تحقيق – نسمة هاني
تعد قضية استخدام الأدوية بشكل عشوائي، وخاصة المضادات الحيوية، من أبرز القضايا الصحية التي تشكل تهديدًا على صحة الأفراد والمجتمع بشكل عام، مع تزايد الوعي حول الآثار السلبية لاستخدام الأدوية بدون استشارة طبية، أصبح من الضروري تسليط الضوء على المخاطر المترتبة على هذه الممارسات، بما في ذلك مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، في هذا السياق، يعكس استخدام الأدوية بشكل غير مسؤول زيادة في الأمراض التي يصعب علاجها، ويهدد بتفاقم الوضع الصحي العام.
ردود فعل المواطنين حول تأثير المضادات الحيوية على صحتهم
تقول “سارة عادل” «أنا شخصيًا مش بحب آخذ أدوية كتير، لو شعرت بأي تعب بسيط بحاول أكتفي بالراحة والشرب، لكن لو اضطررت أخد دواء، بحب أروح للطبيب الأول، سمعت عن ناس أخدوا أدوية من غير استشارة طبيب وتعرضوا لمشاكل صحية كبيرة».
واضاف”محمد حسين” «في الفترة الأخيرة، بدأت أكون أكثر حذرًا في تناول الأدوية، كنت زمان أخد أي دواء بلا تفكير، لكن بعد ما قرأت عن الآثار الجانبية للأدوية على المدى الطويل، دلوقتي بقيت أحرص على استشارة الطبيب قبل أي علاج».
وتروي”فاطمة علي”ربة منزل «بالنسبة لي، لو مش قادر أروح للطبيب فورًا، بحاول أبحث عن دواء طبيعي أو طرق تقليدية قبل ما أستخدم أي أدوية طبية، بس لو الموضوع بقى أكبر من كده، بحاول أزور الدكتور علشان يتأكد من التشخيص ويعطيني العلاج المناسب».
يقول الدكتور “ص. ع” دكتور صيدلي «أحرص دائمًا على إجراء اختبار الحساسية قبل إعطاء الدواء، وذلك لتقليل المخاطر على المريض، كما أنني أرفض إعطاء حقن المضادات الحيوية في الصيدلية، لأن إعطاء الحقن بشكل عام غير مسموح، ومع ذلك، يصر بعض المرضى على تلقي الحقنة لدينا، بحجة أنهم لا يجدون من يعطيها لهم في مكان آخر، خاصة إذا كانوا قد اشتروا العلاج من هنا، وهذا يشكل مشكلة، ولكننا في بعض الحالات نضطر إلى إعطائهم الحقنة بعد إجراء اختبار الحساسية».
وأشارت ” مرام محمد” «إلى أنها أجرت اختبار الحساسية لمضاد حيوي في إحدى المرات، ولم يظهر أي رد فعل تحسسي أثناء الاختبار، ولكن بعد تلقيها الحقنة، شعرت بأعراض شديدة وأصيبت بوعكة صحية، وأضافت أن هذا يبرز أهمية متابعة الحالة بعد الحقن، لأن بعض أنواع الحساسية قد لا تظهر فورًا أثناء الاختبار، وإنما تتطور بعد فترة من تلقي الدواء».
يحكي “حازم عبدالله” «كان عندنا في البيت دور برد بسيط، وزوجتي كانت حاسة بتعب شديد في صدرها، فقررت أخذها للطبيب، الدكتور قال إنها تحتاج حقنة مضاد حيوي لتحسن حالتها بسرعة، وأعطاها حقنة “سيفوتاكس” في الكالونة، للأسف بعد الحقنة بحوالي ساعة، بدأ يظهر عليها أعراض غريبة ضيق في التنفس، وحالة من الارتباك، ثم فقدت الوعي، حاولنا نصلح الوضع ونروح المستشفى بسرعة، لكن للأسف ما قدرناش ننقذها، الدكتور قال بعد كده إنه ممكن تكون حصلت لها حساسية شديدة من الحقنة، لكن كانت المفاجأة أن الطبيب ما أخبرناش بأي تحذيرات عن الآثار الجانبية الممكنة».
