تحقيق – نسمة هاني
السبوع ليس مجرد احتفال بيتعمل للطفل بعد ما يكمل أسبوع، ده طقس مصري قديم عمره آلاف السنين، اتوارثته الأجيال وفضل موجود في كل بيت تقريبًا، من دق الهون ورش الملح، لزفة الشموع وغُنا الأطفال، كلها تفاصيل بتتحفر في الذاكرة، لكن ياتُرى العادة دي جت منين، وهل لسه الناس مؤمنة بيها، ولا بقت مجرد تقليد والسلام، ده اللي هنحاول نعرفه في التحقيق ده، من خلال التاريخ، ومن كلام الناس اللي لسه بيعيشوا السبوع بطريقتهم.
السبوع.. عادة فرعونية الأصل
المصريين القدماء كانوا أول ناس يحتفلوا بالسبوع، وكانوا بيستقبلوا الطفل بعد سبعة أيام بطقوس مخصوصة، فيها رموز للحماية والبركة، الرقم سبعة كان ليه قدسية عندهم، وكانوا بيؤمنوا إن الطفل بعد الأسبوع بيعدّي المرحلة الخطيرة في عمره، فبيعملوا احتفال يطردوا فيه الأرواح الشريرة ويحاولوا يضمنوا له بداية سليمة.
ومن أيام الهون الفرعوني، اللي كانوا بيستخدموه علشان يعملوا صوت عالي يطرد الشر، لحد دلوقتي وإحنا لسه بنخبط بالهون، ونرش ملح، ونقول للطفل “اسمع كلام ماما” و”اقطع الخلف”، في تقليد ساخر لكنه متوارث.
تباين وجهات النظر.. بين التمسك بالتقاليد ومواكبة العصر
وتروي “آلاء هشام” السبوع عادة مصرية جميلة، تنشر البهجة وتجعلنا جميعًا سعداء، فيه يتم “دق الهون” والغناء للمولود ورش الملح 7 رشات وتخطوا الأم من فوق المولود 7 خطوات، ويقوم الأهل بتوزيع الحلوى، فنحن نحتفل في هذا اليوم بقدوم مولود جديد للعالم، وهى عادة مستمرة في مصر من آلاف السنين.
واستكملت “آلاء هشام” قائلة فأول من إبتكرها هم القدماء المصريين، وبذات تفاصيل السبوع التي نقوم بها اليوم، والسبب وراء إحتفالهم بالمولود بعد ولادته بـ7 أيام، هو إعتقادهم أن الرقم 7 يجلب الحظ الجيد، فمن الرائع المحافظة على عادات وتقاليد أجدادنا منذ آلاف السنين حتى دون الشعور خاصةً وإنها عادة تجلب البهجة والسرور على أهل المولود والأقارب والأصدقاء.
واضافت “ام نور” السبوع ده فرحة كبيرة، أنا عملت سبوع لولادي التلاتة، ولما جالي أول حفيد، جبت الهون ولبست العيال أبيض وزيّنت البيت، دي عاداتنا، ومينفعش نسيبها، العيال لازم يسمعوا الهون ويتشعلقوا في الغربال.
واضاف “أحمد “بصراحة أنا شايف إن السبوع فيه حاجات لطيفة، زي لمة العيلة والنقطة، بس موضوع دق الهون والحركات القديمة دي ملهاش لازمة، يعني نحتفل، آه، بس من غير مغالاة ولا خرافات”.
وتقول “ريم محمد” أنا بحب أجواء السبوع، بس بحس إن فيه جزء كبير اتعمل لمجرد إننا متعودين عليه، يعني مش لازم نرش ملح ونقول كلام غريب، نحتفل بشكل عصري ونخلي الموضوع بسيط.
ويوضح “محمد محمد” السبوع كان زمان بيبقى بسيط، شوية ملبس وكركديه وزغروطة من أم العيال، دلوقتي بقى حفلة بآلاف الجنيهات، الناس اتغيرت، والفرحة بقت استعراض.
