إيمان خالد
أحداث 11 سبتمبر هي مجموعة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة في يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر 2001، وجرت بواسطة أربع طائرات نقل مدني تجارية، تقودها أربع فرق تابعة لتنظيم القاعدة، وُجِهت لتصطدم بأهداف محددة، وقد نجحت ثلاث منها في ذلك، بينما سقطت الرابعة بعد أن استطاع ركّاب الطائرة السيطرة عليها من يد الخاطفين لتغيير اتجاهها، ما أدّى إلى سقوطها وانفجارها في نطاق أراضي ولاية بنسيلفانيا.
شكلت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 صدمة عنيفة للاقتصاد الأمريكي، فالبلد الذي يحرك الجيوش إلى أي مكان في العالم لحماية مصالحه الاقتصادية، جاءته الضربة في عقر داره، ليشعر الاقتصاد الأمريكي بتهديد لم يعرفه منذ الحرب العالمية الثانية.
تسببت هذه الأحداث في مقتل 2977 شخصًا إضافة إلى 19 من إرهابيي تنظيم القاعدة المسؤولين عن خطف الطائرات، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة. أمر وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بزيادة مستوى ديفكون إلى 3، كما أخذت الاحتياطات لزيادة مستوى ديفكون إلى 2، لكن هذا لم يحدث. ولم تفلح هذهِ الاحتياطات في صد هجمات الطائرات على البرجين ووُجهت انتقادات شديدة لمسؤوليها الأمنيين.
أدت هذه الأحداث إلى حصول تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية، والتي بدأت مع إعلانها الحرب على الإرهاب، ومنها الحرب على أفغانستان وسقوط نظام حكم طالبان، والحرب على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين هناك أيضا.
وبعد أقل من 24 ساعة على الأحداث، أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجمة على أي دولة عضو في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة الدول التسع عشرة الأعضاء. وكان لهول العملية أثر على حشد الدعم الحكومي لمعظم دول العالم للولايات المتحدة ونسي الحزبان الرئيسيان في الكونغرس ومجلس الشيوخ خلافاتهما الداخلية. أما في الدول العربية والإسلامية، فقد كان هناك تباين شاسع في المواقف الرسمية الحكومية مع الرأي العام السائد على الشارع الذي كان أما لا مباليا أو على قناعة بأن الضربة كانت نتيجة ما وصفه البعض «بالتدخل الأمريكي في شؤون العالم.
نتج عن هجوم 11 سبتمبر ردود فعل فورية على الحدث، بما في ذلك ردود الفعل المحلية وجرائم الكراهية واستجابة المسلمين الأمريكيين للحدث والاستجابات الدولية على الهجوم والردود العسكرية على الأحداث. أُنشئ بسرعة برنامج تعويض شامل من قبل الكونغرس في أعقاب الحدث لتعويض ضحايا هجوم 11 سبتمبر وأسرهم أيضًا.
ويرى الخبير الاقتصادي المصري، أحمد السيد النجار، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر قبل عشرين عاما أحدثت تأثيرا مزدوجا على الاقتصاد الأمريكي، من ناحية صدمة اليوم نفسه التي أربكته، ثم حرب العشرين عاما التي استنزفته.
وأوضح النجار أن جزءا أساسيا من البيئة الآمنة لأي استثمار، وهو عماد الاقتصاد، هو مبدأ الأمان، وأحداث 11 سبتمبر شكلت ضربة قاسية لهذا المبدأ في قلعة الرأسمالية العالمية، فخلقت شكوكا قوية حول قدرة الدولة الأمريكية على تأمين الاستثمارات والاقتصاد.
وتابع “كذلك يمكن اعتبار الأحداث بمثابة تطبيق درامي لمقولة (وانقلب السحر على الساحر)، فالولايات المتحدة، بشكل أو بآخر، مولت وسلحت الجهاديين، وبمساعدة نظم حليف لها في السعودية ومصر، والنتيجة أن المارد الذي صنعته ضربها”.
كما أكد النجار أن “هناك قطاعات تعتبر أكثر حساسية لهذا النوع من الأحداث، فمثلا البورصة، والتي أغلقت عقب الأحداث، والقطاعات المرتبطة مباشرة بالأمن مثل السياحة والنقل، وخاصة الطيران، وهو ما يؤثر بالتالي في نقل البضائع، كذلك رد الفعل الأمريكي تجاه الحادث، وهو شن طويلة الأمد كان يعني استمرار تلك الآثار، وهو ما رفع الكلفة الاقتصادية لهذه الأحداث”.
