تقرير – منار أيمن
تحتفل الإذاعة المصرية اليوم بمرور 90 عامًا على انطلاق أول بث إذاعي في مصر، وذلك في يوم الإذاعة العالمي، ويحتفل المصريين سنويًا بهذه الذكري وبعيد الإعلاميين الذي يوافق ذكرى انطلاق بثها.
وقد بدأ البث الإذاعي بمصر فى عشرينيات القرن العشرين، وكانت عبارة عن إذاعات أهلية، وبدأ بث الإذاعة الحكومية المصرية في 31 مايو 1934م بالإتفاق مع شركة ماركوني، وقد مُصرت الإذاعة في عام 1947م، وتم إلغاء العقد مع شركة ماركوني.
وكان عدد محطات الإذاعة المصرية فى بدايتها أربع محطات، حتى تجاوزت الآن أكثر من عشر محطات وصار لها مواقع على الإنترنت، والسوشيال ميديا فضلًا عن ظهور إذاعات خاصة تنافس، وتجذب الجمهور والمعلنين.
وكانت جملة المذيع المصري أحمد سالم “هنا القاهرة”، من أولى الكلمات التى انطلقت عبر الإذاعة المصرية فى افتتاحها عام 1934م، وتألقت بها إذاعة البرنامج العام خاصةً عندما يقولها المذيعون والمذيعات قبل بداية البرامج، وفي الفواصل بكل حماس وبكل إنتماء يهتفون “هُنا القاهرة”.
وظل مبنى الإذاعة بمقرها في الشريفين حتى قدوم عام 1960م، حيث تم افتتاح المبنى الحالي “ماسبيرو”، وقد أُطلق عليه هذا الاسم تيمنًا بعالم الآثار الفرنسي “جاستون ماسبيرو”، والذي كان يعمل رئيسًا لهيئة الآثار المصرية، ومازالت الإذاعة تواكب التطور التكنولوجي؛ لتنافس الوسائل الإعلامية الحديثة.
ومازالت الإذاعة وسيلة إعلامية مسموعة وواسعة الانتشار ومؤثرة؛ لتطورها وقلة تكلفتها وإمكانية سماعها عبر تطبيقات الموبايل، والانترنت في أي مكان، وذلك بالرغم من تطور تكنولوجيا الاتصال وانتشار المنصات الإعلامية الرقمية.
ويلعب الراديو دورًا كبيرًا في التغطيات الإخبارية السريعة، ويُسهم في التنوير وتوعية وتوجيه الرأي العام منذ نشأة الإذاعة في القرن التاسع عشر وعلى مدى قرنين، كما تؤثر تقاريره وبرامجه المسموعة على المواقف المحلية والدولية وعمليات صنع القرار.
ذكرى إِطلاق إِذاعة الأمم المتحدة 1946م
ويحتفل العالم بيوم الإذاعة العالمي في يوم 13 فبراير من كل عام، تزامنًا مع ذكرى إطلاق إذاعة الأمم المتحدة عام 1946م، حيث أعلنت الدول الأعضاء في اليونسكو اليوم العالمي للإذاعة عام 2011م.
وطرحت الأكاديمية الإسبانية للإذاعة فكرة الاحتفال بهذا اليوم، وتم تقديمها رسميًا من الوفد الإسباني باليونسكو في الدورة 187 للمجلس التنفيذي بشهر سبتمبِر 2011م، ثم اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ عام 2012م؛ بوصفه يومًا دوليًا تحتفي به جميع وكالات الأمم المتحدة، وصناديقها وبرامجها ودعمت كل المحطات الإذاعية هذه المبادرة.
وبالتزامن مع ذكرى اليوم العالمى للإذاعة، أعلنت اليونسكو أن الإذاعة وسيلة إعلامية قوية تشكل منصة؛ للخطاب الديمقراطي على المستوى العالمي، وأضافت فى بيان صحفى لها: “لا يزال الراديو من أكثر وسائل الإعلام الموثوقة والمستخدمة فى العالم، وفقًا لتقارير دولية مختلفة، حيث تعمل الإذاعة المحترفة على تخفيف حدة الصراع و التوترات، وتمنع تصعيدها وتشجع محادثات المصالحة وإعادة الإعمار”.
