كتب – محمد صفوت
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني: أمريكا لم تعد تتمتَّع بقوة البقاء بعد الآن
سكرتير البعثة الدبلوماسية الروسية: الرئيس الأفغانى “فر” من كابل
ترامب: حان الوقت كي يستقيل جو بايدن
وزارتا الخارجيّة والدفاع الأمريكيّتان: نؤمن المغادرة من أفغانستان في رحلات مدنيّة وعسكريّة
روسيا: ثق بالتقييمات المتشائمة للأمريكان بشأن خطر سقوط كابل في قبضة طالبان
سفير أفغانستان في القاهرة: الأمم المتحدة لن تعترف بطالبان.. ونمر بموقف “صعب”
بعد عقدين من الزمن في أفغانستان، تنتهي أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها مع سيطرة خاطفة لحركة طالبان على البلاد، ما يُلحق ضرراً كبيراً بصورة واشنطن.
فمع الانهيار السريع للحكومة الأفغانيّة في كابول الأحد الماضى، سيتمّ إحياء الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر التي كانت وراء الغزو الأمريكي لأفغانستان فيما حركة طالبان تُسيطر مجدّداً على هذا البلد رغم الكلفة العالية التي تكبّدتها الولايات المتحدة مع سقوط 2500 جندي أمريكي وإنفاقها أكثر من تريليوني دولار.
وبعد يوم من سيطرتهم الكاملة على أفغانستان، قال مسؤولون في حركة طالبان، إنهم لم يتلقوا أي تقارير عن أي اشتباكات بمختلف أنحاء البلاد حيث سيطروا على العاصمة كابول بعد انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.
فيما أعلنت حركة طالبان انتهاء الحرب في أفغانستان بعد سيطرتها على القصر الرئاسي في كابول تزامنًا مع رحيل القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة ومسارعة الدول الغربية لإجلاء مواطنيها على وجه السرعة.
قال توم توغندهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، إن “الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان بعد 20 عاماً، والكثير من الاستثمار في الأرواح والجهود، سوف يجعل الحلفاء والحلفاء المحتملين، في جميع أنحاء العالم، يتساءلون عمّا إذا كان يتعيَّـن عليهم الاختيار بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وإدراكهم أن بعض الديمقراطيات، لم تعد تتمتَّع بقوة البقاء بعد الآن”.
وأكد أن لحظة إتمام الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ستكون كارثية على البلاد والعائلات الأفغانية، مشيرًا إلى أن الانسحاب الأمريكي من كابل، يمكن أن تكون له تداعيات على بُعد آلاف الأميال، في إشارة إلى إمكانية انتقال أثر الأرهاب إلى الغرب، كما كان يفعل تنظيم القاعدة.
وتساءل توغندهات، في مقال بصحيفة ذا ناشيونال، التي تصدر من أبوظبي، عن تداعيات سقوط العاصمة الأفغانية كابل، خلال الفترة المقبلة، مع تقدُّم حركة طالبان، واقترابها من حدود المدينة الأهم داخل البلاد، وأضاف: هل تستطيع واشنطن الحفاظ على عباءة القيادة العالمية بعد ذلك؟
وأشار إلى أن الانسحاب الأمريكي السريع، دليل على الافتقار إلى الصبر الاستراتيجي الضروري “لكونك حليفًا موثوقًا به”، مضيفًا: “لقد سحبنا البساط من تحت أقدام شركائنا الأفغان، بينما الآخرون يراقبون من كثب”.
وقال إن الانسحاب الأمريكي، له آثار كارثية على العائلات الأفغانية “وتركت الأطفال الأيتام والآباء يبكون وحدهم”، وتابع: “بالنسبة لي، فإن الذكرى التي ستطاردني، كل مرة أحمل فيها طفلي، هي ذاكرة الأب الذي رأيته يحمل ابنته الملطخة بالدماء، يبحث عن المساعدة”.