وتحكي “ندي” أنا عملت سبوع لبنتي من غير أي حاجة تقليدية، جبت ديكور حديث، ولبستها فستان أبيض، وجبت مصورة تصور اليوم كله، مش لازم نعيش في زمان الفرعنة، إحنا في عصر السرعة.
تطور السبوع من طقس شعبي لاحتفال حديث
السبوع زمان كان أبسط، الهون الغربال، الشموع، وسُبحة معمولة من الملبس، دلوقتي، اتطور بقى فيه ديكورات حديثة، تصوير احترافي، توزيعات فخمة، وتكاليف بتوصل لأرقام كبيرة، فيه ناس شايفة ده تطور طبيعي، وناس تانية بتشوفه خروج عن المعنى الحقيقي للفرحة.
وفي الريف والصعيد، لسه السبوع بيتعمل بنفس طقوس زمان، يمكن بإضافات بسيطة، أما في المدن، فالسبوع بقى يميل أكتر للشكل الحديث، خصوصًا عند الأجيال الجديدة.
السبوع، رغم مرور الزمن، لسه ليه مكانة خاصة في قلوب المصريين، سواء اتعمل بالشكل التقليدي، أو بطابع عصري، هو في النهاية تعبير عن الفرحة بالحياة الجديدة، بس اللي بيختلف من جيل للتاني هو الطريقة، مش المشاعر، ويمكن نحتاج نحتفظ بالأصل، بس نطوّعه على حسب زمانا.
فكرة السبوع مش بس مصرية بس بطابع خاص
رغم إن شعوب كتير حول العالم بيحتفلوا بوصول مولود جديد، سواء في الهند أو الصين أو حتى أمريكا اللاتينية، إلا إن طقس “السبوع” ليه نكهة خاصة في مصر، لأنه مش بس احتفال، لكنه مزيج من الفرح الشعبي، والموروث الديني، والمعتقدات القديمة، اللي بتخلي لكل تفصيلة فيه معنى، من الهون للغربال، ومن رش الملح لغُنا الأطفال.
تأثير السوشيال ميديا.. السبوع بين الصورة والفرحة
ومع انتشار السوشيال ميديا، بقى السبوع مش مجرد طقس عائلي، لكنه كمان لحظة استعراض على فيسبوك وإنستجرام، بنشوف تجهيزات شبه حفلات الزفاف، من ديكور مودرن، لفساتين مخصوصة للبيبي، وتصوير احترافي، والأمهات بقت بتخطط لليوم ده كأنه فوتو سيشن كامل، والفرحة اتنقلت من البيت للبوستات والتفاعلات.
من الهون للهاشتاج.. الفرحة واحدة
من أيام الهون الفرعوني لحد توزيعات السبوع اللي بتتشاف على هاشتاجات الإنترنت، يفضل السبوع لحظة مميزة بتجمع الناس على الفرح، سواء بالطريقة القديمة أو بالأسلوب العصري، يمكن الشكل اختلف، لكن الشعور واحد، لأن الاحتفال بالحياة الجديدة دايمًا ليه طعم خاص، بيخلّي أول أسبوع في عمر الطفل بداية دافية مليانة حب.

السبوع في أحد إحتفالات المصريين
الرقم سبعة.. مش بس رقم
السبوع مش مرتبط بالرقم “سبعة” من فراغ، الرقم ده كان ليه رمزية كبيرة عند المصريين القدماء، كانوا بيعتبروه رقم الكمال، والاكتمال، والاتزان الكوني، سبع سماوات، سبع أرواح، وحتى في أساطيرهم، كتير من الطقوس كانت بتتم بعد سبعة أيام، علشان كده كانوا بيستنو الأسبوع الأول في حياة الطفل، لأنه أصعب وأضعف فترة، وبعدها يعملوا احتفال السبوع، كنوع من الترحيب الرسمي بالحياة، وكأنهم بيقولوا: “عدّى من أول اختبار، يستحق الفرح”.
