تحقيق ـ بسمة البوهي
تنتشر ظاهرة الجلوس أمام المنزل في كل البلاد، ومنتشرة بكثرة في الريف، والجلوس يشمل ستات كبار السن والصغيرين يجلسون ويتحدثون ويضحكون ويراقبون الناس ويتبادلون أخبار المنطقة يوميًا، ويوجد أشخاص يقولون إنهم “فاضيين” والبعض الآخر يقولون “دول بيراقبوا وبيحسدوا”، وهناك من يعتبرهم مجرد تسلية بريئة بعد يوم طويل من التعب والشغل.
أراء الناس في هذه القضية
تقول (هبة محمد) ” أنا لا أحب الجلوس أمام المنزل، لأنني أعتبره مجلس للغيبة والنميمة، ونتيجه لذلك نحمل ذنوب كثيرة في شيء لا يستحق، وأن الستات التي تجلس تكون فاضية لا يوجد لديها شيء لتفعله”.
وتضيف (سماح أحمد) “أجلس أمام المنزل بمفردي حتى أخذ راحة من البيت، وأيضًا لمشاهدة أطفالي وهم يلعبون، والحفاظ عليهم من عدم الذهاب لمكان بعيد أو خطر”.
وتؤكد (أميرة عماد) “أنا أرى أن ليس كل ست تجلس أمام المنزل للجلوس مع جيرانها أو للتحدث معهم، بل من الممكن للهروب من ضغوطات البيت، والإستمتاع بالجو المنعش في الليل أو وقت العصر”.
تجمعت أراء الناس بين المؤيد والمعارض، حيث يرى الكثير أن الناس تفعل هذا للترويح عن النفس بعد يوم طويل مليء بالشغل في المنزل، وتعمل على تقوية العلاقة بين الجيران وتزيد بينهم المودة والرحمة.
يعتقد أن في بعض الأحيان تكون نوع من أنواع قضاء الوقت، وبالتحديد الستات كبار السن أو الذين لا يملكون شغل أو عمل ملتزمين به، ومن الممكن أن تكون وسيلة للهروب من الروتين أو الوحدة، وفي هذا المجتمع الستات هي التي تحمل المسؤولية الكبرى في تربية الأولاد، وتدبير المنزل والحفاظ علية، فهذه الفترة تعد الراحة بالنسبة لها.
هل هي تسالي وتقوية العلاقات بين الجيران
تخلق الجلوس أمام المنزل نوع من الونس للستات التي تشعر بالوحدة، وتقوية العلاقة الاجتماعية بين الجيران بعضهم البعض، وفي هذه القاعدة تتبادل الأخبار والوصفات وتتعالى أصوات الضحكات، وحتى شكاوي الحياة اليومية، وتعمل هذه اللمة مثل جلسات نفسية مجانًا بدون مواعيد أو تكاليف.
هل هي حسد ونميمة أم لا
يمكن أن تتحول هذه القعدة من ضحك وقضاء وقت ممتع، إلى مجال لمراقبة الناس والكلام عنهم وهذا يجعلنا نربطه بالحسد أو النميمة، لأنه يتم التركيز على من يذهب ومن يعود ومراقبة البيوت أيضًا، وتحدث عن ممتلكات الغير، وأن النظرة وحدها بدون ذكر الله تكفي للحسد.
رأي الدين في هذه الظاهرة المنتشرة
يرى الشيخ (محمد حسبو) أن ظاهرة جلوس الستات أمام المنازل بتختلف على حسب النية والسلوك، ولكن في العموم الإسلام وضع ضوابط وشروط عامة لخروج المرأة من بيتها، وهي أنه في الأصل يشجع المرأة على الإستقرار في بيتها إستنادًا لقول الله تعالى “وَقَرنَ فَيِ بُيُوتَكُنَّ وَلَا تَبَرجْن تَبرَّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأولَى”، وهذا يدل أن الأصل هو بقاء النساء في البيت.
ويضيف الشيخ أن الخروج مباح إذا كان لحاجة معينة، بشرط الإلتزام بالأداب الشرعية في اللبس والسلوك، مثلما قال رسول الله صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم “قد أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن”، وإذا كان الجلوس أمام المنزل يؤدي للغيبة أو الحسد أو الكلام في أعراض الناس فهذا مرفوض شرعًا، وأن الإسلام كرم المرأة وجعل لها دور في الحياة العامة، لكن في إطار من الحياء والإحترام.
ويقول “حسبو” لا يمنع الدين المرأة من الجلوس أمام البيت، لكن يشترط أن يكون ذلك بنية طيبة دون التبرج ولا إيذاء الغير، وإذا تحولت القعدة لمصدر غيبة ونميمة أو فتنة فهذا مرفوض شرعًا، وأيضًا إذا تحول الكلام إلى كشف أسرار البيوت أو نقل الكلام فهذا حرام، لأن الإسلام يدعو للستر وعدم لفت الأنظار.
تعد هذه القضية الإجتماعية ليست مجرد تفاصيل يومية، لكنها تشكل وجدان المجتمع الإسلامي، والقعدة أمام المنزل ممكن أن تكون مصدر للخير وبركة أو تتحول لأداة هدم للقيم وهذا على حسب النية والسلوك، لأنها معروفة منذ القدم أن الستات تجلس أمام المنزل ليطمئنوا على بعضهم البعض ومعرفة أحوال بعضهم، ولكن مع مرور الزمن أصبحت هذه عادة سيئة لتطور الحديث وأصبح يدور حول خصوصيات الناس، والحسد وأستكتار الخير عليهم.