ورأى النائب البريطاني، أن الغرب -على مدى عقدين من الزمن- نجح رغم الإخفاقات والصعوبات، في تغيير الصعاب على الأرض، إذ توقَّفت حركة طالبان، عن محاربة الولايات المتحدة أو “الناتو”، كما توقَّفت عن محاربة الجيش والشرطة الأفغانيين، مضيفًا: “لقد بنينا الثقة مع الشعب الأفغاني، وقدَّمنا الدعم الذي يحتاجون إليه، لاستمرار العمليات ضد المتشدِّدين”.
وقال: “لقد درَّبنا القوات الأفغانية على القتال كما نفعل نحن.. لقد ساعدناهم في تعلُّم كيفية دعم خطوط الإمداد، والقوة الجوية، والقدرة على الشراكة مع الحلفاء، إذ قدَّم الغرب سلاسل الدعم الجوي والخدمات اللوجستية، ما كان يعطي انطباعًا بالقدرة على النجاح”.
وأضاف: “المتعاقدون الأمريكيون قاموا بصيانة طائرات الهليكوبتر، وزودنا القوات الأفغانية بالأسلحة، التي نتشاركها جميعًا في الغرب، ما جعل الأفغان يعتمدون عليها خلال المعارك أمام طالبان، لذلك عندما تم سحب هؤلاء المتعاقدين، نتيجة الموعد النهائي للانسحاب -المقرَّر في 31 أغسطس- تم إيقاف طائرات الهليكوبتر وانتهى الدعم الجوي، وهو ما يعني ترك حلفائنا غير قادرين على مواجهة المتشدِّدين، بل وغير مدرَّبين لما سيأتي”.
الأسوأ من ذلك -حسب توغندهات- أن وجود الغرب كان يضاعف قوة الأمن الأفغاني، إذ كان انتشار “الناتو” البالغ قوامه 10000 جندي، العمود الفقري لقوات الأمن الأفغانية، ما منح الثقة بالتزام دائم لما يقرب من 400000 من الشرطة والجيش الأفغان في القتال أمام طالبان، مضيفًا: “بالنسبة لنا، هذه نسبة قوة فعالة، منحتنا الوقت لتدريب المهارات اللوجستية والتقنية لهؤلاء الجنود”.
وتابع النائب البريطاني، أن كل ذلك أعطى التحالف المواجهة المستدامة، التي شهدت نمو المؤسسات المدنية الأفغانية ببطء، في ظِل حكومة كانت تتعلَّم كيف تدير الأمور، وأضاف: “ربما لم يكن الأمر مثالياً ولكن الوقت كان يسمح لثقافة التعاون، بأن تغرس جذورها في المجتمعات، في جميع أنحاء البلاد، ففي وقت سابق من هذا العام ، كانت في قندهار -عاصمة الجنوب- مدارس وكليات وفرص للفتيات”.
واستدرك: لكن بدلاً من الانتظار -كما فعلنا في ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان وقبرص- انسحبنا، وأوضح أن عدد الجنود الأمريكيين الذين تم سحبهم من أفغانستان، البالغ عددهم 2500 جندي، بالكاد يمثِّل عُشر أولئك الذين تم نشرهم في الخليج.
وأشار إلى أن آخر جندي بريطاني، قُتل خلال العمليات العسكرية، كان عام 2013 ، موضحًا أن هؤلاء الآلاف من الجنود المتبقين، كانت مهمتهم الربط بين الجيش والشرطة، للحفاظ على استقرار الدولة المركزية في أفغانستان.
وحذَّر النائب البريطاني، من خطورة الانسحاب الأمريكي، قائلًا: “الآن يبدو المستقبل متوقَّعا للغاية، لقد رأينا هذه المسرحية… إذ يسمح الفضاء غير الخاضع للحُكم، بنمو الجماعات الإرهابية مثل داعش، التي هدَّدت الشرق الأوسط، أو حركة تركستان الشرقية الإسلامية، التي تسعى إلى فصل شينجيانغ عن الصين، وكلتاهما تم الإبلاغ عن نشاطها في أفغانستان مؤخرًا.
