كتبت – نورا عادل
تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية واحدة من أكثر المشكلات التي تؤرق المجتمع الدولي، وهي ظاهرة متعددة الأبعاد حيث يسهم فيها عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وسكانية، ويُعدّ الدافع الرئيسي في انتشارها هو تزايد الضغط على الهجرة بشكلٍ عام مع ارتفاع تكلفة الهجرة النظامية أو تطبيق سياسات تحدّ من هجرة الأشخاص إلى بلاد أخرى بطريقة قانونية، وهى ظاهرة عالمية يعاني منها مختلف دول العالم، ومصر لديها تجربة مهمة في التصدي لهذه الظاهرة.
وما زالت ظاهرة الهجرة غير النظامية منتشرة وخاصة بين فئة الشباب، ولذا تعددت الدراسات التى تحاول أن تحدد مواطن الخلل والأسباب التي تؤدي بالبعض إلى هجرة الوطن حتى ولو كانت بطرق غير قانونية وتعرضهم لخطر الوفاة أثناء الهجرة أو بعدها.
مصر لها ثلاث جاليات مصرية في الخارج والمتمثلة في الهجرة القديمة إلى أوروبا وأمريكا والهجرة المؤقتة، أو هجرة العمل والمتمثلة في الخليج، والهجرة الثالثة والتي ظهرت في التسعينات والمتمثلة في الهجرة غير النظامية و٩٠٪ من المهاجرين المصريين يعودون إلى مصر بعد فترة لأن هدفهم الرئيسي هو البحث عن فرصة عمل أفضل.
تلعب الدولة والمنظمات الدولية دورا هاما في الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية لأنه لا يمكن القضاء عليها بنسبة ١٠٠٪، وإنما يمكن الحد منها بشكل كبير من خلال القدرة على أخذ خطوات استباقية، حيث إستطاعت ثقافة الهجرة غزو الريف المصري بثقافة العمل بالخارج، وغالبية هذا النوع يعود مرة اخرى لوطنه بعد فترة من العمل.
تتنوع العوامل التى تدفع الى الهجرة غير الشرعية، فمنها الاقتصادية وتتمثّل في البطالة وانخفاض الأجور وتدنّي المستوى الاقتصادي والمعيشي داخل البلدان المُصدّرة للمهاجرين، إضافة إلى العوامل الاجتماعية المتمثلة في ضعف أو انعدام الروابط الاجتماعية والأسرية، وكذلك مشكلة الانفجار السكاني وما تسببه من ارتفاع أعداد السكان كالفقر، والتلوّث، ونقص المياه، أما عوامل جذب المهاجرين، فتتمثّل في ارتفاع أجور العمال في البلد المراد الهجرة إليها، وارتفاع المستوى المعيشي بها ووجود خدمات اجتماعية وصحية أفضل مقارنة بدولة المهاجر.
وتعتبر العوامل الاجتماعية الدافع الرئيسى للهجرة غير الشرعية، والتي تمثل دافعا لشباب مصر من قرى الريف المصري نحو الهجرة غير الشرعية، وتأتي على رأسها ثقافة التقليد السائدة بين أهالي القرى والرغبة في تحقيق نموذج المهاجر غير الشرعي الذي استطاع كسب الأموال، حتى أصبح الفرد غير الشرعي هو النموذج السائد والرمز في هذه الأماكن، دون النظر لما يتعرض له من مآسي تجعل النسبة الغالبة منهم يفشل في هذه الرحلة الوعرة.
على مدار 7 سنوات، لم تتوقف الدولة المصرية عن هدفها في محاربة الهجرة غير الشرعية، التي تودي بحياة آلاف الشباب المصري قبل بداية عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عزم أمره رفقة مؤسسات الدولة لاسيما وزارة الهجرة، بالقضاء على هذه الظاهرة التي يلجأ لها الشباب المصري في العديد من القرى النائية والفقيرة، لمواجهة أعباء الحياة.
وانتهجت الدولة المصرية سياسات ورؤية ناجحة وفاعلة في تعاملها مع ملف الهجرة غير الشرعية، في ظل حرصها على الالتزام بالمواثيق الدولية، حيث نجحت في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية وإحكام عمليات ضبط الحدود البرية والبحرية، ووضع إطار تشريعي وطني لمكافحة تهريب المهاجرين، فضلاً عن استضافة ملايين اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات، والتعامل معهم دون تمييز وإدماجهم في المجتمع المصري، مع استفادتهم من كل الخدمات الأساسية والاجتماعية أسوة بالمواطنين المصريين، بالإضافة إلى ضمان حرية حركتهم وعدم عزلهم في مخيمات أو معسكرات إيواء.
وكما وضعت وزارة الهجرة استراتيجية متكاملة لتنفيذ مبادرة مراكب النجاة، والتي تضمنت توعية المجتمع بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وسبل الهجرة الآمنة، بالإضافة إلى توفير البدائل الإيجابية من تدريب وفرص عمل وريادة الأعمال للشباب، في حين تم تخصيص 250 مليون جنيه بميزانية الدولة 2021 لدعم تنفيذ المبادرة في 70 قرية على مستوى الجمهورية، وساهمت المبادرة في إطلاق مشروعات بقيمة 55 مليون جنيه.