تحقيق ـ بسمة البوهي
تعتبر الخيانة كلمة تحمل بداخلها الكثير من الألم والإنكسار والخذلان، ولكنها تفتح أبواب التساؤلات حول الثقة والأمان والعلاقات الإنسانية، والخيانة الزوجية شيء مرفوض تحت أي مسمى سواء أن كانت مادية أو إجتماعية أو إقتصادية، ولا يمكن أن يتصور أي إنسان مدى عقوبة هذا الفعل غير الأخلاقي، والذي ترفضه جميع الأديان السماوية.
أراء الناس في هذة القضية
تقول (هبة محمد) “الخيانة الزوجية هي أصعب أنواع الخيانة، لأنها تدمر العلاقة زوجية تمامًا ويصعب إعادة بناء الثقة بعدها، غير ذلك أنها تعد كبيرة من الكبائر التي حرمها الله”.
تتابع (سمر ابراهيم) “الخيانة عمومًا هو مسمى مخيف يوحي إلى عدم الثقة أو ندالة الشخص نفسه، وشعور المرأة في ذلك الوقت يكون مشاعر مختلطة من شعور بالخذلان، والندم على إعطاء الثقة لـ الشخص الخطأ”.
يضيف (إبراهيم أحمد) “الخيانة تدل على عدم الثقه بالنفس، لأن من الممكن إحدى الأطراف يحاول إكتساب ثقته بأرتكاب هذه الفاحشة، فبالتالي يبحث الطرف الآخر عن شيء أو شخص لإستعادة هذه الثقة”.
وتوضح (أسماء ابراهيم) “أن خيانة الرجل للمرأة تعتبر شيء محزن للغاية، وليس ذلك فقط بل المبرر التي تقدمه الناس حتى تهون على الزوجة الموقف هو «الراجل معذور فغريزته أقوى من غريزة المرأة» ويرجع ذلك إلى الضعف الديني وقلة الإيمان”.

مشكلات الزواج
تشير (أميرة محمد) “الخيانة الزوجية عند الرجال أصبحت أمر عادي، وإذا إكتشفته الزوجة يكون في بداية الأمر مرتبك ويظل نادم على ما فعله، وإذا سامحته الزوجة يفعلها مرات عديدة والحجج والمبررات تختلف عن المرات التي مضت وتنتهي بقول الزوج «لا شيء يعيب الرجل»”.
تجمعت أراء الناس على أن الخيانة الزوجية هو كسر حاجز الأمان بين الزوج والزوجة، وهذا يجعل الزوجة تفكر أن المشكلة فيها ويجعلها تفقد الثقة في نفسها ومنهم من تهمل نفسها ولا تهتم بها، لأن الزوج يخونها فكل تغيير تفعله لن يؤثر بشيء، وفي جهة أخرى تعمل الزوجة على الإهتمام بنفسها أكثر حتى يرى الزوج مدى جمالها ويندم على فعلته ويعود لها مرة أخرى.
رأي الدين في الخيانة الزوجية
يؤكد الشيخ “محمد حسبو” يعتبر الزنا من أبشع صور الخيانة الزوجية، وهو من الكبائر التي تحرمها الشريعة الإسلامية، وتعد الزنا من أعظم الذنوب وقد قال الله تعالى”وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” ويؤكد الإسلام على حرمة أي علاقة خارج إطار الزواج.
وعقوبة الزنا ثابتة بالقران والسنة النبوية لقوله تعالى “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ”.
ويوضح الشيخ إذا لم تصل الخيانة إلى الزنا وكانت عبر المكالمات الغرامية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ما شابة فإنها علاقة غير شرعية، وتعتبر خيانة للأمانة الزوجية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” وحث الإسلام على الحفاظ على العشرة والوفاء بين الزوجين.
ويضيف “حسبو” إن الله يقبل التوبة من عباده فلذلك من يرتكب الخيانة الزوجية علية أن يتوب إلى الله بصدق والابتعاد عن المعصية ويطلب المغفرة من الله، ولابد أن تكون التوبة نابعة من القلب ولا يعود لها أبدًا، وقال الله تعالى “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”، ولكن من رحمه الله تعالى أن الله يقبل التوبة عن عباده لقوله تعالى “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ”.
رأي الطب النفسي في هذه القضية
أشار الدكتور “عاطف الشوبكي” دكتور الصحة النفسية، الخيانة الزوجية هي إحدى الكبائر التي حذرنا الله منها، حيث أن الخيانة تجعل الشخص يفقد ثقته بنفسه ويشعر بخيبة أمل وخذلان، ومن الممكن أن تؤدي إلى الإكتئاب وإضطرابات نفسية صعب التعافي منها.
ويؤكد الدكتورالنفسي أن تتعدد أسباب الخيانة الزوجية مثل المراهقة المتأخرة ويسعى الشخص لأسترجاع تجربة العاطفية التي يفتقدها في مرحلة الشباب، والفراغ العاطفي الذي ينتج عن غياب التواصل والإحتواء داخل العلاقة الزوجية، وضعف الوازع الديني والأخلاقي وهذا يقلل من الإلتزام بالقيم الزوجية.