وتساءل: هل يمكن أن تكون هذه اللحظة -أي إتمام الانسحاب- النقطة التي تثبت فيها الولايات المتحدة للعالم، أنها لم تعد لديها الإرادة، أو ربما القدرة، للعب الدور الذي لعبته خلال الثمانين عامًا الماضية؟
وأضاف: “أيا كان ذلك، فهو تغيير هائل في مصداقية الولايات المتحدة وحلف الناتو، كما أنه يغيِّـر ديناميكيات تأثيرنا في جميع أنحاء العالم، وبالتأكيد سيؤدي إلى إضعافنا”.
وشدَّد النائب البريطاني، على أهمية تحديث “الناتو” لخطط مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن المهمة الأولى للإدارات في الحلف، تحديث التحالفات الاستراتيجية، وإعادة التفكير في التزاماتنا بمكافحة الإرهاب في العالم.
وأضاف: “يمكننا إعادة بناء شراكاتنا، من خلال الاستثمار والتحالفات، حتى نصل إلى نتيجة مفادها بناء عالم من الأحرار، ومشاركتهم قيمنا، وليس العيش في خوف”.
فِرار الرئيس الأفغانى
هذا وبالتزامن مع سقوط كابل في يد حركة طالبان الأحد الماضى، كشف مصدر في السفارة الروسية في كابل، أن الرئيس الأفغاني أشرف غني فر من كابل، بسيارات مليئة بالمال، وما لم يتمكن من حمله معه بقي على مدرج الإقلاع بالمطار.
وتحدث السكرتير الصحفي للبعثة الدبلوماسية الروسية نيكيتا ايشينكو، عن سقوط الحكومة الأفغانية، وقال إن أكثر ما يصور ذلك بدقة، هو كيف هرب غني من أفغانستان، مبيناً أن أربع سيارات كانت مكدسة بالمال، حاولوا إدخال قسم آخر من المال إلى طائرة هليكوبتر، لكنها لم تتسع لكل الأموال، ولذلك بقي بعضها على مدرج الإقلاع والهبوط في المطار، وفق ما نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية.
وكان نائب الرئيس السابق عبدالله عبدالله قد أكد في مقطع مصور نشره عبر فيسبوك الأحد الماضى، أن الرئيس الأفغاني أشرف غني غادر أفغانستان، وذلك في وقت بدأ فيه عناصر حركة طالبان بدخول أجزاء من العاصمة كابل.
من جانبها، أفادت شبكة “سي إن إن” الأمريكية بأن الرئيس غادر القصر الرئاسي بكابل عبر طائرة مروحية.
وقال مسؤول كبير في الداخلية الأفغانية إن معلومة مغادرة الرئيس صحيحة، فيما شددت الرئاسة الأفغانية أنه لا يمكن الإفصاح عن تحركاته لأسباب أمنية.
رسالة “ترامب” لـ “بايدن”
وفى ذات السياق، دعا الرئيس الأمريكي السابق الجمهوري دونالد ترامب خليفته الديموقراطي إلى الاستقالة على خلفية انتصار حركة طالبان في أفغانستان ولكن أيضًا بسبب ما اعتبر أنه سوء إدارة من جانب جو بايدن لملفات أخرى مثل الجائحة.
وكتب ترامب في بيان: “حان الوقت كي يستقيل جو بايدن” بسبب “عار ما سمح بحدوثه في أفغانستان جنبًا إلى جنب مع الارتفاع الهائل في الإصابات بكوفيد، وكارثة الحدود، وتدمير استقلال الطاقة، واقتصادنا المُعَطّل”.
وقال في بيان آخر الأحد الماضى، إنّ ما فعله جو بايدن بأفغانستان أسطوريّ، سيُصبح أحد أعظم الهزائم في التاريخ الأمريكي.
وأقرّ الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي فرّ إلى خارج أفغانستان، بأنّ “حركة طالبان انتصرت”، في حين أظهرت مشاهد تلفزيونيّة المتمرّدين يحتفلون بـ”النصر” من القصر الرئاسي في كابول.
