تقرير – سوزان الجمال
منذ أن بزغ فجر الإسلام ل يحرر الإنسان من العبودية، لغير الله عرفت مسيرته الخيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ بما قدمن من تضحيات، وما سجلن من مواقف مشرفة كان لها أثرها في إنتشار رسالة الحق في ربوع العالم.
وهذه امرأة مؤمنة صادقة عاشت في كنف رجل ظالم يملك قلباً قاسيا جاحدا، لكنه فشل في زرع القسوة و الجحود بداخلها، حيث لجأت إلى خالقها تطلب النجدة وتؤكد إصرارها على الهداية والإيمان، وتعلن رفضها لكل المغريات التي يقدمها لها زوجها لكي تشارك إثمه وتسير على درب جحوده.
هذه هي أسية بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد، كان أبوها حاكماً لإحدى الممالك التي كانت تحت الحكم المصري، وذلك خلال عصر الدولة الفرعونية الحديثة، وقد تزوجها فرعون رغم أنها امرأة عقيم؛ إذ كان من عادات الملوك أن يصاهرو بعضهم البعض، وذكر بعض المؤرخين أنّ آسيا كانت من بني إسرائيل من سبط موسى، وقال السهيلي إنها كانت عمة موسى.
وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون، إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله و نجني من القوم الظالمين”، وليس المراد بالخيانة هنا ارتكابهما جريمة الفاحشة، فزوجات الأنبياء معصومات من هذه الخيانة، إنما الخيانة المقصودة في الآية كما قال المفسرون هي الخيانة الإيمانية.
وهي التي تلقت النبي موسى من اليم آمنت به أسندت رضاعته لأمه، عاشت في أعظم القصور في ذلك الزمن، يخدمها العديد من الجواري والعبيد.
وكانت آسية قد تلقت النبي موسى من اليم، و أقنعت فرعون بالاحتفاظ به، وتربيته كابن لهما، في البداية لم يقتنع بكلامها، ولكن إصرارها جعلته يوافقها الرأي، وعاش النبي موسى معهما أحبته حب الأم لولدها.
ومن فضائل هذه المرأة كما يقول المفسرون أنها اختارت القتل على الملك، وعذاب الدنيا على النعيم الذي كانت فيه بعد أن خالط الإيمان قلبها.
ما أعظم هذه المرأة القوية الصالحة وما أروع ما فعلت مع نبي الله موسى عليه السلام، فاستحقت أن تكون من خيرة نساء العالمين، وأن يبني الله لها بيتاً في الجنة كما بشرها رسول الله الخاتم صلوات الله وسلامه عليه.