إيمان خالد
ينشأ الثقب الأسود عندما ينتهي عمر أحد النجوم البالغة الأكبر (حجما) وينتهي وقوده، فينفجر وينهار على نفسه. ويتحول النجم من سحابة كبيرة عظيمة إلى تجمع صغير محدود جداً للمادة المكثفة. ويعمل ذلك التجمع المادي المركز على جذب كل ما حوله من جسيمات أو أي مادة أخرى، وحتى فوتونات الضوء لا تفلت منه بسبب جاذبيته الخارقة، فالثقب الأسود لا ينبعث منه ضوء.
ولكن كل ما ينجذب وينهار على الثقب الأسود يكتسب سرعات عالية جدا وترتفع درجة حرارتها. وتستطيع التلسكوبات الكبيرة على الأرض رؤية تلك الدوامات الشديدة الحرارة. أي أن الثقب الأسود يفصح عن نفسه بواسطة شهيته وجشعه لالتقاط كل مادة حوله. ولا يتعين علينا أن نخاف لأن الفلكيين لم يجدوا أي ثقب أسود بالقرب من المجموعة الشمسية.
على الرغم من الأبحاث المكثفة حولها، لاتزال الثقوب السوداء لغزاً يحير العلماء، لكن يُعرف عنها بأن جاذبيتها الهائلة تجعل من الصعب أن “يفلت منها أي شيء، حتى الضوء”، على الأقل حسب ما هو معروف عنها حتى الآن.
اقترح الفلكي ورجل الدين الإنجليزي جون ميشيل تصوره لوجود جسم ضخم جدا لدرجة أنه لا يسمح للضوء بأن يفلت منه، وذلك في بحث نشره في نوفمبر 1784. افترضت حسابات ميشيل أن مثل هذا الجسم قد يملك نفس كثافة الشمس، وخَلُص إلى أن مثل هذا الجسم سوف يتشكل عندما يتجاوز قطر النجم قطر الشمس بـ 500 مرة، محتسبا أن سرعة الهروب من سطحه ستتجاوز سرعة الضوء المعتادة. أشار ميشيل إلى أنه يمكن اكتشاف هذه الأجسام الفائقة الحجم ولكن غير المرئية من خلال آثارها الجاذبية على الأجسام المرئية القريبة
وقد تم استخدام مصطلح «الثقب الأسود» في المجلات ضمن مجلتي الحياة وأخبار العلوم عام 1963، وأيضا استعملتها الصحافية آن يوينغ في مقالها «الثقوب السوداء في الفضاء»، بتاريخ 18 يناير عام 1964، حيث كتبت تقريرا عن اجتماع للرابطة الأمريكية لتقدم العلوم في كليفلاند، أوهايو.
يُقال أن أحد الطلاب أثناء محاضرة لجون ويلر في ديسمبر 1967 اقترح عبارة الثقب الأسود تبنى ويلر المصطلح، وسرعان ما انتشر استعماله، مما دفع البعض إلى إعطاء الفضل لويلر على صياغة العبارة.
أظهرت دراسة أن العشرات من الثقوب السوداء الهائلة المارقة في مجرة درب التبانة لديها القدرة على ابتلاع الأرض، لكن الخبراء يقولون إن الفرص لا تزال ضئيلة للغاية وفقا لما نقلته RT.
ووجد باحثون من جامعة هارفارد أن الثقوب السوداء تصبح خطيرة عندما تصطدم مجرة مضيفة بمجرة أخرى، عادة ما تكون أكبر، وتحرّك الثقب من موقعها المركزي. واكتشفوا ذلك من خلال محاكاة تشكيل وحركة الثقوب السوداء الهائلة على مدى مليارات السنين من التطور العالمي. وفعلوا ذلك من خلال تشغيل سلسلة من المحاكاة الكونية “ROMULUS”، لتتبع مسارات الثقوب السوداء المتجولة.
وفي بداية كل محاكاة، شُكّلت الثقوب السوداء فائقة الكتلة بناء على ظروف الغاز المحلية – إذ تتشكل الأجسام حيث يكون الغاز فقيرا بالمعادن.
وفي المحاكاة، أدى ذلك إلى تجول ثقوب سوداء كتلتها حوالي مليون ضعف كتلة الشمس.
وكلما كانت المجرة أكبر، من المحتمل أن تكون التقطت ثقوبا سوداء أكثر تجولا – مع وجود مجموعات مجرية لديها القدرة على إيواء الآلاف منها.
ولكن معد الورقة البحثية وعالم الفيزياء الفلكية، أنجيلو ريكارتي، قال: “لا تقلقوا، فإن احتمالات مواجهتنا لثقب أسود هائل ضئيلة للغاية. الفضاء شاسع لدرجة أنه حتى عندما تتحد مجرتان تحتويان على مئات المليارات من النجوم معا، فإن نجومها لا تتصادم”.
وتشير الأدلة من الملاحظات إلى أن كل مجرة كبيرة تقريبا بها ثقب أسود هائل في مركز المجرة.
وتعد الثقوب السوداء الهائلة مناطق كثيفة بشكل لا يصدق في مركز المجرات بكتل يمكن أن تكون مليارات المرات من كتلة الشمس.
ولكن لحسن الحظ، ينتهي المطاف بمعظم الثقوب السوداء المارقة بالاندماج مع الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتها الجديدة على أي حال.
وهذا يعني أن الثقوب التي ظلت – على سبيل المثال، في درب التبانة – تميل إلى أن تكون بعيدة في هالة المجرة، بعيدا جدا عن نظامنا الشمسي.
وأضاف ريكارتي: “إذا كان هناك بالفعل ثقب أسود هائل في المنطقة المجاورة لنا، فسنكون قادرين على اكتشاف وجوده من خلال حركات النجوم القريبة”.
ويميل عدد الثقوب السوداء المتجولة في مجرة معينة إلى الزيادة خطيا مع كتلة المجرة، ومن المحتمل أن تحتوي مجرة درب التبانة على حوالي 12 ثقبا – لكن المجرات والعناقيد الأكبر تحمل المزيد.
وقال الباحثون إنه في بعض المجرات المبكرة – منذ حوالي 12 مليار سنة – ربما تكون الثقوب السوداء الهائلة تفوقت على نظيراتها في مركز المجرة.