وبعد عشرين سنة تقريباً على طردها من السلطة، بات انتصار طالبان العسكري كاملاً مع انهيار القوّات الحكوميّة في غياب الدعم الأمريكي.
ودافع بايدن عن قراره وضع حدّ لحرب استمرّت عشرين عاماً في هذا البلد.
وقال: “أنا الرئيس الرابع الذي يحكم مع انتشار عسكري أمريكي في أفغانستان، لا أريد أن أنقل هذه الحرب إلى رئيس خامس”.
وكان ترامب حمّل بايدن المسؤولية عن التقدم العسكري لطالبان في أفغانستان، قائلاً إنّ الوضع الحالي “غير مقبول”.
وقال ترامب في بيان: “لو كنتُ رئيساً الآن، لأدرك العالم أنّ انسحابنا من أفغانستان مرهون بشروط”.
وأضاف: “كان يمكن أن يكون الانسحاب مختلفاً وأكثر نجاحاً، وطالبان كانت تعلم ذلك أفضل من أي شخص آخر”.
وتابع: “لقد أجريت محادثات شخصيا مع قادة من طالبان وهم فهموا أن ما يفعلونه اليوم لن يكون مقبولا”.
فوضى مطار كابل
قال مسؤول أمريكي إن قوات أمريكية أطلقت النار في الهواء بمطار كابل الإثنين الماضى لمنع مئات المدنيين من الوصول إلى مدرج الطائرات، وسط حالة من الفوضى في المطار غداة سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان.
وقال المسؤول لرويترز عبر الهاتف: “كان من الصعب التحكم في الحشد، إطلاق النار في الهواء كان فقط لمنع حدوث فوضى”.
وذكر ثلاثة شهود لرويترز أن خمسة قتلى سقطوا في أحداث الفوضى بمطار كابل.
وتكدس مئات الأفغان في المطار في مسعى للخروج من البلاد بعد دخول مسلحي حركة طالبان العاصمة كابل.
ويتولى جنود أمريكيون مسؤولية المطار للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة الأمريكية ومدنيين آخرين.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الجيش الأمريكي أمّن محيط مطار كابل، مضيفة أنه تم إخلاء سفارة واشنطن في العاصمة الأفغانية بالكامل.
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس في بيان بعد ساعات على سيطرة طالبان على المدينة: “جميع أفراد السفارة موجودون في مبنى مطار حامد كرزاي الدولي الذي يؤمّن الجيش الأمريكي محيطه”.
وفي وقت سابق قالت وزارتا الخارجيّة والدفاع الأمريكيّتان في بيان مشترك: “نتّخذ حاليّاً سلسلة إجراءات لتأمين مطار حامد كرزاي الدولي، من أجل السماح بمغادرة آمنة” للأفراد الأمريكيّين وحلفائهم من أفغانستان في رحلات مدنيّة وعسكريّة”.
وقال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة، إنّ السفير الأمريكي لدى أفغانستان روس ويلسون موجود أيضاً في المطار وإنّه على اتّصال بوزير الخارجيّة أنتوني بلينكن.
وأضافت الوزارتان في بيانهما المشترك: “خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، سنكون قد وسّعنا وجودنا الأمني إلى زهاء ستّة آلاف عسكريّ، مع مهمّة تُركّز حصراً على تسهيل جهود الإجلاء وتولّي مراقبة الحركة الجوّية”.
وتابع البيان: “خلال الأيام المقبلة، سننقل إلى خارج البلاد آلاف المواطنين الأمريكيّين الذين يقيمون في أفغانستان، إضافة إلى موظّفين محلّيين في البعثة الأمريكيّة في كابل وعائلاتهم، فضلاً عن أفغان آخرين معرّضين للخطر بشكل خاصّ”.
روسيا تُعلقّ
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن موسكو تثق بالتقييمات المتشائمة للاستخبارات الأمريكية بشأن خطر سقوط العاصمة الأفغانية كابل في قبضة حركة طالبان قريبا.
