تحقيق ـ بسمة البوهي
يعتبر الصديق جزءاً لا يتجزأ من تجاربنا وذكرياتنا وهو الذي يشارك أفراحنا وأحزناً ويقفون بجانبنا في الاوقات الصعبة، ولكن مع تغير الزمن وتقلب الأحوال أصبحت النفوس سيئة والنوايا والظنون مخيفة جداً، وأن أكبر جرح يصيب الإنسان أن يغدر به صديقه ويصبح جرحاً في القلب ينزف وليس له دواء ويصبح هذا الجرح عميقاً ويتغير نظرة الشخص للعالم وللأشخاص من حوله، لأنها خيانة للعلاقة بل هو أنكسار للثقة والأمان الذين كانو يحيطان علاقتهم.
نحن أصبحنا في زمن مخيف جداً وقد سمعت مقولة تقول “اختلفوا وتصارعوا فتشابكوا فخسروا وسقطوا من همكين ثم يأتي من يلتهمهم بكل بساطة” معنى هذا أننا لسنا في غابة نأكل الضعيف أو الصديق بل يجب علينا أن نتعاون ونساند بعضنا البعض لنكون أحسن والمجتمع سوف ينهض ونكون قادرين على مواجهة أي شيء.
تجمعت أراء الناس وهي أن نكون بسطاء ولا نحقد على أحد لأن لو ليك نصيب في شيء قد كتبه الله لك سوف تأخذه، فأطمئن ولا تحسد ولا تحقد وطهر قلبك وأنوي الخير لغيرك يأتيك الخير، فلهذا يجب أن نكون أصدقاء وصحبة صالحة ونشجع بعض على الأعمال الصالحة والقرب من الله.
جرائم تظهر بشاعة الاصدقاء
في البداية تلقت الأجهزة الأمنية العثور على جثه هامدة آثار إصابته بجروح قطعيه وكدمات واصابات متفرقة بالجسد، وعند الاستفسار على ما حدث وما سبب هذه الجروح أكدوا أنه تعرض لحادث طريق وأن صديقه “عبد الله” أتصل لأخبار أسرته بوفاته فتوجهوا لنقل الجثمان إلى المستشفى، واشتبهوا في وجود شبهة جنائية في الوفاة.
وتبين وجود شبهة جنائية في الوفاة، وتم التحفظ على الجثة بمشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، وكشفت التحريات والتحقيقات سرقه أموال المجني علية من حصيلة بيع الأعلاف بمدينة المرج.
وأضافت التحريات أن المجني عليه يعمل في توزيع الأعلاف في مدينة المرج بمحافظة القاهرة عن طريق تجميع الأعلاف من مركز الحسينيه، وقام بأستجار مخزن بناحية المرج لتخزين الأعلاف وبعدها يتم توزيعها في نطاق مدينة المرج، وأخذ المتهم ليعمل معه ليفتح له باب رزق يعينوا على الحياة، وخاصة أنه كان متزوج حديثاً مطالباً بدفع مبلغ مالي شهري لوالده.
وبعد 4 أشهر فقط من عملهما سوياً طمع المتهم في أموال المجني علية من بيع متحصلات الأعلاف، وأثناء نومهم سوياً في المخزن أنقض على المجني عليها وقام بمحاولة خنقه وتعدى عليه بقطعة حديدية حتى لفظ انفاسه الأخيرة ثم أتصل بأبن شقيق المجني علية الذي يعمل سائقاً بمنطقه المرج، وأخبره أن خالة مات في حادثة بسيارته، وكان برفقته المتهم إلى المستشفى الحسينية المركزي لإنهاء تصريح الدفن، وتمكن فريق البحث الجنائي بمركز شرطة الحسينية من القبض على المتهم بمواجهته وأعترف بأرتكاب الواقعة.
