تحقيق – وفاء العسكري
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة قراءة الورق، أو ما يسمى بقراءة “التاروت”، كما ظهرت أيضًا مبدأ أرقام الطاقة، وهى أنه عندما تتطابق أرقام ساعة هاتفك، تصبح هنالك رسائل مخفية خلف ذلك التطابق.
ويتم استهداف المراهقين والشباب بتلك الأفكار الوهمية، وهى في اعتقادهم أنها حقيقية، ولها نتائج أيضًا، حتى أصبحت تلك مهنة، يمكن اكتساب منها الأموال، ويمكن لأي أحد يحمل بعض الأوراق الملونة، أن يتنبأ بالمستقبل.
فقالت الاء حسن طالبة كلية العلوم بجامعة الزقازيق: “من فترة بدءت تظهر أمامي فيديوهات التاروت على تطبيق “تيك توك”، وظهرت أمامي سيدة لا يظهر منها شئ سواء يديها فقط، وتعجبت من شكل الأوراق التي في يديها، وشكل الفيديو والشمع الذي فيه جذبني أني أسمعه، وفعلًا سمعت الفيديو، وكانت تتحدث عن ماذا سيحدث لك خلال العام القادم؟”.
وتابعت الاء: “وكانت مدة الفيديو تتراوح بين الدقيقة والدقيقة وعشر ثواني، ويمكن أن يصل الفيديو لدقيقتين أو أكثر، وشعرت أن طاقتي متوافقه مع كلمات الفيديو، وبعد أن تخطيت الفيديو ظهر لي فيديو أخر، يتحدث عن الانفصال، وبالفعل سمعت الفيديو، وشعرت أن كل ما ذكر داخل الفيديو سيحدث، وأن تلك القراءة صحيحة”.
أكملت طالبة كلية العلوم: “وبالفعل بعد مرور أسبوع تقريبًا، حدثت بعض الأشياء من الفيديو، وبدء عقلي يربط أحداث الواقع بكلمات الفيديو، وعندما فتحت التطبيق مرة أخرى، ظهر لي فيديو مجددًا شعرت بانجذاب للاستماع له، وسمعت من المتحدثة في الفيديو أنها تقول أن القراءة عامة، ومن يريد القراءة الخاصة يتواصل معي”.
تابعت الاء حسن: “وبالفعل تواصلت معاها، وقالت لي إن الحجز سيتم عن طريق تحويل مبلغ مالي، ومن بعدها سيتم إرسال القراءة لي، وبالفعل حولت المبلغ المالي، وبالفعل تم إرسال قراءة لي، ولكن مع مرور الوقت لم يحدث منها أي شئ، عندها تيقنت أنني وقعت في فخ النصب، ولكن بطريقة غير تقليدية، وهى اعطاء المال مقابل بعض الكلمات في الهواء”.
وتواصلت صحفية جريدة الأنباء المصرية مع أحد قراء أوراق “التاروت”، وبالفعل سألت عن تفاصيل الحجز، ومواعيد القراءة، وكان الرد أنه هنالك العديد من القراءات، منها قراءة خاصة عاطفية معمقة، وتهكير العقل الباطن للشريك، وتشمل “4 أسئلة” وبسعر 1400 جنيهًا مصريًا.
وقالت صاحبة الأوراق أنه هنالك قراءة “الچوكر” للمنفصلين، والعلاقات المعقدة، والطرف الثالث، وهى قراءة معقمة جدًا بسعر 1600 جنيهًا مصريًا، والقراءة تشمل 6 أسئلة، والأسئلة تشمل طاقة الشخص في البعد، وطاقة الرجوع، وطاقة العلاقة، وأما قراءة “الچوكر المتعمقة” تشمل طاقة العمل وطاقة الصحة، والطاقة العاطفية، وهى عبارة عن 9 أسئلة، وبسعر 2600 جنيهًا مصريًا.
وأضافت قارئة التاروت أنه يوجد القراءة صاحبة 11 سؤال، هى قراءة “سيدة الأسرار”، وهى قراءة عميقة وروحانية ومفصلة، وبسعر 4500 جنيهًا مصريًا، وقالت إنه هنالك حجز مستعجل، وأن المعلومات المطلوبة هى اسمك واسم الطرف الثاني، والأبراج أيضًا، والحالة الإجتماعية للطرفين، والحالة العاطفية ونوع العلاقة.
وأوضحت القارئة أن القراءة تصل بعد الدفع، في فترة تتراوح بين أسبوع و 10 أيام، وأنه يوجد أنواع لقراءات أخرى مثل كشف المهارات، ونقاط القوة، والضعف وطاقة المال، وغيرها من القراءات الشاملة مدفوعة الثمن.
أشارت الدكتورة بسمه فهمي استشارية نفسية، إلى أنه هنالك بعض الدراسات على فعالية أوراق التاروت قائلًا: “العالم الشهير “فرويد” الذي أسس نظريات السلوك بعلم النفس، فسر عجزنا عن معرفة أنفسنا بطريقة كاملة، وجهلنا بما نشعر بيه ودوافعنا، ويقول إن أفكارنا الواعية ماهى إلا خيطًا رفيعًا، يلتف حول خلايا عقولنا”.
وتابعت الدكتورة: “وأكد فرويد على أن المشاعر والأفكار والأمنيات والدوافع والأحداث، التي قد تبدو عشوائية تحمل الكثير من المعاني الدقيقة، ولا يوجد ما يسمى بالصدفة، ولا يزال التعمق في اللاوعي، عبارة عن خطوة شديدة الاهتمام تجاه معرفة أصدق السلوكيات البشرية”.
