تحقيق ـ بسمة البوهي
يشكل التحرش تحدياً كبيراً الذي يهدد الأمن والسلام الشخصي للأفراد، وليس التحرش مجرد تصرف غير مقبول بل هو جريمة تسبب ضرراً نفسياً، وتنتشر هذه الظاهرة سواء كانت في أماكن العمل أو المدارس أو حتى المواصلات، على الرغم من التقدم الكبير في مجال حقوق الإنسان سيظل التحرش جريمة تؤثر على الفرد والمجتمع بشكل عام.
أراء المواطنين في هذه القضية
تقول (ه.م) “أن التحرش شيء بشع للغاية يجعلنا نخاف من الناس والمجتمع عموماً، لأنه يؤثر على نفسيتنا وإذا بنت وضعت في هذا الموقف تظل تلوم نفسها أنها السبب وأن لبسها هو الذي يلفت الإنتباه، وتبقى عندها رهبة من الناس ويمكن أن يصل بها الحال أن تصبح مريضة نفسياً”.
وأضافت (أ.أ) “أنا حصل معايا موقف في المواصلات إن واحد كان جالس بجانبي وكل شوية يعمل نفسه بيجيب حاجة من جيب الجاكيت، وطبيعي بيحصل تلامس أنا مش عجبني الوضع دا سكت عقبال ما وصلت بلدي، وبعدها زعقت فية وشتمتة والناس تجمعوا وبعدها ضربوه وكنت فرحانة أنه هيكون عبرة لأي واحد يعمل كدا”.
وتابعت (ص.و) “أنا أحاول أن ألبس طويل ولبس واسع حتى لا أكون ملفتة، ولا أحد يضايقني بالكلام أو نظرة لأني عندما أرى أحد ينظر لي نظرة ليست مريحة أكون في غاية الإحراج، ولا أعد أرتدي هذه الملابس مرة أخرى”.
وأكد(ع.م) “أنا أرى أن للأهل دور كبير في توعية أولادهم ومعرفتهم، أن يغض بصرة ولا يضايق بنت أن يعتبرها اخته، لأنه إذا فعل هذا سوف تدور الايام أخته أو زوجته أو أمة توضع في نفس الموقف فيجب على الأهلي توعية أبنائهم”.
وأشار (س.ج) “أن الناس بعيدة جداً عن الدين وأصبح الشباب لا يقرأون القرآن، ولا حتى يصلون فرودهم فلهذا يفعلون ذلك ولا يضعون في إعتبارهم هذا حلال أم حرام ويجب أيضاً على البنات الإعتدال في المشي، وأن يرتدوا اللبس الفضفاض حتى تتجنب هذه الأمور، وأنا لا أرى أن لبس البنات هو المشكلة وأن الأخلاق هي الأساس ويجب أن نتحلى بها”.
تجمعت أراء الناس في أنهم يرون أن التوعية التثقيفية نحو مخاطر التحرش، وكيفية التعامل معها هي أساس مكافحة هذه الظاهرة ونطالب بتشديد العقوبات على المتحرشين لضمان حماية الضحايا، ويجب على الضحايا الإبلاغ على الفور وعدم السكوت عنها، ويجب علينا جميعاً أن ندعم الضحايا دعم نفسي وإجتماعي لتجاوز هذه التجربة والعودة لحياتهم الطبيعية.
واقع مرير حدث بأحدى المدارس وعقوبة قانونية رادعة
في إحدى المدارس قام معلم بالتحرش الجنسي بإحدى الطالبات، أن بداية الواقعة تعود لحضور ولي أمر إحدى تلميذات المرحلة الإبتدائية وإبلاغ أدارة المدرسة بما رأت أبنتها في اليوم الدراسي، بأعتداء معلم الرياضيات والتحرش بزميلتهم بالفصل أكثر من مرة فقام مدير المدرسة باستدعاء التلميذة “المجني عليها”.
أثناء سؤالها عن تفاصيل ما حدث لها لاحظ خوفها شديد وإرتباكها من تواجد المدرس “المتهم” بجوار مكتب المدير وكان يحاول الدخول، ولكن رفض مدير المدرسة وطلب منة الانصراف والعودة في وقت لاحق.
