تحقيق – آلاء هشام
وكأنه ليس كافيًا أن يقع على المرأة عبئ توقعات المجتمع لها، التي تتمثل في “الأدوار التقليدية”، كالإعتناء بالمنزل والأطفال والزوج، فبدلًا من أن يزيد تقديرها بسبب تعدد مسؤولياتها، التي قد تكون عائقًا أمام تأدية عملها.
يحصل الرجل على راتب يفوق راتبها، حتى وإن كان في ذات الوظيفة، وذلك برغم أنهما يؤديان المهام نفسها، فهل هذا بسبب تقليل المجتمعات من قيمة العمل الذي تقدمة المرأة.
أرآء المواطنين حول ظاهرة فجوة الأجور بين الجنسين
وعند سؤال المواطنين، قالت “نسمة هاني” أن النساء تحصل على مناصب عليا، لكن بأجور أقل من أجور الرجال، وليس كل الوظائف أيضًا، ولا تعتقد أن الفجوة بين الأجور بين الرجال والنساء عادلة.
وأضافت “نسمة” أن بعض الشركات تفضل توظيف النساء برواتب أقل، بدلًا من زيادة رواتب الرجال، بحيث يمكنها تعيين أكثر من امرأة بنفس التكلفة، على سبيل المثال بدلًا من توظيف رجل واحد يمكنها تعيين اثنين أو ثلاث نساء بالمبلغ نفسة.
وأشارت إلى أن بعض الرجال تقول الأولوية في الإنفاق، فالبعض يرى أن الرجال يتحملون العبء المالي الأكبر، لكن في الواقع النساء تبذل الجهد ذاته، وأحيانًا أكثر، ومع ذلك تواجه المرأة صعوبة في الحصول على زيادات في الرواتب.
رأي عضو المجلس القومي للمرأة
أوضحت الدكتورة رانيا يحيى عضو المجلس القومي للمرأة، أنه لا يوجد في المجتمع المصري فجوة في الأجور بين الرجل والمرأة، وذلك بعكس مجتمعات كثيرة تتعامل مع الرجل والمرأة بشكل مختلف، ولكن في المجتمع المصري يكون المرتب نفسه للرجل أو المرأة.

الدكتورة رانيا يحيى عضو المجلس القومي للمرأة
وأضافت أنه قد تتواجد هذه الفجوة في القطاع الخاص أو في بعض المهن، ولكن في القطاع العام لا تتعامل الدولة أو الحكومة بتمييز على إعتبار الجنس، وأن المراة في حال واجهت فجوة الأجور في العمل في القطاع الخاص، من حقها أن تطالب بالمساواة بينها وبين الرجل.
وأشارت إلى أن المرأة أصبحت تعمل بكل المجالات، بالإضافة إلى المهن التي كانت تقتصر فقط على الرجال، فالمرأة الآن تعمل بالسواقة والنجارة والحدادة والميكانيكة، وأصبح لا يوجد فروق في طبيعة العمل.
وإن كانت بعض الأسر تحاول أن تتعامل مع أولادها بتمييز، يفرض المجتمع نفسه على الجميع ويتعامل مع المرأة بشكل مختلف، وهذا يرجع إلى العقد الأخير، في حكم السيد رئيس الجمهورية، فأصبح هناك تمكين للمرأة ومحافظة على حقوق المرأة ومكتسباتها، فأحدث صحوة في المجتمع وإدراك لقيمة المرأة ومشاركتها ودورها في المجتمع.
وأكدت عضو المجلس القومي للمرأة، أن الحركات النسوية من أواخر القرن الـ 19، ومع ظهور الحركات النسوية في بداية القرن الـ 20، أظهرت هذه الحركات التحررية فرق كبير جدًا، لأنها كانت تؤسس لدور المرأة ومشاركتها في العمل، وأن لها دور حقيقي وظهر هذا بشكل كبير وكان واضحًا وبارزًا في ثورة 19، فظهرت نماذج نسائية هامه، وظهرت أصوات رجالية نادت بحقوق المرأة.
وقالت أنه أثر هذا بشكل كبير جدًا، ونستطيع القول أن هذه كانت نقطة الإنطلاقة للحديث عن النوع الإجتماعي، وأن المرأة تتعلم وتعمل ويكون لها حقوق، وأكدت أن الحركات النسوية كان لها دور كبير جدًا، وهى التي أصلت لوجود هذه الفكرة منذ زمن.
وأضافت أنه يمكن للمجتمع أن يساهم في تغيير المفاهيم التقليدية حول الأدوار المهنية للنساء، من خلال التوعية، فالتوعية هى السلاح والسر في تغيير أيًا من عادات وتقاليد رجعية أو صورة نمطية موجودة ومترسخة.