طرق التعامل مع الخيانة
ويضيف “الشوبكي” يجب على الشخص الإعتراف بالأخطاء، والإعتذار الصادق الذي يعتبر خطوة أساسية لإعادة بناء الثقة وعقد النية للتغيير الحقيقي، وهذا يتضمن تحسين السلوكيات والإلتزام بالعلاقة، وأيضًا تقدير مشاعر الطرف الآخر من خلال الإستماع والتفهم لمشاعره، وأخيرًا يجب إكتشاف ما هي المشكلة التي نتجت عنها الخيانة وإيجاد حلًا لها.
رأي القانون في هذة القضية
وبالانفراد في الحديث مع المستشارة “شيماء المجيدي” وتوضح أنها تعمل على جمع الأدلة التي تثبت الخيانة، مثل الرسائل أو مقاطع الفيديو أو تسجيلات أو شهادة شهود، وتحليل الأدلة جيدًا ثم تقديمها.
عقوبة الخيانة الزوجية “الزنا”
وتضيف الأستاذة “شيماء” أن العقوبة تختلف حسب الطرف المرتكب للجريمة، حيث أن عقوبة الزنا هي حبس لمدة ست شهور للزوج، وسنتين للزوجة ولكن يجب إثبات واضح للخيانة، مثل ضبطه متلبس أو الإعتراف بالجريمة.
أسباب الخيانة الزوجية
تعتبر أسباب الخيانة كثيرة منها المراهقة المتأخرة حيث يحاول عيش المراهقة التي حُرم منها في سن الشباب وتكون في سن الأربعين فبذلك يصبح الشخص متهور ومندفع عاطفيًا، ومن الممكن أن يعاني الرجل من الإدمان على النساء ويعمل دائمًا على البحث عن إمرأة أخرى غير زوجته، و الأسباب التي تجعل الرجل ينفر من زوجته مما يدفعه إلى خيانتها وهي الغيرة الشديدة التي تصل إلى الشك وهذا مرض، مما يجعل الزوج يبحث عن إمرأة أخرى يشعر معها بالأمان.
تأثير الخيانة على الأولاد والأسرة عمومًا
تعتبر الخيانة سلوك في غاية البشاعة وبالتأكيد يدمر العلاقة الأسرية وتتدهور الأسرة بالكامل، ومنهم الأولاد التي تُزرع بداخلهم فقدان الشعور بالأمان ويشعر أن البيت لم يعد مكان أمان ومستقر، ويصبح يشعر بالقلق من الأشخاص التي من حوله، ويصل إلى أن يكون سلوك عدواني أو يصبح متوحد ومنعزل عن الناس خوفًا من أن يخزلونهُ، وليس ذلك فقط بل تتشوة صورة الأب أو الأم ويفقد إحترام أحدهم أي الذي إرتكب الجريمة، وهذا يؤثر على نشاته الأخلاقية ومن الممكن ترجمة الأولاد للخيانة أنها أمر عادي ويفعل ذلك في المستقبل.
نصائح للزوجة التي تعرضت إلى الخيانة الزوجية
يجب أن تكون الزوجة متماسكة ولا تنهار لأن أي رد فعل إنفعالي لن يحل أي مشكلة، ولكن تفكر قليلًا في سبب المشكلة والنظر لها بمنظور مختلف، حيث تحاول الزوجة إستعادة علاقتها مع زوجها إذا وجدت أن الأمر يستحق المحاولة مرة أخرى، وتعمل على التغيير من نفسها حتى تبقى الحياة الزوجية مستمرة ولا يؤثر هذا الموقف على الأولاد في المستقبل.
ونتحدث أن الخيانة الزوجية لا تقتصر على الخيانة الفعلية، بل تشمل الكذب أو عدم إعطاء الأمان لشريك حياتك، وهذا في حد ذاته كارثة مدمرة لأي علاقة ولن تبقى صامدة لفترة طويلة، وتعتبر الحياة الزوجية بجانب أنها رابطة مقدسة فهي أيضًا أسلوب حياة يجمع بين شريكين، وليست منافسة للإحتفاظ بالكيان الأسري وعندما تدخل الخيانة تقل الثقة، وتكاد تكون منعدمة وتتدهور سريعًا.
ليست الخيانة الزوجية مجرد تصرف عابر بل هو جرح عميق في جدار الثقة بين الزوجين، وقد يصعب تصليحه لأنها تترك أثرًا نفسيًا وإجتماعيًا وتؤثر على الفرد والأسرة، فالخيانة ليست مجرد خيانة للعهد بل هو جرح عميق في الأمانة والثقة والوفاء، وسيبقى السؤال هنا ما معنى الوفاء والإخلاص في أي علاقة.