كتبت – إيناس صقر
فى هذه الفترة من كل عام ونحن على مشارف شهر رمضان، تواجه الأسر المصرية أعباء مادية كبيرة وتحديًا صعبًا فى تنظيم إنفاقها وترتيب أولوياتها لمواجهة المصروفات الزائدة خلال الشهر الكريم، والتى قد تلتهم دخل أغلب الأسر مالم تضع ميزانية محددة، لاسيما فى ظل جائحة كورونا، وحول ذلك يقدم الخبير الاقتصادى دكتورعصام لطفى أسس وضع ميزانية للأسرة، يمكن الاستفادة منها وتطويعها بما يتفق مع ظروفك وإمكانياتك.
يقول دكتور عصام لطفى يعتبر ترتيب وتدبير الأموال من أولويات المعيشة على مستوى الفرد والأسرة، ولقد اعطى العلم اهتمامًا كبيرًا بهذا الجانب، وتوسعت الدراسات لوضع استراتيجيات حول كيفية مساعدة الأسرة على إدارة مواردها المالية ونفقاتها، وذلك لأن الأسرة عبارة عن مؤسسة اجتماعية تتوفر فيها جميع أركان المنظومة الإدارية والمالية ، لذا يجب ان يتم تحديد مصادر الأموال واستخداماتها بكل دقه.
وأشار إلى ان تحديد النفقات وعمل ميزانية للأسرة هو أمر فى غاية الأهمية قد تغفله العديد من الاسر، والتى تعتمد على الانفاق دون حدود أو تخطيط، ثم بعد ذلك تشكو من عدم كفاية الدخل لمواجهه الأعباء، وخاصة فى شهر رمضان حيث تزيد النفقات على المأكل والمشرب، ولا نغفل أيضا الظروف المستجدة لأزمة كورونا، وهو ما قد يؤدى الى مشكلات كبيرة داخل الأسرة، وفى ظل هذه الظروف ينبغى أن يصبح ترشيد الإنفاق ثقافة وسلوكًا ، فالأسرة الحكيمة فى إدارة مواردها تستطيع مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية ، ومما لاشك فيه ان لكل بيت ظروفه وأولوياته وميزانيته الخاصة، ولكن هناك خطوطا عريضة لابد من مراعاتها بشكل عام عند وضع الميزانية ،.
ويضيف دكتور عصام لطفى قائلا :”لعمل ميزانية ناجحة للأسرة ننصح باتباع الاتي:
– بداية يجب أن تكون الميزانية مكتوبة، وأن يتم تحديد بنودها كاملة وبطريقة منظمة ومتكاملة.
– تحديد الدخل الشهرى بدقه، وتحديد بنود الانفاق دون إغفال أى بند منها، حتي لا مفاجأ بحاجة إلى اغراض خارج الميزانية لم تكن فى الحسبان، لذا يجب توافر بنود للمناسبات والطوارئ والكماليات.
– توحيد طرف الشراء فى الأسرة، فإما أن يكون الزوج أو الزوجة، حتى لا تحدث إزدواجية فى عملية الإنفاق بشراء أشياء قد لا يتم الاتفاق عليها مسبقا أو لا تحتاج الأسرة إليها فى الوقت الحالي.
– ترتيب الأولويات وتقسيم المصروفات بطريقة منطقية، على أن تكون الأساسيات لها النصيب الأكبر مثل البنود الثابتة كالإيجار والاقساط إن وجدت، وفواتير الكهرباء والمياه والغاز والتى يجب العمل على ترشيدها، يليها نفقات المعيشة كالطعام، والمواصلات، والمصروفات المدرسية والملابس. أما الجزء المتبقى فيكون للمناسبات والطوارئ والمدخرات.
– متابعة أسعار السوق بصورة منتظمة حتى تكون الميزانية واقعية، ويمكن اتباعها بسهولة، فقد يحدث ارتفاع أسعار المنتجات ، مما يستلزم إعادة تخطيط الميزانية من جديد.
