تقرير – رحمه السعداوي
تعتبر فترة شهر رمضان المبارك فترة استثنائية في حياة المسلمين، حيث يتجه الكثيرون إلى المساجد لأداء الصلوات والعبادات، ومن بين تلك العبادات يأتي الاعتكاف، الذي يمثل فترة تفكير، تأمل وابتعاد عن الدنيا للتقرب إلى الله تعالى.
يقوم المسلمين في الاعتكاف بقضاء أيامًا متتالية في المساجد، أو في بيوتهم، أو في مكان مخصص لذلك، مخصصين هذه الفترة للعبادة والتأمل والتفكير والتقرب إلى الله تعالى، ويُعتبر الاعتكاف عملًا تطوعيًا ولا يفرضه الدين.
ولكنه يعتبر من الأعمال الصالحة التي يُحث عليها في الإسلام، وتكون فترة الاعتكاف في شهر رمضان فترة مميزة ومباركة، حيث يتزامن الاعتكاف في هذا الشهر مع تكثيف العبادات، الطاعات والتفكير في الآخرة، نظرًا لأهمية شهر رمضان وفضله في الإسلام.
وكما أفاد الشيخ إبراهيم السيد وكيل الأوقاف بمركز كفر صقر: “وزاره الأوقاف تستعد استعدادًا تامًا لاستقبال المصلين، لأداء صلاة العشاء، التراويح والاعتراف بالنظافه الشامله وتطهير وتعقيم المساجد، وأيضًا نظافة دورات المياه، تعقيمها، تطهيرها، الصيانة الكامله، النظافة الشامله داخل المساجد وخارجها”.
وأجاب الشيخ إبراهيم عن اعتقادات النوم في المسجد أثناء الاعتكاف: “الاعتكاف ليس نوم الاعتكاف صلاه، ذكر، شكر لله عز وجل، ممكن المسلم ينوي الاعتكاف ساعه واحده أو يخرج من المسجد، لو جلس أقل وقت يأخذ الأجر حسب النيه، ولكن ليس إجباري النوم داخل المسجد والقبول على الله تعالى”.
وتابع وكيل أوقاف كفر صقر: “ممكن المسلم ينوي الاعتكاف في بيته ليس من الضروري الحضور في المسجد والقبول على الله”، ويتم توفير إمدادات غذائية توفير المياه، التمور للمعتكفين للإفطار والسحور، وخدمات دعم نفسي بتوفير برامج تعليمية ودعوية.
وتعلم في هذا المعتكف ألا تضيع وقتك، في تمرات وكوب من الماء لا تستغرق لحظات، كن يقظًا، ثم اجلس مكانك في الصف الأول خلف الإمام، استعدادًا لصلاة المغرب مع استحضار النيات في المسارعة والمسابقة إلى الصف الأول، وابدأ المسابقة والمسارعة في المسجد لكل أعمال الخير.
وأحضِرْ قلبك وكلَّ جوارحك ومشاعرك، واحتفظ بكل حضورك العقلي والذهني في صلاة المغرب، هذه أول صلاة في الاعتكاف، واسأل الله بصدق التوفيق والإعانة، ألا تخرج من هذا المكان إلا وقد رضي ربك عنك رضًا لا سخط بعده، وأن يتوب عليك توبة صدق لا معصية بعدها.
ولا تتعجل وتعلَّم وتعوَّد ذلك، ألا تتعجل الانصراف بعد الصلاة، فإنك لن تخرج من المسجد، احتفظ بحرارة الخشوع بعد الصلاة أطول فترة ممكنة، أذكار الصلاة، ثم الدعاء، ثم انشغل بذكر الله حتى يأتي وقت الطعام وتُدعَى إليه.
واضبط بطنك في هذا الاعتكاف، فإن أخسرَ وقتٍ تفقده هو الذي تقضيه في الحمَّام، فكُلْ ما تيسَّر ببساطة مما تم إعدادُه في المسجد، ولا تأمر ولا توصِّ أن يأتيك الطعام من البيت أو من الخارج، “ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ”، تواضع وتناول مما تيسر.
