تقرير – أحمد عبد الفتاح
تقع الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة، وهى من أشهر الكنائيس التابعة للأقباط الأرثوذكس، وهي أول كنيسة مشيّدة على الطراز البازيليكي، وتعرف باسم كنيسة القديسة مريم العذراء باللهجة المصرية.
حيث عرفت في القرنين الرابع عشر والخامس عشر باسم “كنيسة السلالم” بسبب درجاتها التسعة والعشرين التي تؤدي إلى مدخلها، وباسم “كنيسة العمود”.
سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم بسبب موقعها على قمة بوابة البرج الجنوبية لقلعة بابل القديمة في القاهرة القديمة مع صحنها المعلق فوق الممر، ولكونها بنيت على برجين في حصن بابليون الروماني.
وتم وصل البرجين مع بعضهما بساق النخيل ثم بنيت الكنيسة فوقهما ويتخذ كل برج شكل حدوة حصان، ويعود بناء الحصن إلى القرن الثاني الميلادي في عهد الإمبراطور تراجان.
وتقع الكنيسة المعلقة بالقرب من جامع عمرو بن العاص، وكنيسة القديس مينا، ومعبد بن عزرا اليهودي، بينما تقع واجهة الكنيسة من الجهة الغربية المطلة على شارع مار جرجس في محطة مترو الأنفاق، كذلك وتجاور كنيسة الشهيد مرقوريوس “أبو سيفين”، وعدة كنائس أخرى.
وقام البطريرك إبراهيم بناء الكنيسة وترميمها في عام 1975م، وشهدت عبر تاريخها العديد من عمليات الترميم، في حين تم الاحتفاظ بآثارها وها التي لم تعد صالحة للاستخدام، في المتحف القبطي، نظرًا لأهميتها التاريخية والأثرية.
وأصبحت المقر الرسمي للبطاركة الأقباط في الإسكندرية في القرن الحادي عشر الميلادي، كما ويتم فيها تقليد تنصيب البطاركة انتخابهم.
حيث عُقدت في الكنيسة المعلقة المجامع القبطية، لتحديد يوم عيد الفصح، كما وكانت دار قضاء لرجال الدين، للحكم على الكهنة أو الأساقفة المشتبه بهم في التعاليم الهرطقية.
يبلغ طول الكنيسة نحو 23.5 متر، وعرضها نحو 18.5 متر، بينما وارتفاعها فيبلغ 9.5 متر،وتتألف من طابقين وتوجد فيها نافورة مياه.
يقع مدخل الكنيسة في الباب الجنوب في الجدار الشرقي للنارثيكس، وهو رواق خارجي مزين بزخارف هندسية ونباتية.
حيث تم بناء الكنيسة على الطراز البازيليكي التقليدي، وفيها ثلاثة ممرات، ورواق وملاذ ثلاثي، كما شُيدت فيها كنيسة صغيرة فوق البرج الشرقي للبوابة الجنوبية لقلعة بابل، بينما وتعتبر اليوم الجزء الأقدم من الكنيسة المتبقية، وفي القرن التاسع عشر، ألحق بالكنيسة ممر رابع.
انتقل البابا خرستوذولس من الكنيسة بعد سيامته من الكنيسة المرقسية بالاسكندرية إلى القاهرة، كما واتخذ الكنيسة المعلقة مقرًا له.
وذلك تعود أقدم القطع الأثرية المحفوظة في المتحف القبطي، عبارة عن عتبة تظهر دخول المسيح إلى القدس ويعود تاريخها إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي.
وتضم الكنيسة المعلقة ثلاثة هياكل داخل قسمها الشرقي، الهيكل الرئيس فيها مخصص للسيدة مريم العذراء، والشمالي في الجهة اليسارية مخصص للقديس جاورجيوس، والجنوبي في الجهة اليمنى فهو مخصص للقديس يوحنا المعمدان.
ويوجد في الكنيسة شاشة الهيكل المركزية، مصنوعة من خشب الأبنوس المطعم بالعاج والمنحوت بتصاميم هندسية لصلبان، تعود إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر.
كما ويوجد في أعلاها صف من سبعة أيقونات كبيرة الحجم، تتوسطها أيقونة للسيد المسيح جالسًا على العرش، وإلى يمينه مريم العذراء ورئيس الملائكة جبرائيل والقديس بطرس.
بينما على يساره يوحنا المعمدان ورئيس الملائكة ميخائيل والقديس بولس، كما أن جميع الأيقونات هي من رسم الفنان الأرمني أورهان كارابتيان.
ويتميز الجسم الرئيسي للكنيسة الحالية، بسقفها الخشبي البارز المقبب، حيث تم بناء سقف الكنيسة المعلقة على شكل سفينة نوح عليه السلام، وفيها أيضًا صحن مركزي، وممرين ضيقين مفصولين بثمانية أعمدة على كل جانب.
كما ويوجد بين صحن الكنيسة والممر الشمالي، صف من ثلاثة أعمدة ممتدة بأقواس عريضة، من الرخام الأبيض، باستثناء أحد الممرات المبنية من البازلت الأسود.
ويعلو المذبح مظلة مدعّمة بأربعة أعمدة، وخلف المذبح يوجد منبر رخامي حيث يجلس رجال الدين عادة يتم الدخول للكنيسةَ عبر بوابات تعلّوها أقواس حجرية مُدببة تقودُ إلى واجهة تعودُ إلى القرنِ التاسع عشر، مع أبراج لقرع الأجراس عند تأدية الصلوات والخدمة فيها.
وأيضا يوجد داخل الممر الجنوبي للكنيسة باب صغير من خشب الصنوبر المطعم بطلاء عاجي شفاف، يؤدي إلى الكنيسة الصغيرة، وإلى اليسار يوجد حرم “تكلا هايمانوت”، أحد القديسين الإثيوبيين، الذي عاش خلال القرن الثالث عشر.
وتمثل الآثار الباهتة للرسومات الجدارية الجميلة على الجدار الشرقي، المسيح محاطًا بالرسل، وخلال عملية الترميم التي تمت في عام 1984 م، تم اكتشاف رسم لمشهد الميلاد، ويعود إلى القرن الرابع عشر.
تم تجديد الكنيسة لعدة مرات في العصر الإسلامي، حيث كانت إحداها في عهد الخليفة هارون الرشيد، بعد أن طلب منه الإذن بتجديدها البطريرك الأنبا مرقس. وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه.
كما واتخذ من كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا آخر له، برضى أسقف بابيلون، ويقصده عند اللزوم. في حين أن سبب تلك النقلة من الإسكندرية إلى القاهرة، فهي بسبب ازدياد عدد المسيحيين فيها، ولارتباطه بالحكومة. إذ أصبح البابا يمتلك صلاحية تعيين أسقف للإسكندرية، بصفته وكيل الكرازة المرقسية.
كذلك وفي زمن العزيز بالله الفاطمي. الذي أذن بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم منها للبطريرك إفرام السياني، في حين جددت أيضًا في زمن الظاهر لإعزاز دين الله.