أوضح الوالدان أنه بعد انتهاء اليوم الدراسي وفور عودة بنتهم للمنزل أخبرت والدتها وهي في حالة انهيار وخوف شديد، بأن المدرس الرياضيات تحرش بها عدة مرات داخل الفصل وجعلها تجلس في مقعد خالي بالصف وأمرها بالجلوس بجواره، وقام بوضع حقيبتة أمامها حاجباً بها الرؤيه وأمر التلاميذ بعدم الإلتفات للخلف وإلا تعرضوا للعقاب.
وتحرش بها جنسياً بأن أستطالت يداه لجسدها و أجبرها على ملامستة متواعداً لها بالخطف في حال قيامها بالابلاغ عنه، وفضح أمره فأسرعت والدتها لأخبار زوجها وتوجة لتقديم شكوى بالمدرسة، وعمل محضر بقسم الشرطة وتم إستدعاء شهود من المدرسين والطلبة وأكدوا أنه يفعل هذا بالطالبة.
يقول إحدى المدرسين أنه في يوم توجة إلى فصل التلميذة “المجني عليها” لمقابلة المتهم الذي كان في موعد حصتة ففوجأ بأنه وجد باب الفصل مغلقاً من الداخل وخلفة “تختة” لمنع فتح الباب فقام بفتح الباب ليجد المتهم جالساً في نهاية الفصل ملتصقاً بالتلميذة وبعد ان رأى المتهم ظهر عليه علامات الإرتباك والتوتر وظل ملازماً مكانة دون أن يتحرك.
وبعد إنتهاء التحقيقات والتي ثبت فيها مخالفات كثيرة أرتكبها المتهم، والتي أثبتت أنه تعدى على الاخلاق والواجبات التي يجب أن يتحلى بها في سلوكة وادائة المهني وفي تعاملة مع الاخرين، والتي انتهت التحقيقات بإحالة المتهم للمحكمة التاديبية العاجلة.
الطب النفسي يتعمق لما هو أبعد في قضية التحرش
أشار الدكتور (عاطف الشوبكي) الدكتور النفسي، يمكن القول على التحرش أنه يمتد لسان المتحرش بالقول أو بجسده ويستمتع بآخر رغما عنه، وهو جريمه حرام شرعاً ويعاقب عليها القانون، ويرفضها المجتمع ويقال إن سبب وراء هذه الظاهرة لبس المرأة سبباً رئيسياً.

الدكتور عاطف الشوبكي طبيب نفسي
يؤكد الدكتور النفسي أن اللبس ليس سبباً بدليل أنه في مصر خلال قرن ماضي إنتشر الحجاب في أخر 20 عام، وزاد التحرش بينما في الخمسينيات والستينيات وربما سبعينيات كان التبرد منتشرا بالمدن، ولم ينتشر التحرش والدليل الأخر أن المجتمعات الغربية أكثر تبرجاً وأقل نسب التحرش.
من المذنب ومن الضحية وكيف النجاة منهما
ويضيف الدكتور السبب الرئيسي في التحرش ليس العلاقات الإباحية، بل هي سمات المتحرش وهي تنتشر في الأشخاص المندفعين وهذه الصفة تكون في الأحوال مثل الأمراض النفسية، وخصوصاً مرض يسمى “بالهوس او الإضطراب ثنائي القطب” فهو شخص سعيد بدون سبب وثقتة بنفسة زائدة إلى حد العظمة ويشعر بطاقة عالية وحركة زائدة، وتصرفاتة حمقاء يقتحم حياة الأخرين.
بالإضافة إلى مرض الإدمان حيث تُسبب المخدرات لفترة طويلة في فشل قشرة المخ في كبح جماح رغبات الشخص ومرض بعض الإضطرابات الشخصية، غالباً ما يسمى “اضطراب الشخصية الحدية والمضاد للمجتمع” أولئك الذين يعانون من العزل أما الحبس في غرفة منفصلة لفترات طويلة وغيرها، والتربية والنشأة التي لا تساعد الناشئ على التفرقة بين نفسه والموضوع وتعودوا على أن كل ما يتمناة مباحاً له.
أثر نفسي سيء.. فكيف تحتويه
وأوضح الدكتور الآثار النفسية المحتملة للتحرش بطبيعة الحال، وكلمة تحرش كلمة “فضفاضة” فقد تمر على التحرش اللفظي وتجاهل الضحية للموقف وتجنبه بعد ذلك وقد تكون الاثار خطيرة وتبدأ من أضطراب الشخصية التي تتأثر فيها كفاءة الشخص أما في عمله او أدائه للمتطلبات الإجتماعية مثل تجنبه لبعض الأماكن أو أن يصبح عصبياً أو عدوانياً.