– متابعه العروض والخصومات والتى أصبحت الآن متاحة على شبكات التواصل الاجتماعى والصفحات الرسمية للمتاجر – فلا عيب فى الشّراء من المحلات التجارية بالجملة، ومحلات الملابس والأدوات المنزلية التى تقدم عروضاً وخصومات، فإن التّوفير فى تكلفة تلك المشتريات يمكن استغلاله فى اى بنود أخرى .
– يجب إشراك جميع أفراد الأسرة فى وضع الميزانية، والاتفاق على شروطها وكيفية تنفيذها، لمساعدتهم على تحمّل المسئولية، والاستفادة من أفكارهم، ومن أجل التعاون والبحث عن البدائل والعيش فى حدود الإمكانيات المتوفرة.
– منح الابناء الفرصة لتعلم كيفية إدارة مخزون المنزل من مواد البقالة، والمنظفات والمطهرات، والخضروات والفاكهة، وأيضا من اللحوم والدواجن ، ومراعاه قاعدة ان الوراد أولا يستهلك أولا.
– ضرورة التزام كل أفراد الأسرة بالميزانية الموضوعة لضمان نجاحها، كما يمكن تحفيزهم على ذلك من خلال إنفاق ما تم توفيره على اى وسيله ترفيهية للأسرة.
– الوضع فى الاعتبار أن الأزمة أدت إلى زيادة الإنفاق على بنود معينة مثل التكنولوجيا الرقمية وتحسين سرعة الإنترنت فى المنازل للحاجة الشديدة إليها فى العمل والدراسة عن بُعد. لكن برغم ذلك ينبغى محاولة ترشيد الاستخدام، على سبيل المثال يمكن الاستغناء عن مشاهدة الأفلام واللعب الالكترونى أون لاين وقضاء وقت أسرى حول التليفزيون.
– تزايد الدفع ببطاقات الصرف الآلي، وهو ما قد يسهم فى ترشيد الانفاق ومعرفة أين تصرف النقود، هل لأشياء أساسية أم كماليه؟
– وأخيرا ينبغى تعديل الخطة والميزانية بشكل دوري حسب المعطيات والمتغيرات وتصويب الأخطاء السابقة فى الانفاق والأنشطة الاستهلاكيّة والشّرائية .
ومما لاشك فيه أن المرأة تلعب دورا كبيرا داخل الأسرة يجعلها من أهم القوى المؤثرة، وذلك بتنظيم أسرتها، وترشيد استهلاكها، وأيضا فى زيادة مدخراتها، كذلك دورها فى الاتوجيه فيما يتعلق بعادات أفراد الأسرة، وتوفير الفرصة لهم فى عمليات الاختيار والشراء ، وغرس القيم والاتجاهات المتعلقة باستخدام الموارد، لكن ذلك لاينفى أن الزوجين شريكان فى هذه المهمة، وخاصة ترتيب الأولويات لمنع أى عجز مالى فى الأسرة، مما يضطرها للاقتراض لاستكمال متطلبات الحياة.
ويؤكد الخبير الاقتصادى د.عصام لطفى أن شهر رمضان يعتبر فرصة للتعرف على قائمة النفقات الواجبة بالمفهوم الاقتصادي، ولترتيب سلم الأولويات، وكذلك هو فرصة لتحقيق ترشيد أفضل، ولتوسيع وعاء الفائض إن امكن، شريطة أن يرتبط ذلك بالقاعدة القرآنية الإرشادية المعروفة فى قول الله تعالى “وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” ، فالالتزام بهذه القاعدة، يحقق البركة والاستقرار لميزانية الأسرة ، وأيضا لا يجب أن ننظر الى الشهر الفضيل على انه شهر الاسراف والتبذير والتنافس فى المظاهر التى ترهق ميزانية الأسرة وتلهى القلب عن الروحانيات من فريضة الصوم ،وكما قال تعالى فى كتابه العزيز ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.