وتعلم أن ما يسُدُّ الرَّمَق ويقيم الأَوَد يكفي، فلا تأنف أن تأكل كِسرةً من خبز، ولا تتأفف من تصرفات مَنْ حولك أثناء الطعام، أَلْزِم نفسَك الذلَّ لله، وترك التنعم في هذه الرحلة مع الله في الاعتكاف في بيته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن عباد الله ليسوا بالمتنعمين، وكان يكره كثيرًا من الإرفاه”.
إذا انقضت صلاة التراويح أسرع إلى خِبَائك في المعتكف، ودَعْك من السلام على الناس، وكثرة الكلام، فإن ذلك يقسِّي القلب، لابد أيها الحبيب من العزلة الشعورية الحقيقة، أن تجاهد نفسك لكي تَقبل ذلك، تحب ذلك وترضى بذلك، أسرع إلى خِبائك، ارقد وانشغل بالذكر.
وسرعان ما ستنام هذه الساعة، وهى مهمة جدًا لجسدك في أول الليل، ففيها إعانة على النشاط في التهجد هى ساعة، ستون دقيقة تحديدًا إن بارك الله فيها ستكون كافيةً استعن بالله، واسأل الله البركة في أوقاتك وأعمالك، ثم استيقظ جدِّد وضوءك، جمِّل ملابسَك، استعدَّ ببعض الأذكار والأدعية للدخول في الصلاة: صلاة التهجد.
وتستمر صلاة التهجد إلى ما قبل الفجر بنصف ساعة، واجتهد في هذه الصلاة أكثر من غيرها، فإنه الثلث الأخير من الليل ساعة التنزل الإلهي، أكثر الدعاء واصدق في اللجوء إلى الله، وجدِّد التوبة، واسأل الله القبول، ومن بعدها السُّحور الذي لا يتجاوز 10 دقائق، ثم تجديد الوضوء حتى ولو كنت على وضوء ثم التفرغ للاستغفار بالأسحار.
وحاول دائمًا أن تتسابق إلى مكانك في الصف الأول خلف الإمام، وانشغل بالاستغفار فقط: “وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” من سورة الذاريات: 18، وهنا انتبه لقول الله فحاذر أنه قال: لا يتسامرون، لا ينامون، لا يغفلون، ومن بعدها صلاة الفجر مشهودة، “إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا” من سورة الإسراء: 78.
واجلس في مُصَلاك بعد الصلاة، ولا تلتفت بعد أذكار الصلاة، أذكار الصباح المأثورة كلها لا تترك منها شيئًا، وهنا تقرأ بعد الانتهاء من أذكار الصباح ثلاثة أجزاء، وهذه القراءة بنية تحصيل الأجر، أما تلاوة التدبر فلها وقتٌ آخر، ثم تأتي صلاة الضحى 8 ركعات بالتمام، احرص عليها وقد أديت شكر مفاصلك.
وآنَ أوان النوم والراحة، لك أربع ساعات بالتمام للنوم، نَمْ نومًا هنيئًا، لا تنس قول معاذ: “إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي”، فاحْتسب تلك الساعات، وأشهِد الله من قلبك أنك لو استطعت ما نمت، ولكن هذه النومة لا للغفلة ولكن لتقوِّييك على الاستمرار.
واستيقظ قبل الظهر بفترة كافية لاستعادة النشاط وتجديد الوضوء، وربع ساعة قبل الأذان في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وردد الأذان، وصلِّ قبل الفريضة أربعًا واستغل باقي الوقت في الدعاء، صلِّ الفريضة بحضور قلب، فللصلاة السرية أسرار في الأنس بالله أكثر من الجهرية.
وقم بالصلاة بعد الفريضة أربع ركعات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صلى قبل الظهر أربعًا وبعد الظهر أربعًا حرَّم الله لحمه على النار”ومن بعدها تلاوة قرآن، أربعة أجزاء إلى ما قبل أذان العصر بربع ساعة في قول: الكلمتان الحبيبتان “سبحان الله وبحمد، سبحان الله العظيم” تحببًا وطلبًا لمحبة الله وأتمم باقي الصلوات بطمأنينة وصدق حتى يطمئن قلبك.
وأضافت وزارة الأوقاف عن المرأة التي لا تملك الوقت للذهاب في المسجد بسبب ظروف البيت: “يمكن الصلاة في مصلاها في بيتها، تتضرع إلى الله أنها لا تستطيع الاعتكاف، أنها ملزمة بعدد من الأمور المنزلية، تربية الأبناء وسائر شؤون الأسرة وهى تريد الاعتكاف، لكن الظروف لا تعينها فيحقق لها نية الاعتكاف.