هناك العديد من الأدوية التي لا يجب تناولها أو صرفها إلا تحت إشراف طبيب، وذلك لتجنب الآثار الجانبية الخطيرة أو التفاعلات الدوائية الضارة، وتشمل هذه الأدوية
المضادات الحيوية
لا يجب تناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبية، لأنها قد تؤدي إلى مقاومة البكتيريا للعلاج، تشمل أشهر المضادات الحيوية التي تحتاج إلى إشراف طبي”أموكسيسيلين، أزيثرومايسين، سيفيكسيم، سيفترياكسون، ميترونيدازول”.
أدوية الكورتيزون
تستخدم لعلاج الالتهابات والحساسية وأمراض المناعة، لكن الإفراط فيها قد يسبب ضعف المناعة، وزيادة الوزن، واضطرابات في السكر والضغط مثل “بريدنيزولون، ديكساميثازون، هيدروكورتيزون”.
أدوية علاج الأمراض المزمنة
مثل أدوية الضغط، السكري، القلب، الربو، حيث تحتاج إلى متابعة الجرعات بعناية مثل” إنسولين، ميتفورمين (جلوكوفاج)، أتينولول، أملوديبين، لوسارتان”.
أدوية الاكتئاب والاضطرابات النفسية
تؤثر على الجهاز العصبي، وأخذها دون إشراف طبي قد يسبب الإدمان أو آثارًا جانبية خطيرة مثل”بروزاك (فلوكستين)، زولفت (سيرترالين)، كلونازيبام، ألبرازولام (زانكس)”.
أدوية السيولة ومضادات التجلط
تستخدم لمنع الجلطات، ولكن الجرعات غير الدقيقة قد تؤدي إلى نزيف داخلي خطير مثل “وارفارين، هيبارين، ريفاروكسابان (إليكويس، زارلتو)”.
أدوية علاج الغدة الدرقية
تؤثر على التمثيل الغذائي، ويجب ضبط جرعتها بدقة مثل “ليفوثيروكسين (التروكسين)”.
أدوية علاج السرطان والمناعة
مثل أدوية العلاج الكيميائي والمثبطات المناعية، والتي تحتاج متابعة دقيقة بسبب آثارها القوية مثل “ميثوتريكسات، تاموكسيفين، إنترفيرون”.
المسكنات القوية والمخدرة مثل” المورفين، ترامادول، كودايين” والتي قد تسبب الإدمان أو مشاكل صحية خطيرة إذا تم استخدامها بدون إشراف طبي.
الأدوية الهرمونية
مثل حبوب منع الحمل، أدوية علاج اضطرابات الهرمونات، والتي قد تؤثر على الجسم بشكل كبير عند استخدامها دون متابعة طبية.
أدوية الجهاز الهضمي القوية
مثل الأدوية التي تعالج قرحة المعدة وحموضتها، والتي قد تسبب مشاكل عند استخدامها العشوائي مثل “إيزوميبرازول، أوميبرازول، رانيتيدين”.
الوعي الشخصي للمريض تجاه المضاد الحيوي مهم جدًا لضمان الاستخدام الصحيح والحد من المشكلات الصحية والمقاومة البكتيرية، يشمل هذا الوعي عدة جوانب منها.
أهمية الوعي بضرورة استخدام الأدوية بشكل صحيح
يجب أن يدرك المريض أن المضادات الحيوية تُستخدم فقط لعلاج العدوى البكتيرية، وليس الفيروسية مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
دور الجرعة الدقيقة والتوقيت في فعالية العلاج
من الضروري تناول المضاد الحيوي وفقًا لوصفة الطبيب، سواء من حيث الكمية أو مدة العلاج، حتى لو شعر المريض بالتحسن قبل انتهائها.
أهمية الاستخدام المسؤول للأدوية
لا يجب تناول المضاد الحيوي دون استشارة طبية أو بناءً على وصفاتثق سابقة، لأن كل عدوى قد تتطلب نوعًا مختلفًا.