السبوع في الأغاني والحواديت الشعبية
السبوع مش بس طقس بنعيشه، ده كمان دخل في تراثنا الغنائي والحكائي، اللي بنردده من وإحنا صغيرين، زي مثلًا “ياختي ده اسمه إيه، سبع سُمية عليه”الجملة دي اللي كلنا بنقولها وإحنا بنزف البيبي في السبوع، وراها رمزية، لأن كلمة “سمية” جاية من “اسم”، و”السبوع” هو المناسبة اللي الطفل بياخد فيها اسمه رسميًا، والجملة دي كأنها دعوة للحماية والتحصين، وطلب لبركة الرقم سبعة، اللي كان زمان بيعتبر درع من الشر.
خاتمة شاعرية تربط الماضي بالحاضر
ورغم كل التغيرات اللي حصلت، ولسه بتحصل، يفضل السبوع مناسبة بتحرك مشاعر الفرح في قلب كل بيت مصري، من صوت الهون اللي كان بيطرد الشر، لصوت زر الكاميرا اللي بيخلّد اللحظة على إنستجرام،الفرحة واحدة، والنية واحدة نحتفل ببداية حياة، ونقول للبيبي الجديد “أهلًا بيك في الدنيا”.
مقارنة بطقوس مشابهة في دول تانية
رغم إن السبوع بطابعه المصري فريد من نوعه، إلا إن في شعوب تانية عندها احتفالات مشابهة بوصول المولود، في الهند مثلًا، بعض الأسر بتعمل طقس اسمه “ناماكرانا” في اليوم الحادي عشر، وده بيكون اليوم اللي بيسموا فيه الطفل رسميًا، وسط أجواء روحية ومباركات، وفي أمريكا اللاتينية، بيعملوا احتفال بسيط في البيت، بيضم أفراد العيلة والمجتمع القريب، وبيبقى أقرب لطقس ديني من إنه احتفال شعبي، لكن بيجمعهم هدف مشترك، استقبال الحياة الجديدة ببهجة ودعوات بالخير.
صوت الأطفال في السبوع
مش بس الكبار هما اللي بيعيشوا فرحة السبوع، الأطفال كمان بيحسوها بطريقتهم، جنى، عندها 8 سنين، بتحكي عن تجربتها في أول سبوع حضرت فيه”كنت فرحانة قوي لما خبطت بالهون وعلّقونا في الغربال، حسيت إننا بنلعب بس الكبار كانوا بياخدوه بجد، وأنا قلت للبيبي “اسمع كلام ماما”.
الطفولة بتدي طعم مختلف لأي احتفال، وبتخلي السبوع لحظة بتترسخ في الذاكرة من بدري.
تكاليف السبوع.. بين البساطة والمبالغة
زمان كان السبوع بيتعمل بكام كيلو ملبس، شوية كركديه وزغروطة، وفشار، لكن دلوقتي في بعض الأحياء الراقية، ممكن يوصل تكلفته لأكتر من 10 آلاف جنيه، خصوصًا مع التصوير الاحترافي، الديكورات، والتوزيعات الفخمة، وده خلى ناس كتير تتساءل هل إحنا بنحتفل، ولا بنستعرض.
غربال السبوع.. رمزية وحماية
وسط الزغاريط والهزار، دلالة أعمق من مجرد تقليد، في الماضي، الغربال كان بيرمز لفلترة الشر، وكأن الأهل بيقولوا: “نخلّي الحياة الجديدة من أي أذى”، والطفل يمر من الغربال علشان يدخل عالم الناس وهو محصّن ومبارك، ورغم إن المفهوم اختلف دلوقتي، لكن استخدام الغربال لسه محتفظ بمكانته في قلوب الناس.