تقرير – سوزان الجمال
تحولات وتغيرات عديدة شهدتها المملكة العربية السعودية خلال العقد الأخير، بعضها تسبب في أزمات كبرى، لكن أشدها على الإطلاق كانت أزمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية الرياض في إسطنبول مطلع أكتوبر تشرين الأول 2018، على يد مسؤولين سعوديين.
ووفق رصد الأناضول لعبت المملكة، خلال العقد الأخير على وتر المرأة ضمن تحولات لافتة على المستوى الاجتماعي، فضلًا عن فتح دور للسينما في البلاد، وكان أبرز التحولات المتعلقة بالمرأة، السماح لها بأن تصبح مرشحة وناخبة، وأن تقود السيارة، وتعمل في وظائف كانت محظورة.
كما شهد الأمر على المستوى الديني، تقييدا لعمل “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التاريخية، قابلة انفتاح ولي العهد محمد بن سلمان على الأقباط، بزيارته المقر البابوي للأرثوذكس في مصر، والسماح بإقامة قداس هو الأول من نوعة بالعاصمة الرياض، في خطوة اعتبرها مراقبون رغبة “ابن سلمان” في التقرب من الغرب.
كما حظيت التعديلات الأخيرة في المناصب العسكرية المهمة في السعودية باهتمام كبير وتغطية إعلامية واسعة، وبالرغم من أن هذه التغييرات جاءت ضمن ما أسمته القيادة السعودية بـ “وثيقة تطوير وزارة الدفاع”، إلا أنها أثارت الكثير من التساؤلات في ما يتعلق بأهدافها وتوقيتها.
كانت باكورة هذه التغييرات ما جرى عام 2016، عندما أطلق الأمير محمد بن سلمان، ما سمي بـ “رؤية 2030” التي تهدف إلى إجراء إصلاحات شاملة في المملكة، وأطلقت تلك الخطة في شهر أبريل/نيسان 2016 “استعدادًا لمرحلة ما بعد النفط في المملكة” كما وصفت، وقد أقرها مجلس الوزراء السعودي، وبدأ العمل ضمن إطارها، في نحو 80 مشروعًا حكوميًا تتراوح كلفة الواحد منها بين ثلاثة إلى سبعة مليارات ريال سعودي.
ومن ضمن سلسلة التغييرات المتسارعة، كانت الأوامر الملكية التي أصدرها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز أخيرًا، استهدفت تلك الأوامر قطاعات من القوات المسلحة السعودية وشملت مواقع عسكرية مهمة، وتم إعفاء مسؤولين من مهامهم واستبدالهم بمسؤولين من جيل الشباب في العائلة المالكة.
ومن بين من أزيحوا من مناصبهم، رئيس هيئة الأركان العامة الفريق عبد الرحمن بن صالح، البنيان الذي أحيل إلى التقاعد وعين بدلًا منه الفريق فياض بن حامد الرويلي، كما أقيل قائد قوات الدفاع الجوي، محمد بن سحيم، وعين الفريق ركن مزيد العمرو بدلًا عنه، وأعفي الفريق ركن فهد بن تركي آل سعود من منصبه قائدًا للقوات البرية، وتم تعيين الفريق الركن فهد المطير بدلًا عنه.
كما عين الفريق الركن مطلق سالم نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة، والفريق الركن تركي بن بندر بن عبد العزيز آل سعود قائدًا للقوات الجوية، الفريق ركن جارالله العلوي قائدًا لقوة الصواريخ الإستراتيجية، وجاءت خطوة تعيين امرأة نائبة لوزير العمل مباشرة، بعد الإعلان عن فتح باب التجنيد الاختياري أمام الفتيات للألتحاق بالحياة العسكرية برتبة مجند، الأمر الذي تداولته وسائل الإعلام على نطاق واسع.
وكان قرار قيادة المرأة للسيارة قد شغل حيزًا إعلاميًا واسعًا في العالم العربي والغربي، كما أن النساء يحضرن مباريات كرة القدم بين فريقي الهلال والإتحاد، في ملعب الملك فهد في الرياض.
كما ارتبطت حملة الاعتقالات الواسعة، التي طالت بعض الأمراء السعوديين باسم ولي العهد، وسعية إلى تنفيذ خططه السياسية والإقتصادية معا، وقد أعلن النائب العام السعودي أن حصيلة التسويات مع المشتبه فيهم في قضايا الفساد بلغت 107 مليارات دولأر تقريبًا، متمثلة في عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك.
ومن أبرز الذين أوقفوا وأفرج عنهم بعد التسوية، الأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني السابق، والأمير الوليد بن طلال، مالك شركة “المملكة القابضة”، ووليد الإبراهيم مالك شبكة “إم بي سي” الإعلامية، واجهت هذه الحملة الكثير من الإنتقادات وخاصة من المعارضين السعوديين، الذي رأوا أن بن سلمان وجه إصبع الإتهام لكل المنافسين المحتملين له مستثنيًا مؤيديه.