أكملت بسمه فهمي: “ولم يتوقف فرويد عن ذلك بل أثبت أن عملية التفكير، التي تتضمن التخيل تعد شكلًا من الأشكال المرضية، إلا أنها تقوم في أساسها على هدف إشباع عقلي ونفسي، ومن تلك النقطة بدأ علماء المتخصصين في دراسة العقل، الاستفادة من نظرية فرويد، حول تخيل الأشياء قبل تحقيقها”.
أوضحت الاستشارية النفسية أن أفراد المجتمع تنجذب لتلك الخرافات قائلًا: “الإنسان في الأصل يخاف من الشئ الذي لا يراه، مثل العفاريت والجن، وأيضًا المستقبل، وبالطبع جميعًا نعلم أن النصابين عملوا على جزء العفاريت والجن، فظهر جزء جديد لا يريد تقليد أفكار الأشخاص القديمة”.
أكملت الدكتورة بسمه: “فلجأت للمستقبل، واستغلوا تلك النقطة وهى خوف الإنسان من المستقبل، وعملوت عليها مثل وشوش الودع، وأوراق “التاروت”، التي انتشرت في مواقع التواصل الإجتماعي، وفي البداية يعطي صاحب الفيديو قراءة مجانية، وهى ليست قراءة فعلية”.
تابعت الإستشارية: “هى بتكون عبارة عن مجموعة من النصائح، ولكن بصياغة مختلفة، لكي تدخل عقل الإنسان بشكل مرتب ونظيف، ويشعر فعليًا أن طاقته متوافقة مع طاقة الفيديو، ولكنه عبارة عن شعور وهمي ومزيف، بالإضافة إلى الفيديو يظهر في شكل مريح للعين، ويظهر فيه شموع، وإضاءة خفيفة”.
أضافت الدكتورة: “وذلك لتشعر أن الكلام حقيقي، ويقول لك ضع طاقتك على حجر، وعلى أساسه فتلك القراءة لك، وبعد فترة عندما يحدث مع الشخص حدث طبيعي، يبدأ عقله في ربط الأحداث بالفيديو، ويصدق قارئ التاروت، ويذهب لحجز قراءة خاصة به”.
أشارت بسمه فهمي: “ويقوم بدفع مبلغ مالي ضخم، وبعد تحويل المبلغ يمكن للقارئ أن يقوم بعمل “بلوك”، أو قفل الحساب، بعد ما يستلم منه المبلغ، أو يقوم بعمل قراءة فعلًا، ولكن تشبه القراءة المجانية، فهم ليسوا منجمين، ولا يعرفون المستقبل، بل هم أصحاب كلمات دقيقة ونصائح واقعية”.
أكدت الدكتورة دينا إبراهيم دكتورة علم الإجتماع، أن هنالك العديد من العوامل التي تتسبب في انجذاب الأفراد لتلك الخرافات، موضحةً: “المجتمع أصبح يتأثر بهذه الخرافات، بسبب أن المجتمع أصبح هشًا، وظروف المجتمع في كل جوانب الحياة مثل الإقتصادية، والإجتماعية والثقافية، أصبحت صعبة ولا تحتمل”.
أوضحت دكتورة علم الإجتماع: “فمن الناحية الإقتصادية، الأشخاص أصبحت تلجأ للتاروت من أجل معرفة ماذا سيحدث في المستقبل؟، هل سيصبح غني وسيكون قادر على الزواج، وتكوين أسرة، ومن الجانب الإجتماعية، أفراد المجتمع بدءت في الإتجاه لأصحاب الأوراق من أجل معرفة من يحبهم، ومن هو العدو، وللهروب من الواقع”.
وأضافت الدكتورة دينا: “وليس فقط ذلك ولكن كيفية التعامل مع العدو، أو الأشخاص عمومًا، وبالطبع سؤال أي هيحصل مع خطيبي الفترة الجايه؟، هل في مشاكل أو لا؟، وبالنسبة للمراهقين اللي أنا بحبه هياخد خطوة جد وهنبقى سوا ولا لا؟، وطبعًا أهم عامل هو العامل الثقافية”.
تابعت دينا إبراهيم: “لأننا لو نمتلك الوعي الكافي، لمعرفة أن المستقبل بيد الله، وأن لا أحد يستطيع توقعه، لم نتجه لخرافات أصحاب الأوراق، ولن تنتشر مثل الوقت الراهن، ولم تصبح مهنة يأتي من وراها مكاسب مادية، والأشخاص إذا سلموا كل أمورها لله، لم يلجوا للتنجيم، ومعرفة المستقبل”.
وصنفت الدكتورة الأشخاص إلى نوعين، قائلة: “والأشخاص التي تلجأ للخرافات، نوعين: خائفين من المستقبل أو لديهم فضول لمعرفة ماذا سيحدث في المستقبل، وجانب الفضول يكون منتشرة أكثر عند المراهقين، ويقومون بتصديق تلك الكلمات الوهمية”.
اختتمت الدكتورة دينا إبراهيم، موضحة: “ويبدأ إيمان المراهقين يضعف مع مرور الوقت، دون أن يشعوروا، ولذلك يجب على الأهل، مراقبة أولادهم في العمر ما بين 10 أعوام إلى 20 عامًا، ويبدءوا في مراقبة ما يشاهده أولادهم، ويتحدثون معاهم لمعرفة ما يدور في عقولهم، وذلك لإنقاذ أطفالهم إذ بدءوا في التصديق، ويساعدوهم في العودة إلى الطريق الصحيح”.