صرحت أسرة المجني علية أن المتهم صديقة وقام المجني علية بالعطف علية، بعد أن طرده والده أكثر من مرة وكان يسمح له بالنوم في منزله عدة مرات، وعندما تزوج المتهم وطالبهُ والده بدفع مبلغ مالي لمساعدته في نفقات المعيشة قام الضحية بتوفير فرصة عمل له واخذه معه للعمل في توزيع الأعلاف فطمع فية وخيانته للعيش والملح.
وأشار أنهم لم يتوقعوا أن يحدث ذلك من صديقه الذي فتح له باب رزق وقتله، وهو نائم طمعاً في الفلوس كما طلبت والدته وزوجة الضحية بالقصاص، وتناشد الأسرة النائب العام بسرعة محاكمة المتهم إلى المحاكمة لكي تهدأ نار قلوبهم.
“يقتل القتيل ويمشي في جنازته” خط تطوير وتم الترتيب للجريمة وأتصل بأهله حتى لا يكون محل الشك للآخرين، وذهب معهم إلى المستشفى وجهز وتابع كل الإجراءات معهم ولكنه فعل شيء، هذا مثال لغدر الصحاب ونكران الجميل.
جريمة 6 اكتوبر
تعرض سائق ميكروباص لغدر بشع من قبل صديقه وخطيبته ووالدتها، والقى بجثته في منطقة صحراوية بمدينه 6 اكتوبر وعاشت أسرة الضحية “مصطفى سعيد الذي يبلغ من العمر 34 عام” حالة من القلق والترقب لمدة 4 أيام كاملة حيث غاب مصطفى ولم يعد، وبعد رحلة بحث قدمت الأسرة بلاغ بأختفائه حيث قاموا بتحرير محضر بقسم شرطة أوسيم.
وبعد مرور 4 أيام من البحث عثرت السلطات على جثة شاب بالذات المواصفات مقيدة وملقاة بمنطقة صحراوية وبعد تعرف أسرته علية، واصلة السلطات الأمنية في التحريات والتحقيقات، وبفحص كاميرات المراقبة من خلال الأجهزة الأمنية لتتابع خط سير الضحية كشفت عن آخر شخص كان برفقته هو صديقه.
وبسؤال الصديق قال “طلبت منه أنه يطلع وردية وقال إنه رايح مشوار” ولم يشك أفراد الأسرة في كلام الصديق لثقتهم فية، وطول فترة صداقته مع المجني علية.
وتبين أن المتهم خطط من أجل التخلص منه لأستيلاء على سيارته الميكروباص، وتغيير هيئتها والعمل عليها حيث طلب من الضحية سائق الميكروباص أنتظارة على أول الطريق الوراق والصعود إلى سيارته، وأثناء سيره بالطريق كان هناك أتفاقاً مع خطيبته ووالدتها بأن ينتظرونه على طريق دائري الوراق لمساعدته في التخلص من صديقه، وطلب من الضحية أن يقود السيارة وأمسك بحبل وخنقه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وبعدها حاول إخفاء جريمته فأخذ جثته وتركها بالطريق الوسطى إتجاه أكتوبر.
وأعترف المتهمون أمام رجال المباحث بجريمتهم وقالوا إنهم أتفقوا على قتل المجني علية لسرقة سيارته، و تغيير معالمها و تمثلت مهمة المتهم الرئيسي في أستدراج الضحية لمدينه 6 اكتوبر، ثم إنهاء حياته والتخلص منه بجوار الطريق الدائري الاوسطى بمدينة 6 اكتوبر.
رأي الدكتور النفسي في هذه القضية
أكد الدكتور (عاطف الشوبكي) دكتور نفسي، أن السلوك الانساني يقف وراءه دوافع كثيرة تتغير من مرحله عمريه إلى أخرى وأعتناق الإنسان لمبادئ جديدة، وترك مبادئ كانت راسخة لدية لوقت ما وعندها يحدث التقارب أو التباعد والجفاء، فالأمر هنا يضم الفكر والهوية وأهداف الشخص وطريقة تحقيق أفكاره وأهدافه ودوافعه عن هويته، وعندها قد يتباعد الصديقان وفقاً لأختلافهم.