وبالطبع الدور الكبير والمجهود الذي تبذلة الدولة، من خلال دعم المرأة وتسليط الضوء على الأدوار النسائية، وتمكين المرأة، وأن المرأة تتواجد اليوم في كل قطاع وكل وزارة وكل هيئة، أحدث هذا تغييرًا في شكل المجتمع وغير أيضًا الصورة النمطية، التي كانت سائدة على المرأة.
وأصبح المجتمع اليوم يتقبل وجود المرأة على رأس المؤسسات والوزارات والسفارات، فأصبح التعامل مع الرجل والمرأة على إعتبار الكفاءة وليس على إعتبار الجنس، وهذا شيئ مهم وتطور بشكل كبير جدًا.
بعض أسباب تفاوت الأجور بين الرجال والنساء
تعددت أسباب التفرقة في الأجور بين الجنسين، فمنها “الإختلاف في التفاوض على الأجور”، تشير بعض الدراسات إلى أن المرأة أقل من الرجل إستعدادًا للتفاوض على الأجر، ربما يكون بسبب التوقعات الإجتماعية التي تقلل إمكانية المرأة في التفاوض على الأجر في بيئات العمل.
بالإضافة إلى “التمييز المباشر”، وهو عندما يُدفع للمرأة أجر أقل من الرجل، الذي يعمل في الوظيفة ذاتها، أو الدور الوظيفي، وذلك فقط بسبب جنسها! والتمييز المباشر محظور في العديد من القوانين، ورغم ذلك قد يحدث في بعض الأوقات، سواءً بشكل غير مباشر أو صريح.
إلى جانب “التمييز غير المباشر في التوظيف والترقيات”، حتى حين يتواجد فرص متساوية بين الرجال والنساء، قد تعاني المرأة من هذا النوع من التمييز، ربما يكون هناك تحيزات إجتماعية أو ثقافية، والتي تؤثر على تقييم قدرات النساء أو ادائهم.
و”التوجهات الثقافية والإجتماعية”، ربما يوضح تفاوت الأجور التفرقة التي جذورها عميقة في المجتمع، لأنه يتم النظر إلى دور الرجل في العمل على أن قيمتة أعلى من دور المرأة، فيحدث ذلك التفاوت في الأجور بينهم.
و”فترات إنقطاع العمل”، أحيانًا قد تتعرض المرأة لإنقطاع مسيرتها المهنية، وذلك بسبب مسؤولياتها تجاه الأسرة أو الأقارب، وربما تؤثر فترات الإنقطاع على تقدمها في مسيرتها المهنية، أو تلقيها رواتب أعلى.
و”الإختلاف في الصناعات والمهن”، قد تعمل المرأة في وظائف أجرها أقل من الوظائف التي يعمل بها الرجل، يهيمن الرجل على وظائف تتميز بأجور أعلى، مثل الهندسة أو التكنولوجيا، على الجانب الآخر تعمل كثيرًا من النساء في وظائف ذات أجور منخفضة، مثل وظائف في قطاع التعليم أو الرعاية الصحية.
بعض الحلول لمعالجة التفاوت بين أجور النساء والرجال
هناك عدة حلول ومبادرات لمعالجة هذه الظاهرة منها، “تشجيع المرأة على التفاوض”، فهناك بعض المبادرات هدفها تعليم المرأة كيف تتفاوض على الترقيات والرواتب بفاعلية أكثر.
بالإضافة إلى “التوعية والتدريب”، وهو زيادة الوعي لأصحاب العمل والعاملين، بضرورة المساواة بين الرجال والنساء في الأجور، وأضرار التمييز وأثره، ويمكن أن يسهم في تدريب قادة المؤسسات على مكافحة التحيزات الجنسية.
وأيضًا “التشريعات والسياسات الحكومية”، الكثير من البلدان قامت بإصدار قوانين لضمان المساواة في الأجور، مثل قوانين منع التمييز في العمل أو قوانين المساواة في الأجور.
إلى جانب “دعم التوازن بين العمل والحياة العائلية”، وهو إمداد سياسات مرنة لدعم المرأة، لتوازن بين حياتها المهنية والعائلية، ربما يسهم ذلك في تقليل التفاوت بين أجور النساء والرجال.
بالرغم من التقدم البالغ في حقوق المرأة والمساواة بين الرجال والنساء، والتقدم في قوانين المساواة، فمازال التفاوت بين أجور النساء والرجال موجودًا في الكثير من البلدان، المتقدمة منها والنامية، فهى ظاهرة متعددة الأبعاد وقضية معقدة، وتتسبب بها عدة عوامل، وتحتاج معالجة هذة الظاهرة إلى تعاون مشترك من المجتمعات والحكومات والشركات.