وتأتي هذه التغييرات التي شملت مستويات مختلفة في الدولة والمجتمع، كما يرى المراقبون، استجابة لعوامل خارجية في مقدمتها الحرب في اليمن، وأخرى داخلية تتعلق بترسيخ ولي العهد، محمد بن سلمان سيطرته على مفاصل الحكم إضافة الى الوضع الاقتصادي الذي يعتمد أداؤه على النفط.
ولا يوجد مكان أفضل من “البوليفارد”، وهذه منطقة ترفيهية جديدة في المدينة، حيث يمكن للنساء الاختلاط بشكلٍ علني مع الرجال، ويمكن للنساء إما وضع غطاء الرأس أم لا، إذ يعود الخيار لهن نعم، وفي السعودية، لم أتوقع أبدًا أن أرى رجالًا ونساء يختلطون معًا، وDJ يختار الأغاني والموسيقى الصاخبة، وتتمايل الحشود على وقع الموسيقى.
وكان مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية، قد استعرض ما حققتة رؤية المملكة 2030 بعد مرور خمس سنوات منذ إطلاقها، والتي كان تركيزها في أعوامها الماضية على تأسيس البنية التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات، فيما سيكون تركيزها في مرحلتها التالية على متابعة التنفيذ.
أطلع المجلس على ما تحقق من إنجازات تهدف إلى رفع جودة الحياة ضمن بيئة مميزة جاذبة لتكون المملكة وجهة عالمية رائدة، ومنها تسهيل الحصول على الخدمات الصحية الطارئة خلال 4 ساعات بنسبة تتجاوز 87 %، مقارنة بـ36% قبل إطلاق الرؤية، وخفض معدل وفيات حوادث الطرق سنويًا لتصل إلى 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة بعد أن كانت 28.8، وإرتفاع نسبة الممارسين للرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا لتصل إلى 19% في عام 2020م مقارنة بـ13% قبل إطلاق الرؤية.
كما استعرض المجلس أبرز ما تحقق في قطاع الإسكان، حيث ارتفعت نسبة تملّك المساكن لتصل إلى 60% مقارنة بنسبة 47% قبل خمسة أعوام، إضافة إلى أن الحصول على الدعم السكني أصبح فوريًا بعد أن كان يستغرق مدة تصل إلى 15 سنة قبل إطلاق الرؤية.
وتابع المجلس المؤشرات ذات الصلة بتنامي الإهتمام بالمواقع الأثرية والتراثية، التي كان لها الأثر المباشر في تسجيل مواقع سعودية جديدة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وإرتفاع عدد المواقع التراثية القابلة للزيارة في المملكة عام 2020م إلى 354 موقعًا بعد أن كان 241 موقعًا في 2017م.
كما تطرق إلى الجهود المبذولة من أجل تعزيز الهوية السعودية وتعزيز حضورها عالميًا، حيث أصبح عدد عناصر التراث الثقافي غير المادي المسجل لدى اليونسكو 8 عناصر، بعد أن كان عددها 3 عناصر فقط قبل إطلاق الرؤية، ووصل عدد مواقع التراث العمراني المسجلة في سجل التراث الثقافي الوطني إلى 1.000 موقع في عام 2020م، وذلك مقارنة بـ400 موقع فقط في عام 2016م.
إلى ذلك تناول المجلس ما حققته برامج رؤية المملكة 2030 من زيادة في القدرة الاستيعابية على إستقبال ضيوف الرحمن، من خلال التوسع في منظومة خدمات الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وأتمتة عملية الحصول على تأشيرة العمرة لتصبح مدة الحصول عليها 5 دقائق فقط فيما كانت تستغرق سابقاً 14 يومًا.
وذلك إضافة إلى إطلاق “التأشيرة السياحية الإلكترونية” التي يمكن الحصول عليها إلكترونيا خلال دقائق، بما يُسهّل زيارة الأماكن السياحية في المملكة وآثارها وتراثها، ويسهم في تنشيط قطاع السياحة ورفع نسبة إسهامه في الناتج المحلي، وتطوير وجهات سياحية عديدة ومتنوعة، وتوليد فرص عمل لأبناء وبنات هذا الوطن.
وتابع المجلس، إسهام برامج الرؤية خلال الأعوام الخمسة الماضية في تحسين جودة الحياة في المملكة من خلال استقطاب وتنظيم عدد من المناسبات والفعاليات الرياضية العالمية الشھيرة، ونجاحها في الفعاليات الترفيهية التي أطلقتها.
وذلك إطلاق أكثر من 2000 فعالية رياضية وثقافية وتطوعية، بحضور ما يزيد على 46 مليون زائر حتى عام 2020م، أدت إلى تضاعف عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه لتبلغ أكثر من 1,000 شركة، مما أسهم في خلق ما يزيد على 101 ألف وظيفة حتى نهاية عام 2020م.