وقال لافروف، في تصريحات أوردتها قناة “روسيا اليوم” عقب مشاركته في منتدى تاوريسا المنعقد في شبه جزيرة القرم في معرض تعليقه على التقييمات المتشائمة للاستخبارات الأمريكية بخصوص أفغانستان والتي أوردتها تقارير صحفية مؤخرا: “كل ما يجري في أفغانستان يأتي نتيجة لتواجد الولايات المتحدة المستمر لـ20 عاما في هذا البلد، ولذلك نعتمد على تقييمات وكالة المخابرات المركزية CIA”.
سفير أفغانستان في القاهرة: “الموقف صعب”
أكد السفير الأفغاني في القاهرة محمد محق أن “حركة طالبان تستخدم الطريقة اللينة في التعامل مع الأمور حتى الآن، ولكن ليس هناك أي ضمان لما سيقومون به على مدار السنوات المقبلة”.
وفي حديث مع موقع سكاي نيوز عربية قال محمد محق إنّ: “طالبان سيطروا على معظم المناطق الأفغانية كما أنهم دخلوا المطار ويقومون حاليًا بالتفاوض مع الأمن الرئاسي حول تشكيل الحكومة المستقبلية”.
وتابع سفير أفغانستان في القاهرة: “ما تدار من مفاوضات بين حركة طالبان والأمن الأفغاني سيكون فيها تفاهم كبير حول الرؤية المستقبلية للحكومة وتشكيلها وفقًا للأوضاع الجديدة”.
وحول تأثير طالبان على دور الدبلوماسية الأفغانية مع جميع دول العالم أكد “محق”: “لو استمروا على أفكارهم سيكون هناك تأثيرًا كبيرًا مع غالبية دول العالم، ولكن لو قدموا وسيطروا بشكل نهائي وراعوا حقوق الإنسان والمرأة ستختلف الأمور”.
وأردف الدبلوماسي الأفغاني بالقول: “الأمم المتحدة أكدت مرارًا في أكثر من مناسبة أنّ أي حركة ستأتي بالقوة لن يتم الاعتراف بهم، وستكون في عزلة دون تقديم أي مساعدات لهم، وهو ما سيجعلهم يتخلون عن أفكارهم السابقة الخاصة بحقوق الإنسان والمرأة”.
وكان المحلل السياسي الأفغاني أتو محمدي نور قد أكد في تصرح خاص لموقع “سكاي نيوز عربية” إنّ القادة الأربعة المتوقع أن يحكموا أفغانستان هم زعيم حركة طالبان الملا هبة الله أخوند زاده، وعبد الغني برادر، وسراج الدين حقاني، ويعقوب محمد عمر.
أبرز قادة حركة طالبان
يعتبر عدد عناصر طالبان بالتحديد غير معلوم ولكنه يقدر بنحو 75 ألفا، وتهدف حركة طالبان إلى فرض تعاليم الشريعة الإسلامية في أفغانستان وإزالة النفوذ الأجنبي من البلاد.
وحسب تقرير فرانس 24، فإن قادة الحركة المسلحة، هم:-
الملا هيبة الله أخوند زاده – القائد الأعلى
استلم الملا هيبة الله أخوند زاده قيادة حركة طالبان في مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة بعد أيام على وفاة سلفه أختر محمد منصور الذي قُتل في غارة لطائرة أمريكية مسيرة في باكستان، قبل تعيينه، لم يكن يُعرف سوى القليل عن أخوند زاده الذي كان اهتمامه منصبا حتى ذلك الحين على المسائل القضائية والدينية أكثر من فن الحرب.
وقد وقعت الحركة تحت قيادته، اتفاق سلام تاريخيا مع الولايات المتحدة في قطر في 29 فبراير 2020 ووصف أخوندزاده الاتفاق بأنه “انتصار كبير” للجماعة، ومنذ 1 مايو 2021 صعدت طالبان عملياتها العسكرية ضد القوات الحكومية وسيطرت على مساحات شاسعة من أفغانستان.