الآثار الجانبية المحتملة
يجب أن يكون المريض على دراية بالآثار الجانبية الشائعة مثل اضطرابات الجهاز الهضمي أو الحساسية، وأن يراجع الطبيب إذا ظهرت أي أعراض غير طبيعية.
أسباب مقاومة المضادات الحيوية وطرق الحد منها
إساءة استخدام المضادات الحيوية يمكن أن تؤدي إلى تطور بكتيريا مقاومة، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة في المستقبل.
التداخلات الدوائية وتأثيراتها المحتملة
يجب على المريض إبلاغ الطبيب بأي أدوية أخرى يتناولها لتجنب التفاعلات الدوائية الضارة، الوعي بهذه الأمور يساعد في تحقيق فعالية العلاج والحفاظ على الصحة العامة.
وفاة طفلتين في الإسكندرية إثر حقنة مضاد حيوي داخل صيدلية تثير الجدل
شهدت منطقة مينا البصل في الإسكندرية حادثًا مأساويًا، حيث توفيت الطفلتان “إيمان وسجدة محمد محمود سعد النجار” بعد تلقيهما حقنة مضاد حيوي داخل صيدلية دون إجراء اختبار حساسية مسبق.
تفاصيل الواقعة
بدأت القصة عندما تلقت والدة الطفلتين وصفة طبية لصرف علاج لابنتيها اللتين كانتا تعانيان من ارتفاع في درجة الحرارة ونزلة برد، عند ذهابها للصيدلية، لم تجد الدواء الموصوف، فاضطرت إلى أخذ عقار بديل بعد توصية من الصيدلانية، وبعد عودتها إلى الصيدلية، قامت إحدى العاملات بحقن الطفلتين بالمضاد الحيوي مباشرةً دون اختبار حساسية، مما أدى إلى تعرضهما لوعكة صحية شديدة انتهت بوفاتهما داخل المستشفى.

تأثير المضادات الحيوية
إجراءات قانونية ضد الصيدلية
بعد وقوع الحادث، حررت الأم محضرًا في قسم شرطة مينا البصل، متهمةً الصيدلانية والعاملات بالتسبب في وفاة طفلتيها، على إثر ذلك، ألقت السلطات القبض على صاحبة الصيدلية وعاملتين بها، وبدأت التحقيقات في الواقعة.
هل اختبار الحساسية ضروري قبل الحقن
يعتقد كثيرون أن اختبار الحساسية يمكنه تحديد ما إذا كان الشخص يعاني من حساسية تجاه عقار معين، لكن الدكتور الصيدلي “محمد رضوان” أوضح أن هذا الاعتقاد غير دقيق تمامًا، فقد لا تظهر الحساسية في الاختبار، ولكن بمجرد الحقن، قد تحدث تفاعلات دوائية خطيرة داخل الجسم تؤدي إلى أعراض تحسسية مفاجئة.
متى يجب أخذ الحقنة
نصح الدكتور”رامي راجح”، أخصائي طب الأطفال، بعدم اللجوء إلى الحقن إلا في الحالات الضرورية جدًا وتحت إشراف طبي كامل، محذرًا من أخذها في الصيدليات، وأكد أن المستشفيات المجهزة هي المكان الأفضل لتلقي الحقن، حيث يمكن التدخل السريع في حالة ظهور أعراض حساسية مفاجئة.
أعراض الحساسية الخطيرة
يؤكد الدكتور “مجدي بدران” استشاري طب الأطفال والحساسية، أن الصدمة التحسسية الناتجة عن الحقن تكون أسرع وأكثر خطورة، خاصة لدى الأطفال، وتشمل أعراضها:
طفح جلدي، ارتفاع في درجة الحرارة، صعوبة في التنفس، الغثيان والقيء، ألم في البطن وتقلصات، الإسهال، في الحالات الشديدة، قد يصل الأمر إلى فقدان الوعي وتوقف القلب
كيفية إسعاف المريض عند ظهور الحساسية
إذا تعرض الطفل لصدمة تحسسية بعد الحقن، يجب اتباع الإسعافات الأولية التالية، إيقاف الحقن فورًا وعدم الاستمرار في إعطائه، وضع المريض في وضع الاستلقاء مع رفع القدمين للمساعدة في ضخ الدم إلى الدماغ، طلب الإسعاف أو التوجه فورًا إلى أقرب مستشفى، إذا كان الطفل يعاني من صعوبة في التنفس، يمكن السماح له بالجلوس بدلًا من الاستلقاء.
