبوك عن وظيفة سكرتيرة براتب 6000 جنيه، تواصلت معهم، وطلبوا مني دفع 400 جنيه رسوم تسجيل، بعد الدفع أغلقوا هواتفهم، ولم يردوا على رسائلي”.
تحكي “ن. ع” 25 عامًا “ذهبت إلى مقر شركة توظيف مع صديقتي، دفعنا 500 جنيه، ثم اكتشفنا أن العنوان كان وهميًا، والمكان مغلق تمامًا”.
تروي” ن. ه” 20عامًا، كنت أبحث عن عمل ووجد إعلان عن وظيفة خدمة عملاء براتب 7200 جنيه، فقررت الذهاب وتقديم أوراقي، وعندما وصلت للمكان، شعرت بإحساس فير مريح، بعد شوية جابولي عصير، وحسيت إن فيه حاجة غريبة فيه، كأنه ممكن يكون مخدر”.
وتستكمل حديثها قائلة: “في الوقت ده، كان قريبي وصل وسأل البواب عن الشركة، لكنه قال إن مفيش أي شركة في المكان! لحد ما شافوا بنت تانية جاية تقدم للشغل، وبعدها قدروا يوصلوا ليا في الوقت المناسب، الحمد لله إني كنت حذرة وبعت اللوكيشن، لكن لازم كلنا ناخد بالنا من الإعلانات الوهمية دي”.
تقول”م. ج” رأيت إعلانًا على مواقع التواصل الإجتماعي يعلن عن وظائف برواتب كبيرة في أحد المولات التجارية، فتواصلت مع صاحب الإعلان وطلب مني في البداية بعض الأوراق الشخصية مثل الرقم القومي وشهادة التعليم، ثم لاحقًا طلب مني مبلغ 2000 جنيه، واختفوا بعدها.
غياب الرقابة الأسرية وأزمة الوعي
هذه الحيل ليست جديدة، لكنها تنتشر بسرعة بسبب غياب الرقابة وضعف وعي الفتيات بطرق التحقق من مصداقية الشركات، محمد جبران وزير العمل، أوضح أن “القانون يفرض على شركات التوظيف الحصول على تراخيص رسمية، لكن المحتالين يستغلون الإنترنت لنشر إعلاناتهم دون أي رقابة فعلية”.
أرقام صادمة.. إرتفاع معدل الاحتيال في سوق التوظيف
وفقًا لتقارير حديثة تم تسجيل أكثر من 500 حالة احتيال، عبر شركات توظيف وهمية خلال الأشهر الستة الماضية، و90% من الضحايا هن من الفتيات.

الإحتيال الإلكتروني
بعض الجرائم المتعلقة بشركات التوظيف الوهمية
ضبط ثلاث شركات غير مرخصة في القليوبية، في أكتوبر 2024، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط ثلاث شركات غير مرخصة لإلحاق العمالة بالخارج في محافظة القليوبية، كانت هذه الشركات تقوم بالنصب على المواطنين الراغبين في العمل بالخارج.
حيث استولت على مبالغ مالية منهم بزعم توفير عقود عمل، وتم إغلاق ثماني شركات توظيف وهمية، في أغسطس 2024حيث أعلن وزير العمل عن إغلاق ثماني شركات توظيف وهمية حتى ذلك الحين، مؤكدًا أن الوزارة لن تتهاون مع أي شركة مخالفة.
وفي نفس السياق تم حبس متهمين بإدارة شركة توظيف غير مرخصة بالجيزة، في ديسمبر 2024، أمرت جهات التحقيق بحبس متهمين لإدارتهما شركة توظيف غير مرخصة تعمل في إلحاق العمالة بالخارج في الجيزة.
أستاذ علم الإجتماع يوضح لماذا تقع الفتيات في الفخ
تقول الدكتورة “يسري زريقة” أستاذة علم الإجتماع، أن المكانة الإجتماعية هي أحد الدوافع حول خروج الفتاة للعمل، وأيضا العنوسة والبحث عن فرص الزواج، أحد أهم الدوافع التي تدفع الفتاه للبحث عن اي فرصة عمل دون التحقق من مصداقيته.
ويقول “غزوان صديق حجاج” معيد بكلية الآداب، أن الإستقلال المادي والاقتصادي أهم الدوافع التي قد تدفع الفتاه للعمل.
مستشار قانوني يوضح العقوبة لشركات التوظيف الوهمية
يؤكد المحامي”م.ع” أن “القانون المصري يعاقب المحتالين بالسجن مدة لا تقل عن سنة، وغرامة مالية لا تقل عن 5000 آلاف جنيهًا، لكن المشكلة تكمن في صعوبة تعقب هذه الشركات التي تعمل عبر الإنترنت بأسماء مستعارة وعناوين وهمية.
تعد شركات التوظيف الوهمية ليست مجرد عمليات نصب بسيطة، بل شبكات احتيال متكاملة تستغل أحلام الفتيات، الحل يبدأ بالوعي وبتحرك جاد من الجهات المعنية لإغلاق هذه الثغرات وحماية الباحثات عن العمل، من الوقوع في الفخ.