ويتمتع عالم الدين هذا بنفوذ كبير داخل حركة التمرد التي قاد الجهاز القضائي فيها، لكن محللين يرون أن دوره على رأس طالبان سيكون رمزيا أكثر منه عمليا. وأخوند زاده هو نجل عالم دين وأصله من قندهار قلب منطقة البشتون في جنوب أفغانستان ومهد طالبان. وقد بايعه على الفور أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
وقد أطلق عليه المصري لقب “أمير المؤمنين” الذي سمح له بإثبات مصداقيته في أوساط الجهاديين. تولى أخوند زاده المهمة الحساسة المتمثلة بتوحيد طالبان التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور وكشف عن إخفائها لسنوات وفاة مؤسسها الملا محمد عمر.
وتمكن من تحقيق وحدة الجماعة وكان يميل إلى التحفظ مكتفيا ببث رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية.
الملا عبدالغني برادر – قائد عسكري ورئيس المكتب السياسي
نشأ عبدالغني برادر في ولاية أرزغان في قندهار، وهو أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر الذي توفي في 2013 لكن لم يكشف موته إلا بعد سنتينن، على غرار العديد من الأفغان، تغيرت حياته بسبب الغزو السوفياتي في 1979 وأصبح مجاهدا ويُعتقد أنه قاتل إلى جانب الملا عمر.
عقب التدخل الأمريكي وسقوط نظام طالبان عام 2001، قيل إنه كان جزءا من مجموعة صغيرة من المتمردين المستعدين لاتفاق يعترفون فيه بإدارة كابول. لكن هذه المبادرة باءت بالفشل.
وشغل الملا برادر منصب القائد العسكري لطالبان عندما اعتقل في 2010 في مدينة كراتشي الباكستانية. وقد أطلق سراحه في 2018 تحت ضغط من واشنطن خصوصا. ويلقى برادر احتراما لدى مختلف فصائل طالبان ثم تم تعيينه رئيسا لمكتبهم السياسي في العاصمة القطرية الدوحة.
من هناك، قاد المفاوضات مع الأمريكيين التي أدت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان ثم محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية التي لم تسفر عن شيء.
زعيم شبكة حقاني سراج الدين حقاني
سراج الدين حقاني هو نجل أحد أشهر قادة الجهاد ضد السوفيات جلال الدين حقاني، وهو الرجل الثاني في طالبان وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته.
تصنف واشنطن شبكة حقاني التي أسسها والده إرهابية وواحدة من أخطر الفصائل التي تقاتل القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في العقدين الماضيين في أفغانستان، وشبكة حقاني معروفة باستخدامها العمليات الانتحارية، ويُنسب إليها عدد من أعنف الهجمات في أفغانستان في السنوات الأخيرة.
وقد اتهم أيضا باغتيال بعض كبار المسؤولين الأفغان واحتجاز غربيين رهائن قبل الإفراج عنهم مقابل فدية أو مقابل سجناء مثل الجندي الأمريكي بو برغدال الذي أطلق سراحه في 2014 مقابل خمسة معتقلين أفغان من سجن جوانتانامو.
ومقاتلو حقاني المعروفون باستقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وتجارتهم المربحة، هم المسؤولون على ما يبدو عن عمليات طالبان في المناطق الجبلية في شرق أفغانستان، ويعتقد أن تأثيرهم قوي على قرارات الحركة.
الملا يعقوب – الوريث
الملا يعقوب هو نجل الملا محمد عمر ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في طالبان، حيث تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية، ويشكل ارتباطه بوالده الذي كان مقاتلو الحركة يبجلونه كزعيم لحركتهم، عامل توحيد لحركة واسعة ومتنوعة إلى هذا الحد.
مع ذلك، ما زال الدور الذي يلعبه داخل الحركة موضع تكهنات، ويعتقد بعض المحللين أن تعيينه رئيسا لهذه اللجنة في 2020 كان مجرد إجراء رمزي.