إجراء اختبار حساسية قبل الحقن، حتى وإن كان الشخص قد تلقى نفس العقار سابقًا، لأن الحساسية قد تظهر في المرات التالية.
بعد إجراء الاختبار، يجب الانتظار من 15 إلى 30 دقيقة قبل تلقي الحقنة لمراقبة أي رد فعل تحسسي، في حالة الشك بوجود تاريخ تحسسي تجاه المضادات الحيوية، يجب عدم المخاطرة وأخذ الحقنة تحت إشراف طبي متخصص في المستشفى.
يشدد الأطباء على أهمية الحذر عند استخدام المضادات الحيوية، خاصة عند الأطفال، وضرورة الالتزام بالإجراءات الطبية السليمة لتجنب وقوع حوادث مأساوية مشابهة.
الوعي الشخصي للمريض تجاه المضاد الحيوي مهم جدًا لضمان الاستخدام الصحيح والحد من المشكلات الصحية والمقاومة البكتيرية، يشمل هذا الوعي عدة جوانب منها:
فهم ضرورة الاستخدام
يجب أن يدرك المريض أن المضادات الحيوية تُستخدم فقط لعلاج العدوى البكتيرية، وليس الفيروسية مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
الالتزام بالجرعة والتوقيت
من الضروري تناول المضاد الحيوي وفقًا لوصفة الطبيب، سواء من حيث الكمية أو مدة العلاج، حتى لو شعر المريض بالتحسن قبل انتهائها.
تجنب الاستخدام العشوائي
لا يجب تناول المضاد الحيوي دون استشارة طبية أو بناءً على وصفات سابقة، لأن كل عدوى قد تتطلب نوعًا مختلفًا.
الآثار الجانبية المحتملة
يجب أن يكون المريض على دراية بالآثار الجانبية الشائعة مثل اضطرابات الجهاز الهضمي أو الحساسية، وأن يراجع الطبيب إذا ظهرت أي أعراض غير طبيعية.
مقاومة المضادات الحيوية
إساءة استخدام المضادات الحيوية يمكن أن تؤدي إلى تطور بكتيريا مقاومة، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة في المستقبل.
التفاعل مع الأدوية الأخرى
يجب على المريض إبلاغ الطبيب بأي أدوية أخرى يتناولها لتجنب التفاعلات الدوائية الضارة، الوعي بهذه الأمور يساعد في تحقيق فعالية العلاج والحفاظ على الصحة العامة.
تُعد قضية استخدام الأدوية، خاصة المضادات الحيوية، دون إشراف طبي، من القضايا الصحية المهمة التي تؤثر على صحة الأفراد والمجتمع، يؤدي الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية إلى تطور بكتيريا مقاومة، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة وقد يؤدي إلى زيادة مدة المرض ومخاطر الوفاة.
وفقًا لتقرير نُشر في عام 2019، تسببت البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في وفاة أكثر من 1.2 مليون شخص، وهو رقم يفوق الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) أو الملاريا.
في مصر، حذرت وزارة الصحة والسكان من أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى إطالة مدة المرض وزيادة مخاطر الوفاة، مشددة على ضرورة استخدامها تحت إشراف طبي.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل حالات وفاة نتيجة لاستخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، توفيت امرأة بسبب بكتيريا مقاومة لجميع المضادات الحيوية المتاحة، مما يبرز خطورة هذه المشكلة.
لذا، من الضروري توعية المواطنين بأهمية استخدام الأدوية، خاصة المضادات الحيوية، تحت إشراف طبيب مختص، والابتعاد عن الممارسات العشوائية في تناولها، للحفاظ على الصحة العامة والحد من انتشار البكتيريا المقاومة.