ونوهت وزارة الأوقاف على عدة نقاط: “على جميع المعتكفين مراعاة حرمة المسجد ونظافته وأن نكون صورة مشرفة لديننا الشريف، أن الهدف من الاعتكاف إحياء أيام وليالي الشهر الفضيل بكثرة الصلاة، قيام الليل، أداء صلاة التهجد، الذكر، الدعاء، قراءة القرآن وسماع دروس العلم”.
واستكملت الوزارة: “أن أداء أي دروس أو خواطر دعوية هى عملية حصرية فقط لإمام المسجد، أو من تكلفه الأوقاف بذلك بخطاب رسمي مكتوب وموجه لإمام المسجد، يمنع منعًا قطعيًا توزيع أي كتب، أو إصدارات، أو مجلات، أو خلافه أثناء الاعتكاف”.
وأوضحت الأوقاف: “ويكون الاطلاع لمن أراد في مكتبة المسجد حال وجود مكتبة، وإلا فالصلاة، الذكر، الدعاء، قراءة القرآن والاستماع لدروس العلم، ويحظر تصوير المعتكفين أو بث أي صور لهم احترامًا للخصوصية الشخصية”.
وأكلمت وزارة الأوقاف: “يقتصر استخدام الهاتف على الضرورة القصوى، وذلك لمقصد الاعتكاف في التفرغ للطاعة والعبادة، ويجب على المعتكف تسجيل اسمه لدى إمام المسجد، وينظر أن الأولوية لرواد المسجد، أبناء المنطقة والحي المحيط بالمسجد”.
وتابعت: “على إمام المسجد أن يراعي سعة المكان للمعتكفين بما يوفر لهم الجو المناسب للاعتكاف، مراعاة إعطاء الأولوية لرواد المسجد وسكان محيطه الجغرافي، يراعى أولوية التسجيل، وعلى جميع الأئمة التنسيق مع الإدارات والمديريات التابعين لها في هذا الشأن”.
وشاركنا بعض الأشخاص عن آرائهم حول ذهابهم للاعتكاف في المساجد، ومنهم فاطمة 30 عامًا: “الاعتكاف في شهر رمضان هو فترة استثنائية تتيح للمسلمين فرصة للتأمل والتفكير، وأجد أنها تعزز الروحانية وتقربنا إلى الله بطريقة مختلفة”.
وقال محمد الذي يبلغ الـ 35 عامًا: “أنا أعتكف في المسجد كل عام في شهر رمضان، وأجد أن هذه الفترة تساعدني في التركيز على العبادة والتخلص من التشتت الذهني الذي يواجهني في حياتي اليومية، وأرى أنه يعزز الروحانية ويجدد العهد مع الله”.
وتابعت ليلى صاحبة الـ 25 عامًا: “الاعتكاف في شهر رمضان يمثل لي فترة تحفيزية للعودة إلى الله، تحسين العلاقة معه، وأجد أنها تمنحني الطمأنينة والسكينة الداخلية، فهو فترة تمنحنا الفرصة لتجديد النية والتوبة والتغيير نحو الأفضل”.
وقدم الشيوخ بعض النصائح لاستغلال هذه الفترة بشكل صحيح: “يجب على المسلم تحديد الأهداف التي يرغب في تحقيقها خلال هذه الفترة، سواء كانت زيادة العبادات، أو التأمل، أو التوبة من الذنوب، بالتركيز على قراءة القرآن الكريم”.
وينصح المشايخ: “التفكير والتأمل في الخلق، الآيات الكونية، وتدبر الآيات القرآنية، وذلك لتعزيز الإيمان والتقوى، وحافظ على التواصل مع الله، فلذلك يجب على المعتكف أن يفكر في الدعاء والتضرع إلى الله، والاستغفار والتوبة.
وتتابعت النصائح إلى أن أفادوا بـ “المشاركة في الأعمال الخيرية وخدمة المجتمع خلال فترة الاعتكاف، وذلك لتحقيق الأجر والثواب، يجب على المعتكف الحرص على التفاعل الاجتماعي وهذا ليس إجباري ولكن ليكمل استفادته من هذه الفترة داخل المسجد”.