الدكتور عاطف الشوبكي طبيب نفسي
وأضاف الدكتور النفسي السمات الشخصيه لدى كل فرد في طريقه تواصله مع الاخرين، فربما كان نضوج إحداهما قبل الآخر معوقاً في التواصل وربما كان إحداهما أعتمادياً على الآخر، يحدد ويقرر ويؤدي عنه أعماله وإذا فقد تلك الاعتمادية أنقلب على الآخر وربما كان إحداهما عجولاً ومندفعاً، وكثير التقلب والتقمص صلباً للمدح الذي هو نفاق بالطبع مع الاخرين وربما أنانياً لا يطيق مجرد النقد لتصرفاته فيضر بصاحبه لأنه ينبهه، وربما كان أحدهما ليس لديه ثقه ودائم الشك في الآخرين ويصعب أن يتواصل مع الاخرين لأنهم مضطرون دائما إلى إثبات حسن نواياهم وتأمين أنفسهم من غدرهم.
وأستكمل (الشوبكي) أن هناك نماذج من العلاقات أما أن يسيطر إحداهما قائداً أو الآخر تابع له، وأما إن يتشارك القيادة والنشاط والهويات والرأي مع إحترام الخلاف الذي لا يفسد للود قضية، وكما نرى إذا كانت الصداقة مهمة للإنسان ككائن إجتماعي إلا أنها أحياناً تكون أشباعاً لرغبات داخلية أكثر منها تعاوناً، وقد تكون طريقاً للخلافات والنقد غير الموضوعي، والتعصب الأعمى فينتج عنها صدمات بين رفاق الأمس وأعداء اليوم تكون نتيجة وفقاً لثقافة ومبادئ كلاهما.
وتابع الدكتور إذا كنا نقول بأن”اصابع اليد ليست كبعضها”، “مصارين البطن بتتعارك” فلابد من تربية الناشئه على “ثقافه الاختلاف” وأحترام الرأي الآخر وإذا كان لابد من البعد فلا يجب أن تهدم كل الجسور بين رفاق الأمس بأن نلجأ لما يسمى “ضبط المسافات” بأن يكون الحديث فيما نتفق أو نتحمله ونبتعد عن ما يولد الشقاق والصدام.
وينصحنا الدكتور النفسي بأن تخير صديقك جيداً فقد يكون طبيبك النفسي وأنت لا تدري، وقد يكون عدوك الذي لا تراه إلا عند سقوطك، كما قال قيصر روسيا عندما رأى مساعده وصديقه وموطن أسراره بين الذين يطعنونه فقال مقولته الشهيرة “حتى انت يا بروتس إذاً يموت القيصر”.
الجانب القانوني في هذه القضية
أوضح المستشار القانوني (عمرو شيحه) يجب أن أحدد أولا نوع الغدر وتفاصيل الواقعة هل يتعلق الأمر بخيانة مالية أو عاطفية أو إفشاء الأسرار، وأعمل علي جمع الأدله والمعلومات عن القضية وتقييم الاضرار الناتجة وبعد معرفة هذه المعلومات، أتوجة لعمل شكوى رسمية والتفاوض على التسويه أو التوجة للقضاء.
العقوبات الناتجة عن القضية
في حالة تسبب في أذى نفسي أو خسائر مادية نطالب بتعويض مالي، وفي حاله أدى هذا الغدر إلى قتل شخص أو صديقه فإن العقوبة تصل إلى الإعدام أو السجن 25 سنه، وإذا تسبب في إصابات جسديه خطيرة يعاقب في السجن لفترات طويلة وغرامات مالية.