أو تؤدي إلى ما يسمى بأضطراب الإنضغاط الحاد، وأن أستمر يؤدي إلى “أضطراب الاعصاب” التابع لحادث وقد تكون الأمور أسواء من ذلك من الإضطرابات الوجدانية مثل الأكتئاب بدرجاتة أو الهوس أو الذهان ومضاعفاتها أو الوقوع في الإدمان للنسيان.
العائلة والمجتمع أدوار لا يمكن إنكارها في احتواء قضية التحرش
دور فى غاية الأهمية يسند اليهما من ” التربية والقدوة”
بلا شك أن من حق النشأ أن يتمتع بحرية لكن لابد من التربية على المبادئ التالية أولاً التربية هناك علاقة تلازم
بين الحرية والمسؤولية، و أنت حر ما لم تضر وحريتك تنتهى عندما تنتهك حرية الآخرين.
وفى القرآن الكريم فى سورة الجمعة أمتن الله سبحانه وتعالى على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن ” هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وأن كانوا من قبل لفى ضلال مبين “.
ثانياً القدوة الحسنة من أهم الأمور إذا نشأ بأنه يرى بعينه التزام الآخرين بما يقولون وأن ما يطلب منهم أمر ممكن من سلوكيات يسهل الالتزام بها وتنفيذها، وليست مجرد تعليمات جامدة وهذا أيضاً مم أمتن الله تعالى به ” لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ” ثالثاً الإبتعاد عن وسائل الإعلام الهادمة والتى تبث أفكاراً وسلوكيات متطرفة ومعيبة ولا تناسب مجتمعنا.
كيفية تعامل الضحيه مع مشاعر الخوف والقلق عند التعرض للموقف
بأن الإنسان عموماً يمر بمراحل مع الصدمات مما يسمى الإنكار والغضب والاحباط ثم محاولة التعامل مع الواقع بمستجداتة، ولكن المهم أن نعلم أن هناك أموراً تخفف من الصدمات منها تهدئة الشخص، مستوى ثقافة الشخص، وجود تكاتف أجتماعى حوله وكل ماسبق يقلل من نسب تعرض الشخص للسلوكيات المرضية، ومحاولة بث نماذج من شخصيات مرت بتلك الأزمات وتجاوزتها وتعلمت كيف يمكن تجنبها، والعرض على إستشارى طب نفسى عند اللزوم.
قوانين رادعة ولا تهاون مع كل من تسول له نفسه
أكد المستشار (حسام الشتري) أن التحرش فعل غير أخلاقي وغير قانوني، ونحن نعمل في مثل هذه القضايا على جمع المعلومات والأدلة، ونستعين بشهادة من الشهود وأي تسجيلات صوتية أو فيديو وعمل على دعم الضحية لتحقيق العدالة.

المستشار حسام الشتري
يد القانون فوق كل متحرش ومنحل أخلاقيا
وأكد المستشار القانوني وعقوبات التحرش وهي معاقبة المتحرش بالسجن لفترات من عدة أشهر إلى سنوات وغرامة مالية لا تقل عن 3000 جنيه ولا تزيد عن 5000 جنية، وإذا تكرر الفعل من قبل الجاني تزداد العقوبة لمدة من سنه إلى 4 سنوات وغرامة مالية لا تقل عن 5000 جنية ولا تزيد عن 10000 جنية.
كيف تحافظ على طفلك وتحميه من التحرش
يجب على الأهل دعم الضحية ومساعدتهم في تخطي الموقف، وتقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم وبالإضافة إلى الإستماع لمخاوفهم ومشاعرهم دون الحكم عليهم وتحميلهم اللوم والخطأ حتى يتحدثون بأمان وأرتياح، ويجب تعزيز الشعور بالثقة والقوة على مواجهة هذا النوع من المواقف، ويجب على كل الأهالي تعليم أبنائهم كيفية التعامل مع التحرش.
يجب علينا جميعاً أن لا نستهون بهذه القضيه ولنعمل سوياً لمنع أنتشارها وأن التحرش ليس التعدي على الفرد فقط بل هو الإعتداء على القيم الإنسانية والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، ويجب علينا الوقوف مع بعضنا البعض ويد بيد لمواجهتة من خلال التوعيه ودعم الضحايا وحسهم على قربهم إلى ربهم لأتباع القيم الأخلاقية ومن الممكن أن نغير المجتمع ونمحي هذه الظاهرة.