شريك في عملية إرساء السلام
أشار الميثاق التأسيسي لليونسكو إلى أنه لابد من اعتبار دعم الإذاعات المستقلة جزءًا لا يتجزأ من عملية إرساء السلام، والاستقرار حيث تساهم الإذاعة المهنية المستقلة في تعزيز الديمقراطية، وتوفر أساسًا لإرساء السلام الدائم؛ ولذا تقدم البعثات الأممية لحفظ السلام دعمها للمحطات، وللبرامج الإذاعية في كثير من البلدان المضيفة.
وبمناسبة اليوم العالمي للإذاعة 2024م، تنشر اليونسكو 20 ملفًا صوتيًا مدة كل منه دقيقة واحدة، ويمكن بثه ومشاركته واستخدامه مجانًا ودون قيود على حقوق الطبع والنشر.
وتحتوي المكتبة السمعية البصرية للأمم المتحدة على برامج، وتسجيلات إذاعية تاريخية، وقامت المكتبة بعمل أرشيف رقمي للخطابات والتسجيلات الوثائقية؛ لتصبح مرجعًا فريدًا يسجل تلك اللحظات التاريخية من عمر الأمم المتحدة طوال النصف الثاني من القرن العشرين، وهي متوفرة مجانًا على موقع الأمم المتحدة.
وتظل الإذاعة الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارًا على المستوى العالمي، بسبب قدرة الإذاعة الفريدة على الوصول إلى الجمهور الأوسع، خاصةً قائدي السيارات وإتاحة ساحة عامة لكل الآراء وتقدم مجموعة متنوعة من البرامج ووجهات النظر.
والإذاعة غير مكلفة و مناسبة للوصول إلى المجتمعات النائية والفئات المستضعفة، وتتيح أمامهم منصة للدخول في النقاش العام حيث توفر منصات الإذاعة الرقمية الآن أُسسًا للابتكار فيما يتعلق بوصول المحتوى إلى فئة من ذوي القدرات الخاصة، مثل “استخدام لغات الإشارة، أو الترجمة الآلية للجمهور ضعاف السمع عند البث، أو الإعلان عن المحتوى للمستمعين المكفوفين”، وأيضًا لها أهميتها في التواصل أوقات الطواريء؛ ولتقديم الإغاثة في حالات الكوارث.
نشأة الراديو
ينسب الفضل في نشأة الإذاعة بالعالم لـ”ماكسويل”، والذي أثبت وجود الكهرومغناطيسية عام 1867م، بالإضافة إلى كل من “هنري جاكسون” و”جاليلو ماركوني” و”توماس أديسون”؛ لاكتشافهم للموجات القصيرة وذلك لمقدرتها على الوصول لمسافات بعيدة المدى، وإحداث موجات يمكن نقلها بسرعة الضوء عبر الفضاء دون استخدام أسلاك.
وتمكن “رينالد فندن” عام 1906م من اختراع جهاز يمكنه نقل الصوت البشري عبر موجات الإذاعة، كما صنع في العام نفسه جهاز استقبال للراديو؛ نظرًا لاكتشاف معادن تتمكن من إرسال واستقبال إشارات الراديو للإذاعة في أوائل عشرينيات القرن الماضي.
أول إذاعة بالعالم
ظهرت أول إذاعة تبث برامجها في عام 1906م، ويرجع أصل تسمية الإذاعة “الراديو” إلى الكلمة اللاتينية “راديوس”، وتعني نصف قطر وهذه التسمية تنطبق على الإرسال الإذاعي، حيث تبث الموجات الكهرومغناطيسية مع تضمين الموجات الصوتية عبر الغلاف الجوي على هيئة دوائر كهرومغناطيسية.
وقبل الحرب العالمية الأولى تم استخدام الراديو كوسيلة اتصال بالسفن البحرية، فتم إرسال الرسائل للسفن في البحر حتى تغير اتجاهها، أو لإشارات الاستغاثة حال حدوث أي طارئ أو كارثة، وكانت حصرًا على الجيش الأمريكي؛ لإرسال الرسائل إلى الجنود.
وكانت إذاعة “KDKA” عام 1920م أول إذاعة في العالم، وتحديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصنف كأول محطة تجارية تحمل ترخيصًا إذاعيًا، وافتتحت برامجها ببث نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، ولاقت رواجًا كبيرًا آنذاك، وتعتبر إذاعة “BBC” ثاني إذاعة عام 1922م، وكانت مصدرًا للأخبار والترفيه والتسلية، بينما قام “الكونجرس” عام 1927م؛ بإصدار “قانون الإذاعة” نظرًا لتزايد المحطات الإذاعية.