رأي الدين في الصديق
يحتل الصديق في الدين مكانة كبيرة ويعتبر وجود الاصدقاء الطيبين نعمة عظيمة، والاصدقاء الجيدون هم مصدر للدعم والمساندة ويمكن أن يكونوا سبباً في الإزدهار الروحي والمعنوي، والصديق الصالح هو الذي يدفعك نحو الخير والتقوى ويشجعك على الأعمال الصالحة، وأن الدين يشجع على إختيار الاصدقاء الجيدين الذين يسهمون في بناء شخصية الانسان.
أهمية إختيار الأصدقاء الصالحين وتجنب الأصدقاء السيئين مثل قوله تعالى “وآصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحيوٰة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هوىٰه وكان أمره فرطاً ” والرسول صلى الله عليه وسلم أكد على أهمية الصداقة الجيدة وقال “الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”.
مثال على الصحبة الصالحة
أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان مثالاً للصديق الصالح والمخلص للنبي محمد صلى الله عليه وسلم لأنه عندما إذن الله للنبي بالهجرة إلى المدينة أختار ابو بكر، يكون رفيقه في هذه الرحلة الصعبة وقام أبو بكر بتجهيز كل ما يلزم للرحلة و رافق النبي في أصعب المواقف مثل لحظة الإختباء بغار ثور حيث قال النبي له “لا تحزن أن الله معنا”.
وكان أبو بكر أول من صدق النبي في حادثة الإسراء والمعراج حيث قال مقولتة الشهيرة “أن كان قالها فقد صدق” هذا مثال للصداقة الحقيقية، والصديق الوفي المخلص لصديقة وهو رسول الله لأنه صدق رسالته ولم يشك في كلامه، وهو أول من آمن وأسلم من الرجال.
رأي الدين في غدر الصديق
الغدر خيانة للأمانة وهذه من الأمور التي حذر منها الإسلام بشدة، قال الله تعالى “يا ايها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا امانتكم وانتم تعلمون” وغير ذلك أنه يسبب ضرراً نفسياً وأجتماعياً لصديقة وهذا يتناقض مع مبادئ الإسلام، التي تحرم الأضرار بالآخرين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
كيفية إختيار الصديق الجيد
اختيار صديق جيد يحتاج إلى وقت وتفكير ووعي بالتفاصيل الصغيرة التي تكشف شخصية الفرد حيث يملكون نفس القيم والمبادئ الأخلاقية، وهم يمكن أن يكونوا داعماً قوياً في الأوقات الصعبة ويجب علينا ملاحظة سلوكيات الشخص وتعامله مع الاخرين التي تظهر احتراماً واهتماماً بالآخرين، ويجب أن يتميزون بالصدق والصراحة لأن أي علاقة تحتاج إلى ثقة لتكون قوية أختر صديق يعرف كيفية إحترام حدودك الشخصية ولا يتجاوزها.
تتعدد الالفاظ و تتداخل معانيها من صديق أو زميل أو عشرة عمر، لكن كلمة الصديق لها رنين وعادةً يعني بها الاقارب من خارج الأسرة ولأن الألفاظ ومعانيها متداخلة في بعضها، فعادة يسمى الأشياء بما لا يناسبها والمهم أن الصديق من يصدق مع الشخص بأن يسمعه وقت أحزانه وأن يكون تلقائياً وصريحاً وناصحاً بلا قسوة أو تملك أو أنانية.
غدر الصحاب هو تجربة صعبة ولكن من خلال التجارب والدعم النفسي، أيضاً يمكن أستعادة الثقة بالنفسة وبالأخرين، وهذه التجارب تجعلنا حذرين في التعامل مع الناس، وأختيار الصديق الجيد هي مهمة صعبة للغاية وتتطلب التفكير والصبر، ولنتفادى الصديق السيء يحتاج إلى وعي وحذر ومن المهم أن نعرف أن العنف ليس هو الحل والأفضل للتعامل مع الضغوط والمشاعر السلبيه يجب إيجاد طرق لحل المشاكل بطريقة بسيطة وسهلة.