وتابع قائلا “الغزو والحرب الممتدة التي تبعت الأحداث كانت كلفتها باهظة بالتالي، التقديرات تشير إلى تريلوني دولار، وهو ما يعني خسائر فادحة للاقتصاد الأمريكي. هذا الإنفاق الضخم على حرب استمرت لعشرين عاما كان بالتبعية على حساب البرامج الاجتماعية وإعانات البطالة والتأمين الصحي، وغيرها من أشكال الإنفاق الاجتماعي التي تخفف الأعباء عن كاهل المواطن الأمريكي”.
لكن بالمقابل أكد النجار أنه “مثلما كانت هناك خسائر فقد تحققت أيضا مكاسب، ولكنها كانت لفئة محدودة، وتتمثل في المجمع الصناعي العسكري”، موضحا أنه “مع الحرب زادت مبيعات السلاح، بالدرجة الأولى للجيش الأمريكي، والذي يعد العميل الأهم للمجمع الصناعي العسكري، وهو الذي حافظ على ازدهار ومكاسب المجمع الصناعي العسكري، شركات السلاح وتجار الحروب هم أكبر المستفيدين من أحداث 11 سبتمبر وما تلاها، ودافع الضرائب الأمريكي هو من تحمل التكلفة بالإضافة للمواطن الأمريكي الذي تأخرت استحقاقاته الاجتماعية بسبب الإنفاق على الحرب”.
وأشار النجار إلى أن “هناك رابح آخر من الأحداث، وهي شركات البترول، إذ انخفضت أسعار البترول عقب الأحداث ولمدة عام، ولكنها عادت وارتفعت بعد ذلك إلى مستويات قياسية حتى عام 2008 حينما حدثت الأزمة المالية”.
وتابع أن هذا الارتفاع دعم، بالطبع، غزو العراق، شركات البترول حققت بالطبع أرباح طائلة من تلك الأسعار، وفي نفس الوقت عانى من هذه الأسعار المستهلك الأمريكي، وكذلك الدول المستوردة للنفط في العالم مثل الصين واليابان وكوريا والهند”.
وأكد الخبير الاقتصادي المصري انه “لا يمكن وضع هدف اقتصادي واضح للتواجد الأمريكي في أفغانستان وحربها هناك، كما أشيع وقتها، فأفغانستان دولة حبيسة لا تطل على أي بحار أو محيطات، كذلك لا توجد بها موارد خاصة تمثل أطماع لأميركا مثل الخليج، كما أنها لا تعد ممرا تجاريا مهما ولا تنقل عبرها سلع استراتيجية”.
وأردف “كل ما تمثله أفغانستان هو جوارها لمجموعة دول تهتم الولايات المتحدة بالتأثير عليها أحيانا، مثل الدول المتاخمة لروسيا كجورجيا وغيرها من الدول التي تمثل خاصرة روسيا، وهو ما يجعل أمريكا تحتاج وجودها في المنطقة لخلق مشاكل لروسيا، كذلك حدودها الضيقة مع الصين بنفس المنطق، خاصة وأن حدود أفغانستان مع الصين تتصل بمنطقة الإيغور، بمعنى أن أهداف واشنطن من الغزو كانت جيوسياسية وليست اقتصادية”.
واستطرد النجار قائلا “لكن اللافت أن هذه الأهداف أيضا فشلت واشنطن في تحقيقها على مدار عقدين، وتكررت هزيمتها في فيتنام مرة أخرى، وفي النهاية اضطرت لما يشبه الفرار وليس حتى الانسحاب”.
وعقب أقل من شهر على الهجمات قاد الرئيس الأمريكي، وقتذاك، جورج دبليو بوش عملية غزو أفغانستان بدعم من تحالف دولي للقضاء على تنظيم “القاعدة [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول] وإلقاء القبض على زعيمه أسامة بن لادن.
ولم تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من معرفة مكان ابن لادن إلا بعد مرور عشرة أعوام على الهجمات حيث تمكنت القوات الأمريكية من تحديد موقع بن لادن وقتله في باكستان المجاورة.
وفي 30 أغسطس/ آب الماضي أنهت الولايات المتحدة عملية انسحابها من أفغانستان، بعد عشرين عاما من تواجدها العسكري في البلاد.
وأعلنت حركة طالبان، أمس الثلاثاء، تشكيل حكومة مؤقتة، يترأسها الملا محمد حسن، بينما يشغل الملا عبد الغني برادر منصب النائب الأول لرئيس الحكومة، ومولوي عبد السلام حنفي النائب الثاني، فيما يتولى سراج الدين حقاني منصب وزير الداخلية.