وكالات
تشير التقديرات إلى أن نحو مليار طفل تتراوح أعمارهم بين 2 و17 عاماً قد تعرضوا إلى العنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي أو الإهمال خلال عام 2019م، وفقاً لتقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لعام 2020.
في هذا التقرير نسلط الضوء على الشق الجنسي من الاعتداءات الواقعة على الأطفال، والاعتداء الجنسي على الأطفال هو ممارسة أي نشاط جنسي مع قاصر (أقل من 18 عاماً).
وكان آخر الاعتداءات الجنسية الموثقة والتي أثارت ضجة في العالم العربي، تلك التي رصدتها كاميرا مراقبة في أحد مباني حي المعادي في القاهرة؛ حيث استدرج رجل طفلة لا يتجاوز عمرها السنوات السبع وتحرش بها، حتى خرجت امرأة تعمل في مختبر تحاليل في البناية، وأنقذت الطفلة وواجهت الجاني بفعلته.. كان العامل المسعف في تلك اللحظة هو وجود كاميرا؛ لكن لو لم تكن هناك كاميرا كيف أعرف أن طفلي قد تعرض إلى التحرش؟
إشارات دالة
سيقضي أطفالنا أوقاتاً خارج المنزل بالمدرسة أو الروضة أو النادي أو المرافق التعليمية، وبالضرورة لن نستطيع مرافقتهم إلى كل مكان؛ لذلك علينا أن نكون دقيقي الملاحظة حول التغيرات التي تطرأ على سلوكيات أطفالنا، لرصد إذا ما كانوا يتعرضون إلى اعتداء جنسي، علماً بأنه ليس من السهل دائماً اكتشاف ذلك؛ لكن بالإمكان أخذ بعض الإشارات في الحسبان.
وتظهر الإشارات الدالة على تعرض الطفل إلى تحرش جنسي، من خلال عدة جوانب؛ أبرزها الجسد، كأن يعود الطفل إلى المنزل بملابس ممزقة أو فوضوية، أو يعاني نزيفاً أو كدمات أو انتفاخاً في منطقة الأعضاء التناسلية، أو صعوبة في المشي أو الجلوس، كما تعتبر الإصابة بالتهابات المسالك البولية بكثرة علامة على تعرض الطفل إلى تحرش، إلى جانب شعوره بألم أو حكة أو حرقة في منطقة الأعضاء التناسلية.
أحياناً، قد لا تظهر علامات التحرش الجنسي على الجسد؛ لكن بعض التغيرات السلوكية تكون دليلاً على حدوثه، كتجنبه الاتصال الجسدي بأحد، أو ممارسته سلوكيات عكسية كمص الإبهام، أو أن يطرأ تغيير في ممارسات النظافة الخاص به؛ مثل رفضه الاستحمام، أو الاستحمام بشكل مفرط، وقد يرافق الطفل المتحرش به اضطرابات النوم أو الكوابيس أو التبول في الفراش، وهذا يندرج ضمن علامات الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، وقد يلجأ الأطفال ممن مروا بذلك إلى إيذاء أنفسهم.
كما يتلفظ بعض الأطفال المعتدى عليهم بعبارات جنسية أكبر من أعمارهم، ومن المفترض أن مسامعهم لم تتعرض إليها من قبل، وهنا يأتي السؤال: من أين جاؤوا بها؟ ما يعتبر دليلاً على احتمالية تعرض الطفل إلى تحرش أو معاملة غير سوية، ومن الممكن أن يمارسوا سلوكيات جنسية غير ملائمة لأعمارهم.
قد يدخل الأطفال الذين مروا باعتداءات جنسية في حالة نفسية متردية تظهر من خلال طريقة تعاطيهم مع الأشياء، كأن يقل حديثهم فجأة أو يدخلوا في حالة صمت، أو أن يعبروا عن أفكار انتحارية؛ خصوصاً المراهقين منهم، أو أن يكونوا حريصين بشكل مفرط على أشقائهم الأصغر لحمايتهم من تجارب مروا بها، أو العكس، فقد يصبحون قساة في التعامل مع أشقائهم وأصدقائهم والحيوانات.
كما يؤثر تعرض الأطفال إلى اعتداء جنسي على تحصيلهم العلمي، فيبدؤون في الهرب من المدرسة أو تنخفض درجاتهم؛ ما يرتد على ميلهم نحو العزلة بجوانبها كافة؛ الاجتماعية والتعليمية..
فتح حوار
في حال لاحظت إحدى الإشارات السابقة أو مجموعة منها على طفلك، وبدأت في الشك حيال تعرضه إلى اعتداء جنسي، على الأهل الشروع في فتح حوار معه، وليكون الحوار ناجعاً يجب الالتزام بمجموعة إجراءات؛ منها اختيار وقت ومكان مناسبَين، ليشعر الطفل بالراحة والأمان، مع الحرص على عدم وجود شخص مشكوك فيه قد يخاف الطفل التحدث أمامه.
ويجب مراعاة نبرة الصوت عند الحديث، فإن النبرة الحادة قد تخيف الطفل، فيعطيك إجابات يعتقد أنك تريد سماعها بدلاً من الحقيقة، وخلال الحديث، اطرح أسئلة ضمن مفردات الطفل الخاصة؛ لكنها غامضة بعض الشيء، لأن ذلك سيجعله يطرح أسئلة أو تعليقات تساعد على شحذ المعلومات منه.
وعند سؤال الطفل حول قيام أحدهم بلمسه، راع أن لا تستخدم كلمة مباشرة، والاقتصار على التلميح؛ مثل: هل أحدهم “يؤذيك”؟ إذ إن الاعتداء الجنسي قد يشعر الطفل بالرضا، أو لا يصنف بالنسبة إليه كأذية؛ لقصور فهمه.
إضافة إلى ضرورة تجنب لومه أو الحكم عليه، استمع إليه وتابع، ودعه يتحدث بحرية، وأشعره بالطمأنينة عبر إعلامه أنه غير واقع في مشكلة، وأنك تطرح الأسئلة لأنك قلق عليه لا لأنك تريد توبيخه أو الحكم عليه، واعلم أن الطفل قد يكون خائفاً من هذه المحادثة؛ لأنه قد يكون واقعاً تحت تهديد الجاني، بناء عليه تحلَّى بالصبر.